المثال المتقدّم ، فهل حكم العقل فيها هو البراءة في غير المعلوم التفصيلي أو الاحتياط؟ الأقوى الأوّل ، لأنّا إذا أغمضنا النظر عن عنوان الأسوديّة في المثال مثلا ولاحظنا عنوان المحرّم فلا نرى إجمالا في النفس ، فإنّه لا دخل في موضوع حكم العقل بوجوب الإطاعة والامتثال إلّا لما هو الموضوع لخطاب الشرائط دون الضمائم الخارجيّة المنضمّة إليه أحيانا ، وهذا واضح لا سترة عليه.
نعم لو احتمل الحدوث في متعلّق العلم التفصيلي صار من قبيل القسم الأخير ، وعرفت أنّ الإجمال فيه غير منحلّ ، هذا كلّه حال العلم التفصيلي.
ولو قام طريق معتبر على التكليف في أحد أطراف العلم الإجمالي المثبت للتكليف على نحو لو كان مقام هذا الطريق علم تفصيلي بمؤدّاه صار موجبا لانحلال الإجمال ، فهل حكم العقل في الطرف الخالي عن الطريق هو البراءة أو الاحتياط ، ومحلّ الكلام ما إذا لم يكن مفاد العلم الإجمالي أو الطريق انحصار التكليف في واحد ؛ إذ على الأوّل يكون مؤدّى الطريق وهو ثبوت التكليف في هذا المعيّن ملزوما لنفي التكليف في الطرف الآخر ، وقد قرّر في محلّه أنّ اللوازم العقليّة والعادية مأخوذة في الطرق والأمارات ، وهو وجه الفرق بينها وبين الاصول العمليّة.
وعلى الثاني يكون نفي التكليف في الطرف الآخر جزءا لمعناه المطابقي ، فلا إشكال إذن في عدم لزوم الاحتياط في الطرف الآخر في الصورتين ، وكذا ما إذا لم يكن مفاد الطريق تعيين المعلوم بالإجمال ، وإلّا فلا شبهة في عدم لزوم الاحتياط أيضا في الطرف الآخر.
وتحقيق الكلام في المسألة هو أنّه لا إشكال في الحكم في بعض صورها وهي ما إذا قام الطريق قبل العلم الإجمالي أو مقارنا له ، سواء في الشبهة الحكميّة أم الموضوعيّة وكذا ما إذا قام بعده ، لكن في خصوص الشبهة الحكميّة بشرط أن يكون عدم الوصول إلى الطريق قبل ذلك مستندا إلى عدم الفحص عنه.
وتوضيح عدم الإشكال في الحكم في هذه الصور يبتني على مقدّمة وهى : أنّ