وجه تنجيز العلم الإجمالي على ما عرفت سابقا هو سقوط البراءة العقليّة عن البين مع وجوده، لأنّها متقوّم بعدم البيان ، والعقاب مع العلم الإجمالي يكون مع البيان ، فيكون حكم العقل في موضوع العلم الإجمالي بالتكليف هو الاحتياط هذا بحسب العقل.
أمّا بحسب الشرع فأدلّة رفع ما لا يعلمون ونحوه غير ممكن الجريان أيضا ؛ لأنّ الجريان في كلّ من الطرفين ترخيص في القبيح ، وفي واحد معيّن ترجيح بلا مرجّح ، وفي واحد لا بعينه خارج عن مدلول تلك الأدلّة ، فلا جرم كان حكم العقل بالاحتياط في مورد العلم الإجمالي سالما عن المزاحم والحاكم ، وهذا وجه تنجيز العلم ، فلو فرض في مورد أنّ جريان البراءة الشرعيّة في واحد معيّن من أطرافه ليس له محذور الترجيح بلا مرجّح كان جاريا وسقط العلم عن التنجيز.
إذا عرفت ذلك فنقول : أمّا صورة قيام الطريق قبل العلم أو معه كما لو قام طريق معتبر على وجوب الجمعة أو حرمة الغناء أو نجاسة هذا الإناء ، فحصل إمّا بعده أو في حاله، العلم الإجمالي بوجوب أحد الأمرين من الجمعة والظهر ، أو حرمة أحد الأمرين من شرب التتن والغناء ، أو نجاسة أحد الأمرين من هذا الإناء وذاك ، فلا إشكال أنّ مورد الطريق سواء كان من قبيل الشبهة الحكميّة أم الموضوعيّة يصير بعد قيام الطريق خارجا عن كونه شبهة ، ويخرج عن عنوان كونه ممّا لا يعلمون ، ويصير ممّا يعلم ، فيخرج عن موضوع أدلّة البراءة الشرعيّة ، فعند قيام العلم بعد ذلك أو في هذا الحين تكون البراءة الشرعيّة في الطرف الآخر الخالي عن الحجّة الشرعيّة والطريق الشرعي سليمة عن المزاحم ، هذا حال قيام الطريق قبل العلم أو معه في مطلق الشبهة.
أمّا قيامه بعده إذا كان ذلك من جهة عدم الفحص في خصوص الحكميّة ، فلأنّه عند الاطّلاع على الطريق في ما بعد يكشف ذلك عن كون مورده من أوّل الأمر غير موضوع للبراءة الشرعيّة ، فيكون عدله موضوعا ومحلّا لها بلا مزاحمة شيء.
نعم يبقى الإشكال في الشبهة الموضوعيّة إذا قام الطريق بعد العلم ، سواء كان