الحكم بعد ذلك بأنّ الموطوء إمّا هذا أو ذاك حتى بملاحظة الزمان السابق. كما أنّه لا إشكال في عدم الانحلال في القسمين الأخيرين ، أمّا في الأوّل منهما فلأنّ الإجمال باق في النفس بملاحظة العنوان الدخيل في الحكم وهو المغصوب في المثال ، فيمكن الحكم بأنّ المغصوب إمّا هذا أو ذاك.
وأمّا في الثاني منهما فلأنّ من شروط بقاء تنجيز العلم الإجمالي في الأزمنة المتأخّرة أن يكون المكلّف في كلّ آن لاحظ الزمان المتقدّم ـ أعني زمان حصول العلم الإجمالي ـ كان الإجمال في نفسه باقيا ولو زال بملاحظة الزمان المتأخّر منه ، ألا ترى أنّ الشكّ الساري يوجب ارتفاع أثر العلم بلا شبهة ، وإراقة أحد الإنائين المشتبهين من حيث النجاسة أو إدخال النجس في معيّن منهما لا يوجب ذلك ، فليس ذلك إلّا لأنّ الاعتبار في تأثير العلم إنّما هو بالماضي دون الحال.
وأمّا القسم الثاني وهو ما لو تعلّق الإجمالي بشيء ذي عنوان ، والتفصيلي بهذا الشيء بدون عنوانه ، وكان العنوان أجنبيّا عن الحكم الشرعي مثل الأسوديّة في
__________________
ـ غير معلوم الانطباق على المعلوم التفصيلي ، لاحتمال التعدّد ، ولكن علمنا تعلّق بعنوان الأحد بماله من الصفة التبعيّة ، بل ومع ضميمة عنوان الخاص ، فالمعلوم هو عنوان الواحد الخاص الواجب بعنوان هذه المفاهيم الثلاثة ، فما دام لم نعلم تطبيق هذا المجموع على واحد معيّن يكون هذا العنوان المعلوم لا محالة متردّدا بين الطرفين. فيسرى تنجيز العلم بتبعه أيضا إليهما.
وأمّا إذا علمنا تطبيق جميع الثلاث على واحد معيّن فلا محالة يخرج عن الترديد والدوران إلى التفصيل والتعيين ، فمعروض هاتين الصفتين إنّما هو هذه الصورة الكلّية ، فإنّها قد تتّصف بالدوران والترديد ، واخرى بالتفصيل والتعيين ، ومن الممتنع اجتماعهما مع وحدة المحلّ ، فلا مساس لما ذكرت من تعدّد صورة الجامع مع صورة الفرد بمقامنا ؛ فإنّ هذا لا ينكره أحد ، فيقع صورة الإنسان محلّا للعلم وصورة الزيد محلّا للشكّ ، بل المدّعى في المقام أنّ صورة الجامع في فرض اتّصاف صورة الفرد بالشكّ متّصفة بالدوران ، وفي فرض اتّصافها بالعلم يخرج عن الدوران إلى التعيين ، لا أن يكون مفروض الترديد صورة الجامع ومفروض التفصيل صورة الفرد حتى ينفع تعدّد المحلّ في اجتماعهما كالعلم والشكّ.