وأمّا الشبهة الحكميّة وهي الشبهة في مفهوم الخروج عن محلّ الابتلاء حيث يشكّ في بعض الموارد في تحقّق هذا المفهوم مثل الإناء الموجود في منزل من لا يكون أجنبيّا بالمرّة مثل السلطان ، ولا يكون صديقا في الغاية ، فإنّه يشكّ في صدق هذا المعنى عليه ، ولهذا يشكّ في حكم العقل والعرف بحسن الخطاب واستهجانه ، والمراد بالشبهة الحكميّة ما كان وظيفة رفعه بيد الشرع.
وبالجملة ، فقد يقال بأنّ المرجع في هذه الشبهة هو إطلاقات الأدلّة ، مثلا قوله : لا تشرب الخمر ، لم يقيّد بالفرض بقوله : إن ابتليتم به ، وإنّما ورد التقييد به منفصلا من جهة حكم العقل بقبح الخطاب ، فأصالة العموم والإطلاق إنّما هي مرتفعة بالنسبة إلى مورد تيقّن هذا الحكم ، وأمّا في غيره فهي محكّمة ، كيف وقد ذكروا في التقييد بالمنفصل المجمل المردّد بين الأقلّ والأكثر أنّ الحقّ عدم سراية الإجمال من القيد إلى المطلق ، وأنّ أصالة إطلاقه محكّمة في غير القدر المتيقّن ، فإذا كان هذا هو الحال في التقييد بالمنفصل اللفظي ففي اللبيّ يكون بطريق أولى كما هو المتحقّق في المقام.
بل ربّما يقال : إنه يستكشف من الأصل المذكور ضابط المفهوم ويتبيّن إجماله ويحكم بأنّه غير صادق في المقام كما هو الحال عند التنصيص مثلا لو نصّ المولى الحكيم بخطاب إلى خصوص عبد وكان هذا العبد شاكّا في قدرته على متعلّق هذا الخطاب ، فنفس حكمة المولى مع علمه بالغيب كافيان في استكشاف القدرة ، فكذلك هنا أيضا بعد إحراز الحكم والخطاب بأصالة العموم يستكشف عدم كون المقام من أفراد الخارج عن محلّ الابتلاء الذي هو موضوع حكم العقل.
هذا ما يمكن أن يقال في المقام ، ولكنّه مخدوش ، والحقّ هو الفرق بين مثل هذا القيد ممّا يكون قيدا لحسن الخطاب وصحّة البعث والطلب بحكم العقل وبين القيود لأصل المطلوب ، فالتمسّك بأصالة العموم في الشبهة المفهوميّة في القسم