بالعمل المأمور به لو كان له أسباب متقدّمة.
مثلا لو قال : إذا ورد عليّ الأمير فلا بدّ عليك من أن تضيفه بوجه أحسن ، وعلم العبد بشدّة إرادة المولى ذلك على تقدير وروده ، بحيث لو لم يضفه حصل المنقصة التامّة في رتبة مولاه وصار مفتضحا ، فهو مع علمه بهذه المرتبة من الحبّ والطلب بالإضافة لو علم بأنّ الأمير سيرد غدا على مولاه ويتوقّف ضيافته في الغد على تهيئة أسباب في اليوم يكاد يمتنع الضيافة في الغد بدونها ، فهو مع هذا العلم لو تكاهل في جمع هذه الأسباب فدخل الغد وقد صار الضيافة ممتنعة عليه فحصل بسببه انكسار درجة المولى وافتضاحه بوجه أتمّ ، فهل هذا العبد إذا أنصفت من عقلك يعدّه العقل معذورا من جهة تعذّر العمل عليه في الوقت وعدم الإلزام عليه قبله ، أو لا؟ بل يعدّه في غاية درجة من العصيان ومخالفة المولى ومستحقّا لأنواع النكال والعذاب.
فعلم أنّه لا فرق في التنجيز ووجوب الامتثال الذي هو من مستقلّات العقل بين الواجب المطلق والمشروط الذي علم حصول شرطه في المستقبل ، فهو حينئذ يكون كالمطلق في جميع الآثار.
نعم فرق بينه وبين المطلق من حيث إنّ الطلب فيه مقصور على تقدير خاص ، بحيث يمكن تبدّل الطلب في غير هذا التقدير ومع عدم حصوله بالبغض التامّ ، كما لو كان المولى في المثال مبغضا غاية البغض لضيافة الأمير من حيث هو ، ولكن يصير في تقدير وروده عليه في غاية المحبوبيّة بالعرض ، ولهذا لو أحدث العبد عملا منع من حصول هذا التقدير كما لو سعى في إيجاد المانع عن ورود الأمير على مولاه فأوجد المانع ، فهو لم يفعل حينئذ قبيحا ، بل ربّما فعلا حسنا لدى مولاه وصار بذلك ممدوحا غايته.
وبالجملة ، فعلى هذا المبنى يكون العلم الإجمالي في المقام منجّزا مطلقا ، لأنّه لا يخلو إمّا أن يكون تكليف تحريم الوطي في المثال متوجّها على وجه الإطلاق ، وإمّا أن يكون على وجه الاشتراط بالزمان الآتي ، والمكلّف أيضا عالم بتحقّق