وجود المفسدة واقعا لا يحصل له إلّا الوقوع في تلك المفسدة ، ولا يلزمه شيء علاوة عليها.
والثاني : أن يقال : إنّ العقل يستقبح هذا العنوان ـ أعني محتمل المفسدة ـ كاستقباحه سائر الأشياء ذات المفسدة من حيث إنّه هذا العنوان مع قطع النظر عن المفسدة المحتملة ووجودها وعدمها ، فيلزم من ارتكابه ـ على هذا ـ الوقوع في المفسدة الاخرى علاوة على المفسدة المحتملة على تقدير الإصابة ، والوقوع في المفسدة الاولى فقط على تقدير الخطاء.
والثالث : أن يقال بأنّ حاله عند العقل حال الأوامر الطريقيّة التي جعلها الشارع احتياطا واهتماما بالواقعيات ، فيكون المقدم على تقدير الإصابة واقعا في المفسدة المحتملة ومفسدة الإقدام على محتمل المفسدة ، وعلى تقدير الخطاء لا يلزمه شيء.
فالكلام الأوّل لا منكر له ولا يقبل للنزاع ، فلا بدّ أن يكون مدّعى الأخباري أحد الأخيرين ، وحاصلهما أنّ المقدم على ما فيه احتمال المفسدة على تقدير تحقّق المفسدة واقعا يقع زائدا على هذه المفسدة في شيء آخر وهو تقبيح العقلاء وتذميمهم إيّاه على ارتكاب محتمل المفسدة ، وهذا يمكن القطع بعدمه وأنّ الإقدام المذكور ليس فيه على تقدير الواقعيّة سوى هذه المفسدة وليس معه وجدان قبح آخر للعقل.
والحاصل أنّ في ارتكاب محتمل المفسدة لا يكون حكم عقلي حتى يكون مستتبعا للشرعي حتى يكون احتمال التكليف من هذه الجهة بيانا ، هذا مع أنّه بعد تسليم الحكم العقلي يمكن إخراج احتمال المفسدة عن الاحتماليّة إلى الوهميّة ، وذلك لأنّ العدليّة في قبال الأشعري قائلون بكون الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد ، ولا فرق عند المشهور من العدليّة بين كون المصالح والمفاسد في متعلّقات الأحكام أو في نفس الأحكام.
وإذن فيصير الاحتمال في محتمل التكليف ثلاثة ، الأوّل : عدم التكليف رأسا ،