الحَسَن مع القول باشتراط عدالة الراوي كما هو المعروف بين الأصحاب (١).
انتهى ما أردنا نقله من كلامه الذي هو القول الفصل ، والكلام الجزل في هذا المقام ، الذي زلّت فيه أقدام الأعلام ، وليشهد بصحته الوجدان ، ويساعد عليه البرهان ، وعليه يمكن دعوى اتحاد اصطلاح القدماء والمتأخرين في الصحيح ، أو أعميّة الأول من جهة دخول الموثق فيه أيضاً.
ومن جميع ذلك ظهر أنّه لا يجوز للمستنبط الاتّكال على تصحيح الغير وتحسينه وتضعيفه ، بل الواجب عليه النظر إلى أُصول هذا الفن ، والتأمل في ألفاظ المدح المذكورة في التراجم ، والنظر في مداليلها ، وما تَكَنَّفَهَا من القرائن حتى يستكشف منها حُسْنَ الظاهر الكاشف عن الملكة ، فيصير الممدوح المصطلح ثقة ، والخبر الحسن صحيحاً ، وكيف يجوز الاعتماد على الغير في هذا المقام مع هذا الاختلاف العظيم الذي فيهم ، من جهة فهم المداليل ، حتى آل أمرهم في بعضها إلى الحكم بطرفي الضدّ ، كقول بعضهم في قولهم « لا بأس به » : انّه توثيق ، وآخر : أنه لا يفيد المدح أيضاً.
وقال بعضهم : إنّ في نفي البأس بأساً ، وغير ذلك ، هذا كلّه في الشهادة القولية ، والألفاظ المعهودة المذكورة في التراجم.
وأمّا الشهادة الفعلية واستظهار حُسن الظاهر منها ، بل الوثاقة ابتداءً منها نظير الوثوق بعدالة الإمام من جهة صلاة العدول معه فأحسنها وأتقنها وأجلّها فائدة في المقام رواية الأجلاء عن أحدٍ ، فإنّ التتبع والاستقراء في حال المشايخ الأجلّة يشهد بأن روايتهم عن أحد واجتماعهم في الأخذ عنه قرينة واضحة على وثاقته ، وما كانوا ليجتمعوا على الرواية إلاّ عمن كان مثلهم ، وإن روى
__________________
(١) رجال السيّد بحر العلوم ١ : ٤٦٠.