عمومه ، أو فحواه ، أو السنة المقطوعة بها ، أو لما حصل الإجماع عليه (١). إلى آخره.
وكيف خفي عن هؤلاء الأعلام كلامه ، حتى عدوّا موافقة الكتاب والسنة من أمارات صحّة الخبر ، وأظن وإن كان الظن لا يغني من الحق شيئاً أنّه اشتبه مذهب الشيخ ومن وافقه سابقاً عليه ، أو لاحقاً به ، ممّن يرى حجيّة الخبر الواحد المجرد عن القرائن الخارجية ، المتصف ببعض الشروط الداخلية ؛ بمذهب السيّد والجماعة الذين منعوا من حجيّته إلاّ مع اقترانه بما يقتضي العلم بصحّة مضمونه.
قال العلاّمة الكراجكي منهم في مختصر كتاب التذكرة في أُصول الفقه لشيخه أبي عبد الله المفيد : فأمّا خبر الواحد القاطع في العذر ، فهو الذي يقترن إليه دليل يفضي بالناظر فيه إلى العلم بصحّة مخبره ، وربّما كان الدليل حجّة من عقل ، وربّما كان شاهداً من عرف ، وربّما كان إجماعاً بغير خلف ، فمتى خلا خبر واحد من دلالة يقطع بها على صحّة مخبره فإنه كما قدمناه ليس بحجّة ، ولا موجب علماً ولا عملاً على كلّ وجه (٢) ، انتهى.
والحاصل أنا نطالب الجماعة الذين نصّوا بأنّ من الصحيح عندهم المقترن بأُمور خارجية ، وأنّه أعمّ من الصحيح المصطلح من هذه الجهة ، وأرسلوه إرسال المسلمات ، بشاهدٍ يُصدِّق هذه الدعوى ، ونصٍّ على ذلك من كلام أحد من القدماء ، وإلاّ فانّا في عذر من عدم قبوله ، مضافاً إلى ما ذكرنا مما يدلّ على خلافه ، وبالله نستعين.
المقام الثاني
اعلم أنّ القرائن التي بها يصير الخبر الواحد حجّة إمّا داخليّة ، أو خارجية.
__________________
(١) معارج الأُصول : ١٤٨.
(٢) كنز الفوائد ٢ : ٢٩.