وبالجملة جهالة الرجل على معنى عدم تعرّف حاله من حيث عدم الظفر بذكره أو بمدحه أو ذمة في الكتب الرجالية ليس ممّا يسوغ الحكم بضعف السند ، أو الطعن فيه ، كما ليس يسوغ تصحيحه أو تحسينه أو توثيقه ، إنما تكون الجهالة والإهمال من أسباب الطعن ، بمعنى حكم أئمة الرجال على الرجل بأنه مجهول أو مهمل ، فمهما وجد شيء من أسباب الجرح انصرم التكليف بالفحص والتفتيش ، وساغ الطعن في الطريق ، فأمّا المجهول أو المهمل لا بالمعنى المصطلح عليه عند أرباب هذا الفن ، بل بالعرف العامي ، أعني المسكوت عن ذكره رأساً ، أو عن مدحه وذمه فعلى المجتهد أن يتبع مظان استعلام حاله من الطبقات والأسانيد ، والمشيخات والإجازات ، والأحاديث والسير والتواريخ ، وكتب الأنساب وما يجري مجراها ، فإن [وقع] (١) إليه ما يصلح للتعويل عليه فذاك ، وإلاّ وجب تسريح الأمر إلى بقعة التوقف ، وتسريح القول فيه إلى موقف السكوت عنه.
ومن غرائب عصرنا هذا أنّ القاصرين عن تعريف القوانين والأُصول ، سويعات من العمر يشتغلون بالتحصيل ، وذلك أيضاً لا على شرائط السلوك ، ولا من جواد السبيل ، ثم يتعدون الحدّ ، ويَتَجَرّؤُن في الدين ، فاذا تصفحوا وريقات قد [استنسخوها] (٢) ، وهم غير متمهرين في سبيل علمها ، ومسلك معرفتها ، ولم يظفروا بالمقصود منها بزعمهم ، استحلّوا الطعن في الأسانيد ، والحكم على الأحاديث بالضعف ، فترى كتبهم وفيها في [مقابلِ] (٣) سند سند على الهامش ضعيف ضعيف ، وأكثرها غير مطابق للواقع (٤) ، انتهى كلامه ورفع في الخلد اعلامه.
__________________
(١) في الأصل : رفع ، وما بين المعقوفتين من المصدر وهو الأنسب ظاهراً.
(٢) في الأصل : استحشوها ، وما بين المعقوفتين من المصدر وهو الأنسب ظاهراً.
(٣) في الأصل : مقابلة ، وما بين المعقوفتين من المصدر وهو الأنسب ظاهراً.
(٤) الرواشح السماوية : ٦٠ ٦١ ، الراشحة الثالثة عشرة.