والجرح كثيراً ما يذكر مجهولاً ويقول : روى عنه فلان (١) ، يعني أحد الأجلاء ، ولا داعي له فيه إلاّ بيان اعتباره ، والاعتماد عليه برواية الجليل عنه.
وكذا ما مرّ عن الشيخ في العدة ، وهو قوله : ولأجل ذلك سوّت الطائفة بين ما يرويه محمّد بن أبي عمير ، وصفوان بن يحيى ، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر ، وغيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنّهم لا يروون ولا يرسلون إلاّ ممّن يوثق به ، وبين ما يسنده غيرهم ، ولذلك عملوا بمراسيلهم (٢). إلى آخره ، فانّا حملنا الجماعة على أصحاب الإجماع كما تقدم (٣) ، ولو لم يكونوا هم المقصود من الكلام فظاهره اشتراك من شابه الثلاثة في الوثاقة والجلالة ، أو كان أعلى منهم درجة ومقاماً عند العصابة ، معهم في البناء المذكور ، وهم خلق كثير.
ويؤيّده أنّه قال في الفهرست في ترجمة علي بن الحسن الطاطري : وله كتب في الفقه ، رواها عن الرجال الموثوق بهم وبرواياتهم ، فلأجل ذلك ذكرناها (٤).
ولو لم يكن أجلاء رواة الإمامية كذلك لم يكن لهذا العذر موقع.
أيحتمل أن يكون أحمد بن محمّد بن عيسى الذي أخرج البرقي عن قم ؛ لروايته عن الضعفاء (٥) ، وسهل بن زياد عنها ؛ لاتهامه بالغلوّ (٦) ، وغيرهما. ولم يرو عن الحسن بن محبوب لأجل اتهامه في روايته عن أبي حمزة (٧) ،
__________________
(١) رجال البرقي : ٥٠ و ٥٣ وغيرهما كثيراً.
(٢) عدّة الأصول ١ : ٣٨٦.
(٣) تقدم في الفائدة السابقة صحيفة : يلاحظ.
(٤) فهرست الشيخ : ٩٢ / ٣٨٠.
(٥) كما صرح به العلاّمة في رجاله : ١٤ / ٧ في ترجمة أحمد بن محمّد بن خالد البرقي.
(٦) كما في رجال النجاشي : ١٨٥ / ٤٩٠ في ترجمة سهل بن زياد.
(٧) كما في رجال النجاشي : ٨٢ / ١٩٨ في ترجمة أحمد بن محمّد بن عيسى ، ورجال الكشي ٢ : ٧٩٩ / ٩٨٩ ، وفيه إشكال لأن أبا حمزة الثمالي مات رحمهالله سنة ١٥٠ ه بينما مات ابن محبوب سنة ٢٢٤ ه عن خمس وسبعين سنة ، فلاحظ.