بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

سيدي لولا نورك عميت عن الدليل ، ولولا تبصيرك ضللت عن السبيل ، ولو لا تعريفك لم ارشد للقبول ، ولولا توفيقك لم أهتد إلى معرفة التأويل.

فيامن أكرمني بتوحيده ، وعصمني عن الضلال بتسديده ، وألزمني إقامة حدوده ، لا تسلبني ما وهبت لي من تحقيق معرفتك ، وأحيني (١) بيقين اسلم به من الالحاد في صفتك ، يا خير من رجاه الراجون ، وأرأف من لجأ إليه اللاجون وأكرم من قصده المتحاجون ، ارحمني إذا انقطع معلوم عمري ، ودرس ذكري وامتحى (٢) اثري ، وبوئت في الضريح مرتهنا بعملي ، مسؤولا عما أسلفته من فارط زللي ، منسيا كمن نسي في الاموات ممن كان قبلي ، رب سهل لي توبة إليك وأعني عليها ، واحملني على محجة الاخبات لك ، وأرشدني إليك ، فان الحول والقوة بمعونتك ، والثبات والانتقال بقدرتك ، يا من هوأرحم لي من الوالد الشفيق وأبر بي من الولد الرفيق ، وأقرب إلي من الجار اللصيق ، قرب الخير من متناولي واجعل الخيرة العامة (٣) فيما قضيت لي ، واختم لي بالبر والتقوى عملي ، و أجرني من كل عائق يقطعني عنك ، وكل قول وفعل يباعدني منك ، وارحمني رحمة تشفي بها قلبي من كل شبهة معترضة ، وبدعة ممرضة سيدي خاب رجاء من رجا سواك وظفرت يد [ ا ] من بحاجته ناجاك ، وضل من يدعو العباد لكشف ضرهم إلا لياك ، أنت المؤمل في الشدة والرخاء والمفزع في كل كربة وضراء ، والمستجاربه من كل فادحة ولاواء ، لا يقنط من رحمتك إلا من تولى وكفر ، ولا ييأس من روحك إلا من عصى وأصر ، أنت وليي في الدنيا والآخرة ، توفني مسلما وألحقني بالصالحين.

يا من لا يحرم زواره عطاياه ، ولا يسلم من استجاره واستكفاه ، أملي واقف على جدواك ، ووجه طلبتى منصرف عمن سواك ، وأنت الملئ بتيسير الطلبات والوفي بتكثير الرغبات ، فأنجح لي المطلوب من فضلك برحمتك ، واسمح لي بالمرغوب فيه من بذلك بنعمتك ، سيدي ضعف جسمي ، ودق عظمي ، وكبر سني ، ونال

__________________

(١) واحبنى خ ل من الحبوة.

(٢) وانمحى خ ل.

(٣) التامة خ ل.

١٦١

الدهر مني ، ونفدت مدتي ، وذهبت شهوتي ، وبقيت تبعتي ، فجد بحلمك على جهلي ، وبعفوك على قبيح فعلي ، ولا تؤاخدني بما كسبت من الذنوب العظام ، في سالف الايام.

سيدي أنا المعترف باساءتي ، المقر بخطائي ، الماسور باجرامي ، المرتهن بآثامى ، المتهور باساءتي ، المتحير عن قصد طريقي ، انقطعت مقالتي ، وضل عمري وبطلت حجتي في عظمى وزري ، فامنن علي بكريم غفرانك واسمح لي بعظيم إحسانك فانك ذومغفرة للطالبين شديد العقاب للمجرمين.

سيدي إن كان صغر في جنب طاعتك عملي ، فقد كبر في جنب رجائك أملي سيدي كيف أنقلب من عندك بالخيبة محروما ، وظني بك أنك تقلبني بالنجاة مرحوما ، سيدي لم أسلط على حسن ظني بك قنوط الآيسين ، فلا تبطل لي صدق رجائي لك في الآملين ، سيدي عظم جرمي إذ بارزتك باكتسابه ، وكبر ذنبي إذ جاهرتك بارتكابه إلا أن عظيم عفوك يسع المعترفين وجسيم غفرانك يعم التوابين.

سيدي إن دعاني إلى النار مخشى عقابك فقد دعاني إلى الجنة مرجو ثوابك سيدي إن أوحشتني الخطايا من محاسن لطفك ، فقد أنسني اليقين بمكارم عطفك وإن أنامتني الغفلة عن الاستعداد للقائك ، فقد ايقظتني المعرفة بقديم آلائك ، وإن عزب عني تقديم لما يصلحني (١) فلم يعزب إيقاني بنظرك إلي فيما ينفعني ، وإن انقرضت بغير ما أحببت من السعي ايامي ، فبالايمان امضيت السالفات من أعوامي.

سيدي جئت ملهوفا قد لبست عدم فاقتي ، واقامني مقام الاذلاء بين يديك ضر حاجتي ، سيدي كرمت فاكرمني إذ كنت من سؤالك ، وجدت بمعروفك فاخلطني (٢) بأهل نوالك ، اللهم ارحم مسكينا لا يجيره (٣) إلا عطاؤك ، وفقيرا لا يغنيه إلا جدواك.

سيدي اصبحت على باب من أبواب منحك سائلا ، وعن التعرض بسواك

__________________

(١) وان عزب لبى عن تقديم [ تقويم ] ما يصلحنى ، خ ل صح.

(٢) فالحقنى ، خ ل.

(٣) يجبره ، خ ل.

١٦٢

عادلا ، وليس من جميل امتنانك رد سائل ملهوف ، ومضطر لانتظار فضلك المألوف ، سيدي إن حرمتني رؤية محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله في دار السلام ، وأعدمتني طوف (١) الوصائف والخدام ، وصرفت وجه تأميلي بالخيبة في دار المقام فغير ذلك منتني نفسي منك يا ذا الطول والانعام ، سيدي وعزتك لو قرنتني في الاصفاد ، ومنعتني سيبك من بين العباد ، ما قطعت رجائي عنك ، ولا صرفت انتظاري للعفو منك سيدي لو لم تهدني إلى الاسلام لضللت ، ولو لم تثبتني إذا لذللت ، ولو لم تشعر قلبي الايمان بك ما آمنت ، ولا صدقت ، ولو لم تطلق لساني بدعائك ما دعوت ، ولو لم تعرفني حقيقة معرفتك ما عرفت ، ولو لم تدلنى على كريم ثوابك ما رغبت ، ولو لم تبين لي أليم عقابك ما رهبت ، فاسئلك توفيقي لما يوجب ثوابك وتخليصي مما يكسب عقابك.

سيدي إن اقعدني التخلف عن السبق مع الابرار ، فقد اقامتني الثقة بك على مدارج الاخيار ، سيدي كل مكروب إليك يلتجئ ، وكل محزون إياك يرتجي ، سمع العابدون بجزيل ثوابك فخشعوا ، وسمع المولون (٢) عن القصد بجودك فرجعوا ، وسمع المحرومون (٣) بسعة فضلك فطمعوا ، حتى ازدحمت عصائب العصاة من عبادك [ ببابك ] ظ وعجت إليك الالسن بأصناف الدعاء في بلادك ، فكل أمل ساق صاحبه إليك محتاجا ، وكل قلب تركه وجيب الخوف إليك (٤) مهتاجا.

سيدي وأنت المسؤل الذي لا تسود لديه وجوه المطالب ، ولم يردد راجيه فيزيله عن الحق إلى المعاطب سيدي إن أخطأت طريق النظر لنفسي بما فيه كرامتها فقد اصبت طريق الفرج (٥) بما فيه سلامتها ، سيدي إن كانت نفسي استعبدتني متمردة علي بما يرجيه (٦) فقد استعبدتها الآن على ما ينجيها ، سيدي إن أجحف

__________________

(١) تطواف خ ل ، تطوف ، خ ل.

(٢) المتولون خ ل.

(٣) المجرمون خ ل.

(٤) منك خ ل والمهتاج : المضطرب الثائر.

(٥) طريق المسألة اليك خ ل.

(٦) على ما يردبها خ ل.

١٦٣

بى زاد الطريق في المسير إليك ، فقد أوصلته بذخائر ما اعددته من فضل تعويلي عليك.

سيدي إذا ذكرت رحمتك ضحكت لها عيون مسائلي ، وإذا ذكرت عقوبتك بكت لها جفون وسائلي ، سيدي ادعوك دعاء من لم يدع غيرك في دعائه ، وأرجوك رجاء من لم يقصد غيرك برجائه ، سيدي وكيف أرد عارض تطلعي إلى نوالك وإنما أنا في هذا الخلق أحد عيالك ، سيدي كيف اسكت بالافحام (١) لسان ضراعتي وقد اقلقني ما أبهم علي من تقدير عاقبتي.

سيدي قد علمت حاجة جسمي إلى ما قد تكفلت لي من الرزق ايام حياتي وعرفت قلة استغنائي عنه بعد وفاتي ، فيا من سمح لي به متفضلا في العاجل ، لا تمنعنيه يوم حاجتي إليه في الآجل ، فمن شواهد نعماء الكريم إتمام نعمائه ، ومن محاسن آلاء الجواد إكمال آلائه.

إلهي لولا ما جهلت من أمري لم أستقلك عثراتي ، ولولا ما ذكرت من شدة التفريطلم اسكب عبراتي ، سيدي فامح مثبتات العثرات لمسبلات العبرات ، وهب كثير السيئات ، بقليل (٢) الحسنات.

سيدي إن كنت لا ترحم إلا المجدين في طاعتك فالى من يفزع المقصرون؟ وإن كنت لا تقبل إلا من المجتهدين فإلى من يلجاء الخاطئون؟ وإن كنت لا تكرم إلا أهل الاحسان فكيف يصنع المسيئون؟ وإن مكان لا يفوز يوم الحشر إلا المتقون فبمن يستغيث المذنبون؟ سيدي إن كان لا يجوز على الصراط إلا من أجازته براءة عمله فأنى بالجواز لمن لم يتب إليك قبل دنو أجله؟ وإن لم تجد إلا على من عمر بالزهد مكنون سريرته ، فمن للمضطر الذي لم يرضه بين العالمين (٣) سعى نقيته؟

سيدي إن حجبت عن أهل توحيدك نظر تغمدك بخطيئاتهم أوبقهم غضبك بين المشركين بكرباتهم ، سيدي إن لم تشملنا يد إحسانك يوم الورود ، اختلطنا في الخزي يوم الحشر بذوي الجحود. فأوجب لنا بالاسلام مذخور هباتك ، واصف ما كدرته

__________________

(١) بالافهام خ ل.

(٢) لقليل خ ل.

(٣) العاملين سعى نفسه خ ل.

١٦٤

الجرائم بصفح صلاتك ، سيدي ليس لي عندك عهد اتخذته ، ولا كبير عمل أخلصته إلا أني واثق بكريم أفعالك ، راج لجسيم إفضالك عودتني من جميل تطولك عادة أنت أولى باتمامها ، ووهبت لي من خلوص معرفتك حقيقة أنت المشكور على إلهامها.

سيدي ما جفت هذه العيون لفرط (١) بكائها ، ولا جادت هذه الجفون بفيض مائها ، ولا اسعدها نحيب الباكيات الثاكلات لفقد عزائها ، إلا لما اسفلته من عمدها وخطائها ، وأنت القادر سيدي على كشف غماها.

سيدي أمرت بالمعروف وأنت أولى به من المأمورين ، وحضضت على إعطاء السائلين وأنت خير المسؤولين ، وندبت إلى عتيق الرقاب وأنت خير المعتقين ، وحثثت على الصفح عن المذنبين وأنت أكرم الصافحين ، سيدي إن تلونا (٢) من كتابك سعة رحمتك أشفقنا من مخالفتك ، وفرحنا ببذل رحمتك ، وإذا تلونا ذكر عقوبتك جددنا في طاعتك ، وفرقنا من أليم نقمتك ، فلا رحمتك تؤمننا ، ولا سخطك يؤيسنا (٣).

سيدي كيف يتمنع من فيها من طوارق الرزايا ، وقد رشق في كل دار منها سهم من سهام المنايا ، سيدي إن كان ذنبي منك قد أخافني فان حسن ظني بك قد أجارني ، وإن كان خوفك قد اربقني (٤) فان حسن نظرك لي قد أطلقني ، سيدي إن كان قد دنا مني أجلي ولم يقربني منك عملي ، فقد جعلت الاعتراف بالذنب أوجه وسائل عللي.

سيدي من أولى بالرحمة منك إن رحمت ، ومن أعدل في الحكم منك إن عذبت ، سيدي لم تزل برا بي أيام حياتي ، فلا تقطع لطيف برك بي بعد وفاتي سيدي كيف آيس من حسن نظرك بي بعد مماتي ، وأنت لم تولني إلا جميلا في حياتي ، سيدي عفوك أعظم من كل جرم ، ونعمتك ممحاة لكل إثم ، سيدي إن

__________________

(١) ما حنت هذه العيون إلى فرط بكائها ، خ ل.

(٢) اذا تلونا ، خ ل.

(٣) سخطتك تؤيسنا ، خ ل.

(٤) أوبقنى ، خ ل.

١٦٥

كانت ذنوبي قد أخافتني فان محبتي لك قد آمنتني ، فتول من أمري ما أنت أهله وعد بفضلك على من قد غمره جهله ، يا من السر عنده علانية ، ولا تخفى عليه من الغوامض خافية ، فاغفر لي ما خفى على الناس من أمري ، وخفف برحمتك من ثقل الاوزار ظهري.

سيدي سترت علي ذنوبي في الدنيا ، ولم تظهرها ، فلا تفضحني بها في القيامة واسترها ، فمن أحق بالستر منك يا ستار ، ومن أولى منك بالعفو عن المذنبين يا غفار ، إلهي جودك بسط أملي ، وسترك قبل عملي ، فسرني بلقائك عند اقتراب أجلي ، سيدي ليس اعتذاري إليك اعتذار من يستغني عن قبول عذره ، ولا تضرعي تضرع من يستنكف عن مسئلتك لكشف ضره ، فاقبل عذري يا خير من اعتذر إليه المسيؤون ، وأكرم من استغفره الخاطئون.

سيدي لا تردني في حاجة قد أفنيت عمري في طلبها منك ولا أجد غيرك معدلا بها عنك ، سيدي لو اردت إهانتي لم تهدني ، ولو اردت فضيحتي لم تسترني ، فأدم إمتاعي بماله هديتني ، ولا تهتك عما به (١) سترتني ، سيدي لولا ما اقترفت من الذنوب ماخفت عقابك ، ولولا ما عرفت من كرمك ما رجوت ثوابك ، وأنت أكرم الاكرمين بتحقيق آمال الآملين ، وأرحم من استرحم في التجاوز عن المذنبين.

سيدي ألقتني الحسنات بين جودك واحسانك ، والقتني السيئات بين عفوك وغفرانك ، وقد رجوت أن لا يضيع بين ذين وذين مسئ مرتهن بجريرته ، ومحسن مخلص في بصيرته ، سيدي إني (٢) شهد لي الايمان بتوحيدك ، ونطق لساني بتمجيدك ودلني القرآن على فواضل جودك ، فكيف لا يبتهج رجائي بتحقيق موعودك ، ولا تفرح أمنيتي بحسن مزيدك ، سيدي إن غفرت (٣) فبفضلك ، وإن عذبت فبعدلك فيا من لا يرجى إلا فضله ، ولا يخشى إلا عدله ، أمنن علي بفضلك ، ولا تستقص علي في عدلك.

سيدي ادعوك دعاء ملح لا يمل مولاه ، وأتضرع إليك تضرع من اقر على

__________________

(١) عنى ما به خ ل.

(٢) اذا خ ل.

(٣) عفوت خ ل.

١٦٦

نفسه بالحجة في دعواه ، وخضع لك خضوع من يؤملك لآخرته ودنياه ، فلا تقطع عصمة رجائي ، واسمع تضرعي ، واقبل دعائي ، وثبت حجتي على ما اثبت من دعواي.

سيدي لو عرفت اعتذارا من الذنب لاتيته ، فأنا المقر بما أحصيته وجنيته وخالفت أمرك فيه فتعديته ، فهب لي ذنبي بالاعتراف ، ولا تردني في طلبتي عند الانصراف ، سيدي قد اصبت من الذنوب ما قد عرفت ، واسرفت على نفسي بما قد علمت ، فاجعلني عبدا إما طائعا فأكرمته (١) وإما عاصيا فرحمته (٢).

سيدي كأني بنفسي قد اضجعت بقعر حفرتها ، وانصرف عنها المشيعون من جيرتها ، وبكى عليها الغريب لطول غربتها ، وجاد عليها بالدموع المشفق من عشيرتها وناداها من شفير القبر ذو مودتها ورحمها المعادي لها في الحياة عند صرعتها ، ولم يخف على الناظرين إليها فرط فاقتها ، ولا على من قدرآها توسدت الثرى عجز حيلتها ، فقلت : ملائكتي فريد نأى عنه الاقربون ، وبعيد جفاه الاهلون ووحيد فارقه المال والبنون نزل بي قريبا ، وسكن اللحد غريبا ، وكان لي في دار الدنيا داعيا ، ولنظري له في هذا اليوم راجيا ، فتحسن عند ذلك ضيافتي ، وتكون أشفق علي من أهلي وقرابتي.

إلهي وسيدي لو اطبقت ذنوبي ما بين ثرى الارض إلى أعنان السماء ، وخرقت النجوم إلى حد الانتهاء ، ماردني اليأس عن توقع غفرانك ، ولا صرفني القنوط عن انتظار رضوانك ، سيدي قد ذكرتك بالذكر الذي ألهمتنيه ، ووحدتك بالتوحيد الذي أكرمتنيه ، ودعوتك بالدعاء الذي علمتنيه ، فلا ترحمني برحمتك الجزاء الذي وعدتنيه ، فمن النعمة لك علي أن هديتني بحسن دعائك ، ومن إتمامها أن توجب لي [ محمودة ] جزائك.

سيدى أنتظر عفوك كما ينتظره المذنبون ، وليس أياس من رحمتك التي يتوقها المحسنون ، وإلهي وسيدي انهملت بالسكب عبراتي ، حين ذكرت خطاياي وعثراتي ، وما لها لا تنهمل وتجري وتفيض ماؤها وتذرى ولست ادري إلى ما يكون

__________________

(١) فاكرمتنى خ ل.

(٢) فرحمتنى خ ل.

١٦٧

مصيري ، وعلى ما يتهجم عند البلاغ مسيري ، يا انس كل غريب مفرد آنس في القبر وحشتي ، ويا ثاني كل وحيد ارحم في الثرى (١) طول وحدتي.

سيدي كيف نظرك لي بين سكان الثرى؟ وكيف صنيعك بي في دار الوحشة والبلى؟ فقد كنت بي لطيفا أيام حياة الدنيا ، يا افضل المنعمين في آلائه ، وأنعم المفضلين في نعمائه ، كثرت اياديك فعجزت عن إحصائها ، وضقت ذرعا في شكري لك بجزائها ، فلك الحمد على ما أوليت من التفضل ، ولك الشكر على ما أبليت (٢) من التطول.

يا خير من دعاه الداعون ، وأفضل من رجاه الراجون ، بذمة الاسلام أتوسل إليك ، وبحرمة القرآن أعتمد عليك ، وبمحمد وأهل بيته استشفع وأتقرب وأقدمهم أمام حاجتي إليك في الرغب والرهب اللهم فصل على محمد وأهل بيته الطاهرين ، واجعلني بحبهم يوم العرض عليك نبيها ، ومن الانجاس والارجاس نزيها ، وبالتوسل بهم إليك مقربا وجيها.

يا كريم الصفح والتجاوز ، ومعدن العوارف (٣) والجوائز ، كن عن ذنوبي صافحا متجاوزا ، وهب لي من مراقبتك ما يكون بيني وبين معصيك حاجزا ، سيدي إن من تقرب منك (٤) لمكين من موالاتك ، وإن من تحبب إليك لقمين (٥) بمرضاتك ، وإن من تعرف بك لغير مجهول ، وإن من استجاربك لغير مخذول.

سيدي أتراك تحرق بالنار وجها طالما خر ساجدا بين يديك ، أم تراك تغل إلى الاعناق أكفا طالما تضرعت في دعائها إليك ، أم تراك تقيد بأنكال الجحيم أقداما طالما خرجت من منازلها طمعا فيما لديك منا منك عليها لامنا منها عليك.

سيدي كم من نعمة لك علي قل لك عندها شكري ، وكم من بلية ابتليتني

__________________

(١) في القبر خ ل.

(٢) أوليت خ ل.

(٣) المعارف خ ل.

(٤) بالخير لديك خ ل.

(٥) لقمن خ ل.

١٦٨

بها عجز عنها صبري ، فيا من قل شكري عند نعمه فلم يحرمني ، وعجز صبري عند بليتي (١) فلم يخذلني ، جميل فضلك علي أبطرني وجليل حلمك عني غرني سيدي قويت بعافيتك على معصيتك ، وأنفقت نعمتك في سبيل مخالفتك ، وأفنيت عمري في غير طاعتك ، فلم يمنعك جرأتي على ما عنه نهيتني ، ولا انتهاكي ما منه حذرتني : أن سترتني بحلمك الساتر ، وحجبتني عن عين كل ناظر ، وعدت بكريم أياديك حين عدت بارتكاب معاصيك (٢) فأنت العواد بالاحسان ، وأنا العواد بالعصيان.

سيدي أتيتك معترفا لك بسوء فعلي ، خاضعا لك باستكانة ذلي ، راجيا منك جميل ما عرفتنيه ، من الفضل الذي عودتنيه ، فلا تصرف رجائي من فضلك خائبا ، ولا تجعل ظني بتطولك كاذبا ، سيدي إن آمالي فيك (٣) يتجاوز آمال الآملين ، وسؤالي إياك لا يشبه سؤال السائلين ، لان السائل إذا منع امتنع عن السؤال ، وأنا فلا غناء بي عنك في كل حال.

سيدي غرني بك حلمك عني إذ حلمت ، وعفوك عن ذنبي إذ رحمت ، وقد علمت أنك قادر أن تقول للارض خذيه فتأخذني ، وللسماء أمطريه حجارة فتمطرني ولو أمرت بعضي [ أن ] يأخذ بعضا لما أمهلني ، فامنن علي بعفوك عن ذنبي ، وتب علي توبة نصوحا تطهر بها قلبي.

سيدي أنت نوري في كل ظلمة ، وذخري لكل ملمة ، وعمادي عند كل شدة ، وأنيسي في كل خلوة ووحدة ، فأعذني من سوء مواقف الخائنين ( ط ) واستنقذني من ذل مقام الكاذبين.

سيدي أنت دليل من انقطع دليله ، وأمل من امتنع تأميله ، فان كان ذنوبي حالت بين دعائي وإجابتك ، فلم يحل (٥) كرمك بيني وبين مغفرتك وإنك لا

__________________

(١) بليته خ ل.

(٢) معصيتك خ ل.

(٣) منك خ ل.

(٤) الخائبين خ ل.

(٥) فلن يحول خ ل.

١٦٩

تضل من هذيت ، ولا تذل من واليت ، ولا يفقتر من أغنيت ولا يسعد من أشقيت وعزتك لقد أحببتك محبة استقرت في قلبي حلاوتها ، وآنست نفسي ببشارتها ومحال في عدل اقضيتك أن تسد اسباب رحمتك عن معتقدي محبتك.

سيدي لولا توفيقك ضل الحائرون ، ولولا تسديدك لم ينج المستبصرون أنت سهلت لهم السبيل حتى وصلوا ، وأنت أيدتهم بالتقوى حتى عملوا ، فالنعمة عليهم منك جزيلة ، والمنة منك لديهم موصولة.

سيدي أسئلك مسألة مسكين ضارع ، مستكين خاضع ، أن تجعلني من الموقنين خبرا وفهما ، والمحيطين معرفة وعلما ، إنك لم تنزل كتبك إلا بالحق ، ولم ترسل رسلك إلا بالصدق ، ولم تترك عبادك هملا ولا سدى ، ولم تدعهم بغير بيان ولا هدى (١) ولم ترض منهم بالجهالة والاضاعة ، بل خلقتهم ليعبدوك ، ورزقتهم ليحمدوك ، ودللتهم على وحدانيتك ليوحدوك ، ولم تكلفهم من الامر ما لا يطيقون ولم تخاطبهم بما يجهلون ، بل هم بمنهجك عالمون ، وبحجتك مخصوصون ، أمرك فيهم نافذ ، وقهرك بنواصيهم آخذ ، تجتبي من تشاء فتدنيه ، وتهدي من أناب إليك من معاصيك فتنجيه ، تفضلا منك بجسيم نعمتك ، على من أدخلته في سعة رحمتك يا أكرم الاكرمين ، وأرأف الراحمين.

سيدي خلقتني فأكملت تقديري ، وصورتني فاحسنت تصويري ، فصرت بعد العدم موجودا وبعد المغيب شهيدا ، وجعلتني بتحنن رأفتك تاما سويا ، وحفظتني في المهد طفلا صبيا ، ورزقتني من الغذاء سائغا هنيئا (٢) ثم وهبت لي رحمة الآباء والامهات ، وعطفت علي قلوب الحواضن والمربيات ، كافيا لي شرور الانس والجان ، مسلما لي من الزيادة والنقصان ، حتى افصحت ناطقا بالكلام ثم أنبتني زائدة في كل عام ، وقد اسبغت علي ملابس الانعام.

ثم رزقتني من الطاف المعاش ، واصناف الرياش ، وكنفتني بالرعاية في جميع مذاهبي ، وبلغتني ما أحاول من سائر مطالبي إتماما لنعمتك لدي ، وإيجابا

__________________

(١) الا إلى الطاعة خ ل.

(٢) مريئا خل.

١٧٠

لحجتك علي ، وذلك أكثر من أن يحصيه القائلون ، أويثني بشكره العاملون فخالفت ما يقربني منك ، واقترفت ما يباعدني عنك ، فظاهرت علي جميل سترك وأدنيتني بحسن نظرك وبرك ، ولم يباعدني عن إحسانك تعرضي لعصيانك. بل تابعت علي في نعمك ، وعدت بفضلك وكرمك ، فان دعوتك اجبتني ، وإن سالتك أعطيتني وإن شكرتك زدتني ، وإن أمسكت عن مسئلتك ابتدأتني ، فلك الحمد على بوادي أياديك وتواليها ، حمدا يضاهي آلاءك ويكافيها.

سيدي سترت علي في الدنيا ذنوبا ضاق علي منها المخرج ، وأنا إلى سترها علي في القيامة أحوج ، فيا من جللني بستره عن لواحظ المتوسمين ، لا تزل سترك عني على رؤس العالمين.

سيدي أعطيتني فاسنيت حظي ، وحفظتني فأحسنت حفظي ، وغذيتني فأنعمت غذائي ، وحبوتني فأكرمت مثواى ، وتوليتني بفوائد البر والاكرام وخصصتني بنوافل الفضل والانعام ، فلك الحمد على جزيل جودك ، ونوافل مزيدك ، حمدا جامعا لشكرك الواجب ، مانعا من عذابك الواصب [ مكافئا لما بذلته من اقسام المواهب ].

سيدي عودتني إسعافي بكل ما اسئلك (١) وإجابتي إلى تسهيل كل ما أحاوله وأنا أعتمدك في كل ما يعرض لي من الحاجات ، وأنزل بك كل ما يخطر ببالي من الطلبات ، واثقا بقديم طولك (٢) ، ومدلا بكريم تفضلك ، وأطلب الخير من حيث تعودته ، والتمس النجح من معدنه الذي تعرفته ، وأعلم أنك لا تكل اللاجين إليك إلى غيرك ، ولا تخلي الراجين لحسن تطولك من نوافل برك.

سيدي تتابع منك البر والعطاء ، فلزمني الشكر والثناء ، فما من شئ أنشره وأطويه من شكرك ، ولا قول أعيده وأبديه في ذكرك ، إلا كنت له أهلا ومحلا وكان في جنب معروفك (٣) مستصغرا مستقلا.

سيدي أستزيدك من فوائد النعم ، غير مستبطئ منك فيه سني الكرم

__________________

(١) اساله خ ل.

(٢) تطولك خ ل.

(٣) معرفتك خ ل.

١٧١

واستعيذ بك من بوادر النقم ، غير مخيل (١) في عدلك خواطر التهم ، سيدي عظم قدر من اسعدته باصطفائك ، وعدم النصر من أبعدته من فنائك ، سيدي ما أعظم روح قلوب المتوكلين عليك ، وأنجح سعى الآملين لما لديك.

سيدي أنت أنقذت أولياءك من حيرة الشكوك ، وأوصلت إلى نفوسهم (٢) حبرة الملوك ، وزينتهم بحلية الوقار والهيبة ، وأسبلت عليهم ستور العصمة والتوبة وسيرت هممهم في ملكوت السماء ، وحبوتهم بخصائص الفوائد والحباء ، وعقدت عزائمهم بحبل محبتك ، وآثرت خواطرهم بتحصيل معرفتك ، فهم في خدمتك متصرفون وعند نهيك وأمرك واقفون ، وبمناجاتك آنسون ، ولك بصدق الارادة مجالسون وذلك برافة تحننك عليهم ، وما اسديت من جميل منك إليهم.

سيدى بك وصلوا إلى مرضاتك ، وبكرمك استشعروا ملابس موالاتك ، سيدي فاجعلني ممن ناسبهم من أهل طاعتك ، ولا تدخلني فيمن جانبهم من أهل معصيتك واجعل ما اعتقدته من ذكرك خالصا من شبه الفتن ، سالما من تمويه الاسرار والعلن مشوبا بخشيتك في كل أوان ، مقربا من طاعتك في الاظهار والابطان ، داخلا فيما يؤيده الدين ويعصمه ، خارجا مما تبنيه الدنيا وتهدمه ، منزها عن قصد أحد سواك ، وجيها عندك يوم اقوم لك والقاك ، محصنا من لواحق الرئاء ، مبرءا من بوائق الاهواء ، عارجا إليك مع صالح الاعمال ، بالغدو والآصال ، متصلا لا ينقطع بوادره ، ولا يدرك آخره ، مثبتا عندك في الكتب المرفوعة في عليين ، مخزونا في الديوان المكنون الذي يشهده المقربون ، ولا يمسه إلا المطهرون.

اللهم أنت ولي الاصفياء والاخيار ، ولك (٣) الخلق والاختيار ، وقد ألبستني في الدنيا ثوب عافيتك ، وأودعت قلبي صواب معرفتك ، فلا تخلني في الآخرة عن عواطف رأفتك ، واجعلني ممن شمله عفوك ، ولم ينله سطوتك.

يا من يعلم علل الحركات وحوادث السكون ، ولا تخفى عليه عواض الخطرات في محال الظنون ، اجعلنا من الذين أوضحت لهم الدليل عليك ، وفسحت لهم السبيل

__________________

(١) مجيل خ ، محيل خ.

(٢) قلوبهم خ ل.

(٣) واليك خ ل.

١٧٢

إليك ، فاستشعروا مدارع الحكمة ، واستطرفوا سبل التوبة ، حتى أناخوا في رياض الحرمة ، وسلموا من الاعتراض (١) بالعصمة ، إنك ولي من اعتصم بنصرك ، ومجازى من أذعن بوجوب شكرك ، لا تبخل بفضلك ، ولا تسئل عن فعلك ، جل ثناؤك ، وفضل عطاؤك ، وتظاهرت نعماؤك ، وتقدست اسماؤك ، فبتسييرك يجري سداد الامور ، وبتقديرك يمضي انقياد التدبير ، تجير ولا يجار منك ، ولا لراغب مندوحة عنك ، سبحانك لا إله إلا أنت ، عليك توكلي ، وإليك يفد أملي ، وبك ثقتي ، وعليك معولي ، ولا حول لي [ عن معصيتك ] إلا بتسديدك ، ولا قوة لي [ على طاعتك ] إلا بتأييدك ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين يا أرحم الراحمين ، وخير الغافرين.

وصلى الله على محمد خاتم النبيين ، وعلى أهل بيته الطاهرين ، واصحابه المنتجبين وسلم تسليما [ كثيرا ] ، وحسبنا الله وحده ، ونعم المعين ، يا خير مدعو ، ويا خير مسؤول ، ويا أوسع من أعطى ، وخير مرتجى ، ارزقني وأوسع علي من واسع رزقك رزقا واسعا مباركا طيبا حلالا لا تعذبني عليه ، وسبب لي ذلك من فضلك إنك على كل شئ قدير.

__________________

(١) الاغراض خ ل.

١٧٣

٣٣

( باب )

* « ( أدعية التمجيد والشكر ) » *

١ ـ دعوات الراوندي : ويروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : دفع إلي جبرئيل عليه‌السلام عن الله تعالى هذه المناجاة في الشكر لله.

اللهم لك الحمد على مرد نوازل البلاء ، وملمات الضراء ، وكشف نوازل اللاواء ، وتوالي سبوغ النعماء ، ولك الحمد على هنيئ عطائك ، ومحمود بلائك وجليل آلائك ، ولك الحمد على إحسانك الكثير ، وخيرك الغزير ، وتكليفك اليسير ، ودفعك العسير ، ولك الحمد على تثميرك قليل الشكر ، وإعطائك وافر الاجر وحطك مثقل الوزر ، وقبولك ضيق العذر ، ووضعك فادح الاصر ، وتسهيلك موضع الوعر ، ومنعك مفظع الامر.

ولك الحمد رب على البلاء المصروف ، ووافر المعروف ، ودفع المخوف وإذلال العسوف ، ولك الحمد على قلة التكليف ، وكثرة التخويف ، وتقوية الضعيف وإغاثة اللهيف ، ولك الحمد رب على سعة إمهالك ، ودوام إفضالك ، وصرف محالك وحميد فعالك ، وتوالي نوالك ، ولك الحمد رب على تأخير معاجلة العقاب ، وترك مغافصة العذاب وتسهيل طرق المآب وإنزال غيث السحاب.

٢ ـ ق : دعاء التمجيد :

اللهم أنت المحيط بكل شئ ، القائم بالقسط ، الرقيب على كل شئ الوكيل على كل شئ ، الحسيب على كل شئ ، المقيت على كل شئ ، القائم على كل نفس بما كسبت ، بديع السماوات والارض ، فاطر السماوات والارض الفعال لما يريده ، علام الغيوب ، الحاكم بالحق ، فالق الحب والنوى ، فالق الاصباح ، وجاعل الليل سكنا [ والنهار ] مبصرا ، غافر الذنب ، وقابل التوب ، شديد العقاب ذوالطول رفيع الدرجات ، شديد المحال ، أهل التقوى وأهل المغفرة ، والميسر

١٧٤

لليسرى ، الذي هو خير وأبقى.

منزل الغيث ، زارع الحرث ، أحسن الخالقين ، وخير الرازقين ، وخير الغافرين ، واسرع الحاسبين ، وأرحم الراحمين ، وخير الفاصلين ، سميع الدعاء الفعال لما يشاء ، ذوالفضل العظيم ، ذوالعرش الكريم ، ذوالانتقام ، شديد العقاب سريع الحساب ، ذوالمعارج ، ذوالقوة المتين ، باعث من في القبور ، يحيي ويميت محيي العظام وهي رميم.

ذوالجلال والاكرام ، ذو الاسماء الحسنى ، وإليك المنتهى ، ولك الآخرة والاولى ، تعلم السر وأخفى ، ولك العزة جميعا ، ولك ملك السماوات والارض ولك القوة جميعا ، وعندك حسن المآب ، وإليك الرجعى ، بيدك الفضل ، ولك الخلق والامر ، ولك ميراث السماوات : قولك الحق ولك الملك وعندك مفاتح الغيب وأمرك قسط وكلمتك العليا ، تدبر الامر وتفصل الآيات وكل شئ عندك بمقدار.

لك دعوة الحق ، وعندك خزائن كل شئ ، وبيدك ملكوت كل شئ ، بذكرك تطمئن القلوب ، لك الشفاعة جميعا ، ولك الدين واصبا ، ولك الدين خالصا ، ولك المثل الاعلى ، ولك الحمد في الآخرة والاولى ، وإليك المنقلب ، ولك ولاية الحق ، ولك عقبى الدار ، ولك اختلاف الليل والنهار ، استويت على العرش لا يخفى عليك شئ ، تجير ولا يجار عليك ، ، ولا يجير منك أحد ، وليس من دونك ملتحد ، وإليك المصير رب العرش العظيم ، رب البلدة التي حرمها. وذكرك الاكبر ، وأمرك كلمح البصر وإذا قلت لشئ كن كان.

وأنت ولي المؤمنين ، وعدك الحق ، لك مقاليد السماوات والارض ، وسعت كل شئ رحمة وعلما ، وأنت أقرب إلينا من حبل الوريد ، وأنت مع كل ذي نجوى ، وأنت رب الشعرى ، وأنت معنا أينما كنا ، وعندك أجر عظيم ، وأنت كل يوم في شأن ، قد أحطت بكل شئ علما ، واحصيت كل شئ عددا ، وأحصيت كل شئ كتابا ، لم تتخذ ولدا وليس كمثلك شئ ، لا تخلق الميعاد ، ولا تحب الفساد

١٧٥

ولا تريد ظلم العباد.

مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير وأنت على كل شئ قدير تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب ، عليك الهدى تهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم.

لا تدركك الابصار وأنت تدرك الابصار ، وأنت اللطيف الخبير ، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير. لا تضل ولا تنسى ، وأنت غني عن العالمين ، لم تتخذ صاحبة ولا ولدا ، ولم يكن لك شريك في الملك ، ولم يكن لك ولي من الذل ، ولا تظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة تضاعفها ، وتؤت من لدنك أجرا عظيما ، لا معقب لحكمك وأنت تهدي السبيل ، لا مكرم من أهنت.

وعندك علم الساعة ، وتنزل الغيث ، وتعلم ما في الارحام ، وتبسط الرزق لمن يشاء وتقدر ، جعلت الملائكة رسلا. لا ممسك لما تفتح من رحمة ، ولا مرسل لما تمسك من رحمة ، إليك يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح ترفعه ، وأنت تطعم ولا تطعم ، ولا تحصى نعمك تهب ، لمن تشاء إناثا وتهب لمن تشاء الذكور ، وتجعل من تشاء عقيما.

خلقت السماوات والارض [ وما بينهما ] في ستة ايام وما مسك من لغوب اضحكت وأبكيت ، وأمت وأحييت ، وأغنيت وأقنيت ، وعليك النشأة الاخرى يسرت القرآآن للذكر ، وخلقت كل شئ بقدر ، وجعلت لكل شئ قدرا ، ليس في خلقك تفاوت ولا فطور ، خلقت الموت والحياة ، خلقت الانسان من ماء مهين خلقت الانسان من علق ، علمت بالقلم ، أطعمت من جوع ، وآمنت من خوف ، لم تلد ولم تولد ، ولم يكن لك كفوا أحد.

وأنت رب الفلق ، وأنت رب الناس ، وأنت ملك الناس ، وأنت إله الناس وأنت ملك يوم الدين ، تختص برحمتك من تشاء ، تغشى الليل النهار ، تكور الليل على النهار ، وتكور النهار على الليل ، لك غيب السماوات والارض ، تعلم خائنة

١٧٦

الاعين وما تخفي الصدور.

وكان أمرك مفعولا ، وكان أمرك قدرا مقدورا ، وكفى بك وكيلا ، وكفى بك حسيبا ، وكفى بك وليا ، وكفى بك نصيرا ، وكفى بك رقيبا ، وكان وعدك مأتيا ، وأنت أشد باسا. وأشهد تنكيلا ، يداك مبسوطتان تنفق كيف تشاء وتقضي تمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكماته ، ولك ما سكن في الليل والنهار وتحق الحق بكلماتك ، وتحول بين المرء وقلبه ، تدعو إلى دار السلام وتهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

عليك رزق كل دابة ، تعلم مستقرها ومستودعها ، وأنت آخذ بناصيتها تمحو ما تشاء وتثبت ، وعندك أم الكتاب ، كان وعدك مفعولا ، وأنت خير ثوابا وخير عقبا ، لك عاقبة الامور ، تجيب المضطر إذا دعاك ، وتكشف السوء وتهدي في ظلمات البر والبحر ، وترزق من تشاء في السماوات والارض ، تبدؤ الخلق ثم تعيده ، وترينا البرق خوفا وطمعا وتنشئ السحاب الثقال ، ويسبح الرعد بحمدك ، والملائكة من خيفتك ، وترسل الصواعق فتصيب بها من تشاء.

وبدأت خلق الانسان من طين ، ثم جعلته نطفة في قرار مكين ، ثم خلقت النطفة علقة ، فخلقت العلقة مضغة ، فخلقت المضغة عظاما ، فكسوت العظام لحما ثم أنشأته خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ، لا تشرك في حكمك أحدا ، ذو المغفرة ، وذو العقاب الاليم لا تستحيي من الحق ، تحيي الارض بعد موتها تحيي الموتى وأنت علي كل شئ قدير.

خلقت الارض فراشا ، وجعلتها قرارا ، وجعلتها ذلولا ، وجعلت السماء بناء ، وجعلتها سقفا محفوظا ، خلقتني وأنت تهديني ، وأنت تطعمني وتسقيني ، وإذا مرضت فأنت تشفيني ، وأنت تميتني وتحييني ، وأنت الذي أطمع أن تغفر لي خطيئتي يوم الدين ، وأنت الذي أنبتنا من الارض ، نباتا ثم تعيدنا فيها وتخرجنا اخراجا وشددت اسرنا ، وإذا شئت بدلت أمثالنا تبديلا.

جعلت الارض مهادا ، والجبال اوتادا ، وجعلت الارض كفاتا ، أحياء

١٧٧

وأمواتا ، وأنت بالمرصاد ، ولك اسلم من في السماوات والارض ، أخرجت المرعى فجعلته غثاء أحوى ، ليس من دونك ولي ولا شفيع ، ولا وال ولا واق ، ولا نصير ولا عاصم منك ، جعلت يوم الفصل ميقاتا ، وجعلت جهنم مرصادا ، للطاغين مآبا ، و جعلت للمتقين مفازا ، وأنت تدعو إلى الجنة والمغفرة ، تحب التوابين ، وتحب المتطهرين وأنت مع الصابرين ، تسلط رسلك على من تشاء ، وتؤيد بنصرك من تشاء ، تحب المتوكلين ، ولا تضيع أجر المؤمنين.

كتبت على نفسك الرحمة ، ورحمتك قريب من المحسنين ، جعلت العاقبة للمتقين ، نزلت الكتاب ، وأنت تتولى الصالحين ، وما عندك خير وأبقى ، وعليك قصد السبيل ، تثبت بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، وأنت الذي اعطى كل شئ خلقه ، ثم هدى ، وأنت مع المحسنين ، تهدي المهتدين ، وتضل الضالين ، وأنت الذي أنزلت السكينة في قلوب المؤمنين ، وأنت جاعل النار بردا وسلاما على إبراهيم ، وأنت ملين الحديد لداود ، وأنت مسخر الريح لسليمان اتخذت إبراهيم خليلا ، وقربت موسى نجيا ، وجعلت إسماعيل نبيا ، ورفعته مكانا عليا واصطفيت إسحاق ويعقوب ، وكلا جعلت نبيا ، وجعلت عيسى نبيا ، وأيدته بروح القدس ، وارسلت محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله بالهدى ودين الحق ، لتتم به نورك ، وتظهر به دينك على الدين كله ولو كره المشركون.

وصلى الله على محمد النبي وعلى آله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما.

١٧٨

٣٤

* ( باب ) *

* « ( ادعية الشهادات والعقايد ) » *

١ ـ ب : هارون ، عن ابن صدقة ، عن الصادق عليه‌السلام قال : كان من شهادته عليه‌السلام : اللهم إني اشهد أنك كما تقول ، وفوق ما يقول القائلون ، واشهد أنك كما شهدت لنفسك ، وشهدت لك ملائكتك وأولوا العلم بأنك قائم بالقسط لا إله إلا أنت وكما اثنيت على نفسك ، سبحانك وبحمدك (١).

٢ ـ يد : ابن المتوكل ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن عبدالله بن محمد عن علي بن مهزيار قال : كتب أبوجعفر عليه‌السلام إلى رجل بخطه وقرأته في دعاء كتب به أن يقول : يا ذا الذي كان قبل كل شئ ، ثم خلق كل شئ ، ثم يبقى ويفنى كل شئ ، ويا ذا الذي ليس في السماوات العلى ، ولا في الارضين السفلى ولا فوقهن ولا بينهن ولا تحتهن إله يعبد غيره (٢).

٣ ـ يد : الدقاق ، عن الاسدى ، عن محمد بن جعفر البغدادي ، عن سهل عن أبي الحسن العسكري عليه‌السلام أنه قال : إلهي تاهت أوهام المتوهمين ، وقصر طرف الطارفين ، وتلاشت أوصاف الواصفين ، واضمحلت اقاويل المبطلين عن الدرك لعجيب شأنك ، أو الوقوع بالبلوغ إلى علوك ، فأنت في المكان الذي لا تتناهى ، ولم يقع عليك عيون بإشارة ولا عبار ، هيهات ثم هيهات يا أولي يا وحداني يا فرداني ، شمخت في العلو بعز الكبر وارتفعت منم وراء كل غورة ونهاية بجبروت الفخر (٣).

٤ ـ ن (٤) يد : ابن عبدوس ، عن ابن قتيبة ، عن الفضل قال : سمعت الرضا

__________________

(١) قرب الاسناد ص ٤.

(٢) التوحيد ص ٢٢.

(٣) التوحيد ص ٣١ و ٣٢ والغورة : القعر من كل شئ.

(٤) عيون الاخبار ج ١ ص ١١٨.

١٧٩

عليه‌السلام يقول في دعائه : سبحان من خلق الخلق بقدرته ، وأتقن ما خلق بحكمته ووضع كل شئ منه موضعه بعلمه ، سبحان من يعلم خائنة الاعين وما تخفى الصدور وليس كمثله شئ وهو السميع البصير (١).

٥ ـ ثو : ابي ، عن محمد العطار ، عن العمركي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من قال : « رضيت بالله ربا ، وبالاسلام دينا ، وبمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله رسولا ، وبأهل بيته أولياء » كان حقا على الله أن يرضيه يوم القيامة (٢).

٦ ـ سن : صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن هشيم بن عبدالله ، عن عبدالمؤمن الانصاري ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أو أبي جعفر عليهما‌السلام قال : من قال « إني أشهدك وكفى بك شهيدا ، واشهد ملائكتك وأنبياءك ورسلك وجميع خلقك بأنك أنت الله وحدك لا شريك لك ، وأن محمدا عبدك ورسولك » مرة واحدة اعتق ربعه ومن قال : مرتين أعتق نصفه ، [ ومن قال ثلاثا أعتق ثلثاه ] ومن قال أربعا اعتق كله (٣).

٧ ـ ير : إبراهيم بن هاشم ، عن البرقي ، عن ابن سنان وغيره ، عن عبدالله ابن سنان قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لقد اسرى بي ربي فأوحى إلي من وراء الحجاب ما أوحى ، وكلمني فكان مما كلمني أن قال : يا محمد علي الاول وعلي الآخر ، والظاهر والباطن ، وهو بكل شئ عليم ، فقال : يا رب اليس ذلك أنت؟ قال : فقال : يا محمد أنا الله لا إله إلا أنا الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون ، إني أنا الله لا إله إلا الله إلا أنا الخالق البارئ المصور لي الاسماء الحسنى يسبح لي من في السماوات والارضين وأنا العزيز الحكيم يا محمد إني أنا الله لا إله أنا الاول ولا شئ قبلي ، وأنا الآخر فلا شئ بعدي

__________________

(١) التوحيد ص ٨٦.

(٢) ثواب الاعمال ص ٢٤.

(٣) المحاسن ص ٣٣.

١٨٠