بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

والثاني يتعدى إلى مفعولين ، نحو « فان علمتموهن مؤمنات » (١) « ما أنت » اي اي شئ أنت « فلا يهابك » أى لا يخافك.

« ألفت » قال الامام الراغب المؤلف ما جمع من أجزاء مختلفة ، ورتب ترتيبا ، قدم فيه ما حقه أن يقدم ، وأخر فيه ما حقه أن يؤخر « بمشيتك » أي إرادتك الازلية « الفرق » هي القطعة المنفصلة ، ومنه الفرق للجماعة المنفردة من الناس « وفلقت بقدرتك » الفلق هو شق الشئ وإبانة بعضه عن بعض « الفلق » هو الصبح ، وقيل الانهار المذكورة في قوله تعالى « أمن جعل الارض قرارا وجعل خلالها أنهارا » (٢).

« وأنرت » من الانارة » بكرمك دياجى الغسق « قال الجوهري : دياجي الليل حنادسه ، والحندس بالكسر الليل الشديد الظلمة ، والغسق هو أول ظلمة الليل » وأنهرت المياه « يقال أنهرت الدم اي أسلته ، وفي بعض النسخ أهمرت والهمر الصب وقد همر الدمع والماء يهمره همرا » من الصم « يقال حجر صم اي صلب مصمت » الصياخيد « هي جمع صيخود ، وصخرة صيخود اي شديد » عذبا « هو الماء الطيب وقد عذب عذوبة  « وأجاجا » ماء أجاج اي ملح » وأنزلت من المعصرات » هي السحاب التي تعصر بالمطر « ماء » هو الذي يشرب ، والهمزة فيه مبدلة من الهاء ، بدليل مويه واصله موه بالتحريك لانه يجمع على أمواه في القلة ، ومياه في الكثرة « ثجاجا » يقال ثججت الدم والماء إذا اسلته بالوادي يثججه اي يسيله ، ومطر ثجاج إذا انصب جدا.

« وجعلت الشمس والقمر للبرية » يقال برء الله الخلق برءا ، وهوالباري والبرية الخلق ، وقد ترك العرب همزه ، وقال الفراء : إن أخذت البرية من البري ، وهو التراب فاصلها غير الهمز » سراجا « هو الزاهر بفتيلة ودهن ، ويعبر به عن كل مضئ » وهاجا « الوهج بالتسكين مصدر وهجبت النار وهجانا إذا اتقدت

__________________

(١) الممتحنة : ١٠.

(٢) النمل : ٦١.

٢٦١

« من غير أن تمارس » المراس والممارسة المعالجة ، والمراد من غير أن ترتكب « فيما ابتدأت به لغوبا » هو التعب والاعياء « ولا علاجا » يقال عالجت الشئ معالجة وعلاجا : إذا زاولته.

« فيا من توحد » أي تفرد » بالعز والبقاء » هو دوام الوجود ، وتوحده بالعز لان كل ممكن فوجوده وجميع صفاته مستعارة من الله ، فهو في حد ذاته ذليل ، و إنما العزة لله ، وتوحده بالبقاء ، لان كل شئ هالك إلا وجهه « وقهر » اي غلب « عباده » العبودية التذلل ، والعبادة ابلغ منها ، لانها غاية التذلل « بالموت » هو مفارقة الروح من البدن « والفناء » هو العدم بعد الوجود.

« صل على محمد وآله الاتقياء » التقي المتقي ، يقال اتقى يتقي وتوهموا ان التاء من نفس الكلمة ، وقالوا تقي يتقي مثل قضى يقضي ، وناسب هذا الوصف قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كل تقي آلي » واستمع « يقال استمعت له اي اصغيت إليه  « ندائي » اي صوتي « واستجب دعائي » الاجابة والاستجابة بمعنى ، والدعاء واحد الادعية ، واصله دعاو ، لانه من دعوت إلا أن الواو لما جاءت بعد الالف همزت  « وحقق » أي ثبت من حق يحق بمعنى ثبت » بفضلك « هو والافضال الاحسان  « أملي » في الدنيا » ورجائي » في الآخرة.

( يا خير من دعي « يقال : دعوت فلانا اي صحت به واستدعيته » لدفع الضر « هو بالضم الهزال ، وسوء الحال وفي بعض النسخ » لكشف الضر « يقال كشفت الثوب عن الوجه وكشفت غمه قال الله تعالى « وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له  إلا هو » (١) ، « والمأمول » اي المرجو « في كل عسر » يراد دفعه ، والعسر نقيض اليسر ، قال عيسى بن عمر : كل اسم على ثلاثة أحرف أوله مضموم وأوسطه ساكن ، فمن العرب من يثقله ، ومنهم من يخففه ، مثل عسر وعسر ورحم ورحم وحكم وحكم.

__________________

(١) الانعام : ١٧ ويونس : ١٠٧.

٢٦٢

« و » في كل « يسر » « بك » لا بغيرك » أنزلت حاجتى « الحاجة إلى الشئ الفقر إليه مع محبته » فلا تردني « صيغة نهي للدعاء » من باب موهبتك « وهبت له الشئ وهبا ووهبا بالتحريم وهبة ، والاسم الموهب والموهبة بكسر الهاء فيهما » خائبا « اي غير واجد للمطلوب » يا كريم يا كريم يا كريم « كرر النداء بعنوان الكريم إظهارا للاعتماد على كرم الحق « لا حول » اي لا قوة في الظاهر « ولا قوة » أي في الباطن « إلا بالله العلي » بذاته « العظيم » بصفاته (١).

واعلم أنا قد أوردنا هذا الدعاء الشريف مع شرحه في كتاب الصلاة في ابواب ادعية الصباح والمساء ، وإنما كررناه للفاصلة الكثيرة ، ولشدة مناسبته بهذا المقام ايضا (٢).

__________________

(١) ثم اعلم أن السجود والدعاء فيه غير موجود في أكثر النسخ ، وفي بعضها موجود وكان في الاختيار مكتوبا على الهامش هكذا : الهى قلبى محجوب ، وعقلى مغلوب ، ونفسى معيوبة ، ولسانى مقر بالذنوب ، وأنت ستار العيوب ، فاغفر لى ذنوبي يا غفار الذنوب ، يا شديد العقاب ، يا غفور يا شكور ، يا حليم اقض حاجتى بحق الصادق رسولك الكريم وآله الطاهرين برحمتك يا ارحم الراحمين. والمشهور قراءته بعد فريضة الفجر ، وابن الباقى رواه بعد النافلة ، والكل حسن ، كذا أفاده قدس‌سره في كتاب الصلاة ، ونقلته من هامش طبعة الكمبانى.

(٢) في نسخة الاصل المحفوظة بمكتبة ملك بطهران تحت الرقم ١٠٠١ ههنا ورقة عليحدة الصقت بالكراسة ومضمونها ما مر أن الدعاء دعاء الصباح « وجد بخط مولانا امير المؤمنين بالتاريخ المذكور ، لا بأس بمراجعته ، وانما اضربنا عن نقلها لما كتب في هامش تلك الورقة » مكرر نوشته شده وبايد بعد از مقابله ... » يعنى أنها كتبت مكررا ولا بد أن يقابل مع ما مر في صدر البيان.

٢٦٣

٤١

* ( باب ) *

* « ( احراز مولانا الامامين الهمامين الحسن والحسين ) » *

* « ( صلوات الله عليهما وبعض أدعيتهما ) » *

* « ( وعوذاتهما عليهما‌السلام ) » *

١ ـ مهج : حرز للامامين الهمامين الحسن والحسين عليهما‌السلام : علي بن عبدالصمد عن علي بن عبدالصمد التميمي ، عن والده أبى الحسن ، عن علي بن محمد المعاذي عن ابي جعفر محمد بن علي ، عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن البرقي ، عن القاسم ابن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن ابي بصير ومحمد بن مسلم ، عن الصادق عن ابيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يعوذ الحسن والحسين عليهما‌السلام بهذه العوذة ، وكان يأمر عليه‌السلام بذلك اصحابه وهو هذا الدعاء :

بسم الله الرحمن الرحيم ، أعيذ نفسى ودينى وأهلي ومالى وولدي وخواتيم عملي ، ومارزقني ربي وخولني بعزة الله ، وعظمة الله ، وجبروت الله ، وسلطان الله ، ورحمة الله ، ورأفة الله ، وعزة الله ، وغفران الله ، وقوة الله ، وقدرة الله ، وبآلاء الله وبصنيع الله ، وباركان الله ، وبجمع الله عزوجل ، وبرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقدرة الله على ما يشآء ، من شر السامة والهامة ، ومن شر الجن والانس ، ومن شر مادب في الارض ، ومن شر ما يخرج منها ، ومن شر ما ينزل من السماء ، وما يعرج فيها ، ومن شر كل دابة ربي آخذ بناصيتها ، إن ربي على صراط مستقيم وهو على كل شئ قدير ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين (١).

__________________

(١) مهج الدعوات ص ١٣ وما جعل في صدر الصحفة الاتية من تتمة هذا الحرز كما في الاصل وهكذا طبعة الكمبانى ، لكنه في المصدر من تتمة حرز أمير المؤمنين عليه‌السلام كما مر في ذيل ص ٢٢٩.

٢٦٤

٢ ـ مه : حرز للامام الحسن عليه‌السلام : بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إني اسئلك بمكانك ومعاقد عزك ، وسكان سمواتك ، وأنبيائك ورسلك ، أن تستجيب لي فقد رهقني من امري عسر ، اللهم إني اسئلك أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تجعل لي من عسري يسرا (١).

٣ ـ مهج : حرز للامام الحسين عليه‌السلام : بسم الله الرحمن الرحيم يا دائم يا ديموم يا حي يا قيوم يا كاشف الغم يا فارج الهم ، يا باعث الرسل ، يا صادق الوعد اللهم إن كان لي عندك رضوان وود فاغفر لي ومن اتبعني من إخواني وشيعتي وطيب ما في صلبي برحمتك يا ارحم الراحمين ، وصلى الله على محمد وآله أجمعين (٢).

٤٢

* ( باب ) *

* « ( احراز السجاد صلوات الله عليه وبعض ادعيته وعوذاته ) » *

١ ـ مهج : حرز الامام زين العابدين عليه‌السلام :

بسم الله الرحمن الرحيم يا أسمع السامعين ، يا ابصر الناظرين ، يا اسرع الحاسبين ، يا أحكم الحاكمين ، ياخالق المخلوقين ، يا رازق المرزوقين ، يا ناصر المنصورين ، يا أرحم الراحمين ، يا دليل المتحيرين ، ياغياث المستغيثين ، أغثني

__________________

(٢ ـ ١) مهج الدعوات ص ١٣.

٢٦٥

يا مالك يوم الدين ، إياك نعبد وإياك نستعين ، يا صريح المكروبين ، يا مجيب دعوة المضطرين ، أنت الله رب العالمين ، أنت الله لا إله إلا أنت الملك الحق المبين الكبرياء رداؤك ، اللهم صل على محمد المصطفى ، وعلى علي المرتضى ، وفاطمة الزهراء ، وخديجة الكبرى ، والحسن المجتبى ، والحسين الشهيد بكربلاء ، و علي بن الحسين زين العابدين ، ومحمد بن علي الباقر ، وجعفر بن محمد الصادق ، و موسى بن جعفر الكاظم ، وعلي بن موسى الرضا ، ومحمد بن علي التقى ، وعلي بن محمد النقي ، والحسن بن علي العسكري ، والحجة القائم المهدي ، الامام المنتظر صلوات الله عليهم أجمعين ، اللهم وال من والاهم وعاد من عاداهم وانصر من نصرهم واخذل من خذلهم ، والعن من ظلمهم ، وعجل فرج آل محمد ، وانصر شيعة آل محمد وأهلك أعداء آل محمد ، وارزقني رؤية قائم آل محمد ، واجعلني من أتباعه واشياعه ، و الراضين بفعله ، برحمتك يا ارحم الراحمين (١).

٤٣

« باب »

* « ( أحراز الباقر عليه‌السلام ) » *

* « ( وبعض أدعيته وعوذاته صلوات الله عليه ) » *

١ ـ مهج : حرز الامام محمد بن علي الباقر صلوات الله عليه يكتب ويشد على العضد :

أعيذ نفسي بربي الاكبر ، مما يخفى ويظهر ، ومن شر كل أنثى وذكر ومن شر ما رأت (٢) الشمس والقمر ، قدوس قدوس ، رب الملائكة والروح ادعوكم أيها الجن والانس إلى اللطيف الخبير ، وأدعوكم أيها الجن والانس إلى الذي ختمته بخاتم رب العالمين ، وبخاتم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، وبخاتم سليمان بن داود ، وخاتم سيد المرسلين والنبيين صلى الله عليه وعليهم أجمعين ، اخسؤوا فيها

__________________

(١) مهج الدعوات ص ١٩.

(٢) وارت ظ.

٢٦٦

ولا تكلمون ، اخسؤوا عن فلان بن فلان ، كلما يعدو ويروح من ذي حي أو عقرب أو ساحر أو شيطان رجيم ، أو سلطان عنيد ، أخذت عنه ما يرى وما لايرى ، وما رأت عين نائم أو يقظان ، توكلت على الله لا شريك له ، وصلى الله على محمد الرسول النبي الامي سيدنا محمد وآله الطاهرين ، وسلم تسليما كثيرا.

بسم الله الرحمن الرحيم ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون.

اسئلك بحق هذه الاسماء الطاهرة المطهرة ، أن تدفع عن صاحب هذا الكتاب جميع البلايا ، وتقضي حوائجه ، إنك أنت ارحم الراحمين ، وصلوات الله على محمد وآله الطاهرين ، اللهم كهكهيج هسط مجها مسلع ، دوره مهفتام وبعونك إلا ما أخذت لسان جميع بني ندم وبنات حواء على فلان بن فلان إلا بالخير يا أرحم الراحمين فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين (١).

__________________

(١) مهج الدعوات ص ٢٢٢٠.

٢٦٧

٢ ـ مهج : حرز آخر للباقر عليه‌السلام.

بسم الله الرحمن الرحيم يادان غير متوان ، يا ارحم الراحمين ، اجعل لشيعتي من النار وقاء ، ولهم عندك رضا ، فاغفر ذنوبهم ، ويسر أمورهم ، واقض ديونهم واستر عوراتهم ، وهب لهم الكبائر التي بينك وبينهم ، يا من لا يخاف الضيم ، ولا تأخذه سنة ولا نوم ، اجعل لي من كل غم فرجا ومخرجا إنك على كل شئ قدير (١).

٣ ـ مهج : دعاء آخر عن الباقر محمد بن علي عليهما‌السلام رويناه باسنادنا إلى محمد بن الحسن الصفار في كتاب فضل الدعاء عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال ، وعلي بن الحكم ، عن ابي جميلة ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال جبرئيل : يا نبي الله اعلم أني لم أحب نبيا من الانبياء كحبي إياك فأكثر أن تقول : « اللهم إنك ترى ولا ترى ، وأنت بالمنظر الاعلى ، وأن إليك المنتهى والرجعى ، وأن لك الآخرة والاولى ، وأن لك الممات والمحى ، رب أعوذ بك أن اذل أو أخزى (٢).

ومن ذلك : دعاء آخر عن الباقر عليه‌السلام وكان يسميه الجامع رويناه ، باسنادنا إلى سعد بن عبدالله قال : حدثنا الحسن بن علي ، عن أحمد بن هلال ، عن الحسن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن ابي حمزة الثمالي قال : أخذت هذا الدعاء عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما‌السلام وكان يسميه الجامع ورويناه ايضا باسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكلينى باسناده إلى ابي جعفر محمد بن علي عليهما‌السلام.

بسم الله الرحمن الرحيم اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، واشهد أن محمدا عبده ورسوله آمنت بالله وبجميع رسل الله ، وبجميع ما ارسل به رسل الله ، وأن وعد الله حق ، ولقاءه حق ، وصدق الله وبلغ المرسلون ، والحمد لله رب العالمين وسبحان الله كلما سبح الله شئ ، وكما يحب الله أن يسبح ، والحمد لله كلما حمد الله شئ ، وكما يحب الله أن يحمد ، ولا إله إلا الله كلما هلل الله شئ ، وكما يحب الله

__________________

(١) مهج الدعوات ص ٢٢.

(٢) مهج الدعوات ص ٢١٣.

٢٦٨

أن يهلل ، والله أكبر كلما كبر الله شئ ، وكما يحب الله أن يكبر.

اللهم إني اسئلك مفاتيح الخير وخواتيمه ، وشرائعه وسوابغه ، وفوائده وبركاته ، وما بلغ علمه علمى وما قصر عن إحصائه حفظى ، اللهم انهج لى اسباب معرفته ، وافتح لى أبوابه ، وغشني بركات رحمتك ، ومن علي بعصمة عن الازالة عن دينك ، وطهر قلبي من الشك ، ولا تشغل قلبى بدنياى ، وعاجل معاشى عن آجل ثواب آخرتى ، واشغل قلبى بحفظ ما لا تقبل منى جهله ، وذلل لكل خير لسانى ، وطهر قلبى من الرياء ، ولا تجره في مفاصلى واجعل عملى خالصا لك.

اللهم إني أعوذ بك من الشر وأنواع الفواحش كلها ظاهرها وباطنها ، وغفلاتها وجميع ما يريدني به الشيطان الرجيم ، وما يريدني به السلطان العنيد ، مما أحطت بعلمه وأنت القادر على صرفه عني ، اللهم إني أعوذ بك من طوارق الجن والانس وزوابعهم وتوابعهم وبوائقهم ومكائدهم ومشاهد الفسقة من الجن والانس ، وأن استزل عن دينى فتفسد علي آخرتي ، ويكون ذلك منهم ضررا علي في معاشى ، أو يعرض بلاء يصيبني منهم لا قوة لي به ، ولا صبر لي على احتماله ، فلا تبتلني يا إلهى بمقاساته فيمنعني ذلك من ذكرك ، ويشغلني عن عبادتك ، أنت العاصم المانع والدافع الواقي من ذلك كله.

أسئلك اللهم الرفاهية في معيشتي ما أبقيتني في معشية اقوى بها على طاعتك وابلغ بها رضوانك ، واصير بها منك إلى دار الحيوان غدا ، ولا ترزقني رزقا يطغيني ، ولا تبتلني بفقر اشقى به مضيقا علي ، أعطني حظا وافرا في آخرتي ومعاشا واسعا هنيئا مريئا في دنياي ، ولا تجعل الدنيا علي سنا ، ولا تجعل فراقها علي حزنا ، اجرني من فتنتها مرضيا عني ، واجعل عملي فيها مقبولا ، وسعيي فيها مشكورا.

اللهم من ارادني بسوء فأرده بمثله ، ومن كادني فيها فكده ، واصرف عني هم من ادخل علي همه ، وامكر بمن مكربي فانك خير الماكرين ، وافقأ عني عيون الكفرة الظلمة ، الطغاة الحسدة ، اللهم وأنزل علي منك السكينة والوقار

٢٦٩

والبسني درعك الحصينة ، واحفظني بسترك الواقي ، وجللني عافيتك النافعة وصدق قولي وفعالي وبارك لي في ولدي وأهلي ومالي ، وما قدمت وما أخرت ، وما أغفلت وما تعمدت ، وما توانيت وما أعلنت وما اسررت ، فاغفر لي يا ارحم الراحمين (١).

اقول : هذا آخر روايتنا عن سعد بن عبدالله من كتاب فضل الدعاء ورويناه عن محمد بن الحسن الصفار باسناده عن الباقر عليه‌السلام أنه كان يقول : اللهم من كانت له حاجة ههنا وههنا ، فان حاجتي إليك وحدك لا شريك لك (٢).

حرز آخر لمولانا الصادق عليه‌السلام برواية أخرى :

بسم الله الرحمن الرحيم ، يا خالق الخلق ، ويا باسط الرزق ، يا فالق الحب ويا بارئ النسم ومحيي الموتى ، ومميت الاحياء ، ودائم الثبات [ ومخرج النبات ] افعل بي ما أنت أهله ، ولا تفعل بي ما أنا أهله ، وأنت أهل التقوى وأهل المغفرة (٣) انتهى كلام ابن طاووس في المهج (٤).

٤٤

« باب »

* « ( الاحراز المروية عن الصادق صلوات الله عليه ) » *

* « ( وبعض ادعيته وعوذاته عليه‌السلام ) » *

أقول : قد مضى بعض احرازه عليه‌السلام في جملة أحراز ابيه الباقر عليه‌السلام.

١ ـ مهج : بالاسناد إلى هارون بن موسى التلعكبرى ، عن محمد بن علي الصيرفي  عن ابن ابي نجران ، عن ياسر مولى الربيع قال : سمعت الربيع يقول : لما حج المنصور ، وصار بالمدينة سهر ليلة فدعاني فقال : يا ربيع انطلق في وقتك هذا على

__________________

(١) مهج الدعوات ص ٢١٤.

(٢) مهج الدعوات ص ٢١٥.

(٣) مهج الدعوات ص ٢٨ و ٢٩.

(٤) كذا في الاصل.

٢٧٠

أخفض جناح وألين مسير ، فان استطعت أن تكون وحدك فافعل حتى تأتي أبا عبدالله جعفر بن محمد فقل له : هذا ابن عمك يقرأ عليك السلام ويقول لك إن الدار وإن نأت ، والحال وإن اختلفت فانا نرجع إلى رحم أمس من يمين بشمال ، ونعل بقبال (١) وهو يسئلك المصير إليه في وقتك هذا فان سمح بالمسير معك فأوطه خدك وإن امتنع بعذر أو غيره فاردد الامر إليه في ذلك ، فان أمرك بالمصير إليه في تأن فيسر ولا تعسر ، واقبل العفو ولا تعنف في قول ولا فعل.

قال الربيع : فصرت إلى بابه ، فوجدته في دار خلوته ، فدخلت عليه من غير استيذان ، فوجدته معفرا خديه مبتهلا بظهر يديه ، قد أثر التراب في وجهه وخديه ، فأكبرت أن أقول شيئا حتى فرغ من صلاته ودعائه ، ثم انصرف بوجهه فقلت : السلام عليك يا أبا عبدالله ، فقال : وعليك السلام يا أخي ما جاء بك؟ فقلت : ابن عمك يقرأ عليك السلام ، ويقول حتى بلغت آخر الكلام.

فقال : ويحك يا ربيع ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الامد فقست قلوبهم؟ ويحك يا ربيع أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون ، أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ، قرأت على أمير المؤمنين السلام ورحمة الله وبركاته ثم اقبل على صلاته وانصرف إلي بوجهه.

فقلت : هل بعد السلام من مستعتب عليه أوإجابة ، فقال نعم قل له : أرأيت الذي تولى وأعطى قليلا وأكدى أعنده علم الغيب فهو يرى أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى الا تزر وازرة وزر أخرى ، وأن ليس للانسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى إنا والله يا أمير المؤمنين قد خفناك ، وخافت لخوفنا النسوة اللاتي أنت أعلم بهن ، ولا بد لنا من الايضاح به ، فان كففت وإلا أجرينا اسمك على الله عزوجل في كل يوم خمس مرات ، وأنت حدثتنا عن ابيك ، عن جدك أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : اربع دعوات لا يحجبن عن الله تعالى : دعاء الوالد لولده : والاخ

__________________

(١) قبال النعل ككتاب زمام بين الاصبع الوسطى والتي تليها.

٢٧١

لظهر الغيب لاخيه ، والمظلوم ، والمخلص.

قال الربيع : فما استتم الكلام حتى أتت رسل المنصور تقفو اثري وتعلم خبري ، فرجعت وأخبرته بما كان ، فبكى ، ثم قال : ارجع إليه وقل له : الامر في لقائك إليك والجلوس عنا ، وأما النسوة اللاتي ذكرتهن فعليهن السلام ، فقد آمن الله روعهن وجلاهمهن.

قال : فرجعت إليه فأخبرته بما قال المنصور ، فقال له : وصلت رحما وجزيت خيرا ثم اغرورقت عيناه ، حتى قطر من الدمع في حجره قطرات ، ثم قال : يا ربيع إن هذه الدنيا وإن امتعت ببهجتها ، وغرت بزبرجها فان آخرها لا يعدو أن يكون كآخر الربيع الذي يروق بخضرته ، ثم يهيج عند انتهاء مدته وعلى من نصح لنفسه ، وعرف حق ما عليه وله ، أن ينظر إليها نظر من عقل عن ربه جل وعلا ، وحذر سوء منقلبه.

فان هذه الدنيا قد خدعت قوما فارقوها اسر ما كانوا إليها ، وأكثر ما كانوا اغتباطا بها ، طرقتهم آجالهم بياتا وهم نائمون ، أوضحى وهم يلعبون فكيف أخرجوا عنها ، وإلى ما صاروا بعدها أعقبتهم الالم ، وأورثتهم الندم ، وجرعتهم مر المذاق وغصصتهم بكاس الفراق ، فياويح من رضي عنها بها أو أقر عينا ، أما رأى مصرع آبائه ومن سلف من أعدائه وأوليائه ، يا ربيع أطول بها حسرة واقبح بها كثرة ، وأخسر بها صفقة ، وأكبربها ترحة (١) إذا عاين المغرور بها أجله ، وقطع بالاماني أمله.

وليعمل على أنها أعطي اطول الاعمار وأمدها ، وبلغ فيها جميع الآمال هل قصاراه إلا الهرم؟ أو غايته إلا الوخم (٢)؟ نسال الله لنا ولك عملا صالحا بطاعته ومآبا إلى رحمته ، ونزوعا عن معصيته ، وبصيرة في حقه ، فانما ذلك له وبه.

فقلت : يا اباعبدالله أسئلك بكل حق بينك وبين الله جل وعلا إلا عرفتني ما ابتهلت به إلى ربك تعالى ، وجعلته حاجزا بينك وبين حذرك وخوفك ، لعل الله يجبر بدوائك كسيرا ، ويغني به فقيرا ، والله ما أغني غير نفسي ، قال الربيع : فرفع

__________________

(١) الترح محركة : الهم.

(٢) طعام وخيم : غير موافق.

٢٧٢

يده ، واقبل على مسجده كارها أن يتلو الدعاء صحفا ولا يحضر ذلك بنية (١) فقال :

اللهم إني اسئلك يا مدرك الهاربين ، ويا ملجأ الخائفين ، ويا صريخ المستصرخين ، ويا غياث المستغيثين ، ويا منتهى غاية السائلين ، ويا مجيب دعوة المظرين ، يا ارحم الراحمين ، يا حق يا مبين يا ذا الكيد المتين ، يا منصف المظلومين من الظالمين ، يا مؤمن أوليائه من العذاب المهين ، يا من يعلم خائنة الاعين بخافيات لحظ الجفون (٢) وسرائر القلوب ، وما كان وما يكون ، يا رب السماوات والارضين ، والملائكة المقربين ، والانبياء المرسلين ، ورب الجن والانس أجمعين ، يا شاهدا لا يغيب ، يا غالبا غير مغلوب ، يا من هو على كل شئ رقيب (٣) وعلى كل أمر حسيب ، ومن كل عبد قريب ، ولكل دعوة مستجيب يا إله الماضين والغابرين والمقرين والجاحدين ، وإله الصامتين والناطقين ، ورب الاحياء والميتين.

يا الله يا رباه ، يا عزيز يا حكيم ، ياغفور يا رحيم ، يا أول يا قديم ، يا شكور يا حليم ، يا قاهر يا عليم ، يا سميع يا بصير ، يا لطيف يا خبير ، يا عالم يا قدير ، يا قهار يا غفار يا جبار ، يا خالق ، يا رازق يا راتق يا فاتق يا صادق يا أحد يا صمد ، يا واحد يا ماجد ، يا رحمان يا فرد يا منان يا سبوح ، يا حنان يا قدوس يا رؤف ، يا مهيمن.

يا حميد يا مجيد يا مبدئ يا معيد يا ولي يا علي يا قوي يا غني ، يا بارئ يا مصور ، يا ملك يا مقتدر ، يا باعث يا وارث ، يا متكبر يا عظيم يا باسط يا قابض ، يا سلام يا مؤمن ، يا بار يا وتر ، يا معطى يا مانع ، يا ضار يا نافع يا مفرق يا جامع ، يا حق يا مبين ، يا حي يا قيوم ، يا ودود يا معيد ، يا طالب يا غالب ، يا مدرك يا جليل ، يا مفضل يا كريم يا متفضل يا متطول ، يا أواب يا سمح.

__________________

(١) التلاوة صحفا : القراءة عن ظهر قلب لاه ساه.

(٢) العيون ، خ ل.

(٣) قدير ، خ ل.

٢٧٣

يا فارج الهم ، ويا كاشف الغم ، يا منزل الحق ، يا قابل الصدق ، يا فاطر السماوات والارض ، يا عماد السماوات والارض ، يا ممسك السماوات والارض يا ذا البلاء الجميل ، والطول العظيم ، يا ذا السلطان الذي لا يذل ، والعز الذي لا يضام يا معروفا بالاحسان ، يا موصوفا بالامتنان ، ياظاهرا بلا مشافهة ، يا باطنا بلا ملامسة يا سابق الاشياء بنفسه ، يا أولا بغير غاية ، يا آخرا بغير نهاية ، يا قائما بغير انتصاب ، يا عالما بلا اكتساب ، يا ذا الاسماء الحسنى ، والصفات المثلى ، والمثل الاعلى.

يامن قصرت عن وصفه ألسن الواصفين ، وانقطعت عنه أفكار المتفكرين وعلا وتكبر عن صفات الملحدين ، وجل وعز عن عيب العائبين ، وتبارك وتعالى عن كذب الكاذبين ، وأباطيل المبطلين ، وأقاويل العادلين ، يا من بطن (١) فخبر وظهر فقدر ، وأعطى فشكر ، وعلا فقهر.

يا رب العين والاثر ، والجن والبشر ، والانثى والذكر ، والبحث والنظر والقطر والمطر ، والشمس والقمر ، يا شاهد النجوى ، وكاشف الغمى ، ودافع البلوى ، وغاية كل شكوى ، يا نعم النصير والمولى ، يا من هو على العرش استوى له ما في السماوات وما في الارش وما بينهما وما تحت الثرى ، يا منعم يا مفضل يا مجمل يا محسن يا كافي يا شافي يا محيي يا مميت ، يا من يرى ولا يرى ، ولا يستعين بسناء الضياء ، يا محصي عدد الاشياء.

يا علي الجد ، يا غالب الجند ، يا من له على كل شئ يد ، وفي كل شئ كبد ، يا من لا يشغله صغير عن كبير ، ولا حقير عن خطير ، ولا يسير عن عسير يا فاعل بغير مباشرة ، يا عالم من غير تعلم (٢) ، يا من بدأ بالنعمة قبل استحقاقها والفضيلة قبل استيجابها ، يا من أنعم عل المؤمن والكافر ، واستصلح الفاسد والصالح ، عليه ورد المعاند والشارد عنه ، يامن أهلك بعد البينة ، وأخذ بعد قطع المعذرة ، واقام الحجة ، ودرأ عن القلوب الشبهة ، وأقام الدلالة ، وقاد إلى

__________________

(١) نطق خ ل.

(٢) معلم خ ل.

٢٧٤

معاينة الآية.

يا بارئ الجسد ، وموسع الولد ، ومجري القوت ، ومنشر العظام بعد الموت ومنزل الغيث ، يا سامع الصوت ، وسابق الفوت ، يا رب الآيات والمعجزات مطر ونبات ، وآباء وأمهات ، وبنين وبنات ، وذاهب وآت ، وليل داج ، وسماء ذات ابراج ، وسراج وهاج ، وبحر عجاج ، ونجوم تمور ، وأرواح تدور ، ومياه تفور ، ومهاد موضوع ، وستر مرفوع ، ورياح وبلاء مدفوع ، وكلام مسموع ، ومنام وسباع وأنعام ، ودواب وهوام ، وغمام وآكام ، وأمور ذات نظام ، من شتاء ومصيف وربيع وخريف ، أنت أنت خلقت هذا يا رب فأحسنت وقدرت فأتقنت ، وسويت فأحكمت ، ونبهت على الفكرة فأنعمت ، وناديت الاحياء فأفهمت ، فلم يبق علي إلا الشكر لك ، والذكر لمحامدك ، والانقياد إلى طاعتك ، والاستماع للداعي إليك فان عصيتك فلك الحجة ، وإن اطعتك فلك المنة.

يا من يمهل فلا يعجل ، ويعلم فلا يجهل ، ويعطي فلا يبخل ، يا أحق من عبد وحمد وسئل ورجي واعتمد اسئلك بكل اسم مقدس مطهر مكنون اخترته لنفسك ، وكل ثناء عال رفيع كريم رضيت به مدحة لك ، بحق كل ملك قريب منزلته عندك ، وبحق كل نبي أرسلته إلى عبادك ، وبكل شئ جعلته مصدقا لرسلك ، وبكل كتاب فصلته وبينته وأحكمته ، وشرعته ونسخته ، وبكل دعاء سمعته فأجبته ، وعمل رفعته ، واسئلك بكل من عظمت حقه ، وأعليت قدره ، وشرفت بنيانه ، ممن اسمعتنا ذكره ، وعرفتنا أمره ، وممن لم تعرفنا مقامه ، ولم تظهر لنا شأنه ، ممن خلقته من اول ما أبتدأت به خلقك ، وممن تخلقه إلى انقضاء علمك.

واسئلك بتوحيدك الذي فطرت عليه العقول ، وأخذت به المواثيق ، وأرسلت به الرسل ، وأنزلت عليه الكتب ، وجعلته أول فروضك ونهاية طاعتك ، فلم تقبل حسنة إلا معها ، ولم تغفر سيئة إلا بعدها ، وأتوجه إليك بجودك ومجدك وكرمك وعزك وجلالك وعفوك وامتنانك وتطولك ، وبحقك الذي هو أعظم من حقوق خلقك.

٢٧٥

واسئلك يا الله يا الله يا الله يا رباه يا رباه يا رباه يا رباه يا رباه وأرغب إليك خاصا وعاما ، وأولا وآخرا ، وبحق محمد الامين ، رسولك سيد المرسلين ، ونبيك إمام المتقين ، وبالرسالة التي أداها ، والعبادة التي اجتهد فيها والمحنة التي صبر عليها ، والمغفرة التي دعا إليها ، والديانة التي أحرض عليها منذ وقت رسالتك إياه إلى أن توفيته ، بما بين ذلك من أقواله الحكيمة ، وافعاله الكريمة ، ومقاماته المشهورة ، وساعاته المعدودة ، أن تصلي عليه كما وعدته من نفسك ، وتعطيه افضل ما أمل من ثوابك ، وتزلف لديك منزلته ، وتعلى عندك درجته ، وتبعثه المقام المحمود ، وتورده حوض الكرم والجود ، وتبارك عليه بركة عامة تامة خاصة ماسة زاكية عالية سامية لا انقطاع لدوامها ، ولا نقيصة في كمالها ولا مزيد إلا في قدرتك عليها ، وتزيده بعد ذلك مما أنت أعلم به ، وأقدر عليه وأوسع له ، وتؤتي ذلك حتى أزداد في الايمان به بصيرة وفي محبته ثباتا وحجة وعلى آله الطاهرين الطيبين الاخيار ، المنتجبين الابرار ، وعلى جبرئيل وميكائيل والملائكة المقربين وحملة عرشك أجمعين ، وعلى جميع النبيين والمرسلين ، والصديقين والشهداء والصالحين ، عليه وعليهم‌السلام ورحمة الله وبركاته.

اللهم إني اصبحت لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا قد زل مصرعي ، وانقطع مسئلتي ، وذل ناصري ، واسلمني أهلي وولدي بعد قيام حجتك ، وظهور براهينك عندي ، ووضوح دلائلك ، اللهم إنه قد أكدى الطلب وأعيت الحيل إلا عندك ، وانغلقت الطرق وضاقت المذاهب إلا إليك ، ودرست الآمال وانقطع الرجاء إلا منك ، وكذب الظن واخلفت العداة إلا عدتك.

اللهم إن مناهل الرجاء لفضلك مترعة ، وأبواب الدعاء لمن دعاك مفتحة والاستغاثة لمن استغاث بك مباحة ، وأنت لداعيك بموضع الاجابة ، والصارخ إليك ولي الاغاثة ، والقاصد إليك قريب المسافة ، وأن موعدك عوض عن منع الباخلين ومندوحة عما في أيدي المستأثرين ، ودرك من حبل الموازين ، والراحل إليك يا رب قريب المسافة منك ، وأنت لا تحتجب عن خلقك إلا أن تحجبهم الاعمال السيئة

٢٧٦

دون ، وما ابرئ نفسي منها ، ولا ارفع قدري عنها إني لنفسي يا سيدي لظلوم وبقدري لجهول إلا أن ترحمني ، وتعود بفضلك علي ، وتدرء عقابك عني ، وترحمني وتلحظني بالعين التي أنقذتني بها من حيرة الشك ، ورفعتني من هوة الضلالة وأنعشتني من ميتة الجهالة ، وهديتني بها من الانجاح (١) الحايرة.

اللهم وقد علمت أن افضل زاد الراحل إليك عزة إرادة وإخلاص نية ، وقد دعوتك بعزم إرادتي وإخلاص طويتي وصادق نيتي ، فها أناذا مسكينك بائسك اسيرك فقيرك سائلك ، منيخ بفنائك قارع باب رجائك ، وأنت آنس الآنسين لاوليائك وأحرى بكفاية المتوكل عليك ، وأولى بنصر الواثق بك ، وأحق برعاية المنقطع إليك سري لك (٢) مكشوف وأنا إليك ملهوف ، وأنا عاجز وأنت قدير ، وأنا صغير وأنت كبير وأنا ضعيف وأنت قوي ، وأنا فقير وأنت غني.

إذا أوحشتني الغربة آنسني ذكرك ، وإذا صبت علي الامور استجرت بك ، وإذا تلاحكت علي الشدائد أملتك ، وأين يذهب بي عنك وأنت أقرب من وريدي ، وأحصن من عديدي وأوجد من مكاني ، واصح في معقولي ، وأزمة الامور كلها بيدك ، صادرك عن قضائك ، مذعنة بالخضوع لقدرتك ، فقيرة إلى عفوك ، ذات فاقة إلى قارب من رحمتك ، وقد مسني الفقر ، ونالني الضر ، وشملتني الخصاصة ، وعرتني الحاجة وتوسمت بالذلة ، وغلبتني المسكنة ، وحقت علي الكلمة ، وأحاطت بي الخطيئة وهذا الوقت الذي وعدت أولياءك فيه الاجابة ، فامسح ما بي بيمينك الشافية ، وانظر إلي بعينك الراحمة ، وادخلني في رحمتك الواسعة ، وأقبل علي بوجهك يا ذا الجلال والاكرام ، فانك إذا أقبلت على أسير فككته ، وعلى ضال هديته ، وعلى حائر آويته ، وعلى ضعيف قويته ، وعلى خائف آمنته.

اللهم إنك أنعمت علي فلم اشكر ، وابتليتني فلم اصبر ، فلم يوجب عجزي عن شكرك منع المؤمل من فضلك ، وأوجب عجزي عن الصبر على بلائك كشف ضرك وإنزال رحمتك فيا من قل عند بلائه صبري فعافاني ، وعند نعمائة شكري فأعطاني ، اسئلك المزيد من فضلك

__________________

(١) الانهاج ، خ ل.

(٢) اليك خ ل.

٢٧٧

والايزاع لشكرك والاعتداد بنعمائك ، في أعفى العافية ، واسبغ النعمة إنك على كل شئ قدير.

اللهم لا تخلني من يدك ، ولا تتركني لقاء عدوك ولا لعدوي ، ولا توحشني من لطائف الخفية ، وكفايتك الجميلة ، وإن شردت عنك فارددني إليك ، وإن فسدت عليك فأصلحني لك ، فانك ترد الشارد ، وتصلح الفاسد ، وأنت على كل شئ قدير.

اللهم هذا مقام العائذ بك ، اللائذ بعفوك ، المستجير بعز جلالك ، قد راى أعلام قدرتك فأره آثار رحمتك فانك تبدئ الخلق ثم تعيده ، وهو أهون عليك ولك المثل الاعلى في السماوات والارض وأنت العزيز الحكيم.

اللهم فتولني ولاية تغنيني بها عن سواها ، وأعطني عطية لا أحتاج إلى غيرك معها ، فانها ليست ببدع من ولايتك ، ولا بنكر من عطيتك ، ولا بأولى من كفايتك ، ادفع الصرعة ، وانعش السقطة ، وتجاوز عن الزلة ، واقبل التوبة ، وارحم الهفوة وأنج من الورطة ، وأقل العثره ، يا منتهى الرغبة ، وغياث الكربة ، وولي النقمة ، وصاحبي في الشدة ، ورحمان الدنيا والآخرة.

أنت رحماني إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أو عدو يملك أمري؟ وإن لم تك (١) علي ساخطا فما أبالي غير أن عفوك لا يضيق عني ، ورضاك ينفعني وكنفك يسعني ، ويدك الباسطة تدفع عني ، فخذ بيدي من دحض الذلة ، فقد كبوت فثبتني على الصراط المستقيم ، واهدني وإلا غويت.

يا هادي الطريق ، يا فارج المضيق ، يا إلهي بالتحقيق ، يا جاري اللصيق ، يا ركني الوثيق ، يا كنزي العتيق ، احلل عني المضيق ، واكفني شر ما اطيق ، وما لا اطيق ، يا أهل التقوى ، وأهل المغفرة ، وذا العز والقدرة ، والآلاء والعظمة يا ارحم الراحمين ، وخير الغافرين ، وأكرم الناظرين ، ورب العالمين ، لا تقطع منك رجائي ولا تخيب دعائي ، ولا تجهد بلائي ولا تسئ قضائي ، ولا تجعل النار مأواي ، واجعل الجنة مثواي ، وأعطني من الدنيا سؤلي ومناي ، وبلغني من الآخرة

__________________

(١) لم تكن خ ل.

٢٧٨

أملي ورضاي ، وآتني في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ، وقنا برحمتك عذاب النار ، يا أرحم الراحمين إنك على كل شئ قدير ، وبكل شئ محيط ، وأنت حسبي ونعم الوكيل (١).

قال مؤلفه : كتبته من مجموع بخط الشيخ الجليل ابي الحسين محمد بن هارون التلعكبرى ادام الله تأييده هكذا كان في الاصل.

ومن ذلك دعاء الصادق عليه‌السلام لما استدعاه المنصور مرة ثانية بعد عوده من مكة إلى المدينة ، حدثنا أبومحمد الحسن بن محمد بن النوفلي قال : حدثني الربيع صاحب ابي جعفر المنصور قال : حججت مع ابي جعفر المنصور فلما كنا في بعض الطريق قال لي المنصور : يا ربيع إذا نزلت المدينة فاذكرلي جعفر بن محمد بن علي ابن الحسين بن علي فوالله العظيم لا يقتله أحد غيري ، احذر تدع أن تذكرني به قال فلما صرنا إلى المدينة أنساني الله عزوجل ذكره.

قال : فلما صرنا إلى مكة قال لي : يا ربيع ألم آمرك أن تذكرني بجعفر ابن محمد إذا دخلنا المدينة؟ قال : فقلت : نسيت ذلك يا مولاي يا أمير المؤمنين ، قال : فقال لي : إذا رجعت إلى المدينة فاذكرني به ، فلا بد من قتله ، فان لم تفعل لاضربن عنقك ، فقلت : نعم يا امير المؤمنين ، ثم قلت لغلماني وأصحابي : اذكروني بجعفر بن محمد إذا دخلنا المدينة إنشاء الله تعالى ، فلم يزل غلماني وأصحابي يذكروني به في كل وقت ومنزل ندخله وننزل فيه حتى قدمنا المدينة.

فلما نزلنا بها دخلت إلى المنصور فوقفت بين يديه وقلت له : يا امير المؤمنين جعفر بن محمد ، قال : فضحك وقال لي : نعم اذهب يا ربيع فأتني به ولا تأتني به إلا مسحوبا قال : فقلت له : يا مولاي يا أمير المؤمنين حبا وكرامة ، وأنا أفعل ذلك طاعة لامرك ، قال : ثم نهضت وأنا في حال عظيم من ارتكابي ذلك ، قال : فأتيت الامام الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام وهو جالس في وسط داره ، فقلت له : جعلت فداك إن أمير المؤمنين يدعوك إليه ، فقال لي : السمع والطاعة ، ثم نهض وهو معي يمشي ، قال :

__________________

(١) مهج الدعوات ص ٢٢٦٢١٦.

٢٧٩

فقلت له : يا ابن رسول الله إنه أمرني أن لا آتيه بك إلا مسحوبا ، قال : فقال الصادق : امتثل يا ربيع ما أمرك به ، قال : فأخذت بطرف كمه أسوقه إليه ، فلما ادخلته إليه رأيته وهو جالس على سريره ، وفي يده عمود حديد يريد أن يقتله به ، ونظرت إلى جعفر عليه‌السلام وهو يحرك شفتيه ، فلم أشك أنه قاتله ، ولم أفهم الكلام الذي كان جعفر عليه‌السلام يحرك به شفتيه به ، فوقفت انظر إليها.

قال الربيع : فلما قرب منه جعفر بن محمد قال له المنصور : ادن مني يا ابن عمي ، وتهلل وجهه ، وقربه منه ، حتى أجلسه معه على السرير ، ثم قال : يا غلام ائتني بالحقة فأتاه بالحقة ، فاذا فيها قدح الغالية ، فغلفه (١) منها بيده ، ثم حمله على بغلة وأمر له ببدرة ، وخلعة ، ثم أمره بالانصراف قال : فلما نهض من عنده خرجت بين يديه حتى وصل إلى منزله ، فقلت له : بأبي أنت وأمي يا ابن رسول الله إني لم أشك فيه ساعة تدخل عليه يقتلك ، ورأيتك تحرك شفتيك في وقت دخولك فما قلت؟ قال لي : نعم ، يا ربيع اعلم أني قلت :

« حسبي الرب من المربوبين ، حسبي الخالق من المخلوقين ، حسبي من لم يزل حسبي ، حسبي الله الذي لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم حسبي الذي لم يزل حسبي ، حسبي حسبي حسبي الله ونعم الوكيل.

اللهم احرسني بعينك التي لا تنام ، واكنفني بركنك الذي لا يرام ، واحفظني بعزك ، واكفني شره بقدرتك ، ومن علي بنصرك وإلا هلكت وأنت ربى ، اللهم إنك أجل وأخير مما أخاف وأحذر اللهم إني أدرء بك في نحره ، وأعوذ بك من شره ، وأستعينك عليه ، وأستكفيك إياه ، يا كافي موسى فرعون ، ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله الاحزاب. الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ، اولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وابصارهم وأولئك هم الغافلون ، لا جرم أنهم في الآخرة هم الاخسرون ، وجعلنا من بين ايديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون » (٢).

__________________

(١) اى طيبه بالغالية.

(٢) مهج الدعوات ص ٢٢٨٢٢٦.

٢٨٠