بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

العربي الهاشمي المكي المدني الابطحي الامي صاحب التاج والهراوة والقضيب والناقة ، صاحب قول لا إله إلا الله إلى من طرق الدار إلا طارقا يطرق بخير.

أما بعد فان لنا ولكم في الحق سعة ، فان لم يكن طارقا مولعا ، أو داعيا مبطلا أومؤذيا مقتصما فاتركوا حملة القرآن ، وانطلقوا إلى عبدة الاوثان ، يرسل عليكما شواط من نار ، ونحاس فلا تنتصران ، بسم الله وبالله ومن الله وإلى الله ، ولا غالب إلا الله ، ولا أحد سوى الله ، ولا أحد مثل الله ، واستفتح بالله ، وأتوكل على الله ، صاحب كتابي هذا في حرز الله ، حيث ما كان وحيث ما توجه لا تقربوه ولا تفزعوه ولا تضاروه قاعدا ولا قائما ولا في أكل ولا في شرب ولا في اغتسال ولا في جبال ولا بالليل ولا بالنهار ، وكلما سمعتم ذكر كتابي هذا فادبروا عنه بلا إله إلا الله غالب كل شئ وهو اعلى من كل شئ ، وهو أعز من كل شئ وهو على كل شئ قدير.

ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي بن ابي طالب عليه‌السلام : يا أبا الحسن اكتب :

اللهم احفظ يا رب من علق عليه كتابي هذا بالاسم الذي هو مكتوب على سرادق العرش أنه لا إله إلا الله الغالب الذي لا يغلبه شئ ، ولا ينجو منه هارب وأعيذه بالحي الذي لا يموت ، وبالعين التي لا تنام ، وبالكرسي الذي لا يزول وبالعرش الذي لا يضام ، وأعيذه بالاسم المكتوب في التوراة والانجيل ، وبالاسم الذي هو مكتوب في الزبور ، وبالاسم الذي هو مكتوب في الفرقان.

وأعيذه بالاسم الذي حمل به عرش بقليس إلى سليمان بن داود عليه‌السلام قبل أن يرتد إليه طرفه ، وبالاسم الذي نزل به جبرئيل عليه‌السلام إلى محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله في يوم الاثنين وبالاسماء الثمانية المكتوبة في قلب الشمس وبالاسم الذي يسير به السحاب الثقال وبالاسم الذي يسبح الرعد بحمده ، والملائكة من خيفته ، وبالاسم الذي تجلى الرب عزوجل لموسى بن عمران فتقطع الجبل من اصله وخر موسى صعقا ، وبالاسم الذي كتب على ورق الزيتون والقى في النار فلم يحترق ، وبالاسم الذي يمشي به الخضر عليه‌السلام على الماء فلم تبتل قدماه ، وبالاسم الذي نطق به عيسى عليه‌السلام في المهد صبيا وابرء الاكمه والابرص وأحيا الموتى باذن الله.

٢٢١

وأعذه بالاسم الذي نجا به يوسف عليه‌السلام من الجب ، وبالاسم الذي نجا به يونس عليه‌السلام من الظلمة ، وبالاسم الذي فلق به البحر لموسى عليه‌السلام وبني إسرائيل ، فكان كل فرق كالطود العظيم ، وعيذه بالتسع نيات التي نزلت على موسى بطور سيناء.

وأعيذ صاحب كتابى هذا من كل عين ناظرة ، وآذان سامعة ، وألسن ناطقة واقدام ماشية ، وقلبو واعية ، وصدور خاوية ، وأنفس كافرة ، وعين لازمة ظاهرة وباطنة ، وأعيذه ممن يعمل السوء ويعمل الخطايا ، ويهم لها من ذكر وانثى.

وأعيذه من شر كل عقدهم ومكرهم وسلاحهم وبريق أعينهم ، وحر أجسادهم ومن شر الجن والشياطين والتوابع ، والسحرة ، ومن شر من يكون في الجبال والغياض والخراب والعمران ، ومن شر ساكن العيون أو ساكن البحار أو ساكن الطرق ، وأعيذه من شر الشياطين ، ومن شر كل غول وغولة ، وساحر وساحرة وساكن وساكنه ، وتابع وتابعة ، ومن شرهم وشر آبائهم وأمهاتهم ، ومن شر الطيارات.

وأعيذه بيا آهيا شراهيا ، وأعيذ صاحب كتابي هذا من شر الدياهش والابالس ، ومن شر القابل والفاعل ، ومن شر كل عين ساحرة ، وخاطية ، ومن شر الداخل والخارج ، ومن شر كل طارق ، ومن شر كل عاد وباغ ، ومن شر كل عفاريت الجن والانس ، ومن شر الرياح ومن شر كل عجمي ، ونائم ويقظان.

وأعيذ صاحب كتابي هذا من شر ساكن الارض ، ومن شر ساكن البيوت  والزوايا والمزابل ومن شر من يصنع الخطيئة أو يولع بها ، وأعيذه من شر ما تنظر إليه الابصار ، واضمرت عليه القلوب ، وأخذت عليه العهود ، ومن شر من يولع بالفراش والمهود ، ومن شر من لا يقبل العزيمة ، ومن شر من إذا ذكر الله ذاب كما يذوب الرصاص والحديد.

وأعيذ صاحب كتابي هذا من شر إبليس ، ومن شر الشياطين ، ومن شر من يعمل العقد ، ومن شر من يسكن الهواء والجبال والبحار ومن في الظلمات ، ومن

٢٢٢

في النور ، ومن شر من يسكن العيون ، ومن شر من يمشي في الاسواق ، ومن يكون مع الدواب والمواشي والوحوش ، ومن شر من يكون في الارحام والآجام ، ومن شر من يوسوس في صدور الناس ، ويسترق السمع والبصر.

وأعيذ صاحب كتابي هذا من النظرة واللمحة (١) والخطوة والكرة والنفخة وأعين الانس والجن المتمردة ، ومن شر الطائف والطارق والغاسق والواقب وأعيذه من شر كل عقد أو سحر أو استيحاش أوهم ، او حزن أو فكر او وسواس ومن داء يفترى لبني آدم وبنات حوا ، من قبل البلغم أو الدم ، أو المرة السوداء والمرة الحمراء والصفراء ، أو من النقصان والزيادة ، ومن كل داء داخل في جلد أو لحم أو دم أو عرق أو عصب أو في نطفة أو في روح أو في سمع أو في بصر أو في شعر أو في بشر أو ظفر أو ظاهر أو باطن.

وأعيذه بما استعاذ به آدم عليه‌السلام أبوالبشر وشيث وهابيل وإدريس ونوح ولوط وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والاسباط وعيسى وايوب ويوسف وموسى وهارون وداود وسليمان وزكريا ويحيى وهود وشعيب والياس وصالح واليسع ولقمان وذوالكفل وذوالقرنين وطالوت وعزير وعزرائيل والخضر عليه‌السلام ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أجمعين وكل ملك مقرب ونبي مرسل إلا ما تباعدتم وتفرقتم وتنحيتم عمن علق عليه كتابي هذا :

بسم الله الرحمن الرحيم الجليل الجميل المحسن الفعال لما يريد.

وأعيذه بالله وبما استنار به الشمس ، واضاء به القمر ، وهو مكتوب تحت العرش لا إله إلا الله ، محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أجمعين ، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم ، نفذت حجة الله ، وظهر سلطان الله ، وتفرق أعداء الله ، وبقى وجه الله ، وأنت يا صاحب كتابي هذا في حرز الله ، وكنف الله تعالى ، وجوار الله ، وأمان الله ، الله جارك ووليك وحاذرك الله ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، اشهد أن الله على كل شئ قدير وأن الله قد أحاط بكل شئ علما ، وأحصى كل شئ عددا ، وأحاط بالبرية خبرا

__________________

(١) اللحظة خ.

٢٢٣

إن الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما.

ختمت هذا الكتاب بخاتم الله ، الذي ختم به أقطار السماوات والارض ، وخاتم الله المنيع ، وخاتم سليمان بن داود ، وخاتم محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله اجمعين الا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، وكل ملك مقرب أو نبي مرسل بالله الذي لا إله إلا هو رب العرش العظيم.

ثم دفعه إلى ابي دجانة الانصارى فوضعه في وسط البيت فقال له : أحرقتنا بالكتاب والذي قال لمحمد : قم فأنذر ، قال : فلما اصبح أبودجانة جاء إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقص عليه القصة ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ارفع الكتاب واحرزه فان عاد فضعه في الدار ، فقال أبودجانة الانصاري : فوالله ما رايت فزعة لاهلي ولا ولدي ، ولا عاد حتى قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٢٠ ـ مهج : حرز خديجة عليها‌السلام : بسم الله الرحمن الرحيم يا الله يا حافظ يا حفيظ يا رقيب.

حرز آخر لخديجة عليها‌السلام : بسم الله الرحمن الرحيم ياحي يا قيوم برحمتك استغيث فأغثني ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا واصلح لي شأني كله (١).

__________________

(١) مهج الدعوات ص ٦ وفيه نسبة الحرز الثانى إلى فاطمة الزهراء سلام الله عليها وقد مر قبل ذلك أيضا ، وكل ما تكرر في هذا الباب ، كان مطابقا لنسخة الاصل ، تارة بخط المؤلف قدس‌سره وتارة بخط كتابه.

٢٢٤

٣٩

( باب )

* « ( أحراز مولاتنا فاطمة الزهراء صلوات الله عليها ) » *

* « ( وبعض أدعيتها وعوذاتها ) » *

أقول : وسيجيئ في باب عوذة الحمى وأنواعها بعض احرازها عليها‌السلام إنشاء الله تعالى.

١ ـ اختيار ابن الباقى : دعاء عن سيدتنا فاطمة الزهراء عليها‌السلام : اللهم بعلمك الغيب ، وقدرتك على الخلق ، أحينى ما علمت الحياة خيرا لي ، وتوفنى إذا كانت الوفاة خيرا لى ، اللهم إني اسئلك كلمة الاخلاص ، وخشيتك في الرضا والغضب والقصد في الغنى والفقر ، واسئلك نعيما لا ينفد ، واسئلك قرة عين لا تنقطع واسئلك الرضا بالقضاء ، واسئلك برد العيش بعد الموت ، واسئلك النظر إلى وجهك ، والشوق إلى لقائك ، من غير ضراء مضرة ، ولا فتنة مظلمة ، اللهم زينا بزينة الايمان ، واجعلنا هداة مهديين يا رب العالمين.

ومنه : عن عبدالله بن جعفر ، عن جعفر عليه‌السلام :

اللهم إنك تسمع كلامي ، وترى مكاني ، وتعلم سري وعلانيتي ، ولا يخفى عليك شئ من امري ، وأنا البائس الفقير ، المستغيث المستجير ، الوجل المشفق ، المقر المعترف بذنبه ، اسئلك مسألة المسكين ، وأبتهل المذنب الذليل ، وأدعوك دعاء الخائف الضرير ، دعاء من خضعت لك رقبته ، وفاضت لك عبرته ، وذل لك خيفته (١) ورغم لك أنفه ، اللهم لا تجعلني بدعائك شقيا ، وكن لي رؤفا رحيما يا خير المسؤولين ، ويا خير المعطين ، والحمد لله رب العالمين.

ومنه : عن علي عليه‌السلام (٢) :

اللهم إليك اشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس يا أرحم الراحمين ، إلى من تكلني؟ إلى عدو يتجهمني؟ أم إلى قريب ملكته امري؟ إن لم

__________________

(١) صفيحه ظ.

(٢) وكان المناصب عنوانه في باب الاتى.

٢٢٥

تكن ساخطا علي فلا أبالي ، غير أن عافيتك أوسع علي أعوذ بنور وجهك الكريم الذي اضاءت له السماوات ، واشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن تحل علي غضبك ، أو تنزل علي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك.

ومنه : دعاء لمولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام :

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي لم يصبح بي ميتا ولا سقيما ، ولا مضروبا على عروقي بسوء ، ولا مأخوذا بسوء عملي ، ولا مقطوعا دابري ، ولا مرتدا عن ديني ، ولا منكرا لربي ، ولا مستوحشا من إيماني ، ولا ملببا على عنقي (١) ولا معذبا بعذاب الامم من قبلي ، اصبحت عبدا مملوكا ظالما لنفسي ، لك الحجة علي ، ولا حجة لي ، لا استطيع أن آخذ إلا ما أعطيتني ، ولا اتقي إلا ما وقيتني اللهم إني أعوذ بك أن افقتر في غناك ، أو أضل في هداك ، أو اضام في سلطانك ، أو اضطهد والامر لك.

اللهم اجعل نفسي أوكل كريمة ترتجعها من ودائعك ، اللهم إنا نعوذ بك أن نذهب عن قولك ، أو نفتتن عن دينك ، أو تتتابع بنا أهواءنا دون الهدى الذي جاء من عندك ، وصلى الله على محمد وآله.

٢ ـ الدلائل للطبرى : قال روى علي بن الحسن الشافعي ، عن يوسف بن يعقوب القاضي ، عن محمد بن الاشعث ، عن محمد بن عون الطائي ، عن داود بن ابي هند ، عن ابن أبان ، عن سلمان رضي‌الله‌عنه قال : كنت خارجا من منزلي ذات يوم بعد وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ لقيني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال : مرحبا يا سلمان صر إلى منزل فاطمة بنت رسول الله فانها إليك مشتاقة وإنها قد اتحفت بتحفة من الجنة تريد أن تتحفك منها.

قال سلمان رضي‌الله‌عنه : فمضيت إليها فطرقت الباب ، واستأذنت فأذنت لي بالدخول ، فدخلت فاذا هي جالسة في حسن الحجرة ، عليها قطعة عباءة ، قالت : اجلس فجلست ، فقالت : كنت بالامس جالسة في صحن الحجرة شديدة الغم على

__________________

(١) في النهج كما سيأتى « ولا ملتبسا على عقلى ».

٢٢٦

النبي أبكيه وأندبه ، وكنت رددت باب الحجرة بيدي إذا انفتح الباب ، ودخل علي ثلاث جواري لم أركحسنهن ولا نضارة وجوههن فقمت إليهن منكرة لشأنهن وقلت : من أين أنتن من مكة أو من المدينة؟ فقلن : لا من أهل مكة ، ولا من أهل المدينة ، نحن من أهل دار السلام ، بعث بنا إليك رب العالمين يسلم عليك ويعزيك بأبيك محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

قالت فاطمة : فجلست أمامهن ، وقلت للتي اظن انها أكبرهن : ما اسمك؟ قالت : ذرة ، قلت : ولم سميت ذرة؟ قالت : لان الله عزوجل خلقني لابي ذر الغفاري ، وقلت لاخرى : ما اسمك؟ قالت : مقدادة ، فقلت : ولم سميت مقدادة؟ قالت : لان الله عزوجل خلقني للمقداد ، وقلت للثالثة : ما اسمك. قالت : سلمى قلت : ولم سميت سلمى؟ قالت : لان الله عزوجل خلقني لسلمان ، وقد أهدوا إلي هدية من الجنة ، وقد خبأت لك منها ، فأخرجت إلي طبقا من رطب ابيض ما يكون من الثلج ، وأزكى رائحة من المسك ، فدفعت إلي خمس رطبات ، وقالت لي : كل يا سلمان هذا ، عند إفطارك ، وأقبلت أريد المنزل ، فوالله ما مررت بملاء من الناس إلا قالوا : تحمل المسك يا سلمان؟ حتى أتيت المنزل ، فلما كان وقت الافطار أفطرت عليهن فلم أجد لهن نوى ولا عجما حتى إذا أصبحت بكرت إلى منزل فاطمة ، فأخبرتها فتبسمت ضاحكة ، وقالت : يا سلمان من أين يكون له نوى ، وإنما هو عزوجل خلقه لي تحت عرشه ، بدعوات كان علمنيها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت : حبيبتي علميني تلك الدعوات ، فقالت : إن أحببت أن تلقى الله وهو عنك غير غضبان ، فواظب على هذا الدعاء وهو :

بسم الله النور ، بسم الله الذي يقول للشئ كن فيكون ، بسم الله الذي يعلم خائنة الاعين وما تخفى الصدور ، بسم الله الذي خلق النور من النور ، بسم الله الذي هو بالمعروف مذكور ، بسم الله الذي أنزل النور على الطور ، بقدر مقدور في كتاب مسطور ، على نبي محبور (١).

__________________

(١) الحديث مختصر ههنا ، وتمامه في مهج الدعوات ص ٩٧ ، وأخرجه المؤلف العلامة في مناقب الزهراء سلام الله عليها راجع ج ٤٣ ص ٦٨ ـ ٦٦.

٢٢٧

٤٠

« ( باب ) *

* « ( أحراز مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، وبعض ) » *

* « ( ادعيته وعوذاته ، ومن جملتها دعاء الصباح والمساء له ) » *

* « ( عليه‌السلام وما يناسب ذلك المعنى وفي مطاويها بعض ) » *

* « ( ادعية النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله ايضا ) » *

١ ـ مهج : حرز مولانا أمير المؤمنين علي بن ابي طالب صلوات الله عليه يكتب ويشد على العضد الايمن ، وهو :

بسم الله الرحمن الرحيم اى كنوش اى كنوش اره شش عطيطسفيخ يا مطيطرون قربالسيون ما وما سا ما سو ما طيسطالوس (١) حنطوس مسفقلس مساصعوس اقرطيعوس (٢) لطفيكس (٣) هذا وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الامر وما كنت من الشاهدين ، اخرج بقدرة الله منها أيها اللعين ، بقوة (٤) رب العالمين اخرج منها وإلا كنت من المسجونين ، اخرج منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين أخرج منها مذؤما مدحورا ملعونا كما لعنا أصحاب السبت ، وكان أمر الله مفعولا ، اخرج يا ذا المحزون أخرج يا سورا يا سورا سور بالاسم المخزون يا ططرون طرعون مراعون تبارك الله أحسن الخالقين يا هيا يا هيا شراهيا حيا قيوما بالاسم المكتوب على جبهة إسرافيل اطردوا عن صاحب هذا الكتاب كل جني وجنية ، وشيطان وشيطانة ، وتابع وتابعة ، وساحر وساحرة وغول وغولة وكل متعبث وعابث يعبث بابن آدم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

__________________

(١) طيطسالوس خ ل.

(٢) افطيعوش خ ل.

(٣) لطيفكس خ ل.

(٤) بعزة خ ل.

٢٢٨

وصلى الله على محمد وآله أجمعين (١).

٢ ـ ق ، مهج : حرز آخر عن مولانا وعروتنا أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه‌السلام : اللهم بتالق نور بهاء عرشك من أعدائي (٢) استترت ، وبسطوة الجبروت من كمال عزك ممن يكيدني احتجبت ، وبسلطانك العظيم من شر كل سلطان وشيطان استعذت ومن فرائض نعمتك (٣) وجزيل عطيتك (٤) يا مولاي طلبت ، كيف أخاف وأنت أملي ، وكيف أضام وعيك متكلي ، أسلمت إليك نفسي ، وفوضت إليك أمري وتوكلت في كل أحوالي عليك ، صل على محمد وآل محمد ، واشفني واكفني واغلب لي من غلبني يا غالبا غير مغلوب ، زجرت كل راصد رصد ، ومارد مرد وحاسد حسدت وعدو كند ] وعاند عند ، ببسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله أحد الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، كذلك الله ربنا [ كذلك الله ربنا ، كذلك الله ربنا عزوجل [ حسبنا الله ونعم الوكيل [ إنه ] أقوى معين (٥).

٣ ـ نهج : ومن كلمات كان يدعو بها عليه‌السلام : اللهم اغفر لي ما أنت أعلم به مني ، فان عدت فعدلي بالمغفرة ، اللهم اغفر لي ما وأيت من نفسي ، ولم تجد له وفاء عندي ، اللهم اغفر لي ما تقربت به إليك

__________________

(١) مهج الدعوات ص ١٠ ، وبعده صورة أحرف هكذا شبيها بما ف ص ١٩٣.

(٢) عداتى خ ل.

(٣) نعمك خ ل نعمائك خ ل.

(٤) عطائك خ ل ، عطاياك خ ل.

(٥) مهج الدعوات ص ١١ و ١٢.

٢٢٩

بلساني ، ثم خالفه قلبي ، اللهم اغفر لي رمزات الالحاظ ، وسقطات الالفاظ وشهوات الجنان ، وهفوات اللسان (١).

٤ ـ نهج : ومن دعائه كان يدعو به عليه‌السلام كثيرا :

الحمد لله الذي لم يصبح بي ميتا ولا سقيما ، ولا مضروبا على عروقي بسوء ولا مأخوذا باسوء عملي ، ولا مقطوعا دابري ، ولا مرتدا عن ديني ، ولا منكرا لربي ولا مستوحشا من إيماني ، ولا ملتبسا عقلي ، ولا معذبا بعذاب الامم من قبلي اصبحت عبدا مملوكا ظالما لنفسي لك الحجة علي ولا حجة لي ، لا أستطيع أن آخذ إلا ما أعطيتنى ولا أتقي إلا ما وقيتني اللهم إني اعوذ بك أن افتقر في غناك أو اضل في هداك ، أو اضام في سلطانك ، أو اضطهد والامر لك ، اللهم اجعل نفسي أول كريمة تنتزعها من كرائمي وأول وديعة ترتجعها من ودائع نعمك عندي اللهم إنا نعوذ بك أن نذهب عن قولك أو نفتتن عن دينك ، أو تتابع بنا أهواؤنا دون الهدى الذي جاء من عندك (٢).

٥ ـ نهج : من دعاء له عليه‌السلام : اللهم صن وجهي باليسار ، ولا تبذل جاهي بالاقتار ، فاسترزق طالبي رزقك ، واستعطف شرار خلقك ، وأبتلى بحمد من اعطاني وافتتن بذم من منعني ، وأنت من وراء ذلك كله ولي الاعطاء والمنع ، إنك على كل شئ قدير (٣).

٦ ـ نهج : ومن دعاء له عليه‌السلام : اللهم إنك آنس الآنسين بأوليائك (٤) وأحضرهم بالكفاية للمتوكلين عليك ، تشاهدهم في سرائرهم ، وتطلع عليهم في  ضمائرهم ، وتعلم مبلغ بصائرهم ، فاسرارهم لك مكشوفة ، وقلوبهم إليك ملهوفة إن أوحشتهم الغربة آنسهم ذكرك ، وإن صبت عليهم المصائب لجأوا إلى الاستجارة

__________________

(١) نهج البلاغة تحت الرقم ٧٦ من قسم الخطب.

(٢) نهج البلاغة تحت الرقم ٢١٣ من قسم الخطب.

(٣) نهج البلاغه قسم الخطب تحت الرقم ٢٢٣.

(٤) لاؤليائك خ ل.

٢٣٠

بك ، علما بأن أزمة الامور بيدك ، ومصادرها عن قضائك ، اللهم إن فههت عن مسئلتي أوعميت عن طلبتي فدلني على مصالحي ، وخذ بقلبي إلى مراشدي ، فليس ذاك بنكر من هدايتك (١) ، ولا ببدع من كفايتك (٢) ، اللهم احملني على عفوك ولا تحملني على عدلك (٣).

٧ ـ نهج : قال عليه‌السلام : اللهم إني أدعوذبك أن تحسن في لامعة العيون علانيتي وتقبح فيما ابطن لك سريرتي ، محافظا علي رئاء الناس من نفسي ، بجميع ما أنت مطلع عليه مني ، فأبدى للناس حسن ظاهري ، وأفضي إليك بسوء عملي ، تقربا إلى عبادك ، وتباعدا مرضاتك (٤).

٨ ـ مهج : دعاء لمولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه :

الحمد لله أول محمود ، وآخر معبود ، وأقرب موجود ، البدئ بلا معلوم لازليته ، ولا آخر لاوليته ، والكائن قبل الكون بغير كيان ، والموجود في كل مكان بغير عيان ، والقريب من كل نجوى بغير تدان ، علنت عنده الغيوب ، وضلت في عظمته القلوب ، فلا الابصار تدرك عظمته ، ولا القلوب على احتجابه تنكر معرفته ، تمثل في القلوب بغير مثال تحده الاوهام ، أو تدركه الاحلام ، ثم جعل من نفسه دليلا على تكبره عن الضد والند والشكل والمثل ، فالوحدانية آية الربوبية والموت الآتي على خلقه مخبر عن خلقه وقدرته ، ثم خلقهم من نطفة ولم يكونوا شيئا دليل على إعادتهم خلقا جديدا بعد فنائهم كما خلقهم أول مرة.

والحمد لله رب العالمين الذي لم يضره بالمعصية المتكبرون ، ولم ينفعه بالطاعة المتعبدون ، الحليم عن الجبابرة المدعين ، والممهل الزاعمين له شريكا في ملكوته ، الدائم في سلطانه بغير أمد ، والباقي في ملكه بعد انقضاء الابد ، والفرد

__________________

(١) ببكر من هداياتك خ ل.

(٢) كفاياتك خ ل.

(٣) نهج البلاغه قسم الخطب تحت الرقم ٢٢٥.

(٤) نهج البلاغة قسم الحكم تحت الرقم ٢٧٦.

٢٣١

الواحد الصمد ، والمتكبر عن الصاحبة والولد ، رافع السماء بغير عمد ، ومجري السحاب بغير صفد ، قاهر الخلق بغير عدد ، لكن الله الاحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.

والحمد لله الذي لم يخل من فضله المقيمون على معصيته ، ولم يجازه لاصغر نعمه المجتهدون في طاعته ، الغنى الذي لا يضن برزقه على جاحده ، ولا ينقص عطاياه أرزاق خلقه ، خالق الخلق ومغنيه ، ومعيده ومبديه ومعافيه ، عالم ما أكنته السرائر وأخبته الضمائر واختلفت به الالسن ، وأنسته الازمن.

الحي الذي لا يموت ، والقيوم الذي لا ينام ، والدائم الذي لا يزول ، والعدل الذي لا يجور ، والصافح عن الكبائر بفضله ، والمعذب من عذب بعدله ، لم يخف الفوت فحلم ، وعلم الفقر فرحم ، وقال في محكم كتابه » ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة « أحمده حمدا أستزيده في نعمته ، واستجير به من نقمته ، وأتقرب إليه بالتصديق لنبيه ، المصطفى لوحيه ، المتخير لرسالته المختص بشفاعته ، القائم بحقه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعلى اصحابه وعلى النبيين والمرسلين والملائكة أجمعين وسلم تسليما.

إلهي درست الآمال ، وتغيرت الاحوال ، وكذبت الالسن وأخلفت العداة إلا عدتك ، فانك وعدت مغفرة وفضلا ، اللهم صل على محمد وآل محمد وأعطني من فضلك وأعذني من الشيطان الرجيم ، سبحانك وبحمدك ما أعظمك وأحلمك وأكرمك ، وسع بفضلك حلمك تمرد المستكبرين ، واستغرقت نعمتك شكر الشاكرين ، وعظم حلمك عن إحصاء المحصين ، وجل طولك عن وصف الواصفين كيف لولا فضلك. حلمت عمن خلقته من نطفة ولم يك شيئا ، فربيته بطيب رزقك ، وأنشأته في تواتر نعمتك ، ومكنت له في مهاد أرضك ، ودعوته إلى طاعتك فاستنجد على عصيانك باحسان ، وجحدك وعبد غيرك في سلطانك.

كيف لولا حلمك. أمهلتني وقد شملتني بسترك ، وأكرمتني بمعرفتك ، وأطلقت لساني بشكرك ، وهديتني السبيل إلى طاعتك ، وسهلتني المسلك إلى كرامتك

٢٣٢

واحضرتني سبيل قربتك ، فكان جزاؤك مني أن كافأتك عن الاحسان بالاساءة حريصا على ما أسخطك ، منتقلا فيما استحق به المزيد من نقمتك ، سريعا إلى ما أبعد من رضاك ، مغتبطا بغرة الامل ، معرضا عن زواجر الاجل ، لم ينفعني حلمك عني ، وقد أتاني توعدك بأخذ القوة مني ، حتى دعوتك على عظيم الخطيئة استزيدك في نعمك غير متأهب لما قد اشرفت عليه من نقمتك ، مستبطئا لمزيدك ومتسخطا لميسور رزقك ، مقتضيا جوائزك بعمل الفجار ، كالمراصد رحمتك بعلم الابرار مجتهدا ، أتمنى عليك العظائم كالمدل الآمن من قصاص الجرائم ، فانا لله وإنا إليه راجعون مصيبة عظم رزؤها ، وجل عقابها.

بل كيف لولا املي ، ووعدك الصفح عن زللي ، أرجو إقالتك وقد جاهرتك بالكبائر مستخفيا عن اصاغر خلقك ، فلا أنا راقبتك وأنت معى ، ولا راعيت حرمة سترك علي ، بأي وجه القاك؟ وباي لسان أناجيك؟ وقد نقضت العهود الايمان بعد توكيدها ، وجعلتك علي كفيلا ، ثم دعوتك مقتحما في الخطيئة فأجبتني ودعوتني ، وإليك فقري فلم أجب.

فوأسواتاه وقبح صنيعاه ، اية جرأة تجرأت. واي تغرير غررت نفسي سبحانك فبك أتقرب إليك ، وبحقك اقسم عليك ، ومنك أهرب إليك ، بنفسي استخففت عند معصيتي لا بنفسك ، وبجهلي اغتررت لا بحلمك ، وحقي أضعت لا عظيم حقك ، ونفسي ظلمت ولرحمتك الآن رجوت ، وبك آمنت ، وعليك توكلت وإليك أنبت وتضرعت ، فارحم إليك فقري وفاقتي ، وكبوتي لحر وجهي وحيرتي في سوأة ذنوبي ، إنك أرحم الراحمين.

يا أسمع مدعو ، وخير مرجو ، وأحلم مقض ، واقرب مستغاث ، أدعوك مستغيثا بك استغاثة المتحير المستيئس من إغاثة خلقك ، فعد بلطفك على ضعفي ، واغفر بسعة رحمتك كبائر ذنوبي ، وهب لي عاجل صنعك إنك أوسع الواهبين ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.

يا الله يا احد يا الله يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، اللهم أعينني

٢٣٣

المطالب وضاقت علي المذابه ، واقصاني الاباعد ، وملني الاقارب ، وأنت الرجاء إذا انقطع الرجاء ، والمستعان إذا عظم البلاء ، واللجاء في الشدة والرخاء ، فنفس كربة نفس إذا ذكرها القنوط مساويها أيئست من رحمتك لا تؤيسني من رحمتك يا أرحم الراحمين (١).

٩ ـ مهج : دعاء لمولانا أمير المؤمنين روي أنه دعا به يوم الجمل قبل الواقعة :

اللهم إني أحمدك وأنت للحمد أهل على حسن صنعك إلي ، وتعطفك علي وعلى ما وصلتني (٢) به من نورك ، وتداركتني به من رحمتك ، واسبغت علي من نعمتك ، فقد اصطنعت عندي يا مولاي ما يحق لك به جهدي ، وشكرى لحسن عفوك وبلائك القديم عندى ، وتظاهر نعمائك علي ، وتتابع أياديك لدي لم أبلغ إحراز حظي ، ولا إصلاح نفسي ، ولكنك يا مولاي بدأتني أولا باحسانك ، فهديتني لدينك ، وعرفتني نفسك ، وثبتني في أموري كلها بالكفاية والصنع لي ، فصرفت عني جهد البلاء ، ومنعت مني محذور القضاء فلست أذكر منك إلا جميلا ولم أرمنك إلا تفضيلا.

يا إلهي كم من بلاء وجهد صرفته عني ، واريتنيه في غيري ، وكم من نعمة اقررت بها عيني ، وكم من صنيعة شريفة لك عندي ، إلهي أنت الذي تجيب عند الاضطرار دعوتي ، وأنت الذي تنفس عند الغموم كربتي وأنت الذي تأخذ لي من الاعداء بظلامتي ، فما وجدتك ولا أجدك بعيدا مني حين أريدك ، ولا متقبضا عني حين اسئلك ، ولا معرضا عني حين أدعوك ، فأنت إلهي أجد صنيعك عندي محمودا وحسن بلائك عندي موجودا ، وجميع فعلك (٣) عندي جميلا ، يحمدك لساني وعقلي وجوارحي وجميع ما أقلت الارض مني.

__________________

(١) مهج الدعوات ص ١٤٢١٣٩.

(٢) فضلتنى خ ل.

(٣) افعالك خ ل.

٢٣٤

يا مولاي اسئلك بنورك (١) الذي اشتققته من عظمتك ، وعظمتك التي اشتققتها من مشيتك ، واسئلك باسمك الذي علا أن تمن علي بواجب شكري نعمتك ، رب ما أحرصني على ما زهدتنى فيه وحثثتنى عليه ، إن لم تعنى على دنياي بزهد ، وعلى آخرتى بتقوى هلكت ربى ، دعتنى دواعى الدنيا من حرث النساء والبنين ، فأجبتها سريعا ، وركنت إليها طائعا ، ودعتنى دواعى الآخرة من الزهد والاجتهاد فكبوت لها ولم اسارع إيها مسارعتي إلى الحطام الهامد ، والهشيم البائد ، والسراب الذاهب عن قليل.

رب خوفتنى وشوقتني واحتججت علي فما خفتك حق خوفك وأخاف أن أكون قد تثبطت عن السعى لك ، وتهاونت بشئ من احتجابك (٢).

اللهم فاجعل في هذه الدنيا سعيي لك وفي طاعتك ، واملا قلبى خوفك وحول تثبيطى وتهاونى وتفريطى ، وكل ما أخافه من نفسى فرقا منك وصبرا على طاعتك وعملا به يا ذا الجلال والاكرام ، واجعل جنتى من الخطايا حصينة ، وحسناتى مضاعفة فانك تضاعف لمن تشاء.

اللهم اجعل درجاتي في الجنان رفيعة ، وأعوذ بك ربي من رفيع المطعم والمشرب ، وأعوذ بك من شر ما أعلم ومن شر ما لا أعلم ، وأعوذ بك من الفواحش كلها ما ظهر منها وما بطن ، وأعوذ بك ربي أن اشترى الجهل بالعلم كما اشترى غيري ، أو السفه بالحلم ، أو الجزع بالصبر أو الضلالة بالهدى ، أو الكفر بالايمان ، يا رب من علي بذلك فانك تتولى الصالحين ، ولا تضيع أجر المحسنين ، والحمد لله رب العالمين (٣).

ومن ذلك دعاء لمولانا ومقتدانا أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه‌السلام عند ابتداء القتال يوم صفين من كتاب صفين لعبد العزيز الجلودي من أصحابنا رحمه‌الله تعالى قال : فلما زحفوا باللواء قال علي صلوات الله عليه وآله :

بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، اللهم إياك

__________________

(١) باسمك خ ل.

(٢) احتجاجك خ ل.

(٣) مهج الدعوات ص ١٢١١٢٠.

٢٣٥

نعبد وإياك نستعين ، يا الله يا رحمان يا رحيم ، يا أحد يا صمد يا إله محمد ، إليك نقلت الاقدام ، وافضت القلوب ، وشخصت الابصار ، ومدت الاعناق ، وطلبت الحوائج ، ز ورفعت الايدي ، اللهم افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين.

ثم قال : لا إله إلا الله والله أكبر ثلاثا.

ومن ذلك في رواية من كتاب الجلودي ، قال : كان علي بن ابي طالب عليه‌السلام إذا سار إلى القتال ذكر اسم الله تعالى حتى يركب ثم يقول : سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون ، الحمد لله على نعمه (١) علينا وفضله العظيم عندنا.

ثم يستقبل القبلة ببغلة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويرفع يديه ، ويدعو الدعاء الاول وفيه تقديم وتأخير (٢).

فصل : وجدت في آخر كتاب قالبه نصف ثمن الورق بخط ابن الباقلاني المتكلم النحوي مناما بغير خطه هذا لفظه : حدثني السيد الاجل الاوحد العالم مؤيد الدين شرف القضاة عبدالملك ادام الله علوه أنه كان مريضا فجاء أمير المؤمنين عليه‌السلام وكأنه قد نزل من الهواء ، فأراد أن يسأله الدعاء لكونه مريضا فلم يسأله فقال له : الشفاء ومريده على ذراعه الايمن ثم قال له : قل ثلاث مرات يحفظك الله بها قل :

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل (٣) ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وافوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد (٤) قل : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو

__________________

(١) نعمائه خ ل.

(٢) مهج الدعوات ص ١٢٢.

(٣) آل عمران : ١٧٣.

(٤) غافر : ٤٤.

٢٣٦

العزيز الحكيم (١) إذا قلت : الذين الآية قال الله تعالى : فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء ، وإذا قلت : أفوض أمري إلى الله قال الله تعالى : فوقيه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب ، وإذا قلت : ما يفتح الله الآية وهذا الايمان التام ، هذا تفسير أمير المؤمنين صلوات الله عليه وسلامه.

أقول أنا : وقد سقط تمام تفسير الآية الاخيرة (٢).

ومن ذلك دعاء مولانا ومقتدانا أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه‌السلام يوم الهرير بصفين روينا باسنادنا إلى سعد بن عبدالله في كتاب الدعاء قال : حدثني محمد بن عبدالله المسمعي ، عن عبدالله بن عبدالرحمن الاصم ، وحدثني موسى بن جعفر بن وهب البغدادي ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبدالله بن الرحمن ، عن ابي جعفر محمد بن النعمان الاحوال ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : دعا أمير المؤمنين عليه‌السلام يوم الهرير حين اشتد على أوليائه الامر دعاء الكرب ، من دعا به وهو في أمر قد كربه وغمه نجاه الله منه وهو :

اللهم لا تحبب إلي ما أبضغت ، ولا تبغض إلي ما أحببت ، اللهم إني أعوذ بك أن ارضى سخطك ، أو أسخط رضاك ، أو أرد قضاء ، أوأعدو قولك ، أو أناصح أعداءك ، أو أعدوأمرك فيهم ، اللهم ما كان من عمل أو قول يقربني من رضوانك ، ويباعدني من سخطك ، فصيرني له واحملني عليه يا أرحم الراحمين.

اللهم إني اسئلك لسانا ذاكرا وقلبا شاكرا ، ويقينا صادقا ، وإيمانا خالصا وجسدا متواضعا ، وارزقني منك حبا ، وادخل قلبي منك رعبا ، اللهم فان ترحمني فقد حسن ظني بك ، وإن تعذبني فبظلمي وجوري وجرمي وإسرافي على نفسي ، فلا عذر لي إن اعتذرت ولا مكافاة أحتسب بها ، اللهم إذا حضرت الآجال ونفدت الايام ، وكان لا بد من لقائك ، فأوجب لي من الجنة منزلا يغبطني به الاولون والآخرون ، لا حسرة بعدها ، ولا رفيق بعد رفيقها ، في أكرمها منزلا.

__________________

(١) فاطر ص ٢.

(٢) مهج الدعوات ص ١٢٢.

٢٣٧

اللهم البسني خشوع الايمان بالعز ، قبل خشوع الذل في النار ، أثنى عليك رب أحسن الثناء لان بلاءك عندي أحسن البلاء ، اللهم فأذقني من عونك وتأييدك وتوفيقك ورفدك ، وارزقني شوقا إلى لقائك ، ونصرا في نصرك حتى أجد حلاوة ذلك في قلبى ، وأعزم لى على أرشد أموري ، فقد ترى موقفى وموقف اصحابي ولا يخفى عليك شئ من أمري.

اللهم إني اسئلك النصر الذي نصرت به رسولك ، وفرقت به بين الحق والباطل ، حتى أقمت به دينك ، وأفلجت به حجتك ، يا من هولى في كل مقام (١).

وذكر سعد بن عبدالله أن هذا الدعاء دعا به علي صلوات الله عليه قبل رفع المصاحف الشريفة ، ثم قال ما معناه : إن إبليس صرخ صرخة سمعها بعض العسكر يشير على معاوية واصحابه برفع المصاحف الجليلة للحيلة ، فأجابه الخوارج لمعاوية إلى شبهاته فرفعوها ، فاختلف اصحاب أمير المؤمنين علي عليه‌السلام كما اختلفوا في طاعة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في حياته فدعا عليه‌السلام فقال :

اللهم إني اسئلك العافية من جهد البلاء ، ومن شماتة الاعداء اللهم اغفر لي ذنبي ، وزك عملي ، واغسل خطاياي فاني ضعيف إلا ما قويت ، واقسم لي حلما تسد به باب الجهل ، وعلما تفرج به الجهلات ، ويقينا تذهب به الشك عني وفهما تخرجني به من الفتن المعضلات ، ونورا أمشى به في الناس ، وأهتدي به في الظلمات ، اللهم اصلح لي سمعي وبصري وشعري وبشري وقلبي صلاحا باقيا تصلح بها ما بقي من جسدي ، اسئلك الراحة عند الموت ، والعفو عند الحساب.

اللهم إني اسئلك اي عمل كان أحب إليك واقرب لديك ، أن تستعملني فيه أبدا ، ثم لقني اشرف الاعمال عندك ، وآتني فيه قوة وصدقا وجدا وعزما منك ونشاطا ، ثم اجعلني أعمل ابتغاء وجهك ، ومعاشه فيما آتيت صالحي عبادك ، ثم اجعلني لا اشتري به ثمنا قليلا ، ولا أبتغى به بدلا ، ولا تغيره في سراء ولا ضراء

__________________

(١) مهج الدعوات ص ١٢٣ ١٢٤.

٢٣٨

ولا كسلا ولا نسيانا ، ولا رياء ، ولا سمعة ، حتى تتوفاني عليه ، وارزقني اشرف القتل في سبيلك ، أنصرك وأنصر رسولك ، اشتري الحياة الباقية بالدنيا ، وأغنني بمرضاة من عندك.

اللهم وأسئلك قلبا سليما ثابتا حفيظا منيبا يعرف المعروف فيتبعه ، وينكر المنكر فيجتنبه ، لا فاجرا ولا شقيا ، ولا مرتابا. يا باسط اليدين بالرحمة ، يا من سبقت رحمته غضبه ، اسئلك أن تجعل حياتي زيادة لي في كل خير ، واجعل الوفاة نجاة لي من كل شر ، واختم لي عملي بالشهادة ، يا عدتي في كربتي ، ويا صاحبي في حاجتي ، ووليي في نعمتي ، وأسألك أن ترزقني شكر نعمتك ، وصبرا على بليتك ورضى بقدرك ، وتصديقا بوعدك ، وحفظا لوصيتك ، وورعا وتوكلا عليك ، واعتصاما بحبلك ، وتمسكا بكتابك ، ومعرفة بحقك وقوة في عبادتك ، ونشاطا لذكرك ما استعمرتني في أرضك ، فاذا كان ما لا بد منه الموت فاجعل منيتي قتلا في سبيلك بيد شر خلقك ، واجعل مصيري في الاحياء المرزوقين عندك في دار الحيوان.

اللهم اجعل النور في بصري ، واليقين في قلبي ، وخوفك في نفسي ، وذكرك على لساني ، اللهم اجعل رغبتي في مسئلتي إياك رغبة أوليائك في مسائلهم ، واجعل رهبتي إياك في استجارتى من عذابك رهبة أوليائك ، اللهم واستعملنى في مرضاتك وطاعتك ، عملا لا أترك شيئا من مرضاتك وطاعتك ، مخافة أحد من خلقك دونك اللهم ما آتيتني من خير فآتنى معه شكرا تحدث به لى ذكرا ، وأحسن لى به ذخرا ، وما زويت عنى من عطاء آتيتنى عنه غنى ، فاجعل لى فيه أجرا ، وآتنى عليه صبرا.

اللهم سد فقري في الدنيا ، ولا تلهنى عن عبادتك ، ولا تنسني ذكرك ، ولا تقصر ربغبتي فيما عندك ، اللهم إنى أعوذ بك من الغم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل ، وسوء الخلق ، وضلع الدين (١) وغلبة الرجال ، وغلبة العدو

__________________

(١) يقال : أخذه ضلع الدين : أى ثقله حتى يميل بصاحبه عن الاستواء لثقله وفى المصدر المطبوع : ظلع الدين ، وهو تصحيف.

٢٣٩

وتوالى الايام ، ومن شر ما يعمل الظالمون في الارض ، ومن بلية لا استطيع عليها صبرا ، وأعوذ بك من كل شئ زحزح بينى وبينك ، أو باعد منك ، أو صرف عنى وجهك ، أو نقص به من حظى عندك ، وأعوذ بك أن تحول خطاياي أو ظلمي أو إسرافى على نفسى ، واتباع هواى ، واستعمال شهوتى دون رحمتك (١) وبرك وفضلك وبركاتك وموعودك على نفسك.

اللهم إني أعوذ بك من صاحب سوء في المغيب والمحضر ، فان قلبه يرعانى وعيناه تنظرانى ، وأذناه تسمعانى ، إن رأى حسنة اطفاها (٢) وإن رأى سيئة ابداها ، وأعوذ بك من طمع يدنى (٣) إلى طبع ، وأعوذ بك من ضلالة تردينى ومن فتنة تعرض لى ، ومن خطيئة لا توبة معها ، ومن منظر سوء في الاهل والمال والولد ، وعند غضاضة الموت ، وأعوذ بك من الكفر والشك والبغى والحمية والغضب ، وأعوذ بك من غنى يطغينى ، ومن فقر ينسينى ، ومن هوى يردينى ، ومن عمل يخزينى ، ومن صاحب يغوينى.

اللهم إني أعوذ بك من شر يوم أوله فزع ، وأوسطه وجع ، وآخره جزع تسود فيه الوجوه ، وتجف فيه الاكباد ، وأعوذ بك أن أعمل ذنبا محبطا لا تغفره ابدا ، ومن ذنب يمنع خير الآخرة ، ومن أمل يمنع خير العمل ، وحياة تمنع خير الممات ، وأعوذ بك من الجهل والهزل ، ومن شر القول والفعل ، ومن سقم يشغلنى ومن صحة تلهينى ، وأعوذ بك من التعب والنصب والوصب والضيق والضلالة والقائلة والذلة والمسكنة والرياء والسمعة والندامة والحزن والخشوع والبغى والفتن ومن جميع الآفات والسيئات ، وبلاء الدنيا والآخرة ، وأعوذ بك من الفواحش ماظهر منها وما بطن ، وأعوذ بك من وسوسة الانفس مما لا تحب من القول والفعل والعمل.

__________________

(١) توبتك خ ل.

(٢) أخفاها خ ل.

(٣) يؤدى خ ل ، والطبع محركة : الدنس.

٢٤٠