بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٨
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

إني عجلان على ظهر سفر ، فقال له ) الانصاري إني قد أذنت له يارسول الله ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن شئت سألتني ، وإن شئت أنبأتك ، فقال نبئني يارسول الله ، فقال : جئت تسألني عن الصلاة ، وعن الوضوء ، وعن الركوع ، وعن السجود ، فقال : أجل ، والذي بعثك بالحق ماجئت أسألك إلا عنه ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أسبغ الوضوء واملا يديك من ركبتيك ، وعفر جبينك في التراب ، وصل صلاة مودع.

ثم قال : خرجه ابن أبي عمير ، عن معاوية ورفاعة ولم يذكر وضوءا (١).

ومنه : بالاسناد المتقدم ، عن فضالة ، عن حماد بن عثمان ، عن محمد بن موسى الهذلي ، عن علي بن الحسين عليهما‌السلام قال : أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الثقفي يسأل عن الصلاة فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا مت في صلاتك فأقبل على الله بوجهك يقبل عليك فاذا ركعت فانشر أصابعك على ركبتيك ، وارفع صلبك ، فاذا سجدت فمكن جبهتك من الارض ، ولاتنقر كنقر الديك (٢).

بيان : « وارفع صلبك » أي لاتخفضه كثيرا ليخرج عن التساوي.

٥ تفسير النعماني : باسناده المذكور في كتاب القرآن عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : حدود الصلاة أربعة : معرفة الوقت ، والتوجه إلى القبلة ، والركوع ، والسجود ، وهذه عوام في جميع العالم ، وما تصل بها من جميع أفعال الصلاة ، والاذان والاقامة وغير ذلك ، ولما علم الله سبحانه أن العباد لايستطيعون أن يؤدوا هذه الحدود كلها على حقائقها ، جعل فيها فرائض وهي الاربعة المذكورة ، فجعل فيها من غير هذه الاربعة المذكورة من القراءة والدعاء والتسبيح والتكبير والاذان والاقامة وما شاكل ذلك سنة واجبة من أحبها يعمل بها ، فهذا ذكر حدود الصلاة (٣).

بيان : لعل المراد بالفرائض الاركان والشروط ، وظاهره استحباب غيرها ، وينبغي حملها على أنه لاتبطل الصلاة بنسيانها أو أن من لايعلمها تسقط عنه ، ويؤيده أن في بعض النسخ « من أحسنها يعمل بها » أو المراد أنه ليس فيها من الاهتمام

____________________

(١ و ٢) أربعين الشهيد : ١٩٢.

(٣) تفسير النعمانى المطبوع في البحار ج ٩٣ ص ٦٣.

٢٢١

بأدائها والعمل بمستحباتها مثل مافي الاربعة ، وبالجملة لايعارض بمثله سائر الاخبار الصحيحة المشهورة ، فلابد من تأويل فيه.

٦ ـ وجدت بخط الشيخ محمد بن علي الجبعي رحمه الله نقلا من جامع البزنطي باسناده ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إذا قمت في صلاتك فاخشع فيها ، ولا تحدث نفسك إن قدرت على ذلك ، واخضع برقبتك ، ولا تلتفت فيها ، ولايجز طرفك موضع سجودك ، وصف قدميك ، وأثبتهما ، وأرخ يديك ، ولاتكفر ولا تورك.

قال البزنطي رحمه الله : فانه بلغني عن أبي عبدالله عليه‌السلام أن قوما عذابوا لانهم كانوا يتوركون تضجرا بالصلاة.

ايضاح : قال الصدوق رضي الله عنه في الفقيه (١) ولاتتورك فان الله عزوجل قد عذب قوما على التورك كان أحدهم يضع يديه على وركيه من ملالة الصلاة انتهى ، وقال الجزري في النهاية : فيه كره أن يسجد الرجل متوركا هو أن يرفع وركيه إذا سجد وحتى يفحش في ذلك ، وقيل : هو أن يلصقإليتيه بعقبيه في السجود ، وقال الازهري : التورك في الصلاة ضربان سنة ومكروه ، أما السنة فأن ينحي رجليه في التشهد الاخير ويلصق مقعدته بالارض ، وهو من وضع الورك عليها والورك مافوق الفخذ ، وهي مؤنثة ، وأما المكروه فأن يضع يديه على وركيه في الصلاة وهو قائم ، وقد نهي عنه انتهى.

وقال العلامة في المنتهي : يكره التورك في الصلاة ، وهو أن يعتمد بيديه على وركيه وهو التخصر رواه الجمهور ، عن أبي هريرة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن التخصر في الصلاة ، ومن طريق الخاصة رواية أبي بصير (٢) عن أبي عبدالله عليه‌السلام ولاتتورك فان قوما عذبوا بنقض الاصابع والتورك في الصلاة.

والشهيد رحمه الله في النفلية فسر التورك بالاعتماد على إحدى الرجلين تارة وعلى الاخرى اخرى ، والتخصر بقبض خصره بيده وحكم بكراهتهما معا.

____________________

(١) الفقيه ج ١ ص ١٩٨.

(٢) التهذيب ج ١ ص ٢٢٨ في حديث.

٢٢٢

٧ ـ ووجدت بخط بعض الافاضل نقلا من جامع البزنطي ، عن الحلبي قال : قال الصادق عليه‌السلام : إن قوما عذبوا بأنهم كانوا يتوركون في الصلاة يضع أحدهم كفيه على وركيه من ملالة الصلاة ، فقلنا : الرجل يعيى في المشي فيضع يده على وركيه قال : لابأس.

٨ ـ تفسير الامام : قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : افتتاح الصلاة الطهور ، وتحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم ، ولا يقبل الله تعالى صلاة بغير طهور (١).

٩ ـ فلاح السائل : باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن حماد وفضالة ، عن معاوية بن عمار قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : رجلان افتتحا الصلاة في ساعة واحدة فتلا هذا من القرآن فكان تلاوته أكثر من دعائه ، ودعا هذا فكان دعاؤه أكثر من تلاوته ثم انصرفا في ساعة واحدة أيهما أفضل؟ فقال : كل فيه فضل ، كل حسن ، قال : قلت : قد علمت أن كلام حسن وأن كلا فيه فضل ، فقال : الدعاء أفضل ، أما سمعت قولك الله تبارك وتعالى « وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين » هي والله العبادة هي والله العبادة أليست هي العبادة ، هي والله العبادة ، هي والله العبادة أليست أشد هي ، هي والله أشدهن ، هي والله أشدهن هي والله أشدهن (٢).

ومنه : باسناده عن الحسن بن محبوب يرفعه إلى أبي جعفر عليه‌السلام أنه سئل أيهما أفضل في الصلاة كثر القراءة أو طول اللبث في الركوع والسجود؟ فقال : كثرة اللبث في الركوع والسجود أما تسمع لقول الله تعالى « فاقرؤا ماتيسر منه وأقيموا الصلاة » (٣) إنما عنى باقامة الصلاة طول اللبث في الركوع والسجود ، قال : قلت : فأيهما أفضل كثرة القراءة أو كثرة الدعاء؟ قال : كثرة الدعاء ، أما تسمع لقوله تعالى

____________________

(١) تفسير الامام ص ٢٣٩.

(٢) فلاح السائل : ٣٠.

(٣) المزمل : ٢٠.

٢٢٣

« قل مايعبؤبكم ربي لولا دعائكم » (١).

بيان : الخبران يدلان على أن كثرة الذكر والدعاء في الصلاة من تطويل القراءة.

١٠ ـ المعتبر : عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : اجمع طرفك ولا ترفعه إلى السماء (٢).

١١ ـ الهداية : إذا دخلت في الصلاة فاعلم أنك بين يدي من يراك ولاتراه فاذا كبرت فاشخص ببصرك إلى موضع سجودك ، وأرسل منكبيك ويديك على فخذيك قبالة ركبتيك ، فانه أحرى أن تهتم بصلاتك ، وإياك أن تعبث بلحيتك أو برأسك أو بيديك ، ولاتفرقع أصابعك ، ولاتقدم رجلا على رجل ، واجعل بين قديمك قدر أصبع إلى شبر لا أكثر من ذلك ، ولاتنفخ في موضع سجودك ، فاذا أردت النفخ فليكن قبل دخولك في الصلاة ، ولاتمط ولاتثاوب ، فان ذلك كله نقصان في الصلاة ، ولا تلتفت عن يمينك ولا عن يسارك ، فان التفت حتى ترى من خلفك فقد وجب عليك إعادة الصلاة.

واشغل قلبك بصلاتك ، فانه لاتقبل من صلاتك إلا ما أقبلت عليها منها بقلبك فاذا فرغت من القراءة فارفع يدك وكبر واركع وضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى قبل اليسرى ، وضع راحتيك على ركبتيك ، ولقم أصابعك على الركبة وفرجها وتمد عنقك ويكون نظرك في الركوع مابين قدميك إلى موضع سجودك.

وسبح في الركوع ثلاث تسبيحات ، فاذا رفعت رأسك من الركوع فانتصب قائما وارفع يديك وقل : « سمع الله لمن حمده » ثم كبر واهو إلى السجود ، وضع يديك جميعا معا ، وإن كان بينهما وبين الارض ثوب فلا بأس ، وإن أفضيت بهما إلى الارض فهو أفضل ، وتنظر في السجود إلى طرف أنفك وترغم بأنفك فان الارغام سنة ، ومن لم يرغم بأنفه في سجوده فلا صلاة له ، ويجزيك في وضع الجبهة من قصاص الشعر إلى

____________________

(١) فلاح السائل : ٣٠ ، والاية في سورة الفرقان : ٧٧.

(٢) المعتبر : ١٩٣.

٢٢٤

الحاجبين مقدار درهم ، ويكون سجودك كما يتخوى البعير الضامر عند بروكه تكون شبه المعلق لايكون شئ من جسدك على شئ منه (١).

١٢ ـ كتاب زيد النرسى : عن أبي الحسن الاول عليه‌السلام أنه رآه يصلي فكان إذا كبر في الصلاة ألزق أصابع يديه الابهام والسباحة والوسطي والتي تليها وفرج بينهما وبين الخنصر ، ثم رفع يديه بالتكبير قبالة وجهه ثم يرسل يديه ويلزق بالفخذين ، ولايفرج بين أصابع يديه ، فاذا ركع كبر ورفع يديه بالتكبير قبالة وجهه ثم يلقم ركبتيه كفيه ، ويفرج بين الاصابع ، فاذا اعتدل لم يرفع يديه ، وضم الاصابع بعضها إلى بعض كما كانت ، ويلزق يديه مع الفخذين ، ثم يكبر ويرفعهما قبالة وجهه كما هي ملتزق الاصابع ، فيسجد ويبادر بهما إلى الارض من قبل ركبتيه ، ويضعهما مع الوجه بحذائه فيبسطهما على الارض بسطا ، ويفرج بين الاصابع كلها ، ويجنح بيديه ولايجنح بالركوع فرأيته كذلك يفعل ، ويرفع يديه عند كل تكبيرة فيلزق الاصابع ولايفرج بين الاصابع إلا في الركوع ، والسجود وإذا بسطهما على الارض.

بيان : التفريج بين الخنصر والتي تليها وعدم التجنيح في الركوع وتفريج الاصابع في السجود مخالف لسائر الاخبار ، ولعلها محمولة على عذر أو اشتباه الراوي ويمكن حمل الوسط على عدم التجنيح الكثير كما في السجود.

____________________

(١) الهداية : ٣٨ و ٣٩. ط الاسلامية.

٢٢٥

١٦

* ( باب ) *

* « ( آداب الصلاة ) » *

الايات : النساء : إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم ، وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤن الناس ولايذكرون الله إلا قليلا (١).

الاعراف : يابني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد (٢).

التوبة : ومامنعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولاينفقون إلا وهم كارهون (٣).

المؤمنون : قد أفلح المؤمنون * الذين في صلوتهم خاشعون (٤).

تفسير : « يخادعون الله » خداعهم إظهارهم الايمان الذين حقنوا به دماءهم وأموالهم ، أو يخادعون نبي الله كما سمي مبايعة النبي مبايعته تعالى للاختصاص ، ولان ذلك بأمره « وهو خادعهم » أي مجازيهم على خداعهم أو حكمه بحقن دمائهم مع علمه بباطنهم وأخذهم بالعقوبات بغتة في الدنيا والآخرة ، شبيه بالخداع فاستعير لهذا اسمه وقيل : هو أن يعظيهم الله نورا يوم القيمة يمشون به مع المسلمين ثم يسلبهم ذلك النور ، ويضرب بينهم بسور « قاموا كسالى » أي متثاقلين كأنهم مجبورون « يراؤن الناس » يعني أنهم لايعملون شيئا من العبادات على وجه القربة ، وإنما يفعلون ذلك إبقاء على أنفسهم ، وحذرا من القتل وسلب الاموال : إذا رآهم المسلمون صلوا ليروهم أنهم يدينون بدينهم ، وإن لم يرهم أحد لم يصلوا.

____________________

(١) النساء : ١٤٢.

(٢) الاعراف : ٣١.

(٣) براءة : ٥٤.

(٤) المؤمنون : ٢ و ٣.

٢٢٦

وروى العياشي (١) عن مسعدة بن زياد ، عن أبي عبدالله ، عن آبائه عليهما‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سئل فيما النجاة غذا؟ قال : النجاة ألا تخادعوا الله فيخدعكم فان من يخادع الله يخدعه ، ونفسه يخدع لو شعر ، فقيل له : وكيف يخادع الله؟ قال : يعمل بما أمره الله ثم يريد به غيره ، فاتقوا الرياء فانه شرك بالله ، إن المرائي يدعى يوم القيامة بأربعة أسماء : يا كافر! يافاجر! ياغادر! يا خاسر! حبط عملك ، وبطل أجرك ، ولا خلاق لك اليوم ، فالتمس أجرك ممن كنت تعمل له.

« ولايذكرون الله إلا قليلا » أي ذكرا قليلا ، وقال الطبرسي رحمه الله (٢) : معناه لايذكرون الله عن نية خالصة ، ولو ذكروه مخلصين لكان كثيرا ، وإنما وصف بالقلة لانه لغير الله ، وقيل : لايذكرون الله إلا ذكرا يسيرا نحو التكبير ، والاذكار التي يجهر بها ، ويتركون التسبيح وما يخافت به من القراءة وغيرها ، وقيل : إنما وصف بالقلة لانه سبحانه لم يقبله ومارد الله فهو قليل.

« خذوا زينتكم » قد مر في أبواب اللباس (٣).

« ومامنعهم أن تقبل منهم نفقاتهم » أي وما منعهم قبول نفقاتهم إلا كفرهم ، وفي الكافي (٤) عن الصادق عليه‌السلام لايضر مع الايمان عمل ، ولاينفع مع الكفر عمل ألا ترى أنه قال : « ومامنعهم أن تقبل منهم » الآية.

« إلا وهم كسالى » متثاقلين « ولاينفقون إلا وهم كارهون » لانهم لايرجون بهما ثوابا ولايخافون على تركهما عقابا.

« قد أفلح المؤمنون » « قد » حرف تأكيد يثبت المتوقع ويفيد الثبات في الماضي ، والفلاح الظفر بالمراد ، وقيل البقاء في الخير ، وأفلح دخل في الفلاح « الذينهم

____________________

(١) تفسير العياشي ج ١ ص ٢٨٣.

(٢) مجمع البيان ج ٣ ص ١٢٩.

(٣) راجع ج ٨٣ ص ١٦٤.

(٤) الكافي ج ٢ ص ٤٦٤.

٢٢٧

في صلاتهم خاشعون » قال الطبرسي رحمه الله (١) أي خاضعون متواضعون متذللون لايرفعون أبصارهم عن مواضع سجودهم ، ولا يلتفون يمينا ولا شمالا ، وروي أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رأى رجلا يعبث بلحيته في صلاته ، فقال : أما إنه لو خشع قلبه لخشعت جوارحه ، وفي هذا دلالة على أن الخشوع في الصلاة يكون بالقلب وبالجوارح ، فأما بالقلب فانه يفرغ قلبه بجمع الهمة لها والاعراض عما سواها ، فلا يكون فيه غير العبادة والمعبود ، وأما بالجوارح فهو غض البصر والاقبال عليها وترك الالتفات والعبث قال ابن عباس خشع فلا يعرف من على يمينه ولا من على يساره ، وروي أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يرفع بصره إلى السماء في صلاته ، فلما نزلت هذه الآية طأطأ رأسه ورمى ببصره إلى الارض انتهى.

أقول : وقد عرفت أن غض البصر ليس من الخشوع المطلوب في الصلاة إلا ماورد في رواية حماد في الركوع (٢) وقد مر مع ما يعارضه خصوصا ، وسيأتي بعض الاخبار فيه مع معارضاتها ، وقد روي عن أبي عبدالله عليه‌السلام أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى أن يغمض الرجل عينيه في الصلاة ، وفي رواية زرارة « اخشع ببصرك ولا ترفعه إلى السماء ».

وأما خشوع الجوارح فهو حفظها عما لايناسب الصلاة أو ينافي التوجه إليها بالقلب ، وقيل : هو فعل جميع المندوبات وترك جميع المكروهات المتعلقة بالجوارح المبينة في الفروع ، وفسر بعض أهل اللغة وبعض المفسرين الخشوع في الاعضاء بالسكون (٣) ويؤيده ماروي في هذا الباب ، عن سيد العابدين أنه عليه‌السلام إذا قام في

____________________

(١) مجمع البيان ج ٧ ص ٩٩.

(٢) ماورد في رواية حماد هو الغمض ، ولا يكون الا باطباق الجفنين واما الغض فهو الاغضاء وكف الطرف وكسره فهو دون ذلك شبه الغمض ، وقد اشتبه عليه ذلك رضوان الله عليه ، كما أشرنا اليه قبل ذلك في ص ٢١٢ وقد عرفت في ص ١٨٨ أن الخشوع يتعلق بالقلب والصوت والبصر بدلالة القرآن المجيد وكلها مراد في هذه الاية لاطلاقها.

(٣) وذلك لان أصل الخشوع هو التخفض والتطأمن ، اذا كان عن ذل ، فخشوع

٢٢٨

الصلاة كل كأنه ساق شجرة لايترحك منه إلا ماحركت الريح منه (١) وفي الرواية النبوية المتقدمة أيضا إيماء إليه.

ثم الظاهر شمول الصلاة للفرايض والنوافل جميعا ، ولذا قيل إنما اضيف إليهم لان المصلي هو المنتفع بها وحده ، وهي عدته وذخيرته ، فهي صلاته ، وأما المصلى له فغني متعال عن الحاجة إليها والانتفاع بها ، وإن خصت بالفرائض كما يشعر به بعض الروايات أمكن اعتبار مزيد الاختصاص وزيادة الانتفاع وعلى كل حال إنما لم يطلق ويهمل إيماء إلى ذلك للتحريص والترغيب وفي ترتب الفلاح على الخشوع في الصلاة لا على الصلاة وحدها ولا عليهما جميعا من التنبيه على فضل الخشوع مالايخفى.

١ ـ تفسير علي بن إبراهيم : عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في حديث قال : قلت له : بما استوجب إبليس من الله أن أعطاه ما أعطاه؟ فقال : بشئ كان منه شكره الله عليه ، قلت : وما كان منه جعلت فداك؟ قال : ركعتان ركعهما في السماء أربعة آلاف سنة (٢).

٢ ـ بشارة المصطفى : باسناده عن سعيد بن زيد ، عن كميل بن زياد ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام فيما أوصاه به قال : يا كميل! لاتغتر بأقوام يصلون فيطيلون ، ويصومون فيداومون ، ويتصدقون فيحسنون ، فانهم موقوفون (٣).

____________________

الصوت بأن لايعتلى فلا يسمع الا همسا ، وخشوع البصر بأن يتخفض ويكف فلا ينظر الا إلى الارض وخشوع الجوارح كالمنكبين واليدين والاصابع بأن يسترسل مادا إلى الارض وخشوع القلب بأن لايطغى إلى ههنا وههنا من أمور المعاش والحياة ، بل يكون ساكنا بذكر الله عزوجل وحمده وثنائه ولا يكون ذلك الا بالتوجه إلى قراءته وتسبيحه وتحميده ، لا يكون ذلك لقلقة لسان كالاوراد العرفانية التى تلوكها الدراويش.

(١) الكافى ج ٣ ص ٣٠٠.

(٢) تفسير القمي ص ٣٥.

(٣) في المصدر : فيحسبون أنهم موفقون ، والظاهر أنه تصحيف.

٢٢٩

ياكميل اقسم بالله لسمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إن الشيطان إذا حمل قوما على الفواحش مثل الزنا وشرب الخمر والربا وما أشبه ذلك من الخناء والمآثم حبب إليهم العبادة الشديدة والخشوع والركوع والخضوع والسجود ، ثم حملهم على ولاية الائمة الذين يدعون إلى النار ويوم القيمة لاينصرون (١).

يا كميل ليس الشأن أن تصلي وتصوم وتتصدق ، الشأن أن تكون الصلاة فعلت بقلب تقي ، وعمل عند الله مرضي ، وخشوع سوي.

ياكميل انظر فيم تصلي؟ وعلى ماتصلي؟ إن لم تكن من وجهه وحله فلا قبول (٢).

٣ ـ مصباح الشريعة : قال الصادق عليه‌السلام : إذا استقبلت القبلة فانس الدنيا ومافيها ، والخلق وماهم فيه ، واستفرغ قلبك عن كل شاغل يشغلك عن الله ، وعاين بسرك عظمة الله ، واذكر وقوفك بين يديه يوم تبلو كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق ، وقف على قدم الخوف والرجاء.

فاذا كبرت فاستصغر مابين السموات العلى والثرى دون كبريائه فان الله تعالى إذا اطلع على قلب العبد وهو يكبر وفي قلبه عارض عن حقيقة تكبيره ، قال : يا كاذب أتخدعني ، وعزتي وجلالي لاحرمنك حلاوة ذكري ، ولاحجبنك عن قربي والمسارة بمناجاتي.

واعلم أنه غير محتاج إلى خدمتك وهو غني عن عبادتك ودعاتك ، وإنما ذلك يفضله ليرحمك ، ويبعدك من عقوبته ، وينشر عليك من بركات حنانيته ويهديك إلى سبيل رضاه ، ويفتح عليك باب مغفرته ، فلو خلق الله عزوجل على ضعف ماخلق من العوالم أضعافا مضاعفة على سرمد الابد ، لكان عنده سواء كفروا بأجمعهم به أو وحدوه ، فليس له من عبادة الخلق إلا إظهار الكرم والقدرة ، فاجعل الحيآء رداء ، والعجز إزارا ، وادخل تحت سر سلطان الله ، تغتم فوائد ربوبيته ،

____________________

(١) بشارة المصطفى : ٣٣.

(٢) المصدر نفسه ص ٣٤.

٢٣٠

مستعينا به ومستغيثا إليه (١).

٤ ـ العياشي : عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لاتقم إلى الصلاة متكاسلا ولامتناعسا ، ولا متثاقلا ، فانها من خلل النفاق ، فان الله نهى المؤمنين أن يقوموا إلى الصلاة وهم سكارى يعني من النوم (٢).

ومنه : عن الحلبي قال : سألته عن قول الله : « يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلوة وأنتم سكارى حتى تعلموا ماتقولون » قال : لاتقربوا الصلاة وأنتم سكارى يعني سكر النوم يقول : وبكم نعاس يمنعكم أن تعلموا ماتقولوا في ركوعكم وسجودكم وتكبيركم ، وليس كما يصف كثير من الناس ، يزعمون أن المؤمنين يسكرون من الشراب ، والمؤمن لايشرب مسكرا ولا يسكر (٣).

ومنه : عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لاتقم إلى الصلاة متكاسلا ولامتناعسا ولا متثاقلا فانها من خلل النفاق ، قال للمنافقين : « وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤن الناس ولايذكرون الله إلا قليلا » (٤).

ومنه : عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : الصلاة الوسطى الظهر وقوموا لله قانتين : إقبال الرجل على صلاته ، ومحافظته على وقتها حتى لايلهيه عنها ولايشغله شئ (٥).

٥ ـ تفسير الامام العسكري عليه‌السلام : قوله عزوجل « ويقيمون الصلاة » قال الامام عليه السلام : ثم وصفهم بعد فقال : « ويقيمون الصلاة » يعني باتمام ركوعها وسجودها وحفظ مواقيتها وحدودها ، وصيانتها عما يفسدها أو ينقصها.

ثم قال الامام عليه‌السلام : حدثني أبي عن أبيه عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان من خيار أصحابه عنده أبوذر الغفاري ، فجاءه ذات يوم فقال : يارسول الله إن لي غنيمات

____________________

(١) مصباح الشريعة الباب ١٣ ص ١٠ و ١١.

(٢ و ٣) تفسير العياشي ج ١ ص ٢٤٢ في سورة النساء الاية ٤٣.

(٤) تفسير العياشى ج ١ ص ٢٨٢ في سورة النساء الاية ١٤٢.

(٥) تفسير العياشى ج ١ ص ١٢٥.

٢٣١

قدر ستين شاة فأكره أن أبدو فيها وافارق حضرتك وخدمتك ، وأكره أن أكلها إلى راع فيظلمها ويسئ رعايتها ، فكيف أصنع؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ابد فيها فبدا فيها.

فلما كان في اليوم السابع جاء إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أبا ذر! قال : لبيك يارسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مافعلت غنيماتك؟ قال : يارسول الله! إن لها قصة عجيبة قال : وماهي؟ قال : يارسول الله! بينا أنا في صلاتي إذ عدا الذئب على غنمي ، فقلت : يارب صلاتي ( و ) يارب غنمي ، فآثرت صلاتي على غنمي ، وأحضر الشيطان ببالي يا أبا ذر أين أنت إذ عدت الذئاب على غنمك وأنت تصلي فأهلكتها ومايبقى لك في الدنيا ماتعيش به؟

فقلت للشيطان : يبقى لي توحيد الله تعالى والايمان برسول الله وموالاة أخيه سيد الخلق بعده علي بن أبي طالب وموالاة الائمة الهادين الطاهرين من ولده ، ومعاداة أعدائهم ، فكلما فات من الدنيا بعد ذلك جلل.

فأقبلت على صلاتي فجاء ذئب فأخذ حملا فذهب به وأنا احس به : إذ أقبل على الذئب أسد فقطعه نصفين ، واستنقذ الحمل ورده إلى القطيع ثم ناداني : يا أبا ذر أقبل على صلاتك ، فان الله قد وكلني بغنمك إلى أن تصلي فأقبلت على صلاتي وقد غشيني من التعجب مالايعلمه إلا الله تعالى حتى فرغت منها ، فجاءني الاسد وقال لي : امض إلى محمد فأخبره أن الله تعالى قد أكرم صاحبك الحافظ لشريعتك ، ووكل أسدا بغنمه يحفظها.

فعجب من حول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال رسول الله : صدقت يا أبا ذر ولقد آمنت به أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، فقال بعض المنافقين : هذا لمواطأة بين محمد وأبي ذر يريد أن يخدعنا بغروره ، واتفق منهم رجال عشرون رجلا وقالوا نذهب إلى غنمه وننظر إليها إذا صلي هل يأتي الاسد فيحفظ غنمه؟ فيتبين بذلك كذبه فذهبوا ونظروا وأبوذر قائم يصلي ، والاسد يطوف حول غنمه ويرعاها ، ويرد إلى القطيع ماشذ عنه منها ، حتى إذا فرغ من صلاته ناداه الاسد : هاك قطيعك مسلما وافر

٢٣٢

العدد سالما.

ثم ناداهم الاسد : معاشر المنافقين أنكرتم لمولى محمد وعلي وآلهما الطيبين والمتوسل إلى الله بهم أن يسخرني الله ربي لحفظ غنمه والذي أكرم محمدا وآله الطيبين الطاهرين ، لقد جعلني الله طوع يد أبي ذر حتى لو أمرني بافتراسكم وهلاككم لاهلكتكم ، والذي لايحلف بأعظم منه ، لو سأل الله بمحمد وآله الطيبين أن يحول البحار دهن زنبق ولبان ، والجبال مسكا وعنبرا وكافورا ، وقضبان الاشجار قضيب الزمرد والزبرجد ، لما منعه الله ذلك.

فلما جاء أبوذر رحمه الله رسول الله ، قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أبا ذر إنك أحسنت طاعة الله فسخر لك من يطيعك في كف العوادي عنك ، فأنت من أفاضل من مدحه الله عزوجل بأنه يقيم الصلاة (١).

بيان : قال في النهاية : فيه : كان إذا اهتم بشئ بدا أي خرج إلى البدو ، ومنه الحديث « من بدا جفا » أي من نزل البادية صار فيه جفاء الاعراب ، وقال : « جلل » أي هين يسير انتهى ، هاك أي خذ.

٦ ـ مجالس الصدوق : عن الحسين بن إبراهيم بن ناتانة ، عن علي بن إبراهيم عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عبد العزيز ، عن ابن أبي يعفور قال : قال أبوعبدالله الصادق عليه السلام إذا صليت صلاة فريضة فصلها لوقتها صلاة مودع يخاف أن لايعود إليها أبدا ، ثم اصرف ببصرك إلى موضع سجودك ، فلو تعلم من عن يمينك وشمالك لاحسنت صلاتك ، واعلم أنك بين يدي من يراك ولا تراه (٢).

ومنه : عن الحسين بن أحمد بن إدريس ، عن أبيه ، عن إبراهيم بن هشام ، عن ابن محبوب مثله (٣).

____________________

(١) تفسير الامام ص ٣٤ و ٣٥.

(٢) أمالي الصدوق : ٢٩٩.

(٣) أمالي الصدوق : ١٥٥ ، ومثله في ثواب الاعمال : ٣٣.

٢٣٣

فلاح السائل : باسناده إلى كتاب المشيخة لابن محبوب مثله (١).

مشكوة الانوار : نقلا عن المحاسن مثله (٢).

٧ ـ الخصال ومجالس الصدوق : بأسانيد جمة ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال إن الله كره لكم العبث في الصلاة (٣).

٨ ـ مجالس الصدوق : عن علي بن أحمد بن عبدالله بن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن أبيه ، عن جده أحمد ، عن الحسن بن فضال ، عن ابن بكير ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : دخل رجل مسجدا فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فخفف سجوده دون ماينبغي ، ودون مايكون من السجود ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : نقر كنقر الغراب ، لو مات على هذا مات على غير دين محمد (٤).

٩ ـ ثواب الاعمال : عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي بن فضال مثله (٥).

المحاسن : عن ابن فضال مثله (٦).

بيان : قال في النهاية : نقرة الغراب تخفيف السجود ، وأنه لايمكث فيه إلا قدر وضع الغراب منقاره فيما يريد أكله.

١٠ ـ ثواب الاعمال ومجالس الصدوق : عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن عمه محمد بن علي الكوفي ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن أحمد بن الحسن الميثمي عن أبي بصير قال : دخلت على ام حميدة اعزيها بأبي عبدالله الصادق عليه‌السلام فبكث وبكيت لبكائها ، ثم قالت : يا أبا محمد لو رأيت أبا عبدالله عليه‌السلام عند الموت لرأيت عجبا فتح عينيه ثم قال أجمعوا إلى كل من بيني وبينه قرابة ، قالت : فلم نترك أحدا

____________________

(١) فلاح السائل : ١٥٧.

(٢) مشكاة الانوار : ٧٣.

(٣) الخصال ج ٢ ص ١٠٢ ، أمالي الصدوق : ١٨١.

(٤) أمالي الصدوق : ٢٩٠.

(٥) ثواب الاعمال : ٢٠٦.

(٦) المحاسن ص ٧٩.

٢٣٤

إلا جمعناه ، قالت : فنظر إليهم ثم قال : إن شفاعتنا لاتنال مستخفا بالصلاة (١).

١١ ـ مجالس الصدوق : عن جعفر بن محمد بن مسرور ، عن الحسين بن محمد ابن عامر ، عن عمه عبدالله ، عن ابن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن الثمالي عن علي بن الحسين عليه‌السلام قال : المنافق ينهى ولاينتهي ، ويأمر بما لايأتي ، إذا قام في الصلاة اعترض ، وإذا ركع ربض ، وإذا سجد نقر ، وإذا جلس شغر الخبر (٢).

بيان : « اعترض » أقول : رواه الكليني بسند آخر (٣) وزاد فيه قلت : يا ابن رسول الله! وما الاعتراض؟ قال : الالتفات ومع قطع النظر عن الرواية يحتمل أن يكون المراد أنه يعترض القرآن فيكتفي بشئ منه من غير أن يقرأ الفاتحة كما هو مذهب بعض العامة ، أو سورة كاملة معها كما هو مذهب بعضهم.

« وإذا ركع ربض » قال في الصحاح : ربوض البقر والغنم والفرس والكلب مثل بروك الابل انتهى فيحتمل أن يكون المعنى أنه يدلى رأسه وينحني كثيرا كأنه رابض أو يسقط نفسه من الركوع إلى السجود من غير مكث فيه أيضا ومن غير أن يستتم قائما كالغنم ، أو كناية عن عدم الانفراج والتجافي بين الاعضاء ، وإذا جلس شغر في القاموس شغر الكلب كمنع رفع إحدى رجليه بال أو لم يبل انتهى ، وهو إشارة إلى بعض معاني الاقعاء كما سيأتي.

١٣ ـ تفسير علي بن ابراهيم : « قد أفلح المؤمنون الذينهم في صلوتهم خاشعون » قال : غضك بصرك في صلاتك ، وإقبالك عليها (٤).

بيان : لو كان من رواية كما هو الظاهر ، فيمكن القول بالتخيير بين النظر إلى موضع السجود والغمض (٥) أو حمله على من يتوقف حضور قلبه عليه ، كما قيل

____________________

(١) ثواب الاعمال : ٢٠٥ ، أمالي الصدوق : ٢٩٠ ، وتراه في المحاسن : ٨٠.

(٢) امالي الصدوق : ٢٩٥.

(٣) الكافي ج ٢ ص ٣٩٦.

(٤) تفسير القمي : ٤٤٤ في سورة المؤمنون.

(٥) قد عرفت الفرق بين الغض والغمض وأن الغض يستلزم النظر إلى موضع السجود قهرا.

٢٣٥

بهما ، أو يكون كناية عن الاعراض عما سوى الله ، ولا يكون محمولا على الحقيقة فتكون الفقرة الثانية مفسرة للاولى ومؤكدة لها.

١٣ ـ قرب الاسناد : عن محمد بن عيسى والحسن بن ظريف وعلي بن إسماعيل كلهم ، عن حماد بن عيسى ، عن الصادق ، عن أبيه ، عن علي عليهما‌السلام قال : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن نقرة الغراب وفرشة الاسد (١).

بيان : فرشة الاسد بالشين المعجمة قال في النهاية فيه أنه نهى عن افتراش السبع في الصلاة ، وهو أن يبسط ذراعيه في السجود ولا يرفعهما عن الارض كما يبسط الكلب والذئب ذراعيهما ، والافتراض افتعال من الفرش والفراش انتهى ، وفي بعض النسخ فرسة بالمهملة وهو تصحيف وعلى تقدير صحته المعنى أن لايتم أفعال الصلاة كالاسد يأكل بعض فريسته ويدع بعضها.

١٤ ـ العلل : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن الصفار ، عن علي بن إسماعيل عن محمد بن عمر ، عن أبيه ، عن علي بن المغيرة ، عن أبان بن تغلب قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : إني رأيت علي بن الحسين عليه‌السلام إذا قام في الصلاة غشي لونه لون آخر فقال لي : والله إن علي بن الحسين كان يعرف الذي يقوم بين يديه (٢).

١٥ ـ قرب الاسناد : عن أحمد بن سعد ، عن بكر بن محمد الازدي قال : سأل أبوبصير الصادق عليه‌السلام وأنا جالس عنده عن الحور العين ، فقال له : جعلت فداك أخلق من خلق الدنيا أو ( خلق من ) خلق الجنة؟ فقال له : ما أنت وذاك؟ عليك بالصلاة ، فان آخر ما أوصى به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وحث عليه الصلاة ، إياكم أن يستخف أحدكم بصلاته فلا هو إذا كان شابا أتمها ، ولا هو إذا كان شيخا قوي عليها ، وما أشد من سرقة الصلاة ، فاذا قام أحدكم فليعتدل وإذا ركع فليتمكن وإذا رفع رأسه فليعتدل وإذا سجد فليتفرج وليتمكن فاذا رفع رأسه فليعتدل ، وإذا سجد

____________________

(١) قرب الاسناد ص ١٥ ط نجف.

(٢) علل الشرايع ج ١ ص ٢٢٠.

٢٣٦

فليتفرج وإذا رفع رأسه فليلبث حتى يسكن.

ثم سألته عن وقت صلاة المغرب فقال : إذا غاب القرص ثم سألته عن وقت صلاة العشاء الآخرة قال : إذا غاب الشفق قال : وآية الشفق الحمرة ، قال : وقال بيده هكذا (١).

بيان : ما أنت وذاك أي سل عما يعنيك وينفعك ، « فلا هو إذا كان شابا » أي لاينبغي ترك الاهتمام بها لا عند الشباب ولا عند المشيب ، والاعتدال إقامة الصلب وعدم الميل إلى أحد الجانبين أزيد من الآخر والتمكن الاستقرار وعدم الحركة والاطمينان.

١٦ ـ مجالس ابن الشيخ : عن جماعة ، عن أبي المفضل ، عن الحسن بن علي العاقولي عن موسى بن عمر بن يزيد ، عن معمر بن خلاد ، عن الرضا ، عن آبائه عليهما‌السلامقال : جاء خالد بن زيد إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يارسول الله! أوصني وأقلل لعلي أن أحفظ قال : اوصيك بخمس باليأس عما في أيدي الناس فانه الغنى ، واياك والطمع فانه الفقر الحاضر ، وصل صلاة مودع ، وإياك وماتعتذر منه ، وأحب لاخيك ماتحب لنفسك (٢).

١٧ ـ العلل : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن بعض أصحابنا عن الثمالي قال : رأيت علي بن الحسين عليه‌السلام يصلي فسقط رداؤه على أحد منكبيه ، فلم يسوه حتى فرغ من صلاته ، قال : فسألته عن ذلك فقال : ويحك بين يدي من كنت؟ إن العبد لايقبل من صلاته إلا ما أقبل عليه منها بقلبه (٣).

بيان : في ساير الكتب (٤) بعد قوله بقلبه ، فقلت : جعلت فداك هلكنا ، فقال :

____________________

(١) قرب الاسناد ص ١٨ ط حجر ص ٢٧ ط نجف.

(٢) أمالي الطوسي ج ٢ ص ١٢٢.

(٣) علل الشرائع ج ١ ص ٢٢١.

(٤) كالتهذيب ج ١ ص ٢٣٣.

٢٣٧

كلا إن الله يتم ذلك بالنوافل.

أقول : هل يستحب للغير التأسي به عليه‌السلام في ذلك؟ يحتمله لعموم التأسي ، وعدمه لعدم اشتراك العلة ومعلومية الاختصاص إلا لمن كان له في الاستغراق في العبادة حظ بالغ يناسب هذا الجناب ، والاخير عندي أظهر وإن كان ظاهر بعض الاصحاب الاول.

١٨ ـ العلل : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أيوب بن نوح ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن محمد بن مسلم قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام إن العبد لترفع له من صلاته نصفها أو ثلثها أو ربعها أو خمسها وما يرفع له إلا ما أقبل عليه منها بقلبه ، وإنما أمرنا بالنوافل ليتم لهم بها ما نقصوا من الفريضة (١).

١٩ ـ الخصال : عن أحمد بن محمد العطار ، عن سعد بن عبدالله ، عن الحسن بن موسى الخشاب ، عن غياث بن ابراهيم ، عن اسحاق بن عمار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله عزوجل كره لي ست خصال وكرههن للاوصياء من ولدي وأتباعهم من بعدي : العبث في الصلاة ، والرفث في الصوم ، والمن بعد الصدقه وإتيان المساجد جنبا ، والتطلع في الدور ، والضحك بين القبور (٢).

المحاسن : عن أبيه ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه ، عن الصادق عليه‌السلام مثله (٣).

مجالس الصدوق : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد ، عن الخشاب مثله (٤).

بيان : العبث ظاهره العبث باليد سواء كان باللحية أو بالانف أو بالاصابع أو غير ذلك ، ويحتمل شموله لغير اليد أيضا كالرأس والشفة وغيرهما.

____________________

(١) علل الشرايع ج ٢ ص ١٨.

(٢) الخصال ج ١ ص ١٥٩ ، وفي المطبوعة ذكر العلل وهو سهو وما في الصلب هوالموافق لنسخة الاصل.

(٣) المحاسن ص ١٠.

(٤) أمالي الصدوق ص ٣٨.

٢٣٨

٢٠ ـ قرب الاسناد : عن السندي بن محمد ، عن أبي البختري ، عن الصادق ، عن أبيه ، عن علي عليهما‌السلام قال : الالتفات في الصلاة اختلاس من الشيطان ، فاياكم والالتفات في الصلاة ، فان الله تبارك وتعالى يقبل على العبد إذا قام في الصلاة فاذا التفت قال الله تبارك وتعالى : يا ابن آدم عمن تلتفت؟ ثلاثة فاذا التفت بالرابعة أعرض الله عنه (١).

٢١ ـ الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عيسى ، عن القاسم ابن يحيى ، عن جده الحسن ، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم ، عن الصادق عليه‌السلام ، عن آبائه عليهما‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لايقومن أحدكم في الصلاة متكاسلا ولا ناعسا ولا يفكرن في نفسه فانه بين يدي ربه عزوجل ، وإنما للعبد من صلاته ما أقبل عليه منها بقلبه (٢).

وقال عليه‌السلام : لايعبث الرجل في صلاته بلحيته ، ولا بما يشغله عن صلاته (٣).

وقال عليه‌السلام : ليخشع الرجل في صلاته ، فانه من خشع قلبه لله عزوجل خشعت جوارحه فلا يعبث بشئ (٤).

وقال عليه‌السلام : إذا قام أحدكم إلى الصلاة فليصل صلاة مودع (٥).

وقال عليه‌السلام : إذا قام أحدكم بين يدي الله جل جلاله فلينحر بصدره ، وليقم صلبه ولاينحني (٦).

بيان : قوله « فلينحر » بالنون أي يجعله محاذيا لنحره أو محاذيا للقبلة ، قال الفيروزآبادي : والداران يتناحران : يتقابلان ، ونحرت الدار الدار كمنع استقبلتها ، والرجل في الصلاة انتصب ونهد صدره أو وضع يمينه على شماله أو انتصب بنحره إزاء القبلة انتهى ، وفي بعض النسخ بالتاء أي فليقصد بصدره ليقيمه.

٢٢ ـ ثواب الاعمال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن

____________________

(١) قرب الاسناد ص ٧٠ ط حجر ص ٩٢ ط نجف وله شرح في ص ٦٤ راجعه.

(٢) الخصال ج ٢ ص ١٥٦ و ١٥٧.

(٣) الخصال ج ٢ ص ١٦٠.

(٤ ـ ٦) الخصال ج ٢ ص ١٦٥.

٢٣٩

علي بن حسان ، عن سهل بن دارم ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من حبس ريقه إجلالا لله في صلاته أورثه الله صحة حتى الممات (١).

ومنه : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن سلمة بن الخطاب ، عن الحسين ابن سيف ، عن أبيه ، عمن سمع أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : من صلى ركعتين يعلم ما يقول فيهما انصرف وليس بينه وبين الله عزوجل ذنب إلا غفره له (٢).

دعوات الراوندى : عنه عليه‌السلام مثله.

٢٣ ـ ثواب الاعمال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن أبيه ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه عليهما‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ركعتان خفيفتان في تفكر خير من قيام ليلة (٣).

مكارم الاخلاق عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله (٤).

٢٤ ـ ثواب الاعمال : عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن إبراهيم الكرخي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : لايجمع الله عزوجل لمؤمن الورع والزهد في الدنيا إلا رجوت له الجنة ، قال : ثم قال : وإني لاحب للرجل منكم المؤمن إذا قام في صلاة فريضة أن يقبل بقلبه إلى الله ولايشغل قلبه بأمر الدنيا ، فليس من مؤمن يقبل بقلبه في صلاته إلى الله إلا أقبل الله إليه بوجهه ، وأقبل بقلوب المؤمنين إليه بالمحبة له بعد حب الله عزوجل إياه (٥).

مجالس المفيد : عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن أبيه مثله (٦).

٢٥ ـ ثواب الاعمال : عن أبيه ، عن سعد ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب

____________________

(١) ثواب الاعمال ص ٢٨.

(٢ ـ ٣) ثواب الاعمال ص ٤٠.

(٤) مكارم الاخلاق ص ٣٤٧. (٥) ثواب الاعمال ص ١٢١.

(٦) مجالس المفيد ص ٩٦ المجلس الثامن عشر تحت الرقم ٦.

٢٤٠