بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٨
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

الجميل بين من تأخر عنه من الامم وقد استجيب ، الثاني : اجعل من ذريتي صادقا يجدد معالم ديني ، ويدعو الناس إلى ماكنت أدعوهم إليه ، وهو نبينا أو أمير المؤمنين عليه‌السلام كما ورد في الاخبار ، والداعي يقصد ذكر الجميل بعد موته أو أن يرزقه الله ولدا صالحا يدعو الناس إلى الخير.

٧ ـ كتاب جعفر بن محمد بن شريح : عن عبيد بن شعيب ، عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إذا دخلت المسجد وأنت تريد أن تجلس ، فلا تدخله إلا طاهرا وإذا دخلته فاستقبل القبلة ، ثم ادع الله وسله ، وسم حين تدخله ، واحمد الله ، وصل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٨ ـ التهذيب : مرسلا مثله إلا أن فيه وسم حين تدخله (١).

ومنه : في الموثق ، عن سماعة قال : إذا دخلت المسجد فقل بسم الله والسلام على رسول الله ( سلام الله وسلام ) (٢) ملائكته على محمد وآل محمد والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته ، رب اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب فضلك ، وإذا خرجت فقل اللهم اغفر لي وافتح لي أبواب فضلك (٣).

ومنه : عن عبدالله بن الحسن قال : إذا دخلت المسجد فقل اللهم اغفر لي ، وافتح أبواب رحمتك ، وإذا خرجت فقل : اللهم اغفر لي وافتح أبواب فضلك (٤).

ومنه في الحسن : عن ابن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إذا دخلت المسجد فصل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وإذا خرجت فافعل ذلك (٥).

ومنه في المجهول : عن يونس عنهم عليهما‌السلام قال : الفضل في دخول المسجد أن

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ٣٢٨.

(٢) مابين العلامتين أضفناه بالقرينة ، وقد أورده الحر العاملي في الوسائل تحت الرقم ٦٤٥٦ ، مع السقط ، وفي المصدر المطبوع على الحجر وهكذا مطبوع النجف ج ٣ ص ٢٦٣ : « ان الله وملائكته يصلون على محمد وآل محمد » فتدبر.

(٣ ـ ٥) التهذيب ج ١ ص ٣٢٨.

٢١

تبدأ برجلك اليمنى إذا دخلت ، وباليسرى إذا خرجت (١).

٩ ـ فلاح السلائل : عن محمد بن علي بن سعد الكوفي ، عن محمد بن يعقوب الكليني عن الحسين بن محمد ، عن عمه عبدالله بن عامر ، عن علي بن مهزيار ، عن جعفر بن محمد الهاشمي ، عن أبي جعفر العطار شيخ من أهل المدينة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا صلى أحدكم المكتوبة وخرج من المسجد ، فليقف بباب المسجد ثم ليقل « اللهم دعوتني فأجبت دعوتك ، وصليت مكتوبك ، وانتشرت في أرضك كما أمرتني ، فأسألك من فضلك العمل بطاعتك ، واجتناب معصيتك ، والكفاف من الرزق برحمتك » (٢).

١٠ ـ مصباح الشيخ : إذا خرج من المسجد فليقل ، وذكر الدعاء ثم قال : دعاء آخر « اللهم إني صليت ما افترضت ، وفعلت ما إليه ندبت ، ودعوت كما أمرت ، فصل على محمد وآل محمد ، وأنجز لي ماضمنت ، واستجب لي كما وعدت ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وافتح لي أبواب رحمتك وفضلك ، وأغلق عني أبواب معصيتك وسخطك.

١١ ـ مجالس ابن الشيخ : عن أبيه ، عن ابن حمويه ، عن محمد بن محمد بن بكير عن الفضل بن حباب ، عن مسدد ، عن عبدالوارث ، عن ليث بن أبي سليم ، عن عبدالله ابن الحسن ، عن امه فاطمة ، عن جدته قالت : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا دخل المسجد صلى على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : اللهم اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب فضلك » (٣).

بيان : إنما ذكر عند الدخول الرحمة لانها تتعلق غالبا بالامور الاخروية ، وعند الدخول طالب لها. وعند الخروج الفضل ، لانه يطلق في البركات الدنيوية وعند الخروج طالب لها كما قال الله تعالى : « فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض وابتغوا

____________________

(١) لم نجده في التهذيب وتراه في الكافي ج ٣ ص ٣٠٨.

(٢) فلاح السائل ص ٢٠٩ ، وتراه في الكافي ج ٣ ص ٣٠٩.

(٣) أمالي الطوسي ج ٢ ص ١٥ وسيأتى مثله تحت الرقم ١٤.

٢٢

من فضل الله » (١).

١٢ ـ دعائم الاسلام : عن علي عليه‌السلام أنه كان إذا دخل المسجد قال : « بسم الله وبالله ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين » (٢).

وكان يقول : من حق المسجد إذا دخلته أن تصلي فيه ركعتين ، ومن حق الركعتين أن تقرأ فيهما بام القرآن ، ومن حق القرآن أن تعمل بما فيه (٣).

١٣ ـ الهداية : قال الصادق عليه‌السلام : إذا دخلت المسجد ، فأدخل رجلك اليمنى وصل على النبي وآله ( وإذا خرجت فأخرج رجلك اليسرى وصل على النبي وآله ) (٤).

١٤ ـ كتاب الامامة : لمحمد بن جرير الطبري ، عن أبي المفضل محمد بن عبدالله (٥) عن محمد بن هارون بن حميد ، عن عبدالله بن عمر بن أبان ، عن قطب بن زياد ، عن ليث بن سليم ، عن عبدالله بن الحسن بن الحسن ، عن فاطمة الصغرى ، عن أبيها ، عن فاطمة الكبرى ابنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا دخل المسجد يقول : « بسم الله صل على محمد وآل محمد ، فاغفر لي ذنوبي وافتح أبواب رحمتك » وإذا خرج يقول : « بسم الله صل على محمد وآل محمد واغفر ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك » (٦).

١٥ ـ المقنع : إذا أتيت المسجد فأدخل رجلك اليمنى قبل اليسرى ، وقل : « السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وافتح

____________________

(١) الجمعة : ١٠.

(٢ ـ ٣) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٥٠.

(٤) الهداية : ٣١ ، ومابين العلامتين ساقط من الكمبانى.

(٥) كثيرا ماترى في كتاب الدلائل هذا أنه يروى عن أبي المفضل محمد بن عبدالله ابن المطلب الشيباني ، مع أن أبا المفضل هو الذي يروى عن أبي جعفر محمد بن جرير الطبري كما سيأتى تحت الرقم ٢٠ عن أمالي الطوسي ، وفي ذلك كلام لبعض المتتبعين تراه في كتابه « الاخبار الدخيلة » ص ٤٨٤٣.

(٦) كتاب دلائل الامامة ص ٧.

٢٣

لنا باب رحمتك ، واجعلنا من عمار مساجدك ، جل ثناء وجهك » فاذا اردت أن تخرج فأخرج رجلك اليسرى قبل اليمنى وقل « اللهم صل على محمد وآل محمد وافتح لنا بابك فضلك » (١).

الفقيه مثله ، إلا أنه قال في دعاء الدخول : بسم الله وبالله السلام عليك ، إلى آخر الدعاء (٢).

١٦ ـ مكارم الاخلاق : إذا دخلت المسجد فقدم رجلك اليمنى وقل « بسم الله وبالله ومن الله وإلى الله ، وخير الاسماء كلها لله ، توكلت على الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله اللهم صل على محمد وآل محمد وافتح لي باب رحمتك وتوبتك ، وأغلق عني أبواب معصيتك ، واجعلني من زوارك وعمار مساجدك ، وممن يناجيك بالليل والنهار ، ومن الذينهم في صلاتهم خاشعون ، وادحر عني الشيطان الرجيم ، وجنود إبليس أجمعين » ثم اقرأ آية الكرسي والمعوذتين ، وسبح الله سبعا واحمد الله سبعا ، وكبر لله سبعا وهلل لله سبعا ، ثم قل : « اللهم لك الحمد على ماهديتني ، ولك الحمد على مافضلتني ولك الحمد على ماشرفتني ، ولك الحمد على كل بلاء حسن أبليتني ، اللهم تقبل صلاتي ودعائي ، وطهر قلبي ، واشرح صدري ، وتب على إنك التواب الرحيم » (٣).

مصباح الشيخ : فاذا أراد دخول المسجد قدم رجله اليمنى قبل اليسرى وقال : بسم الله وبالله إلى قوله وجنود إبليس اجمعين.

بيان : « من زوارك » أي من الذين يأتون المساجد كثيرا فان المسجد بيت الله فمن أتاه فكأنه زار الله أو من الذين يقصدون وجهك الكريم في إتيان المسجد لا لامر آخر من الاغراض الدنيوية « وعمار مساجدك » أي الذين يعمرونها ببنائها وكنسها وفرشها والاسراج فيها وأمثال ذلك وإكثار التردد إليها وشغلها بالعبادة وإخلائها من الاعمال الدنيوية والصنايع كما مر في تفسير الآيات « وادحر » على وزن أعلم أمر بمعنى ابعد ، والرجيم

____________________

(١) المقنع ص ٢٦ ط الاسلامية.

(٢) الفقيه ج ١ ص ١٥٥.

(٣) مكارم الاخلاق ص ٣٤٤.

٢٤

فعيل بمعنى مفعول أي المطرود الممنوع من رحمة الله أو المرحوم بأحجار الملائكة أو بلعن الله والملائكة والناس أجمعين. « على كل بلاء حسن أبليتني » أي كل نعمة حسنة أنعمت بها على.

١٧ ـ المكارم : ولا تجلس في المسجد حتى تصلي ركعتين تحية المسجد وإن لم تكن صليت ركعتي الفجر أجزأك أداؤهما عن التحية (١).

فاذا أردت الخروج من المسجد فقل : « اللهم دعوتني فأجبت دعوتك » إلى آخر مامر من فلاح السائل (٢).

ثم قال : وقدم رجلك اليسرى في الخروج من المسجد وقل : « اللهم صل على محمد وآل محمد ، وافتح لنا باب فضلك ورحمتك ، يا أرحم الراحمين » (٣).

١٨ ـ فلاح السائل : إذا أراد دخول المسجد استقبل القبلة وقال : « بسم الله و بالله ومن الله ، ثم ذكركما في المكارم إلى قوله وجنود إبليس أجمعين.

وقدم رجلك اليمنى قبل اليسرى ، وادخل وقل : « اللهم افتح لي باب رحمتك وتوبتك ، وأغلق عني باب سخطك ، وباب كل معصية هي لك ، اللهم أعطني في مقامي هذا جميع ما أعطيت أولياءك من الخير ، واصرف عني جميع ماصرفته عنهم من الاسواء والمكاره ، ربنا لاتؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ، ولا تحملنا مالا طاقة لنا به ، واعف عنا ، واغفر لنا ، وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين ، اللهم افتح مسامع قلبي لذكرك ، وارزقني نصر آل محمد ، وثبتني على أمرهم ، وصل مابيني وبينهم ، واحفظهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ، وامنعهم أن يوصل إليهم بسوء ، اللهم إني زائرك في بيتك ، وعلى كل مأتي حق لمن أتاه وزاره ، وأنت أكرم مأتي وخير مزور ، وخير من طلبت إليه الحاجات ، وأسألك يالله يارحمن يارحيم ، برحمتك التي وسعت كل شئ ، وبحق الولاية أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تدخلني الجنة وتمن على

____________________

(١) مكارم الاخلاق ص ٣٤٤.

(٢ ـ ٣) مكارم الاخلاق ص ٣٥١.

٢٥

بفكاك رقبتي من النار (١).

أقول : ذكر الشيخ في المصباح هذا الدعاء مع الدعاء الذي قبله عند دخول المسجد يوم الجمعة وذكر دعاء أطول من ذلك عند دخول المسجد لصلاة الليل أوردناه ههنا.

١٩ ـ جامع الاخبار : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا دخل المسجد أحدكم يضع رجله اليمنى ويقول : « بسم الله وعلى الله توكلت ، لاحول ولا قوة إلا بالله » وإذا خرج يضع رجله اليسرى ويقول : « بسم الله ، وأعوذ بالله من الشيطان الرجيم » ثم قال : ياعلي من دخل المسجد ويقول كما قلت ، تقبل الله صلاته ، وكتب له بكل ركعة صلاها فضل مائة ركعة ، فاذا خرج يقول مثل ماقلت ، غفر الله له الذنوب ، ورفع له بكل قدم درجة ، وكتب الله له بكل قدم مائة حسنة (٢).

وقال عليه‌السلام : إذا دخل العبد المسجد فقال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، قال الشيطان : إنه كسر ظهري ، وكتب الله بها عبادة سنة ، وإذا خرج من المسجد يقول مثل ذلك ، كتب الله له بكل شعرة على بدنه مائة حسنة ، ورفع له مائة درجة.

وقال عليه‌السلام : إذا دخل المؤمن المسجد فيضع رجله اليمنى قالت الملائكة : غفر الله لك ، وإذا خرج فوضع رجله اليسرى قالت الملائكة حفظك الله ، وقضى لك الجوائج ، وجعل مكافاتك الجنة (٣).

٢٠ ـ مجالس الشيخ : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمد بن جرير الطبري ، عن محمد بن عبيد المحاربي ، عن صالح بن موسى الطلحي ، عن عبدالله بن الحسن ، عن امه فاطمة بنت الحسين ، عن أبيها ، عن علي عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا دخل المسجد قال : « اللهم افتح لي أبواب رحمتك » فاذا خرج قال : « اللهم افتح لي أبواب

____________________

(١) فلاح السائل ص ٩١.

(٢) جامع الاخبار ص ٨٠.

(٣) جامع الاخبار ص ٨١.

٢٦

رزقك » (١).

٢١ ـ جمال الاسبوع : حدث أبوالحسين محمد بن هارون التلعكبري ، عن محمد بن عبدالله ، عن رجاء بن يحيى بن سامان الكاتب قال : هذا مما خرج من دار صاحبنا وسيدنا أبي محمد الحسن بن علي صاحب العسكر الآخر عليه‌السلام في سنة خمس وخمسين ومائتين قال إذا أردت دخول المسجد فقدم رجلك اليسرى قبل اليمنى في دخولك وقل « بسم الله وبالله ومن الله إلى قوله وجنود إبليس أجمعين » كما مر (٢) إلا أن فيه أبواب رحمتك وفيه ومن الذينهم على صلاتهم يحافظون.

ثم قال : في تتمة الرواية : فاذا توجهت القبلة فقل : « اللهم إليك توجهت ورضاك طلبت ، وثوابك ابتغيت ولك آمنت وعليك توكلت ، اللهم افتح مسامع قلبي لذكرك ، وثبت قلبي على دينك ودين نبيك ولاتزغ قلبي بعد إذ هديتني وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.

بيان : تقديم الرجل اليسرى في هذا الخبر مخالف لسائر الاخبار وأقوال الاصحاب ولعله من اشتباه النساخ أو الرواة.

____________________

(١) امالي الطوسي ج ٢ ص ٢٠٩.

(٢) تحت الرقم ١٦.

٢٧

١٠

« ( باب ) »

* « ( القبلة وأحكامها ) » *

الايات : البقرة : ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم (١).

____________________

(١) البقرة : ١٧٧. وللاية تعلق بما قبلها وهى اربعة آيات ترد على اليهود والنصارى في مقالتهم كما حكاه الله عزوجل بقوله : « وقالوا لن يدخل الجنة الا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين * بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون * وقالت اليهود ليست النصارى على شئ وقالت النصارى ليست اليهود على شئ وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لايعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون * ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها اولئك ماكان لهم أن يدخلوها الا خائفين * لهم في الدنيا خزى ولهم في الاخرة عذاب عظيم * ولله المشرق والمغرب الاية.

وأما هذه الخامسة : فانها ترد عليهم احتجاجهم في أمر القبلة وهو أن قبلة كل ملة هي أخص الشعائر التي يميز بها عن سائر الملل وقد كانت الملل من أهل الكتاب لكل واحد منهم قبلة عليحدة ووجهة هو موليها يختص بهم فكيف يدعى المسلمون أنهم ملة مستقلة قد نسخ ملتهم سائر الملل ودينهم كل الاديان وكتابهم ساير الكتب وهم معذلك يتبعون ملة اليهود في اخص شعائرهم وهى القبلة؟

فرد الله عليهم تلك المزعمة بأن كل المعمورة من المشرق إلى المغرب وما بينهما من البلاد كلها ملك لله على السواء وكل جهة استقبل في الصلاة فقد استقبل بها وجه الله عزوجل ، سواء كان هى المشرق أو المغرب أو جهة اخرى غير ذلك.

فالمسلمون حيثما توجهوا في صلواتهم يستقبلون وجه الله عزوجل ، وانما اتخذوا جهة بيت المقدس قبلة لامر أمرهم لله عزوجل على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وآله لا لان بيت المقدس

٢٨

وقال سبحانه : سيقول السفهاء من الناس ماوليهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم * وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وماجعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقيبه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤف رحيم * قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضيها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ماكنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين اوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون * ولئن أتيت الذين اوتوا الكتاب بكل آية ماتبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ماجاءك من العلم إنك

____________________

بيت اختصه الله لنفسه فيحق في حد ذاته التشريف بكونه قبلة الانام فلا قبلة سواها ، ولا لانهم تابعون ملة اليهود وداخلون في زمرتهم ، والله واسع لا يكلف المسلمين بما يحرج به انفسهم ويضيق به صدورهم عليهم بابتلائهم وسينجيهم منه برحمته وفضله.

ففى هذه الاية تقدمة وتوطئة بل موعدة من الله الواسع العليم إلى ماسيوسعه في أمر المسلمين من تحويل قبلتهم هذه إلى قبلة اخرى غير قبلتى اليهود والنصارى ، لئلا يكون للناس عليهم حجة الا الذين ظلموا منهم ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم.

فتلخص مما مر أن قوله تعالى « لله المشرق والمغرب » لايفيد أن مابين المشرق والمغرب قبلة ( كما لا اشارة فيها إلى النوافل ولا الاسفار ولا حين التحير ) بل انما يرد على السفهاء الذين كانوا يحاجون المسلمين ويعيرونهم باتباع قبلة اليهود ، ولذلك قال « فأينما تولوا فثم وجه الله » عاما ولم يخصه بما بين المشرق والمغرب ، وينص على ذالك تكرار هذه الجملة في قوله تعالى بعد تحويل القبلة « سيقول السفهاء من الناس ماوليهم عن قبلتهم التى كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم ».

نعم يدل قوله تعالى : « فأينما تولوا فثم وجه الله » على أن الصلاة إلى غير القبلة المفروضة لاتذهب ضياعا ، اذا كان المصلى معذورا لتحير أو سفر أو غير ذلك كما سيجئ شرحه في روايات أهل البيت عليهم الصلاة والسلام.

٢٩

إذا لمن الظالمين (١).

وقال تعالى : ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شئ قدير * ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون * ومن حيث خرجت فول وجهك شرط المسجد الحرام وحيث ماكنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني ولاتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون (٢).

وقال سبحانه : ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر الآية (٣).

الاعراف : وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد (٤).

يونس : وأن أقم وجهك للذين حنيفا (٥).

الروم : فأقم وجهك للدين حنيفا (٦).

تفسير : « ولله المشرق والمغرب » أي مجموع مافي جهة الشرق والغرب من البلاد لله تعالى هو مالكها ، ففي أي مكان فعلتم التولية لوجوهكم شطر القبلة بدليل قوله « فول وجهك وحيثما كنتم فولوا » فثم جهة الله التي أمر بها ورضيها ، والمعنى إذا منعتم أن تصلوا في المسجد الحرام أو في بيت المقدس ، فقد جعلنا لكم الارض مسجدا فصلوا في أي بقعة شئتم من بقاعها وافعلوا التولية فيها ، فان التولية لاتختص بمسجد ولا بمكان كذا ذكره جماعة من المفسرين من الخاصة والعامة نظرا إلى ماقبله من قوله « ومن أظلم ممن منع مساجد الله ». وقيل فثم وجه الله أي ذاته أي فثم الله يرى ويعلم ، وقيل

____________________

(١) البقرة : ١٤٥١٤٣.

(٢) البقرة : ١٤٩١٤٨.

(٣) البقرة : ١٧٧.

(٤) الاعراف : ٢٩.

(٥) يونس : ١٠٥.

(٦) الروم : ٣٠ والاية ساقطة عن الكمبانى.

٣٠

فثم رضى الله أي الوجه الذي يؤدي إلى رضوانه ، وفي المجمع (١) قيل معناه بأي مكان تولوا فثم الله يعلم ويرى فادعوه كيف توجهتم قال : وقيل : نزلت في التطوع على الراحلة حيث توجهت حال السفر ، وهو المروي عن أئمتنا عليهما‌السلام وفي الجوامع لم يقيد بحال السفر ، قال : وهو مروي عنهم عليهما‌السلام ، ونحوه في التذكرة عن أبي عبدالله عليه‌السلام وفي المعتبر قد استفاض النقل أنها في النافلة.

وفي المجمع (١) روي عن جابر أنه قال : بعث النبي سرية كنت فيها ، وأصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة ، فقال طائفة منا : قد عرفنا القبلة هي ههنا قبل الشمال ، فصلوا وخطوا خطوطا ، وقال بعضنا : القبلة ههنا قبل الجنوب فخطوا خطوطا فلما أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة ، فلما رجعنا من سفرنا سألنا النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك ، فسكت ، فأنزل الله هذه الآية.

وذكر في الجوامع قريبا منه عن عامر بن ربيعة ، عن أبيه وسيأتي مايدل على أنها نزلت في الخطاء في القبلة وفي قبلة المتحير ، وقال الصدوق في الفقيه : « ونزلت هذه الاية في قبلة المتحير ذكر ذلك بعد نقل صحيحة معاوية (٢) فيحتمل أن يكون من الخبر ومن كلامه ، ولو كان من كلامه أيضا فالظاهر أنه لا يقول إلا عن رواية ، وروى الشيخ في التهذيب (٣) عن محمد بن الحصين قال : كتبت إلى عبد صالح : الرجل يصلي في يوم غيم في فلاة من الارض ، ولا يعرف القبلة فيصلي حتى إذا فرغ من صلاته بدت له الشمس فاذا هو قد صلى لغير القبلة ، أيعتد بصلاته أم يعيدها؟ فكتب يعيدها مالم يفته الوقت ، أو لم تعلم أن الله يقول وقوله الحق « فأينما تولوا فثم وجه الله ».

وقال الشيخ في النهاية ، بعد نقل الاية : وروي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : هذا في النوافل خاصة في حال السفر انتهى.

وقد تحمل على النافلة والفريضة في الجملة جمعا بين الروايات ، ومراعاة لعموم

____________________

(١) مجمع البيان ج ١ ص ١٩١.

(٢) الفقيه ج ١ ص ١٧٩.

(٣) التهذيب ج ١ ص ١٤٧.

٣١

اللفظ ما أمكن قال في كنز العرفان : اعلم أنه مهما أمكن تكثير الفائدة مع بقاء اللفظ على عمومه ، كان أولى ، فعلى هذا يمكن أن يحتج بالآية على أحكام :

الاول : صحة صلاة الظان والناسي ، فيتبين خطاؤه ، وهو في الصلاة غير مستدبر ولا مشرق ولا مغرب.

الثانى : صحة صلاة الظان والناسي فيتبين خطاؤه بعد فراغه ، وكان التوجه بين المشرق والمغرب.

الثالث : الصورة بحالها وكان صلاته إلى المشرق والمغرب وتبين بعد خروج الوقت.

الرابع : المتحير الفاقد للامارات يصلي إلى أربع جهات تصح صلاته.

الخامس : صحة صلاة شدة الخوف حيث توجه المصلي.

السادس : صحة صلاة الماشي ضرورة عند ضيق الوقت متوجها إلى غير القبلة.

السابع : صحة صلاة مريض لايمكنه التوجه بنفسه ولم يوجد غيره عنده يوجهه.

وأما الاحتجاج بها على صحة النافلة حضرا ففيه نظر لمخالفة فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فانه لم ينقل عنه فعل ذلك ، ولا أمره ولا تقريره ، فيكون إدخالا في الشرع ماليس فيه ، نعم يحتج بها على موضع الاجماع وهو حال السفر والحرب ، ويكون ذلك مخصصا لعموم « حيث ماكنتم » بما عدا ذلك وهو المطلوب انتهى (١).

وأقول : الآية بعمومها وإطلاقها تدل على جواز الصلاة على غير القبلة مطلقا ، وصحة ماوقع منها لغيرها مطلقا ونسخا غير معلوم (٢) فما خرج منها بدليل من إجماع

____________________

(١) كنز العرفان : ج ١ ص ٩١ ط المكتبة المرتضوية بتحقيق منا.

(٢) قد عرفت أنه لا دلالة فيها حتى يؤخذ باطلاقها ، أو يقال بعدم نسخها ويشهد على ذلك نزول قوله تعالى « قل لله المشرق والمغرب » بعد تحويل القبلة أيضا في آية اخرى كما عرفت.

على ان قوله تعالى « لله المشرق والمغرب » معناه مابين المشرق والمغرب من البلاد كلها ويتحد معناه مع قوله « فأينما تولوا فثم وجه الله » ولو كان معناه مابين المشرق والمغرب من

٣٢

أو غيره فهو خارج به ، وغير ذلك داخل فيها وأما آية القبلة الآتية فهي معارضه لهذه الآية في أكثر الاحكام وهذه مؤيدة بأصل البراءة فما لم ينضم إليه شئ آخر من إجماع أو نص فالعمل بهذه الآية فيه أقوى.

ففي المسائل الخلافية التي لم يرد فيها نص أو ورد من الججانبين ، ولم يكن جانب البطلان أقوى يمكن الاستدلال بتلك الآية فيها ففي الرابع تدل على جواز الصلاة إلى أي جهة شاء ولا يجب القضاء مع تبين الخطاء وإن كان مستدبرا ، وقيد ضيق الوقت في السادس غير محتاج إليه ، وأما صحة النافلة حضرا إذا كان ماشيا أو راكبا فهي داخلة في الآية ، ومؤيدة بالنصوص والتقييد بموضع الاجماع يقلل جدوى الآية بل ينفيها مع أنه ره قد استدل بها على موضع الخلاف أيضا ، هذا بالنظر إلى الآية ، مع قطع النظر عن الاخبار ، وستطلع على ماتدل عليه الاخبار من اختصاص هذه الآية بالنافلة وآيات التولية بالفريضة ، ونزول هذه الآية في قبلة المتحير أو الخاطي في الاجتهاد.

وفي الكشاف وقيل : معناه فأينما تولوا للدعاء والذكر ، ولم يرد الصلاة ، وفي المعالم : قال مجاهد والحسن : لما نزلت « وقال ربكم ادعوني أستجب لكم » ، قالوا

____________________

من الجهات أيضا لدخل في مفهومه جهة الجنوب والشمال على السواء وشمل كل الجهات.

واما الحكم بأن صلاة المعذور اذا وقع مابين المشرق والمغرب فهى ماضية ، فانما هو لاجل أن القبلة ـ بيت الله الحرام بعد ماكانت مفروضة ، تبطل الصلاة باستدبارها عمدا وسهوا وجهلا ونسيانا كساير الاركان كما قال عليه السلام : « لاتعاد الصلاة الا من خمس : الوقت والطهور والقبلة والركوع والسجود » وأما اذا لم يستدبرها ولم ينحرف عنها عمدا ووقع الصلاة إلى يمينها وشمالها صحت صلاته.

وأما قوله عليه السلام بأن مابين المشرق والمغرب قبلة المتحير ، فالمراد حكم المتحير في المدينة ( لانها موضع نشر الحكم ) حيث ان قبلة المدينة إلى جهة الشمال ويمين المصلى إلى جهة الشرق ، ويساره إلى جهة المغرب. وأما في الامكنة والبلاد التى تقع في شرق مكة أو غربها كبلاد مصر وباكستان مثلا يكون قبلة المتحير مابين الجنوب والشمال بالمعنى الذى عرفت.

٣٣

أين ندعوه؟ فأنزل الله الآية ، وقال أبوالعالية : لما صرفت القبلة قالت اليهود : ليس لهم قبلة معلومة ، فتارة يصلون هكذا ، وتارة هكذا فنزلت.

وقال البيضاوي : وقيل هذه الآية توطئة لنسخ القبلة وتنزيه للمعبود أن يكون في حيز وجهة ، وعلى هذه الاقوال ليست بمنسوخة ، وقيل كان للمسلمين التوجه في صلاتهم حيث شاؤا ثم نسخت بقوله « فول » وهذا غير ثابت ، بل الاخبار تدل على خلافه ، ثم إنها على بعض التفاسير تدل على إباحة الصلاة في أي مكان كان.

« إن الله واسع » علما وقدرة ورحمة وتوسعة على عباده « عليم » بمصالح الكل وما يصدر عن الكل في كل مكان وجهة.

« سيقول السفهاء » الخفاف الاحلام من الناس ، قيل هم اليهود لكراهتهم التوجه إلى الكعبة ، وأنهم لايرون النسخ ، وقيل المنافقون لحرصهم على الطعن والاستهزاء وقيل المشركون قالوا : رغب عن قبلة آبائه ثم رجع إليها وليرجعن إلى دينهم ، وقيل : يريد المنكرين لتغيير القبلة من هؤلاء جميعا « ماوليهم » حرفهم « عن قبلتهم التي كانوا عليها » يعني بيت المقدس والقبلة كالجلسة في الاصل الحال التي عليها الانسان من الاستقبال ثم صارت لما يستقبله في الصلاة ونحوها.

وفائدة الاخبار به قبل وقوعه أن مفاجأة المكروه أشد ، والعلم به قبل وقوعه أبعد من الاضطراب إذا وقع ، لما يتقدمه من توطين النفس ، وأن يستعد للجواب فان الجواب العتيد قبل الحاجة اليه أقطع للخصم بل ربما كان علم الخصم بمعرفة ذلك منهم واستعدادهم للجواب رافعا لاهتمامه ، على أنه سبحانه ضمن هذا الاخبار من حقارة الخصوم وسخافة عقولهم وكلامهم مافيه تسلية عظيمة ، وعلم الجواب المناسب ، وقارنه بألطاف عظيمة ، وفي كل ذلك تأييد وتعظيم له وللمسلمين وحفظ لهم عن الاضطراب وملاقاة المكروه.

« قل لله المشرق والمغرب » له الارض والبلاد والعباد ، فيفعل فيها مايشاء ويحكم مايريد ، على مقتضى الحكم ، ووفق المصلحة ، وعلى العباد الانقياد والاتباع ، فبعد أمر الله بذلك لايتوجه الانكار وطلب العلة والمصلحة ، فلا يبعد أن يكون المقول في الجواب هذا المقدار لا غير ، كما هو المناسب لترك تطويل الكلام مع السفهاء ، و

٣٤

عدم الاشتغال ببياض خصوص مصلحة ، فما بعد هذا الخطاب للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله تسلية له عن عدم إيمانهم وامتنانا عليه وعلى المؤمنين بهدايتهم لدين الاسلام ، أو لما هو مقتضى الحكمة والمصلحة ، ويجوز دخوله في الجواب توبيخا لهم ، وتبكيتا على عدم هدايتهم لذلك مع ماتقدم ، كذا قيل.

ويحتمل أن يكون المراد أن المشرق والمغرب وما فيهما مخلوقه تعالى ومعلوله ، ولا اختصاص له بشئ منها حتى يتعين التوجه إليه ، فكلما علم المصلحة من التوجه إلى جهة لقوم يأمرهم بذلك « يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم » وهو ماتقتضيه الحكمه والمصلحة من توجيههم تارة إلى بيت المقدس والاخرى إلى الكعبة.

« وكذلك جعلناكم امة وسطا » أي عدلا أو أشرف الامم ، فلذا هديناكم إلى أشرف قبلة وأفضلها « لتكونوا شهداء على الناس » يوم القيامة وقد مر تفسير الآية في كتاب الامامة (١) وأن الخطاب إلى الائمة ، وأن في قرائتهم عليهما‌السلام « أئمة وسطا ».

« وماجعلنا القبلة التي كنت عليها » قيل : الموصول ليس صفة للقبلة ، بل ثاني مفعولي جعل ، أي وماجعلنا القبلة بيت المقدس إلا لامتحان الناس ، كأنه أراد أن أصل أمرك أن تستقبل الكعبة ، واستقبالك بيت المقدس كان عارضا لغرض.

وقيل : يريد وماجعلنا القبلة الآن التي كنت عليها بمكة أي الكعبة وما رددناك إليها إلا امتحانا ، لان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يصلي بمكة إلى الكعبة (٢)

____________________

(١) راجع ج ٢٣ ص ٣٣٤ من هذه الطبعة الحديثة.

(٢) قال الشعرانى مد ظله في بعض حواشيه على الوافى : ان بيت المقدس في جانب الشمال لمن هو بمكة ، ومستقبله مستقبل للشمال ، فان كان المصلى في الناحية الجنوبية من مكة شرفها الله واستقبل الشمال أمكن أن تكون الكعبة وبيت المقدس كلاهما قبلة له ، ويكون مستقبلا لهما معا ، وأما ان كان المصلى في النواحى الاخر من تلك البلدة الشريفة لم يمكن استقبالهما معا.

قال في الروض الانف : وفي الحديث دليل على أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يصلى بمكة إلى بيت المقدس ، وهو قول ابن عباس ، وقالت طائفة : ما صلى إلى بيت المقدس الا

٣٥

ثم امر بالصلاة إلى صخرة بيت المقدس بعد الهجرة تأليفا لليهود ، ثم حول إلى الكعبة ، وقيل : بل كانت قبلته بمكة بيت المقدس إلا أنه كان يجعل الكعبة بينه وبينه ، كما روي عن ابن عباس ، وسيأتي من تفسير الامام عليه‌السلام ، فيمكن أن يراد ذلك أيضا باعتبار جعله الكعبة بينه وبين بيت المقدس ، فكأنها كانت قبلة له في الجملة.

وقيل : القبلة التي كنت مقبلا وحريصا عليها ومديما على حبها أن تجعل قبلة

____________________

اذا قدم المدينة سبعة عشر شهرا أو ستة عشر شهرا فعلى هذا يكون في القبلة نسخان : نسخ سنة بسنة ونسخ سنة بقرآن وقد بين حديث ابن عباس منشأ الخلاف في هذه المسألة ، فروى عنه من طرق صحاح أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان اذا صلى بمكة استقبل البيت المقدس فلما كان عليه السلام يتحرى القبلتين جميعا لم يبن توجهه إلى بيت المقدس للناس حتى خرج من مكة ، والله اعلم انتهى.

وهذا مستبعد جدا بل محال عادة لان المسلمين كانوا محصورين ثلاث سنين في شعب أبي طالب وكانوا يصلون ، وليس هذا الشعب في الناحية الجنوبية من مكة ، وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله يصلى في دار خديجة عليها السلام شرقى مكة ولا يمكن فيها استقبال الكعبة وبيت المقدس معا ، الا أن يلتزم أحد بأن المسلمين لم يصلوا في مكة منذ ثلاث عشرة سنة الا في الجانب الجنوبى من المسجد الحرام وأيضا فانه ٩ سافر إلى الطائف وصلى في سفره قطعا ، والطائف شرقى مكة ولا يمكن فيه استقبال مكة وبيت المقدس جميعا ، وهاجر المسلمون إلى حبشة وبقوا هناك سنين قبل الهجرة إلى المدينة المنورة ولا يمكن من الحبشة استقبال القبلتين ، الا أن يلتزم بأنهم لم يصلوا ، أو كان تكليفهم غير تكليف نبيهم صلى‌الله‌عليه‌وآله.

والعجب من صاحب الروض الانف مع كمال دقته وتفطنه لجوانب الامور وأطرافها كما يعلم من تتبع كتابه كيف اختار هذا القول ، وبالجملة فالالتزام بوجود نسخين في القبلة أهون.

وان لم يمكن أو استبعد ذلك ، فينبغى أن يقال : ان الكعبة كانت بيت المقدس ، الا أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يجعل الكعبة خلف ظهره قط ، بل كان يقف إلى بيت المقدس اما بحذائه اذا امكنه ، والا فبحيث يكون الكعبة إلى أحد جوانبه ، وهذا تشريف منه للكعبة الشريفة وأدب لم يكن واجبا على سائر المسلمين والله العالم.

٣٦

وربما يضمن الجعل معنى التحويل ، أو يحذف المفعول الثاني أي منسوخة أو يحذف مضاف ، أي تحويل القبلة ، ولا يخفى ضعف الجميع.

ويحتمل أن يكون المعنى : وما شرعنا وقررنا القبلة التي كنت عليها قبل ذلك أو يكون المفعول الثاني محذوفا أي مقررة أو مفروضة ، والموصول على الوجهين صفة للقبلة.

« إلا لنعلم » إلا امتحانا للناس ، لنعلم من يثبت على الدين مميزا ممن يرتد وينكص على عقبيه ، فعلى الوجه الاول وبعض الوجوه الاخيرة ، يمكن أن يراد لنعلم ذلك عند كونها قبلة ، أو الآن عند الصرف إلى الكعبة ذلك أو الاعم ، ولعلة أولى.

وقيل في تأويل ماتوهمه الآية من توقف علمه سبحانه على وجود المعلوم وجوده : الاول أن المراد به وبأمثاله العلم الذي يتعلق به الجزاء أي العلم به موجودا حاصلا.

والثاني أن المراد به التمييز ، فوضع العلم موضع التميز لان العلم يقع به التميز ، وهو الذي يقتضيه قوله « ممن ينقلب » كما أومأنا إليه كما قال تعالى « حتى ليميز الله الخبيث من الطيب » ويشهد له قراءة « ليعلم » على بناء المجهول.

والثالث أن المراد به علم الرسول والمؤمنين مع علمه ، فعلمه وإن كان أزليا لكن لاريب في جواز عدم حصول علم الجميع إلا بعد الجعل كما هو الواقع.

الرابع أن المراد علم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله والمؤمنين وإنما أسند علمهم إلى ذاته لانهم خواصه وأهل الزلفى لديه.

والخامس : أن المقصود بالذات علم غيره من الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله والمؤمنين والملائكة لكنه ضمهم إلى نفسه وعلمهم إلى علمه ، إشارة إلى أنهم من خواصه ، وهذا قريب مما تقدمه.

والسادس أنه على التمثيل ، أي فعلنا ذلك فعل من يريد أن يعلم.

« وإن كانت » « إن » هي المخففة التي يلزمها اللام الفارقة بينها وبين النافية والضمير لما دل عليه قوله : « وماجعلنا القبلة » من الردة والتحويلة والجعلة

٣٧

وقيل للكعة « لكبيرة » اي ثقيلة شاقة « إلا على الذين هدى الله » أي هداهم الله للثبات والبقاء على دينه ، والصدق في اتباع الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله.

« وما كان الله ليضيع » اللام لام الجحود لتأكيد النفى ، ينتصب الفعل بعدها بتقدير أن ، والخطاب للمؤمنين تأييدا لهم وترغيبا في الثبات « إيمانكم » قيل أي ثباتكم على الايمان ورسوخكم فيه ، وقيل إيمانكم بالقبلة المنسوخة ، أو صلاتكم إليها كما سيأتي في الرواية ، وعن ابن عباس لما حولت القبلة قال ناس كيف أعمالنا التي كنا نعمل في قبلتنا الاولى ، وكيف بمن مات من إخواننا قبل ذلك؟ فنزلت « إن الله بالناس لرؤف رحيم » فلا يضيع أجورهم (١).

____________________

(١) بل الاية جواب عن مزعمة اليهود واحتجاج الذى سيوردونها على المسلمين بعد الاعراض عن قبلتهم إلى المسجد الحرام ، واحتجاجهم هو أنه لو كانت قبلتهم هذه التى استقبلوها في صلواتهم حقا وهى التى ولاهم الله اياها وجعلها وجهة خاصة بهم يمتاز بها ملتهم عن سائر الملل ، فصلواتهم التى صلوها طيلة عشر سنوات بل وأكثر إلى قبلتنا باطلة ، وان كانت قبلتهم الاولى حقا وصلواتهم التى صلوا اليها صحيحة فصلواتهم هذه التى يصلونها باطلة ، وان قال المسلمون ان صلواتنا كلها صحيحة والقبلتان كل واحدة منهما حق في ظرفه وأوانه لزم هذا النسخ المستحيل على الله لكونه بداء.

فأشار الله عزوجل إلى رد مزعمتهم من استحالة النسخ بقوله « وماجعلنا القبلة التى كنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وان كانت لكبيرة الا على الذين هدى الله » اى أنها كبيرة يشق احتمالها وهضمها والتصديق بأن كلتا القبلتين حكم مرضى لله عزوجل بعد ماسول لهم الشيطان بأن ذلك من البداء المستحيل ، الا على الذين هداهم الله إلى حقائق الايمان فاعترفوا بالنسخ والبداء تسليما واخلاصا لله وحسن بلائه.

ثم خاطب المؤمنين تسلية لهم وقال : « وما كان الله ليضيع ايمانكم » فانكم آمنتم بالقبلة الاولى ، ثم لما وجهتكم عنها إلى غيرها قبلتم وآمنتم وصدقتم ، فصلواتكم كلها إلى القبلتين مقبولة غير ضايعة عند ربكم لانها كانت عن ايمان. فالايمان في الاية بمعناه الاصلى ، لكنها لما كان متعلقا بأمر القبلة في صلواتهم تأوله المفسرون بالصلاة ، فافهم ذلك.

٣٨

« قد نرى تقلب وجهك في السماء » قيل أي تردد وجهك في جهة السماء تطلعا للوحي ، روي أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صلى مدة مقامه بمكة إلى بيت المقدس ثلاث عشر سنة ، وبعد مهاجرته إلى المدينة سبعة أشهر ، على مارواه علي بن إبراهيم (١) وذكره جماعة ، وقال الصدوق رحمه الله تسعة عشر شهرا كما سيأتي والمشهور بين العامة ست عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا ، فقالت اليهود تعييرا إن محمدا تابع لنا يصلي إلى قبلتنا ، فاغتم لذلك رسول الله وأنه كان قد استشعر أنه سيحول إلى الكعبة ، أو كان وعد ذلك كما قيل ، أو كان يحبه ويترقبه ، لانها أقدم القبلتين ، وقبلة أبيه إبراهيم ، وأدعى للعرب إلى الاسلام ، لانها مفخرهم ومزارهم ومطافهم ، فاشتد شوقه إلى ذلك مخالفة على اليهود ، وتمييزا منهم ، وخرج في جوف الليل ينظر إلى آفاق السماء منتظرا في ذلك من الله أمرا.

وروي أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لجبرئيل عليه‌السلام : وددت أن يحولني الله إلى الكعبة ، فقال جبرئيل عليه‌السلام إنما أنا عبد مثلك ، وأنت كريم على ربك فاسئل فانك عند الله بمكان ، فعرج جبرئيل ، وجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يديم النظر إلى السماء رجاء أن ينزل جبرئيل بما يحب من أمر القبلة ، فلما أصبح وحضر وقت الصلاة الظهر ، وقد صلى منها ركعتين نزل جبرئيل فأخذ بعضديه وحوله إلى الكعبة وأنزل عليه « قد نرى » الآية فصلى الركعتين الاخيرين إلى الكعبة (٢).

____________________

(١) تفسير القمى : ٥٤.

(٢) قال الشعراني مد ظله ذيل كلامه السابق : اختلف في من صلى صلاة واحدة إلى القبلتين ، ففى بعض الاخبار : كان هو النبى صلى الله عليه وآله في جماعة ، وفي بعضها أنهم قوم آخرون بلغهم تغيير القبلة فانصرفوا في صلاتهم ، وكذلك هذا الاختلاف في أحاديث أهل السنة أيضا وفيها أنهم حين تحولوا إلى الكعبة قام الرجال مقام النساء والنساء مقام الرجال ، ومعنى هذا أن الرجال كانوا قبلة للنساء فصار بالعكس ، لان بيت المقدس إلى شمال المدينة ومكة جهة الجنوب ، ولا يدل على أن الرجال مشوا في صلاتهم.

وقال بعضهم : دل الحديث على أن المشى الضروري لا يبطل الصلاة وفيه ايماء إلى أن تقدم النساء على الرجال ومحاذاتهم لمن في الصلاة مخل بالصلاة وعلى ماذكرنا ، فلا

٣٩

وقيل « قد » هنا على أصله من التوقع والتحقيق ، من غير اعتبار تقليل ، ولا تكثير وقيل هنا للتكثير ، وقيل : للتقليل لقلة وقوع المرئى من تقلب وجهه عليه‌السلام والرؤية منه تعالى علمه سبحانه بالمرئى وليس بآلة كما في حقنا.

« فلنولينك قبلة » فلنعطينك ولنمكننك من استقبالها ، من قولك وليته كذا إذا جعلته واليا له ، أو فليجعلنك تلي سمتها « ترضيها » تحبها وتميل إليها لاغراضك الصحيحة ، فلا يستلزم ذلك سخط بيت المقدس ، ولا سخط التوجه إليه.

والشطر النحو والجهة ، والمراد بالمسجد الحرام (١) إما الكعبة كما هو المشهور

____________________

يدل على شئ من ذلك ، بل يدل على رجحان تقدم الرجال على النساء ، فلما تحولوا بقى الرجال في مكانهم والنساء في مكانهم متقدمات على الرجال بعد أن كن متأخرات ولم يبطل صلاتهم بذلك التقدم الحادث أثناء الصلاة ، ثم لانعلم أن ذلك كان في جماعة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لاختلاف الاخبار في ذلك.

(١) المراد بالمسجد الحرام كل الحرم ، فان الارض انما يكون مسجدا باتخاذه مسجدا وتأسيسه كذلك ، كما قال عزوجل « لنتخذن عليهم مسجدا » الكهف : ٢١ ، وقوله تعالى « والذين اتخذوا مسجدا » براءة : ١٠٧ ، وقوله تعالى : « لمسجد اسس على التقوى من أول يوم » براءة : ١٠٨ ، ولما اتخذ ابراهيم خليل الله تمام الحرم مسجدا ، ولم يمكنه تأسيس المسجد وبناء الحيطان لها واسعا ، أمره الله عزوجل أن يرفع قواعد البيت علامة فلمع من جوانبها الاربع شعاع نور أضاء به كل الحرم ولذلك جعل النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله للحرم أعلاما يعرف به جوانبها الاربع حذاء قواعد البيت ، ولم يجعل لفضاء المسجد الذي كان يطوف الناس فيها ويصلون حصارا ، لعدم حصر المسجد في تلك الافناء.

وأول من أحاط المسجد الحرام بالحائط وجعله محصورا عمر بن الخطاب جهالة منه ومن مشاوريه أن ساكنى الحرم ضيف للمسجد اعتكفوا فيه بمضاربهم أولا ثم بأبنيتهم ثانيا ليتولوا حجابة البيت وسقايته ورفادته تبعا لقصى بن كلاب ولذلك جوز الامام أبوجعفر الباقر عليه السلام تخريب بنيانهم حول الكعبة توسعة للمسجد ، ولذلك لم يجز لاهل مكة أن يجعلوا لابواب دورهم مصراعا يمنع الدخول إلى فضاء بيتهم غير المسقف ، وأمر أمير المؤمنين

٤٠