بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٨
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

محمد بن عيسى ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : رأيت الرضا عليه‌السلام إذا سجد يحرك ثلاث أصابع من أصابعه واحدة بعد واحدة تحريكا خفيفا كأنه يعد التسبيح ثم يرفع رأسه (١).

بيان : لعل العد للتعليم لا لاحتياجه عليه‌السلام إلى ذلك ، كما علمنا بذلك جوازه.

١٩ ـ معاني الاخبار : باسناده عن أبي هريرة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بقتل الاسودين في الصلاة ، قال معمر : قلت : ليحيى : وما معن الاسودين؟ قال : الحية والعقرب (٢).

بيان : الاسودان على التغليب كالعمرين قال في النهاية : الاسود أخبث الحيات وأعظمها ، وهي من الصفة الغالبة حتى استعمل استعمال الاسماء وجمع جمعها ، ومنه الحديث أمر بقتل الاسودين ، أي الحية والعقرب.

٢٠ ـ قرب الاسناد : عن محمد بن خالد الطيالسي ، عن إسماعيل بن عبدالخالق قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن الرجل يكون في الجماعة مع القوم يصلي المكتوبة فيعرض له رعاف كيف يصنع؟ قال : يخرج فان وجد ماء قبل أن يتكلم فليغسل الرعاف ثم ليعد فليبن على صلاته (٣).

ايضاح : قال في المنتهى : لايقطع الصلاة رعاف ولا قئ ولو جاءه الرعاف أزاله وأتم الصلاة مالم يفعل ماينافي الصلاة ، ذهب إليه علماؤنا لانه ليس بناقض للطهارة على مابيناه ، والازالة من مصلحة الصلاة فلا يبطلها ، لان التقدير عدم الفعل الكثير (٤) ثم ذكر أخبارا كثيرة دالة عليه ، وذكر خبرين معارضين حملهما على فعل المنافي ، أو الاحتياج إلى فعل كثير أو على الاستحباب.

____________________

(١) عيون الاخبار ج ٢ ص ٨ في حديث.

(٢) معاني الاخبار ص ٢٢٩.

(٣) قرب الاسناد ص ٦٠ ط حجر : ٧٩ ط نجف.

(٤) راجع في ذلك ج ٨٠ ص ٢٢٥.

٣٠١

٢١ ـ المحاسن : عن إدريس بن الحسن ، عن يوسف بن عبدالرحمن قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : من تأمل خلف امرأة فلا صلاة له ، قال يونس : إذا كان في الصلاة (١).

بيان : حمل على نفي الكمال.

٢٢ ـ المحاسن : عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سئل عن رجل صلى الفريضة فلما رفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة الرابعة أحدث ، فقال : أما صلاته فقد مضت ، وأما التشهد فسنة في الصلاة فليتوضأ وليعد إلى مجلسه أو مكان نظيف فيتشهد (٢).

بيان : يدل على مذهب الصدوق ومخالف للمشهور كما مر.

٢٣ ـ المحاسن : عن محمد بن عيسى اليقطيني ، عن عبيد الله الدهقان ، عن درست ، عن ابن اذينة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لدغت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عقرب وهو يصلي بالناس فأخذ النعل فضربها ثم قال بعد ما انصرف : لعنك الله فما تدعين برا ولا فاجرا إلا آذيتيه ، قال : ثم دعا بملح جريش فدلك به موضع اللدغة ، ثم قال : لو علم الناس مافي الملح الجريش ما احتاجوا معه إلى ترياق ولا إلى غيره (٣).

٢٤ ـ فقه الرضا : قال عليه‌السلام : إن عطست وأنت في الصلاة أو سمعت عطسة

____________________

(١) المحاسن ص ٨٢.

(٢) المحاسن : ٣٢٥ ، ويحمل الحديث على ما اذا سبقه الحدث من دون اختيار.

لما عرفت من أنه كلما غلب الله على العبد فالله أولى له بالعذر ، فان كان الحدث في الاثناء ، انصرف وتوضأ ثم بنى على صلاته ، وان كان مضت صلاته وبقى التسليم المحلل فلا شئ عليه بعد التحليل القهرى الوارد عليه من دون اختياره ، نعم اذا كان في الاثناء يقتصر في تحصيل طهارته على أقل الافعال ، فلو تكلم في أثنائه أو استدبر وكان الماء في مقابله أو أحدث حدثا آخر أو غير ذلك فقد بطلت صلاته وعليه الاعادة.

(٣) المحاسن : ٥٩٠.

٣٠٢

فاحمد الله عليه أي حالة تكون ، وصل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (١).

تأييد : قال في المنتهى : يجوز للمصلي أن يحمد الله إذا عطس ويصلي على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأن يفعل ذلك إذا عطس غيره ، وهو مذهب أهل البيت عليهما‌السلام ، وبه قال الشافعي وأبويوسف وأحمد ، وقال أبوحنيفة : تبطل صلاته ، ثم قال : ويجوز أن يحمد الله على كل نعمة (٢).

٢٥ ـ السرائر : نقلا من جامع البزنطي قال : سألت الرضا عليه‌السلام عن الرجل يمسح جبهته من التراب وهو في صلاته قبل أن يسلم قال : لابأس.

قال : وسألته عن رجل يلتفت في صلاته هل يقطع ذلك صلاته؟ قال : إذا كانت الفريضة والتفت إلى خلفه فقد قطع صلاته ، فيعيد ماصلى ولا يعتد به ، وإن كانت نافلة فلا يقطع ذلك صلاته ولكن لايعود (٣).

٢٦ ـ السرائر : نقلا عن كتاب محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن حسين بن عثمان ، عن ابن مسكان قال محمد بن إدريس : واسم ابن مسكان الحسين وهو ابن أخي جابر الجعفي غريق في الولاية لاهل البيت عليهما‌السلام عن محمد بن مسلم قال : سألته عن الرجل يسلم عن القوم في الصلاة ، فقال : إذا سلم عليك مسلم وأنت في الصلاة فسلم عليه ، تقول : « السلام عليك » وأشر إليه بأصبعك (٤).

٢٧ ـ كتاب المسائل : عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يكون في أصبعه أو في شئ من يده الشئ ليصلحه ، له أن يبله ببصاقه ويمسحه في صلاته؟ قال : لابأس (٥).

قال : فسألته عن المرءة تكون في صلاتها قائمة يبكي ابنها إلى جنبها هل يصلح

____________________

(١) فقه الرضا : ٥٣ باب العطاس.

(٢ و ٣) السرائر : ٤٦٩.

(٤) السرائر : ٤٧٦.

(٥) المسائل البحار ج ١٠ ص ٢٨٠.

٣٠٣

لها أن تتناوله وتحمله وهي قائمة؟ قال : لاتحمل وهي قائمة (١).

قال : وسألته عن رجل وجد ريحا في بطنه فوضع يده على أنفه فخرج من المسجد متعمدا حتى خرجت الريح من بطنه ثم عاد إلى المسجد فصلى ولم يتوضأ أيجزيه ذلك؟ قال : لايجزيه ذلك ، حتى يتوضأ ولايعتد بشئ مما صلي (٢).

بيان : « لاتحمل وهي قائمة » يمكن أن يكون ذلك لاستلزام زيادة الركوع بناء على عدم اشتراط النية في ذلك ، وظاهر بعض الاصحاب اشتراطها ، قال في الذكرى : يجب أن يقصد بهويه الركوع ، فلو هوى بسجدة العزيمة أو غيرها في النافلة أو هوى لقتل حية أو لقضاء حاجة ، فلما انتهى إلى حد الراكع أراد أن يجعله ركوعا لم يجزه ، فيجب عليه الانتصاب ثم الهوى للركوع ، ولا يكون ذلك زيادة ركوع انتهى.

وروى الشيخ والصدوق عن زكريا الاعور (٣) قال : رأيت أبا الحسن عليه‌السلام يصلي قائما وإلى جانبه رجل كبير يريد أن يقوم ومعه عصا له فأراد أن يتناولها ، فانحط أبوالحسن عليه‌السلام وهو قائم في صلاته فناول الرجل العصا ثم عاد إلى صلاته ، وهذا يدل على الجواز وعلى الاشتراط المذكور ، وذكر العلامة والشهيد وغيرهما مضمون الرواية من غير رد.

ويمكن الجمع بينهما بحمل هذا الخبر على الفريضة أو الكراهة وخبر الاعور على النافلة أو على الجواز ، والاول أظهر ، ووضع اليد على الانف لايهام أنه خرج منه الدم لئلا يطلع الناس على خروج الريح منه ، فيفتضح بذلك ، ويمكن أن يستدل به على أنه لايحسن إظهار المعائب وليس إخفاؤها من الرياء المذموم ، وقد ورد هذا في طرق المخالفين ، وقال بعضهم : هو نوع من الادب في إخفاء القبيح والتورية بالاحسن عن الاقبح ، لا من الكذب والرياء ، بل من التجمل والحياء.

____________________

(١) المسائل البحار ج ١٠ ص ٢٦٤.

(٢) المسائل البحار ج ١٠ ص ٢٨٤.

(٣) التهذيب ج ١ ص ٢٣٠ ، الفقيه ج ١ ص ٢٤٣.

٣٠٤

٢٨ ـ قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلي وفي كمه شئ من الطير؟ قال : إن خاف عليه ذهابا فلا بأس (١).

وسألته عن الرجل هل يصلح له أن يستدخل الدواء ويصلي وهو معه هل ينقض الوضوء؟ قال : لاتنقض الوضوء ولا يصلي حتى يطرحه (٢).

وسألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلي وفي فيه الخرز واللؤلؤ؟ قال : إن كان يمنعه من قراءة فلا ، وإن كان لايمنعه فلا بأس (٣).

قال : وسألته عن الرجل يخطي في التشهد والقنوت هل يصلح له أن يردده حتى يتذكر أو ينصت ساعة ويتذكر قال : لابأس أن يردد وينصت ساعة حتى يتذكر وليس في القنوت سهو ولا التشهد (٤).

قال : وسألته عن الرجل يخطئ في قراءته هل يصلح له أن ينصت ساعة ويتذكر؟ قال : لابأس (٥).

بيان : الظاهر أن المنع عن الصلاة مع الدواء لاحتمال فجأة الحدث أو لمنعه حضور القلب ، لا لكونه حاملا للنجاسة ، كما توهم ، فان النجاسة في الباطن لايخل بصحة الصلاة وأما الخرز فالظاهر أنه مع عدم منافاة القراءة لا خلاف في جواز كونه في الفم ، قال في التذكرة : لو كان في فمه شئ لايذوب صحت صلاته ، إن لم يمنع القراءة وأما اللؤلؤ فيدل على جواز الصلاة معه ردا لمن توهم كونه جزء من الحيوان الذي لايؤكل لحمه ، وقد مر الكلام (٦) ويدل على جواز تكرير القراءة والاذكار لتذكر ما بعده ، واستشكل في القراءة لتوهم القرآن ، وسيأتي أن مثل

____________________

(١) قرب الاسناد ص ١١٣ ط نجف.

(٢) قرب الاسناد ص ١١٤ ط نجف ٩٩ ط حجر.

(٣) قرب الاسناد ص ٨٨ ط حجر.

(٤ ـ ٥) قرب الاسناد ص ١٢٤ ط نجف.

(٦) راجع ج ٨٣ ص ١٧٣.

٣٠٥

ذلك ليس بداخل في القرآن المنهي عنه ، وقد مر تكرير بعض الآيات من بعضهم عليهما‌السلاموكذا يدل تجويز الصمت في أثناء القراءة والذكر ، وحمل على ما إذا لم يخرج من كونه قاريا أو مصليا وقد تقدم القول فيه.

٢٩ ـ العياشي : عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن عليه‌السلام في قول الله « ولاتقربوا الصلاة وأنتم سكارى » قال هذا قبل أن يحرم الخمر (١).

٣٠ ـ أربعين الشهيد : باسناده ، عن الشيخ ، عن ابن أبي حميد ، عن محمد ابن الحسن بن الوليد ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سلم عمار على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الصلاة فرد عليه ، ثم قال أبوجعفر عليه‌السلام : إن السماء اسم من أسماء الله عزوجل (٢).

بيان : ظاهره أن السلام الداخل في التسليم يراد به اسمه تعالى وقد دل عليه غيره من الاخبار أيضا قال في النهاية : التسليم مشتق من السلام اسم الله تعالى لسلامته من العيب والنقص ، وقيل : معناه أن الله مطلع عليكم فلا تغفلوا وقيل : معناه اسم السلام عليكم أي اسم الله عليكم ، إذ كان اسم الله تعالى يذكر على الاعمال توقعا لاجتماع معاني الخيرات فيه وانتفاء عوارض الفساد عنه ، وقيل معناه سلمت مني فاجعلني أسلم منك ، من السلامة بمعنى السلام انتهى ، والغرض من ذلك إما أنه ذكر الله تعالى لاشتماله على الاسم أو أنه دعاء لذلك.

٣١ ـ الذكرى : قال : روى البزنطي عن الباقر عليه‌السلام قال : إذا دخلت المسجد والناس يصلون فسلم عليهم ، وإذا سلم عليك فاردد ، فاني أفعله ، فان عمار بن ياسر مر على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يصلي ، فقال : السلام عليك يارسول الله ورحمة الله وبركاته! فرد عليه‌السلام (٣).

٣٢ ـ كتاب مثنى بن الوليد قال : كنت جالسا عند أبي عبدالله عليه‌السلام فقال له :

____________________

(١) تفسير العياشي ج ١ ص ٢٤٢.

(٢) أربعين الشهيد : ١٩٥.

(٣) الذكرى :

٣٠٦

ناجية أبوحبيب الطحان أصلحك الله إني أكون اصلي بالليل النافلة فأسمع من الرغاء ما أعلم أن الغلام قد نام عنها فأضرب الحايط لاوقظه؟ قال : نعم وما بأس بذلك أنت رجل في طاعة ربك تطلب رزقك.

إن الفضل بن عباس صلى بقوم وسمع رجلا خلفه يفرقع أصبعه فلم يزل يغيظ حتى انفتل فلما انفتل قال : أيكم عبث بأصبعه؟ قال صاحبها : أنا فقال : قال له : سبحان الله ألا كففت عن أصبعك ، فان صاحب الصلاة إذا كان قائما فيها كان كالمودع لها لاتعد إلى مثلها أبدا صل صلاة مودع لاترجع إلى مثلها أبدا أتدري من تناجي؟ لاتعد إلى مثل ذلك (١).

٣٢ ـ دعائم الاسلام : عن علي صلوات الله عليه قال : من تكلم في صلاته أعاد (٢).

وعنه عليه‌السلام قال : كنت إذا جئت النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله استأذنت فان كان يصلي سبح فعلمت فدخلت ، وإن لم يكن يصلي أذن لي فدخلت (٣).

وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه سئل عن الرجل يريد الحاجة وهو في الصلاة قال : يسبح (٤).

وعنه عليه‌السلام قال : الضحك في الصلاة يقطع الصلاة فأما التبسم فلا يقطعها (٥)

وعنه عليه‌السلام قال في الرجل يريد الحاجة وهو في الصلاة يسبح أو يشير أو يؤمئ برأسه ، ولايلتفت وإذا أرادت المرءة الحاجة وهي في الصلاة صفقت بيديها (٦).

وعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه نهى عن النفخ في الصلاة (٧).

وعن جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنه نهى أن ينفخ الرجل في موضع سجوده في الصلاة (٨).

وعن علي عليه‌السلام قال : إذا تنخم أحدكم فليحفر لها ويدفنها تحت رجليه ، يعني

____________________

(١) رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٢٢٨ ، والكلينى في الكافى ج ٣ ص ٣٠١ ، إلى قوله : تطلب رزقك.

(٢ ـ ٥) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٧٢.

(٦ ـ ٨) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٧٣.

٣٠٧

إذا وقت على الحصا أو على الرمل أو ما أشبه ذلك (١).

وعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه نهى عن النخامة في القبلة وأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله نظر إلى نخامة في قبلة المسجد فلعن صاحبها ، وكان غائبا ، فبلغ ذلك امرأته فأتت فحكت النخامة وجعلت مكانها خلوقا ، فأثنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليها خيرا لما حفظت من أمر زوجها (٢).

وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام في الرجل تؤذيه الدابة وهو يصلي قال : يلقيها عنه ويدفنها في الحضا (٣).

وسئل عن الرجل يرى العقرب أو الحية وهو في الصلاة قال : يقتلها (٤).

وعن علي عليه‌السلام أنه قال : نهاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن أربع : عن تقليب الحصا في الصلاة ، وأن اصلي وأنا عاقص رأسي من خلفى ، وأن أحتجم وأنا صائم ، وأن أخص يوم الجمعة بالصوم (٥).

بيان : عقص الشعر جمعه في وسط الرأس وظفره وليه كما ذكره الاصحاب ، وفي النهاية أصل العقص اللي وإدخال أطراف الشعر في اصوله ، ومنه حديث ابن عباس الذي يصلي ورأسه معقوص كالذي يصلي وهو مكتوف ، أراد أنه إذا كان شعره منثورا سقط على الارض عند السجود ، فيعطي صاحبه ثواب السجود به ، وإذا كان معقوصا صار في معنى مالم يسجد ، وشبهه بالمكتوف وهو المشدود اليدين ، لانهما لايقعان على الارض في السجود انتهى.

واختلف الاصحاب في حكمه فذهب الشيخ ، وجماعة من الاصحاب إلى التحريم واستدل عليه باجماع الفرقة ، وبرواية مصادف (٦) عن أبي عبدالله عليه‌السلام في رجل صلى

____________________

(١ ـ ٢) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٧٣ ولفظ الثانى هكذا « وجعلت مكانها خلوقا فرأى ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ماهذا؟ فأخبر بما كان من المرءة ، فأثنى عليها خيرا لما حفظت من أمر زوجها ، فجعلت العامة تخلق المساجد قياسا على هذا ، ولم يفعله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكثير من الناس ينهى عنه ويكرهه ، وكثير يراه ويستحسنه ، على الاصل الذي ذكرناه.

(٣ ـ ٥) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٧٤.

(٦) التهذيب ج ١ ص ٢٠٢.

٣٠٨

صلاة فريضة وهو معقوص الشعر ، قال : يعيد صلاته ، وهو استدلال ضعيف لمنع الاجماع وضعف الرواية ، ولايبعد حملها على التقية ، وذهب المحقق وأكثر الاصحاب إلى الكراهة ، وهو أقوى ، وعلى التقديرين الحكم مختص بالرجال ، وأما النساء فلا كراهة ولا تحريم في حقهن إجماعا ، وأما صوم يوم الجمعة فسيأتي الكلام فيه.

٣٤ ـ الدعائم : عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنه سئل عن الرجل يعد آلآى في الصلاة؟ قال : ذلك أحصى للقرآن (١).

وعن علي عليه‌السلام قال : إذا عطس أحدكم في الصلاة فليعطس كعطاس الهر رويدا (٢).

وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال : من عطس في الصلاة فليحمد الله وليصل على النبي سرا في نفسه (٣).

وعنه عليه‌السلام أنه رخص في مسح الجبهة من التراب في الصلاة : ونهى ( أن يغمض المصلي عينيه وهو في الصلاة و ) أن يتورك في الصلاة ، وهو أن يجعل المصلي يديه على وركيه (٤).

وعن عليه‌السلام أنه سئل عن سكران صلى وهو سكران؟ قال : يعيد الصلاة (٥).

٣٥ ـ مشكوة الانوار : عن الباقر عليه‌السلام قال : لاتسلموا على اليهود والنصارى ولا على المجوس ولا على عبدة الاوثان ، ولا على موائد شراب الخمر ، ولا على صاحب الشطرنج والنرد ، ولا على المخنث ولا على الشاعر الذي يقذف المحصنات ، ولا على المصلي وذلك أن المصلي لايستطيع أن يرد السلام ، لان التسليم من المسلم تطوع ، والرد عليه فريضة ، ولا على آكل الربا ، ولا على رجل جالس على غائط ولا على الذي في الحمام ، ولا على الفاسق المعلن بفسقه (٦).

٣٦ ـ مجمع الدعوات : عن إسحاق بن محمد بن مروان الكوفي ، عن أبيه ، عن

____________________

(١ ـ ٢) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٧٤.

(٣ ـ ٤) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٧٥.

(٥) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٩٨.

(٦) مشكاة الانوار : ١٩٨.

٣٠٩

الحسن بن محبوب عن خالد بن سعيد ، عن عامر الشعبي ، عن عدي بن حاتم قال : دخلت على أمير المؤمنين عليه‌السلام فوجدته قائما يصلي متغيرا لونه ، فلم أر مصليا بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أتم ركوعا ولا سجودا منه ، فسعيت نحوه فلما سمع بحسي أشار إلى بيده فوقفت حتى صلى ركعتين أوجزهما وأكملهما ، ثم سلم ثم سجد سجدة أطالها الخبر.

٣٧ ـ كتاب عاصم بن حميد : عن أبي بصير ومحمد بن مسلم قالا سألنا أبي جعفر عليه‌السلام عن الرجل يدخل المسجد فيسلم والناس في الصلاة قال : يردون السلام عليه قال : ثم قال : إن عمار بن ياسر دخل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو في الصلاة فسلم فرد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

تكملة : ذكر الاصحاب بعض مبطلات الصلاة ، منها ماذكر في ضمن الاخبار ، ومنها ما لم يذكر فمنها التكلم بحرفين فصاعدا ونقل الاجماع عليه (١) وقد ظهر من كثير من الاخبار السابقة بعضها صريحا وبعضها تلويحا ، حيث جوزوا الافعال لاعلام الغير ، ولو كان الكلام جائزا لم يحتج إلى ذلك ، وكان أولى.

وأجمعوا ظاهرا على عدم البطلان بالحرف الواحد غير المفهم ، وإن شمله بعض الاطلاقات ، والاحوط الترك ، وأما الواحد المفهم كع وق فالاكثر على إبطاله كما هو الاظهر ، واستشكل العلامة في التذكرة فيه.

وأما التنحنح فالظاهر عدم كونه مبطلا كما صرح به جماعة ، لعدم صدق التكلم عليه لغة وعرفا ، ويدل على جوازه موثقة عمار (٢) وقال في المنتهى : لو تنحنح

____________________

(١) ويدل عليه قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله « تحريمها التكبير وتحليلها التسليم » حيث حرم الكلام بعد التحريم حتى يسلم فيحل له الكلام ، ويؤيده ماورد في علل جعل التسليم تحليلا للصلاة على ما سيجئ في بابه. ولايذهب عليك أن التكلم بحرف أو حرفين انما يبطل الصلاة اذا كان يريد الكلام كما اذا خاطب أحدا أو زجر دابة ولو بحرف غير مفهم للمعنى ، واما اذا خرج من فيه حرف أو حرفان وكان لها معنى عند العرف لكنه لم يرد الكلام والتكلم ، بل كان بعنوان التنحنح أو دفع الخلط والسعال ، فلا بطلان ، وسيجئ مزيد بيان لذلك.

(٢) الفقيه ج ١ ص ٢٤٢.

٣١٠

بحرفين وسمي كلاما بطل صلاته ، وهذا الفرض مستبعد بل يمكن ادعاء استحالته إلا أن ينضم إليه كلام آخر.

وكذا الكلام في التأوه بحرفين ، وحكم الاكثر فيه بالابطال ، وهو محل نظر إلا أن يصدق عليه الكلام عرفا ، ولو تأوه كذلك خوفا من النار ، ففي البطلان وجهان ، واختار المحقق في المعتبر عدمه استنادا إلى أن ذلك منقول عن كثير من الصلحاء في الصلاة ، قال ووصف إبراهيم بذلك يؤذن بجوازه ، وكذا الانين بحرفين مبطل على المشهور ويدل عليه رواية طلحة بن زيد (١) ولا فرق عند الاصحاب في الابطال بين كون الكلام لمصلحة الصلاة أو لمصلحة اخرى ، ويفهم من المعتبر والمنتهى كونه إجماعيا ، وذكر العلامة في النهاية عدم الابطال ، وهو نادر ، وإشارة الاخرس غير مبطل لانها ليست بكلام ، وفيه وجه ضعيف بالبطلان.

ثم اعلم أنه لا خلاف بين الاصحاب في أن الكلام إنما يبطل إذا كان عمدا ، فلو تكلم سهوا لم يبطل (٢) ، ويلزم سجدتا السهود كما سيأتي ، ولو ظن إتمام الصلاة

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ٢٣٠.

(٢) اذا تكلم المصلى بكلام عمدا بمعنى أنه مع التوجه إلى كونه في الصلاة عمد إلى التكلم بالكلام ، فقد أعرض بكلامه ذلك عن صلاته وأبطل تحريم صلاته وهو التكبير المحرم ، فيكون خارجا عن الصلاة وشعا ، قاطعا لصلاته شرعا ، مبطلا لعمله وقد حرم الله عليه ذلك بقوله عزوجل : « أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولاتبطلوا أعمالكم » وهكذا اذا تكلم بكلام متعمدا إلى الكلام ، الا أنه سها عن صلاته وزعم أنه خارج عن الصلاة كالذى ظن تمامها أو كان مكرها ، بطلت صلاته أيضا لتعمد الكلام الذي ينافي تكبيرة الاحرام وضعا الا أنه غير آثم كالذى يفطر في شهر رمضان كرها واجبارا ، يبطل صومه لتعمد الافطار.

وأما اذا تكلم بكلام سهوا ، بمعنى أنه لم يرد الكلام ، بل أراد أن يتنفس أو يتنحنح أو يسعل فخنق وخرج من فيه كلام بحرف أو حرفين فلا بطلان حينئذ ولا اثم ، لعدم منافاته تحريم الصلاة ومثله ما اذا أراد أن يسبح الله أو يحمده أو يقرء قراءة فغلط فيها وخرج من فيه ما يشبه كلام الادمى قهرا.

٣١١

فتكلم لم تفسد صلاته على المشهور بين الاصحاب وذهب الشيخ في النهاية إلى البطلان والاول أقرب الاخبار الكثيرة عليه (١) ولو تكلم مكرها فالظاهر البطلان ، وتردد في المنتهى ثم اختار الابطال.

ومنها الاكل والشرب وذهب جماعة منهم الشيخ في الخلاف والمبسوط إلى الابطال ، ومنعه المحقق في المعتبر ، وطالبه بالدليل على ذلك (٢) واستقرب عدم البطلان إلا مع الكثرة ، واختاره جماعة من المتأخرين ولايخلو من قوة قال في المنتهى : ولو ترك في فيه شيئا يذوب كالسكر ، فذاب فابتلعه لم يفسد صلاته عندنا ، وعند الجمهور ، لانه ليس أكلا ، أما لو بقي بين أسنانه شئ من بقايا الغذاء فابتلعه في الصلاة لم تفسد صلاته قولا واحدا لانه لايمكن التحر عنه ، وكذا لو كان في فيه لقمة ولم يبلعها إلا في الصلاة لانه فعل قليل انتهى.

ولو وضع في فيه لقمة ومضغها وابتلعها ، أو تناول قلة فشرب منها ، فقال العلامة في التذكرة والنهاية أنه مبطل ، ونقل في المنتهى إجماع الاصحاب على عدم بطلان الصلاة بالاكل والشرب ناسيا.

واستثنى القائلون بالمنع الشرب في صلاة الوتر لمريد الصوم ، وخائف العطش فيه لرواية سعيد الاعرج (٣) قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام إني أبيت واريد الصوم فأكون في الوتر فأعطش فأكره أن أقطع الدعاء وأشرب ، وأكره أن أصبح وأنا عطشان وأمامي قلة بيني وبينها خطوتين أو ثلاثة ، قال عليه‌السلام : تسعى إليها وتشرب منها حاجتك وتعود إلى الدعاء.

____________________

(١) سيأتي الكلام فيها مشروحا انشاء الله تعالى.

(٢) الاصل في ذلك قوله صلى الله عليه وآله « تحريمها التكبير وتحليلها التسليم » فيحرم على المصلى بعد تكبيرة الاحرام تعمد كل فعل ينافى أفعال الصلاة كل كلام ينافي ذكر الله عزوجل ، نعم اذا دخل في فيه شئ أو ماء دافق ودخل جوفه من غير تعمد منه للازدراد ، كان مغلوبا عليه ، وكل ما غلب الله على العبد ، فالله أولى له بالعذر.

(٣) التهذيب ج ١ ص ٢٣٠.

٣١٢

واستقرب في المنتهى اعتبار القبلة ههنا ، وحمل الرواية عليها ، ويفهم منه أن الفعل الكثير قادح في النوافل أيضا وهو ظاهر إطلاقاتهم ، وقد تردد فيه بعض المتأخرين نظرا إلى مادل على اختلاف حكم الفريضة والنافلة ، ووقوع المساهلة التامة فيها مثل فعلها جالسا وراكبا وماشيا إلى غير القبلة ، وبدون السورة ، والاحوط عدم إيقاع مالم يرد فيه نص بالخصوص.

ومنها البكاء للامور الدنيوية كذهاب مال أو فوت محبوب ، ذهب الشيخان وجماعة إلى بطلان الصلاة به ، ولا يعلم فيه مخالف من القدماء ، وتوقف فيه بعض المتأخرين لضعف مستنده ، واجيب أن ضعفه منجبر بالشهرة ، والاحوط الاجتناب وهذا إذا كان البكاء لامور الدنيا ، وأما البكاء خشية من الله تعالى أو حبا له أو ندامة على ما صدر منه من الزلات فهو من أعظم القربات كما يدل عليه الروايات (١).

ثم اعلم أن الاصحاب أطلقوا البكاء للامور الدنيوية ، وهو يشتمل ما إذا كان لطلبها أيضا والظاهر أنه أيضا من الطاعات كلها يظهر من الاخبار فالاصوب تخصيصه بالبكاء لفقدها كما ورد في الخبر (٢) حيث قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن البكاء في الصلاة أيقطع الصلاة؟ قال : إن بكى لذكر جنة أو نار فذلك هو أفضل الاعمال في الصلاة ، وإن كان لذكر ميت له فصلاته فاسدة ، حيث خص البطلان بما هو من قبيل فقد شئ.

فان قيل : مفهوم الجزء الاول من الخبر يدل على أن مالم يكن من الامور الاخروية يكون مبطلا ، قلت : مفهومه يدل على أن مالم يكن كذلك ليس أفضل الاعمال وعدم كونه كذلك لايستلزم الابطال.

____________________

(١) هذا اذا كان البكاء من دون صوت ، أعنى بخروج الدمع فقط وأما اذا كان مع الصوت فهو فعل مناف لافعال الصلاة ، وتعمده مبطل لها ، فالبكاء مع الصوت كالقهقهة والبكاء من دون صوت بسيلان الدمع كالتبسم.

(٢) التهذيب ج ١ ص ٢١٨.

٣١٣

وقال الشهيد الثاني ره : أعلم أن البكاء المبطل للصلاة هو المشتمل على الصوت لا مجرد خروج الدمع مع احتمال الاكتفاء به في البطلان ، ووجه الاحتمالين اختلاف معنى البكاء مقصورا وممدودا ، والشك في إرادة أيهما من الاخبار ، قال الجوهري البكاء يمد ويقصر ، فاذا مددت أردت الصوت الذي يكون مع البكاء ، وإذا قصرت أردت الدموع وخروجها انتهى.

وهذا الفرق لايظهر من كلام غيره من اللغويين والعرف لايفرق بينهما والظاهر من كلام الاصحاب الاعم فالاحوط تركهما ، ولو عرض بغير اختيار فالاحوط الاتمام ثم الاعادة ، والله تعالى يعلم وحججه حقائق الاحكام (١).

____________________

(١) ومما يتعلق بقوله تعالى : « واذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ان الله كان على كل شئ حسيبا » أن لفظ « تحية » بتنكيرها تدل على أن كل تحية سواء كانت تحية الجاهلية أو تحية الاسلام أو تحية أهل الكتاب أو الصابئين مثلا يجب أن يرد جوابها ، الا أن الجواب أبدا ، لايكون الا بما علمه الله عزوجل بقوله : « فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة » على ماعرفت سابقا ، وهو تحية أهل الجنة وتحية الانبياء والمرسلين والملائكة المقربين ، وهو سلام عليكم « أو » السلام عليكم.

فهذه التحية أعنى التسليم ان وقع في جواب تحية المسلمين بالسلام يكون ردا لها بمثلها ، وان وقع في جواب تحيات غيرهم وبغير السلام يكون ردا لها بأحسن منها ، فان تحية الاسلام أحسن التحيات كما عرفت وجهه ص ٢٧٢.

فالمراد بالاحسن ليس من حيث الصيغة حتى يقال ان « السلام عليكم » أحسن من « سلام عليكم » وهكذا ، بل من حيث أصل التحية ، فاذا ورد على المصلى أحد وحياه بتحية أي تحية كانت وبأى صيغة كانت يحب عليه رد تحيته بالسلام يقول : « سلام عليكم » أو بحذف الخبر ، ولذك رد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على عمار بقوله « سلام عليك » ، ولو كان المراد هو الاحسن من حيث الصيغة ، لاخذ به النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله فانه هو المبلغ عن الله عزوجل فهو أولى من كل أحد أن يأخذ بما جاء به من عند الله العزيز الحكيم ، خصوصا والمسلم هو عمار الذى ملئ ايمانا من قرنه إلى قدمه يشتاق اليه الجنة.

٣١٤

١٨

( باب )

* « ( من لاتقبل صلاته وبيان بعض ما ) » *

* « ( نهى عنه في الصلاة ) » *

١ ـ العلل : عن الحسين بن أحمد ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن خالد قال : قلت للرضا عليه‌السلام : إنا روينا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أن من شرب الخمر لم يحتسب صلاته أربعين صباحا؟ فقال : صدقوا ، فقلت : وكيف لايحتسب صلاته أربعين صباحا لا أقل من ذلك ولا أكثر؟ قال : لان الله تبارك وتعالى قدر خلق الانسان فصير النطفة أربعين يوما ، ثم نقلها فصيرها علقة أربعين يوما ، ثم نقلها فصيرها مضغة أربعين يوما ، وهذا إذا شرب الخمر بقيت في مشاشه على قدر ما خلق منه وكذلك يجتمع غذآؤه وأكله وشربه تبقى في مشاشة أربعين يوما (١).

بيان : لعل المراد أن بناء بدن الانسان على وجه يكون التغيير الكامل فيه بعد أربعين يوما كالتغيير من النطفة إلى العلقة إلى ساير المراتب ، فالتغيير عن الحالة التي حصلت في البدن من شرب الخمر إلى حالة اخرى بحيث لايبقى فيه أثر منها لا يكون إلا بعد مضي تلك المدة.

وقال شيخنا البهائي قدس الله روحه : لعل المراد بعدم القبول هنا عدم ترتب الثواب عليها في تلك المدة لا عدم إجزائها ، فانها مجزية اتفاقا ، وهو يؤيد ما يستفاد من كلام السيد المرتضى أنار الله برهانه ، من أن قبول العبادة أمر مغاير للاجزاء ، فالعبادة المجزية هي المبرئة للذمة المخرجة عن عهدة التكليف ، والمقبولة هي مايترتب عليها الثواب ، ولا تلازم بينها ، ولا اتحاد ، كما يظن.

____________________

وبهذا يظهر الجواب عما قد يورد على سياق الاية الشريفة أنه : كيف خبر جواب التحية بين الاحسن وغير الاحسن والعكس أولى ، بل كيف جعل غير الاحسن كالاستدراك بقوله « أو رودها » كأنه أضرب عن الاحسن ويأمرهم برد التحية مثلها؟

(١) علل الشرايع ج ٢ ص ٣٤ وفيه « في مثانته ».

٣١٥

ومما يدل على ذلك قوله تعالى : « إنما يتقبل الله من المتقين » (١) مع أن عباة غير المتقين مجزية إجماعا ، وقوله تعالى حكاية عن إبراهيم واسماعيل : « ربنا تقبل منا » (٢) مع أنهما لايفعلان غير المجزي ، وقوله تعالى : « فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر » (٣) مع أن كلا منهما فعل ما أمر به من القربان ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن من الصلاة ما يقبل نصفها وثلثها وربعها ، وإن منها لما تلف كما يلف الثوب الخلق فيضرب بها وجه صاحبها ، والتقريب ظاهر ، ولان الناس لم يزالوا في ساير الاعصار والامصار يدعون الله تعالى بقبول أعمالهم بعد الفراغ منها ، ولو اتحد القبول والاجزاء لم يحسن هذا الدعاء إلا قبل الفعل كما لا يخفى ، فهذه وججوه خمسة تدل على انفكاك الاجزاء عن القبول.

وقد يجاب عن الاول بأن التقوى على مراتب ثلاث أولها التنزه عن الشرك وعليه قوله تعالى : « وألزمهم كلمة التقوى » (٤) قال المفسرون هي قول لا إله إلا الله وثانيها التجنب عن المعاصي ، وثالثها التنزه عما يشغل عن الحق جل وعلا ولعل المراد بالمتقين أصحاب المرتبة الاولى ، وعبادة غير المتقين بهذا المعنى غير مجزية ، وسقوط القضاء ، لان الاسلام يجب ما قبله.

وعن الثاني بأن السؤال قد يكون للواقع ، والغرض منه بسط الكلام مع المحبوب ، وعرض الافتقار لديه ، كما قالوه في قوله تعالى « ربنا لاتؤاخذنا إن نسينا أو أخطانا » (٥) على بعض الوجوه.

وعن الثالث بأنه تعبير بعدم القبول عن عدم الاجزاء ، ولعله تخلل في الفعل.

____________________

(١) المائدة : ٢٧.

(٢) البقرة : ١٢٧.

(٣) المائدة : ٢٧.

(٤) الفتح : ٢٦.

(٥) البقرة : ٢٨٦.

٣١٦

وعن الرابع أنه كناية عن نقص الثواب ، وفوات معظمه.

وعن الخامس أن الدعاء لعله لزيادة الثواب وتضعيفه ، وفي النفس من هذه الاجوبة شئ ، وعلى ما قيل في الجواب عن الرابع ينزل عدم قبول صلاة شارب الخمر عند السيد المرتضى ( رض ) انتهى كلامه رفع الله مقامه ، والحق أنه يطلق القبول في الاخبار على الاجزاء تارة بمعنى كونه مسقطا للقضاء أو للعقاب ، أو موجبا للثواب في الجملة أيضا ، وعلى كمال العمل وترتب الثواب الجزيل والآثار الجليلة عليه كما مر في قوله تعالى « إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر » (١) وعلى الاعم منهما كما سيأتي في بعض الاخبار ، وفي هذا الخبر منزل على المعنى الثاني عند الاصحاب.

٢ ـ كتاب زيد النرسي : عن علي بن زيد قال : حضرت أبا عبدالله عليه‌السلام ورجل يسأله عن شارب الخمر أتقبل له صلاة؟ فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : لاتقبل صلاة شارب المسكر أربعين يوما إلا أن يثوب ، قال له الرجل : فان مات من يومه وساعته؟ قال : تقبل توبته وصلاته إذا تاب ، وهو يعقله ، فأما أن يكون في سكره فما يعبؤ بتوبته.

٣ ـ كتاب جعفر بن محمد بن شريح : عن عبدالله بن طلحة النهدي قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : ثلاثة لايقبل الله لهم صلاة : جبار كفار ، وجنب نام على غير طهارة ، ومتضمخ بخلوق.

٤ ـ الخصال : عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد ابن أبي عبدالله البرقي ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن ابن بقاح ، عن زكريا بن محمد عن عبدالملك بن عمير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أربعة لاتقبل لهم صلاة ، الامام الجائر والرجل يؤم القوم وهم له كارهون ، والعبد الآبق من مولاه من غير ضرورة ، والمرءة تخرج من بيت زوجها بغير إذنه (٢).

ومنه : عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد الاشعري ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي رفعه إلى أبي عبدالله عليه‌السلام قال :

____________________

(١) العنكبوت : ٤٥.

(٢) الخصال ج ١ ص ١١٥.

٣١٧

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثمانية لايقبل الله لهم صلاة : العبد الآبق حتى يرجع إلى مولاه والناشز عن زوجها وهو عليها ساخط ، ومانع الزكاة ، وتارك الوضوء ، والجارية المدركة تصلي بغير خمار ، وإمام قوم يصلي بهم وهم له كارهون ، والزنين قال : يارسول الله وما الزنين؟ قال : الذي يدافع الغائط والبول ، والسكران فهؤلاء الثمانية لاتقبل منهم صلاة (١).

معاني الاخبار : عن محمد بن موسى بن المتوكل ، عن أحمد بن إدريس ومحمد العطار مثله (٢).

المحاسن : عن أبيه ، عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبدالله عليه‌السلام مثله (٣).

الهداية : مرسلا مثله (٤).

بيان : قد مر الخبر بشرحه في كتاب الطهارة (٥) والقبول فيه أعم من الاجزاء والكمال ، وفي الثلاثة الاولة الظاهر عدم الكمال كما هو المشهور وإن ورد في الآبق في خبر الساباطي وغيره أنه بمنزلة المرتد ، ويظهر من الصدوق القول به ، فان الظاهر أنه على المبالغة والتشبيه في المخالفة العظيمة ، وربما يقال : بعدم الصحة فيها ، بناء على أن الامر بالشئ يستلزم النهي عن ضده ، والنهي في العبادة مستلزم الفساد ، كما ذكره العلامة رحمه الله وغيره ، وفيهما أبحاث طويلة حققت في الاصول.

وفي الرابع لا خلاف في كونه محمولا على عدم الاجزاء وكذا الخامس ، وفي السادس والسابع على نفي الكمال كما نقل عليهما الاجماع ، وأما الثامن فان حمل على السكران حقيقة فهو محمول على عدم الصحة اتفاقا ، ويجب القضاء ، وإن حمل على النشوان ، فالمشهور عدم الكمال ، وإن كان الاحوط القضاء أيضا.

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ٣٨.

(٢) معاني الاخبار ص ٤٠٤.

(٣) المحاسن ص ١٢.

(٤) الهداية ص ٤٠ ط الاسلامية.

(٥) راجع ج ٨٠ ص ٢٣٢.

٣١٨

والزنين في بعض النسخ بالياء الموحدة وفي بعضها بالنون ، وكلاهما صحيحان ، قال في النهاية : فيه لايقبل الله صلاة الزنين هو الذي يدافع الاخبثين ، وهو بوزن السجيل هكذا رواه بعضهم والمشهور بالنون كما روي لايصلين أحدكم وهو زنين أي حاقن ، يقال : زن فذن أي حقن فقطر ، وقيل : هو الذي يدافع الاخبثين معا.

٥ ـ الخصال : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن معاوية بن حكيم ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن الفضيل بن يسار قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول من شرب الخمر لم يقبل صلاته أربعين يوما فان ترك الصلاة في هذه الايام ضوعفت عليه العذاب لترك الصلاة (١).

وخبر آخر : إن شارب الخمر توقف صلاته بين السماء والارض ، فاذا تاب ردت عليه (٢).

بيان : « ردت عليه » أي مقبولة أو ثوابها وكون المراد عدم القبول مع التوبة أيضا بعيد.

٦ ـ مجالس ابن الشيخ : عن أبيه ، عن المفيد ، عن محمد بن عمر الجعابي ، عن ابن عقدة الحافظ ، عن محمد بن عبدالله بن غالب ، عن الحسين بن رياح ، عن ابن عميرة ، عن محمد بن مروان ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال ثلاثة لايقبل الله لهم صلاة : عبد آبق من مواليه حتى يرجع اليهم فيضع يده في أيديهم ، ورجل أم قوما وهم له كارهون ، وامرأت باتت وزوجها عليها ساخط (٣).

مجالس المفيد : عن الجعابي مثله (٤).

كتاب جعفر بن محمد بن شريح ، عن عبدالله بن طلحة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله.

٧ ـ معاني الاخبار ومجالس الصدوق : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن يحيى بن المبارك ، عن عبدالله بن جبلة ، عن إسحاق بن عمار قال : سمعت

____________________

(١ ـ ٢) الخصال ج ٢ ص ١٠٩ ، ورواه في ثواب الاعمال ص ٢١٨.

(٣) أمالي الطوسي ج ١ ص ١٩٦.

(٤) أمالي المفيد ص ١١٠.

٣١٩

أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : لا صلاة لحاقن ولا لحاقب ولا لحاذق ، فالحاقن الذي به البول ، والحاقب الذي به الغائط والحاذق الذي به ضغطة الخف (١).

بيان : قال في النهاية : فيه أنه نهى عن صلاة الحاقب والحاقن ، الحاقب الذي احتاج إلى الغائط فلم يتبرز ، فانحصر غائطه ، والحاقن هو الذي حبس بوله كالحاقب للغايط وقال : الحاذق الذي ضاق عليه خفه فخرق رجله أي عصرها وضعطها وهو فاعل بمعنى مفعول انتهى ، وعد الاصحاب هذه الثلاثة من مكروهات الصلاة.

٨ ـ العلل والخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عيسى ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن ، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم ، عن الصادق عليه‌السلام عن آبائه قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إذا غلبتك عينك وأنت في الصلاة فاقطع الصلاة ونم ، فانك لاتدري لعلك أن تدعو على نفسك (٢).

٩ ـ الخصال : بالاسناد المتقدم قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من شرب الخمر لم تقبل صلاته أربعين يوما وليلة (٣).

ومنه : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن ثعلبة ، عن ميسر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال شيئا يفسد الناس بهما صلاتهم : قول الرجل : تبارك اسمك وتعالى جدك ، وإنما هو شئ قالته الجن بجهالة فحكى الله عنهم ، وقول الرجل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين (٤).

____________________

(١) معاني الاخبار ص ٢٣٧ ، أمالي الصدوق ص ٢٤٨.

(٢) علل الشرايع ج ٢ ص ٤٢ ، الخصال ج ٢ ص ١٦٥.

(٣) الخصال ج ٢ ص ١٦٧.

(٤) الخصال ج ١ ص ٢٦ ، قال الطبرسي في قوله تعالى : « وأنه تعالى جد ربنا » : والمعنى تعالى جلال ربنا وعظمته عن اتخاذ الصحابة والولد ، عن الحسن ومجاهد ، وقيل : معناه تعالت صفات الله التى هى له خصوصا وهي الصفات العالية ليست للمخلوقين عن أبي مسلم وقيل : تعالى قدرة ربنا ، عن ابن عباس ، وقيل : تعاى ذكره عن مجاهد ، وقيل فعله وأمره عن الضحاك ، وقيل علا ملك ربنا عن الاخفش ، وقيل تعالى آلاؤه ونعمه على الخلق عن

٣٢٠