بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٨
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

أن أبا عبدالله عليه‌السلام كان يقيم بعد أذان غيره ، ويؤذن ويقيم غيره.

٦٣ ـ الدعائم : عن علي عليه‌السلام أنه قال : ليس على النساء أذان ولا إقامة (١).

وعن جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنه سئل عن المرءة تؤذن وتقيم؟ قال : نعم ، ويجزيها أذان المصر إذا سمعته ، وإن لم تسمعه اكتفت بأن تشهد الشهادتين (٢).

وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه يقال : لابأس بأن يؤذن العبد والغلام الذي لم يحتلم (٣).

بيان : قال في المنتهى : لايعتبر في المؤذن البلوغ ذهب إليه علماؤنا أجمع ، ويعتد بأذان العبد ، وهو قول كل من يحفظ عنه العلم.

٦٤ ـ الدعائم : عن علي عليه‌السلام أنه قال : من السحت أجر المؤذن يعني إذا استأجره القوم لهم ، وقال : لابأس أن يجري عليه من بيت المال (٤).

بيان : قطع الاصحاب بجواز ارتزاق المؤذن من بيت المال إذا اقتضته المصلحة لانه من مصالح المسلمين ، واختلفوا في أخذ الاجرة عليه ، فذهب الشيخ في الخلاف وجماعة إلى عدم الجواز ، وذهب المرتضى إلى الكراهة ، وهو ظاهر المعتبر والذكرى ، ولعله أقوى ، وهل الاقامة كالاذان؟ فيه وجهان ، وحكم العلامة في النهاية بعدم جواز الاستيجار عليها ، وإن قلنا بجواز الاستيجار على الاذان فارقا بينهما بأن الاقامة لا كلفة فيها ، بخلاف الاذان ، فان فيه كلفة بمراعات الوقت وهو ضعيف.

٦٥ ـ الدعائم : عن علي عليه‌السلام أنه قال : من سمع النداء وهو في المسجد ثم خرج فهو منافق ، إلا رجل يريد الرجوع إليه ، أو يكون على غير طهارة فيخرج ليتطهر (٥).

وعنه عليه‌السلام أنه قال : ليؤذن لكم أفصحكم وليؤمكم أفقهكم (٦).

____________________

(١ ـ ٢) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٤٦.

(٣ ـ ٤) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٤٧.

(٥ ـ ٦) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٤٧.

١٦١

بيان : المنع عن الخروج بعد سماع الاذان الظاهر أنه لادراك الجماعة ، وظاهر الوجوب وحمل على تأكد الاستحباب ، وقد حكم الاصحاب باستحباب كون المؤذن فصيحا وقال الشهيد الثاني رحمه الله : الاولى أن يراد بالفصاحة هنا معناها اللغوي بمعنى خلوص كلماته وحروفه عن اللكنة واللثغة ونحوهما ، بحيث تتبين حروفه بيانا كاملا لا المعنى الاصطلاحي لان الملكة التي يقتدر بها على التعبير عن المقصود بلفظ فصيح ، لا دخل لها في ألفاظ الاذان المتلقاه من غير زيادة ولا نقصان.

٦٦ ـ الدعائم : عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنه قال : لا أذان في نافلة ، ولا بأس بأن يؤذن الاعمى إذا سدد ، وقد كان ابن ام مكتوم يؤذن لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو أعمى (١).

ايضاح : قال في المنتهى : لايؤذن لغير الصلاة الخمس ، وهو قول علماء الاسلام وقال : ويجوز أن يكون المؤذن أعمى بلا خلاف ، ويستحب أن يكون مبصرا ليأمن الغلط ، فاذا أذن الاعمى استحب أن يكون معه من يسدده ويعرفه دخول الوقت.

٦٧ ـ الدعائم : عن علي عليه‌السلام أنه رأى مأذنة طويلة فأمر بهدمها ، وقال : لا يؤذن على أكبر من سطح المسجد (٢).

وعن علي عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من ولد له مولود فليؤذن في اذنه اليمنى ، وليقم في اليسرى ، فان ذلك عصمة من الشيطان (٣).

وعنه عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا تغولت لكم الغيلان فأذنوا بالصلاة (٤).

بيان : قال الشهيد قدس سره في الذكرى : يستحب الاذان والاقامة في غير الصلاة في مواضع :

منها في الفلوات الموحشة : في الجعفريات عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا تغولت بكم

____________________

(١ ـ ٤) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٤٧.

١٦٢

الغيلان فأذنوا بأذن الصلاة ، ورواه العامة وفسره الهروي ، بأن العرب تقول إن الغيلان في الفلوات ترائى للناس تتغول تغولا أي تتلون تلونا فتضلهم عن الطريق وتهلكهم وروي في الحديث « لا غول » وفيه إبطال لكلام العرب ، فيمكن أن يكون الاذان لدفع الخيال الذي بحصل في الفلوات وإن لم تكن له حقيقة.

ومنها الاذان في أذن المولود اليمنى ، والاقامة في اليسرى ، نص عليه الصادق عليه‌السلام.

ومنها من ساء خلقه يؤذن في أذنه ، وفي مضمر سليمان الجعفري سمعته يقول : أذن في بيتك فانه يطرد الشيطان ، ويستحب من أجل الصبيان وهذا يمكن حمله على أذان الصلاة انتهى.

وقال في النهاية : فيه « لا غول ولا صفر » الغول أحد الغيلان ، وهي جنس من الجن والشياطين كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة تترائى للناس فتتغول تغولا أي تتلون تلونا في صور شتى وتغولهم أي تضلهم عن الطريق وتهلكهم ، فنفاه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآلهوأبطله ، وقيل قوله : « لا غول » ليس نفيا لعين الغول ووجوده ، وإنما فيه إبطال زعم العرب في تلونه بالصور المختلفة واغتياله ، فيكون المعنى بقوله : لا غول ، أنها لاتستطيع أن تضل أحدا ، ويشهد له الحديث الآخر « لا غول ولكن السعالى سحرة الجن » أي ولكن في الجن سحرة لهم تلبيس وتخييل ، ومنه الحديث إذا تغولت بكم الغيلان فبادروا بالاذان ، أي ادفعوا شرها بذكر الله تعالى ، وهذا يدل على أنه لم يرد بنفيها عدمها وقال : السعالى وهي جمع سعلاء وهم سحرة الجن.

٦٨ ـ فقه الرضا : قال عليه‌السلام : إن شككت في أذانك وقد أقمت الصلاة فامض ، وإن شككت في الاقامة بعد ما كبرت فامض ، فان استيقنت أنك تركت الاذان والاقامة ، ثم ذكرت فلا بأس بترك الاذان ، وتصلي على النبي وعلى آله ، ثم قل : « قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة » (١).

وقال العالم : من أجنب ثم لم يغتسل حتى يصلي الصلاة كلهن فذكر بعدها

____________________

(١) فقه الرضا ص ٩ س ٣٤ و ٣٣.

١٦٣

صلى ، قال : فعليه الاعادة يؤذن ويقيم ثم يفصل بين كل صلاتين بقامة (١).

تبيين : هذا الفصل يشتمل على أحكام :

الاول : أنه لا عبرة بالشك في أصل الاذان بعد إتمام الاقامة ، أو بعد قوله : « قد قامت الصلاة » ولا خلاف في منطوقه ، وكذا فيما يفهم منه من اعتبار الشك إذا كان قبل الشروع في الاقامة ، فأما بعد الشروع فيها قبل الاتمام أو قبل قوله : « قد قامت الصلاة » فيدل بمفهومه على الاتيان بالاذان ، وفيه إشكال ، لانه شك بعد التجاوز عن المحل ، وقد قطع الاصحاب بعدم اعتباره.

وروي في الصحيح عن زرارة ، قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : رجل شك في الاذان وقد دخل في الاقامة؟ قال : يمضي ، قلت : رجل شك في الاذان والاقامة وقد كبر قال : يمضي ، وساق الحديث إلى أن قال : يازرارة إذا خرجت من شئ ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشئ (٢).

ويمكن حمل قوله : « أقمت الصلاة » على الشروع في الاقامة ، وإن كان بعيدا للجمع ، وإن حملنا الشك فيهما على مايشمل الشك في بعض فصولهما فظاهر بعض الاخبار أنه إن شك قبل الفراغ يعيد على ما شك فيه وما بعده ، لانهم عدوا الاذان فعلا واحدا ، والاقامة فعلا واحدا كالقراءة ، وإن كانت ذات أجزاء.

ويفهم من الخبر بعد التكلف المذكور أيضا العود مع الشك بعد الفراغ قبل الشروع في الاقامة في الاذان ، وفي الصلاة في الاقامة ، فيكون مخالفته لبعض الاخبار ، بل لقول بعض الاصحاب أكثر ، لكن ما مر من خبر زرارة لايأبى عنه وكلام بعض الاصحاب أيضا لا ينافيه إذ قبل الشروع في الاقامة وقت الاذان باق كالقراءة قبل الركوع وليس فعلا مستقلا كالوضوء حتى لايعتبر بالشك بعد الفراغ منه ، بل بمنزلة أجزاء الصلاة كما يفهم من صحيحة زرارة ، وظاهر الصدوق أيضا ذلك ، فالقول به قوي.

____________________

(١) فقه الرضا ص ١١ س ٢١.

(٢) التهذيب ج ١ ص ٢٣٦.

١٦٤

الثاني : أنه إذا سهى عن الاذان والاقامة ، وذكر بعد الدخول في الصلاة يصلي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ويقول مرتين « قد قامت الصلاة » وقال في الذكرى روى زكريا ابن آدم عن الرضا عليه‌السلام : إن ذكر ترك الاقامة في الركعة الثانية وهو في القراءة سكت وقال : « قد قامت الصلاة » مرتين ، ثم مضى في قراءته (١) وهو يشكل بأنه كلام ليس من الصلاة ولا من الاذكار.

وروى محمد بن مسلم ، عن الصادق عليه‌السلام عن ناسي الاذان والاقامة وذكر قبل أن يقرأ ، فليصل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وليقم ، وإن كان قد قرأ فليتم صلاته (٢).

وروى حسين بن أبي العلا عنه عليه‌السلام فان ذكر أنه لم يقم قبل أن يقرأ فليسلم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم يقيم ويصلي (٣).

قلت : أشار الصلاة على النبي أولا وبالسلام في هذه الرواية إلى قطع الصلاة فيمكن أن تكون السلام على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قاطعا لها ، ويكون المراد بالصلوة هناك السلام ، وأن يردا الجمع بين الصلوة والسلام ، فيجعل القطع بهذا من خصوصيات هذا الموضع ، لانه قد روي أن التسليم على النبي آخر الصلاة ليس بانصراف ، ويمكن أن يراد القطع بما ينافي الصلاة إما استدبار أو كلام ، ويكون التسليم على النبي مبيحا لذلك ، وعلى القول بوجوب التسليم يمكن أن يقال يفعل هنا ليقطع به الصلاة انتهى.

وظاهر رواية المتن عدم الاستيناف كرواية زكريا فالصلوة مستحب آخر لابتداء ما يأتي به من الاقامة ، أو لتدارك تلك الفاصلة كما أنه في رواية ابن مسلم يحتمل كونه لتدارك القطع أو لابتداء الاقامة ، أو تكون الصلوة كناية عن القطع أو قاطعة في خصوص هذا الموضع.

وقال الشيخ البهائي ره مجيبا عن إشكال الشهيد قدس سره على خبر زكريا : وأنت خبير بأن الحمل على أنه يقول ذلك مع نفسه من غير أن يتلفظ به ممكن ، وقوله عليه‌السلام « اسكت موضع قراءتك وقل » ربما يؤذن بذلك ، إذ لو تلفظ بالاقامةلم يكن ساكتا في موضع القراءة ، وحمل السكوت على السكوت عن القراءة لا عن غيرها

____________________

(١ ـ ٣) التهذيب ج ١ ص ٢١٥.

١٦٥

خلاف الظاهر.

الثالث : يدل على أن الجنب إذا صلى ناسيا يعيد كل صلاة صلاها في الو قت وخارجه ، ولا خلاف فيه.

الرابع : يدل على أن قاضي الصلوات اليومية يؤذن ويقيم في أول ورده ، ثم يقيم لكل صلاة ، ولا ريب في جواز الاكتفاء بذلك لورود الاخبار الصحيحة والمشهور بين الاصحاب أن الافضل أن يؤذن لكل صلاة ، وحكى الشهيد في الذكرى قولا بأن الافضل ترك الاذان لغير الاولى ، لما روي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله شغل يوم الخندق عن أربع صلوات حتى ذهب من الليل ماشاء الله ، فأمر بلالا فأذن وأقام فصلى الظهر ثم أمره فأقام فصلى العصر ، ثم أمره فأقام فصلى المغرب ، ثم أمره فأقام فصلى العشاء.

ثم قال : ولا ينافي العصمه لوجهين أحدهما ماروي من أن الصلاة كانت تسقط أداء مع الخوف ثم تقضي ، حتى نسخ ذلك بقوله تعالى : « وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلوة » الآية. الثاني جاز أن يكون ذلك لعدم تمكنه من استيفاء أفعال الصلاة ، ولم يكن قصر الكيفية مشروعا ، وهو عائد إلى الاول وعليه المعول انتهى.

وهذا القول حسن لا لهذه الرواية إذ الظاهر أنها عامية ، بل لسائر الروايات الواردة بالاكتفاء بالاقامة في غير الاولى من غير معارض صريح ، بل لو وجد القائل بعدم مشروعية الاذان لغير الاولى من الفوائت عند الجمع بينها ، كان القول به متجها لعدم ثبوت التعبد به على هذا الوجه مع اقتضاء الاخبار رجحان تركه.

قال في الدروس : استحباب الاذان للقاضي لكل صلاة ينافي سقوطه عمن جمع في الاداء ، ثم احتمل كون الساقط مع الجمع أذان الاعلام لا الاذان الذكرى ولا يخفى ما في الاول والآخر.

واعلم أن الاصحاب جوزوا الاكتفاء بالاقامة لكل فائتة في الصورة المذكورة لما روي عن موسى بن عيسى (١) قال : كتبت إليه : رجل تجب عليه إعادة الصلاة أيعيدها

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ٢١٦.

١٦٦

بأذان وإقامة؟ فكتب : يعيدها باقامة ، ولان الاذان إعلام بدخول الوقت ، وفيه نظر لان ظاهر الرواية أنه إذا أذن وأقام ثم فعل مايبطل صلاته لا يعيد الاذان ، ويعيد الاقامة ، وكون أصله للاعلام مع تخلفه في كثير من الموارد لاينافي لزومه في أول القضاء مع أنه تابع للاداء ، والاولى العمل بسائر الروايات كما عرفت.

٦٩ ـ السرائر : نقلا من كتاب النوادر لمحمد بن علي بن محبوب عن العباس بن معروف ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن معاوية بن وهب قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلامعن التثويب الذي يكون بين الاذان والاقامة ، فقال : ما نعرفه (١).

بيان : الظاهر أن المراد بالتثويب قول : « الصلاة خير من النوم » كما هو المشهور بين الاصحاب منهم الشيخ في المبسوط وابن أبي عقيل والسيد رضي الله عنهم ، وبه صرح جماعة من أهل اللغة منهم الجوهري.

وقال في النهاية فيه إذا ثوب بالصلاة فأتوها وعليكم السكينة ، التثويب ههنا إقامة الصلاة ، والاصل في التثويب أن يجئ الرجل مستصرخا فيلوح بثوبه ليري ويشهر فسمي الدعاء تثويبا لذلك ، وكل داع مثوب ، وقيل : إنما سمي تثويبا من ثاب يثوب إذا رجع فهو رجوع إلى الامر بالمبادرة إلى الصلاة ، فان المؤذن إذا قال : « حي على الصلاة » فقد دعاهم إليها ، فاذا قال بعدها « الصلاة خير من النوم » فقد رجع إلى كلام معناه المبادرة إليها.

وفسره القاموس بمعان منها الدعاء إلى الصلاة ، وتثنية الدعاء ، وأن يقول في أذان الفجر « الصلاة خير من النوم » مرتين ، وقال في المغرب التثويب القديم ، هو قول المؤذن في أذان الصبح « الصلاة خير من النوم » والمحدث « الصلاة الصلاة » أو « قامت قامت ».

وقال الشيخ في النهاية : التثويب تكرير الشهادتين والتكبيرات ، زائدا على القدر الموظف شرعا ، وقال ابن إدريس : هو تكرير الشهادتين دفعتين لانه مأخوذ من ثاب إذا رجع ، وقال في المنتهى : التثويب في أذان الغداة وغيرها غير مشروع وهو قول :

____________________

(١) السرائر ص ٤٧٥.

١٦٧

« الصلاة خير من النوم » ذهب إليه أكثر علمائنا ، وهو قول الشافعي أكثر الجمهور على استحبابه في الغداة ، لكن عن أبي حنيفة روايتان في كيفيته ، فرواية كما قلناه ، والاخرى أن التثويب عبارة عن قول المؤذن بين أذان الفجر ، وإقامته « حي على الصلاة » مرتين « حي على الفلاح » مرتين.

ثم قال في موضع آخر : يكره أن يقول بين الاذان والاقامة « حي على الصلاة حى على الفلاح » وبه قال الشافعي ، وقال محمد بن الحسن : كان التثويب الاول « الصلاة خير من النوم » مرتين بين الاذان والاقامة ، ثم أحدث الناس بالكوفة « حي على الصلاة حي على الفلاح » مرتين بينهما ، وهو حسن. وقال بعض أصحاب أبي حنيفة يقول بعد الاذان « حي على الصلاة حي على الفلاح » بقدر ما يقرأ عشر آيات انتهى.

أقول : وهذا الخبر يحتمل وجهين : فعلى الاول المراد ببين الاذان والاقامة بين فصولهما ، قوله : « مانعرفه » أي ليس له أصل ، إذ لو كان لكنا نعرفه.

٧٠ ـ السرائر : نقلا من كتاب النوادر لمحمد بن علي بن محبوب ، عن الحسين ابن سعيد ، عن فضالة ، عن العلا ، عن محمد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان أبي ينادي في بيته « الصلاة خير من النوم » ولورددت ذلك لم يكن به بأس (١).

بيان ، حمله الاصحاب على التقية.

٧١ ـ العلل : عن عبدالواحد بن محمد بن عبدوس ، عن علي بن محمد بن قتيبة عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لما أسري برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وحضرت الصلاة ، أذن جبرئيل وأقام الصلاة فقال : يامحمد تقدم فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تقدم ياجبرئيل ، فقال له : إنا لانتقدم على الآدميين منذ أمرنا بالسجود لآدم عليه‌السلام (٢).

ومنه : عن أحمد بن الحسن القطان ، عن الحسن بن علي السكري ، عن محمد ابن زكريا الغلابي ، عن عمر بن عمران ، عن عبيدالله بن موسى العبسي ، عن جبلة

____________________

(١) السرائر ص ٤٧٥.

(٢) علل الشرايع ج ١ ص ٨.

١٦٨

المكي ، عن طاوس اليماني ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما اسري بي إلى السماء الرابعة أذن جبرئيل وأقام ميكائيل ، ثم قيل لى : ادن يا محمد! فتقدمت فصليت بأهل السماء الرابعة (١).

بيان : في الخبرين وأمثالهما دلالة على جواز اتحاد المؤذن والمقيم ، وتعددهما وجواز كونهما غير الامام.

٧٢ ـ قرب الاسناد : عن محمد بن عيسى والحسن بن طريف وعلي بن إسماعيل كلهم ، عن حماد بن عيسى قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : قال أبي : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لصلاة الصبح وبلال يقيم ، وإذا عبدالله بن القسب يصلي ركعتي الفجر ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا ابن القسب أتصلي الصبح أربعا؟ قال ذلك له مرتين أو ثلاثة (٢).

ومنه : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلامقال : سألته عن رجل ترك ركعتي الفجر حتى دخل المسجد ، والامام قد قام في صلاته كيف يصنع؟ قال : يدخل في صلاة القوم ويدع الركعتين ، فاذا ارتفع النهار قضاهما (٣).

بيان : الخبر يدلان على المنع من التنفل بعد الشروع في الاقامة ، وبعد إتمامها ، وتقييد القضاء بارتفاع النهار إما للتقية أو لئلا يظن الامام أنه يعيدها صلى معه لعدم الاعتداد بصلاته أو بناء على كراهة النافلة في الاوقات المكروهة والاول أظهر.

٧٣ ـ كتاب العلل : لمحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم قال : علة الاذان أن تكبر الله وتعظمه ، وتقر بتوحيد الله وبالنبوة والرسالة ، وتدعو إلى الصلاة وتحث على الزكاة ، ومعنى الاذان الاعلام لقول الله تعالى : « وأذان من الله ورسوله

____________________

(١) علل الشرايع ج ١ ص ١٧٥.

(٢) قرب الاسناد ص ١٤ ط نجف ص ١٠ ط حجر.

(٣) قرب الاسناد ص ٩٢ ط حجر ص ١٢١ ط نجف.

١٦٩

إلى الناس » (١) أي إعلام ، وقال أمير المؤمنين عليه‌السلامكنت أنا الاذان في الناس بالحج وقوله : « وأذن في الناس بالحج » (٢) أي أعلمهم وادعهم ، فمعنى « الله » أنه يخرج الشئ من حد العدم إلى حد الوجود ويخترع الاشياء لا من شئ ، وكل مخلوق دونه يخترع الاشياء م ن شئ إلا الله ، فهذا معنى « الله » وذلك فرق بينه وبين المحدث ومعنى « أكبر » أي أكبر من أن يوصف في الاول ، وأكبر من كل شئ لما خلق الشئ.

ومعنى قوله : « أشهد أن لا إله إلا الله » إقرار بالتوحيد ، ونفي الانداد وخلعها ، وكل مايعبد من دون الله ، ومعنى « أشهد أن محمدا رسول الله » إقرار بالرسالة والنبوة ، وتعظيم لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك قول الله عزوجل : « ورفعنا لك ذكرك » (٣) أي تذكر معي إذا ذكرت.

ومعنى « حي على الصلاة » أي حث على الصلاة ، ومعنى « حي على الفلاح » أي حث على الزكاة ، وقوله : « حي على خير العمل » أي حث على الولاية وعلة أنها خير العمل أن الاعمال كلها بها تقبل ، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله محمد رسول الله فألقى معاوية من آخر الاذان « محمد رسول الله » فقال أما يرضى محمد أن يذكر في أول الاذان حتى يذكر في آخره.

ومعنى الاقامة هي الاجابة والوجوب ، ومعنى كلماتها فهي التي ذكرناها في الاذان ، ومعنى « قد قامت الصلاة » أي قد وجبت الصلاة وحانت واقيمت ، وأما العلة فيها فقال الصادق عليه‌السلام إذا أذنت وصليت صلى خلفك صف من الملائكة ، وإذا أذنت وأقمت صلى خلفك صلان من الملائكة ، ولا يجوز ترك الاذان إلا في صلاة الظهر والعصر والعتمة ، يجوز في هذه الثلاث الصلوات إقامة بلا أذان ، والاذان أفضل ولا تجعل ذلك عادة ، ولا يجوز ترك الاذان والاقامة في صلاة المغرب وصلاة الظهر

____________________

(١) براءة : ٢.

(٢) الحج : ٢٨.

(٣) الانشراح : ٤.

١٧٠

والعلة في ذلك أن هاتين الصلاتين تحضرهما مءكة الليل وملائكة النهار.

بيان : لعل الحث على الزكاة في الاذان لكون قبول الصلاة مشروطا بها وكون الشهادة بالرسالة في آخر الاذان غريب لم أره في غير هذا الكتاب.

٧٤ ـ جامع الشرايع : للشيخ يحيى بن سعيد : قد كان أبوعبدالله عليه‌السلام يقيم ويؤذن غيره وروي أن الانسان إذا دخل المسجد وفيه من لايقتدي به وخاف فوت الصلاة بالاشتغال بالاذان والاقامة يقول : « حي على خير العمل » دفعتين لانه تركه.

قال : وروي أن رفع الصوت بالاذان في المنزل ينفي الامراض وينمي الولد.

٧٥ ـ كتاب زيد النرسي : عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إذا أدركت الجماعة وقد انصرف القوم ، ووجدت الامام مكانه وأهل المسجد قبل أن ينصرفوا أجزاك أذانهم وإقامتهم ، فاستفتح الصلاة لنفسك ، وإذا وافيتهم وقد انصرفوا عن صلاتهم وهم جلوس أجزأ إقامة بغير أذان ، وإن وجدتهم وقد تفرقوا وخرج بعضهم عن المسجد فأذن وأقم لنفسك.

بيان : الانصراف الاول الفراغ من الصلاة ، والثاني الخروج من المسجد ، ولعل المراد بالشق الثاني ما إذا خرج الامام والقوم جلوس ، أو فرغوا من التعقيب وجلسوا لغيره ، ويمكن حمله على الشق الاول ، ويكون الغرض بيان استحباب الاقامة حينئذ ولا ينافي الاجزاء والظاهر أن فيه سقطا ، وعلى التقادير هو خلاف المشهور ، إذ المشهور بين الاصحاب سقوط الاذان والاقامة عن الجماعة الثانية ، إذا حضرت في مكان لاقامة الصلاة فوجدت جماعة اخرى قد أذنت وأقامت وصلت مالم تتفرق الجماعة الاولى.

وقال بعض الاصحاب : يكفي في عدم التفرق بقاء واحد للتعقيب وظاهر الرواية المعتبرة تحققه بتفرق الاكثر ، وقال الشيخ في المبسوط : إذا أذن في مسجد دفعة لصلاة بعينها ، كان ذلك كافيا لمن يصلي تلك الصلاة في ذلك المسجد ، ويجوز له

١٧١

أن يؤذن فيما بينه وبين نفسه ، وإن لم يفعل فلا شئ عليه ، وكلامه يؤذن باستحباب الاذان سرا ، وأن السقوط عام يشمل التفرق وغيره ، والمحقق في المعتبر والنافع والشهيد الثانى ره قصرا الحكم على المسجد ، واستقرب الشهيد عدم الفرق ، ولعل الاول أقرب.

والظاهر عموم الحكم بالنسبة إلى المنفرد والجامع خلافا لابن حمزة حيث خصه بالجماعة ، ويظهر من خبر عمار الساباطي (١) جواز الاذان والاقامة ، وإن لم تتفرق الصفوف ، فيمكن أن يكون الترك رخصة كما يشعر به الاجزاء في هذا الخبر.

٧٦ ـ كتاب النرسى : قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : من السنة الترجيع في أذان الفجر وأذان العشاء الآخرة ، أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بلالا أن يرجع في أذان الغداة وأذان العشاء إذا فرغ « أشهد أن محمدا رسول الله » ، عاد فقال : أشهد أن لا إله إلا الله حتى يعيد الشهادتين ، ثم يمضي في أذانه ، ثم لا يكون بين الاذان والاقامة إلا جلسة.

ومنه : عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام أنه سمع الاذان قبل طلوع الفجر ، فقال : شيطان ، ثم سمعه عند طلوع الفجر ، فقال : الاذان حقا.

ومنه : عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : سألته عن الاذان قبل طلوع الفجر ، فقال : لا إنما الاذان عند طلوع الفجر ، أول مايطلع قلت : فان كان يريد أن يؤذن الناس بالصلاة وينبههم ، قال : فلا يؤذن ، ولكن ليقل وينادي بالصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم يقولها مرارا ، وإذا طلع الفجر أذن ، فلم يكن بينه وبين أن يقيم إلا جلسة خفيفة بقدر الشهادتين ، وأخف من ذلك.

ومنه : عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : الصلاة خير من النوم بدعة بني امية ، وليس ذلك من أصل الاذان ولابأس إذا أراد الرجل أن ينبه الناس للصلاة أن ينادي بذلك ، ولا يجعله من أصل الاذان فانا لانراه أذانا.

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ٣٣٣.

١٧٢

١٤

« ( باب ) »

* « ( حكاية الاذان والدعاء بعده ) » *

١ ـ ثواب الاعمال ومجالس الصدوق والعيون : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عيسى ، عن عباس مولى الرضا ، عن الرضا عليه‌السلام قال : سمعته يقول : من قال حين يسمع أذان الصبح : « اللهم إني أسألك باقبال نهارك ، وإدبار ليلك ، وحضور صلواتك ، وأصوات دعائك ، ( وتسبيح ملائكتك ) أن تتوب على إنك أنت التواب الرحيم » وقال مثل ذلك إذا سمع أذان المغرب ، ثم مات من يومه أو من ليلته تلك ، كان تائبا (١).

أقول : في المجالس « قال كان أبوعبدالله الصادق عليه‌السلام يقول ».

فلاح السائل : باسناده ، عن هارون بن موسى ، عن محمد بن همام ، عن الحسن ابن أحمد المالكي ، عن أحمد بن هليل الكرخي ، عن العباس الشامي ، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال : كان جعفر بن محمد عليهما‌السلام يقول : من قال : حين يسمع أذان الصبح وأذان المغرب هذا الدعاء ثم مات من يومه أو من ليلته كان تائبا وهو « اللهم إني أسألك باقبال نهارك » إلى آخر الدعاء (٢).

كشف الغمة : عن عباس مولى الرضا عليه‌السلام مثله (٣).

مصباح الشيخ : أذن للمغرب وقل : وذكر الدعاء.

بيان : « باقبال نهارك » الباء إما سببية أي كما أنعمت على بتلك النعم ، فأنعم على بتوفيق التوبة. أو بقبولها أو قسمية ، وتحتمل الظرفية على بعد ، قوله :

____________________

(١) ثواب الاعمال ص ١٣٨ ، أمالي الصدوق ص ١٦٠ ، عيون اخبار الرضا عليه‌السلامج ١ ص ٢٥٣.

(٢) فلاح السائل ص ٢٢٧.

(٣) كشف الغمة ج ٣ ص ١٢٢.

١٧٣

« دعائك » في بعض النسخ بالهمزة ، وفي بعضها بالتاء جمع داع كقاض وقضاة ، وبعده « وتسبيح ملائكتك » في أكثر الروايات وليس في بعضها.

٢ ـ دعوات الراوندى : شكى رجل إلى أبي عبدالله عليه‌السلام الفقر ، فقال : أذن كلما سمعت الاذان كما يؤذن المؤذن.

٣ ـ المكارم : إذا قال المؤذن : « الله أكبر » فقل مثل ذلك ، وإذا قال : « أشهد أن لا إله إلا الله » و « أشهد أن محمدا رسول الله » فقل : وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أكتفي بهما عن كل من أبى وجحد ، واعين بهما من أقر وشهد (١).

وقد روي أن المؤذن إذا قال : « أشهد أن محمدا رسول الله » فقل : صلى‌الله‌عليه‌وآله الطيبين الطاهرين ، اللهم اجعل عملي برا ، ومودة آل محمد في قلبي مستقرا ، وأدر على الرزق درا ، وإذا قال : « حى على الصلاة حى على الفلاح » فقل : لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (٢).

الاداب الدينية : مثله ، وزاد فيه ويقول عند قول : « حي على خير العمل » مرحبا بالقائلين عدلا ، وبالصلاة مرحبا وأهلا.

بيان : قال في الفقيه : (٣) كان ابن النباح يقول في أذانه : « حي على خير العمل حى على خير العمل » فاذا رآه علي عليه‌السلام قال : مرحبا بالقائلين إلى آخره وقوله عدلا أي كلاما حقا وثوابا ، وهو الفصل المتقدم الذي حذفه عمر ، وقال الجوهري : الرحب بالضم السعة ، وقولهم : مرحبا وأهلا أي أتيت سعة وأتيت أهلا فاستأنس ولا تستوحش انتهى ، وعلى مافي الفقيه لعله كان يقول ذلك إذا رآه في وقت الصلاة عند مجيئه للاذان ، أو عند الفراغ منه ، ولعل الطبرسي ره أخذ من رواية اخرى.

٤ ـ مجالس الصدوق والمكارم : روي أن من سمع الاذان فقال كما يقول

____________________

(١ ـ ٢) مكارم الاخلاق ص ٣٤٤.

(٣) الفقيه ج ١ ص ١٨٧ ، وابن النباح مؤذن علي بن أبي طالب ، روى عنه جعفر بن أبي ثروان ، واسمه عامر على ماذكره الفيروزآبادى.

١٧٤

المؤذن زيد في رزقه (١).

٥ ـ ثواب الاعمال والمجالس : للصدوق ، عن أبيه ، عن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح عن الحارث بن مغيرة النضري ، عن أبي عبدالله الصادق قال : من سمع المؤذن يقول : « أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله » فقال مصدقا محتسبا : وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، أكتفي بهما عن كل من أبى وجحد ، واعين بهما من أقر وشهد ، كان له من الاجر عدد من أنكر وجحد ، وعدد من أفسر وشهد (٢).

المحاسن : عن ابن محبوب مثله (٣).

بيان : في ثواب الاعمال (٤) واصدق بها من أقرب وشهد ، إلا غفر الله له بعدد من أنكر.

٦ ـ العلل عن علي بن أحمد بن محمد ، عن محمد بن جعفر الاسدي ، عن موسى بن عمران النخعي ، عن الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن سالم ، عن أبيه ، عن أبي بصير قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إن سمعت الاذان وأنت على الخلاء ، فقل مثل ما يقول المؤذن ، ولاتدع ذكر الله عزوجل في تلك الحال ، لان ذكر الله حسن على كل حال.

ثم قال عليه‌السلام : لما ناجى الله عزوجل موسى بن عمران ، قال موسى : يارب أبعيد أنت منى ، فاناديك؟ أم قريب فأناجيك؟ فأوحى الله عزوجل إليه يا موسى أنا جليس من ذكرني ، فقال موسى : يارب إني أكون في حال اجلك أن أذكرك فيها ، قال : ياموسى! اذكرني على كل حال (٥).

____________________

(١) مكارم الاخلاق ص ٣٤٥.

(٢) ثواب الاعمال ص ٢٩ و ٣٠ ، أمالي الصدوق ص ١٢٩.

(٣) المحاسن ص ٤٩.

(٤) في المصدر المطبوع ليس هكذا ، بل هو مطابق لنسخة الامالى.

(٥) علل الشرائع ج ١ ص ٢٦٩.

١٧٥

ومنه : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم قال : قال لي : يا ابن مسلم لاتدعن ذكر الله عزوجل على كل حال ، فلو سمعت المنادي ينادي بالاذان وأنت على الخلاء ، فاذكر الله عزوجل ، وقل كما يقول (١).

ومنه : عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين ابن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اذينة ، عن زرارة قال : قلت لابي جعفر عليه‌السلام : ما أقول إذا سمعت الاذان؟ قال : اذكر الله مع كل ذاكر (٢).

بيان : يحتمل الحكاية أو الاعم منه ومن ذكر آخر ، واستحباب الحكاية موضع وفاق بين الاصحاب كما ذكر في المنتهى وغيره والظاهر أن الحكاية لجيع ألفاظ الاذان وقال الشيخ في المبسوط : (٣) روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه كان يقول : إذا قال : حى على الصلاة « لا حول ولا قوة إلا بالله ».

ولعل الرواية عامية لاشتهارها بينهم ، وقد رووا بأسانيد عن عمر ومعاوية أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إذا قال المؤذن : الله أكبر الله أكبر ، قال أحدكم : الله أكبر الله أكبر ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، ثم قال : أشهد أن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أشهد أن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم قال : حى على الصلاة ، قال : لا حول ولاقوة إلا بالله ، ثم قال : حى على الفلاح ، قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال : الله أكبر الله أكبر قال : الله أكبر الله أكبر ، ثم قال : لا إله إلا الله ، قال : لا إله إلا الله ، من قبله دخل الجنة رواه مسلم في صحيحه (٤) وغيره في غيره وماورد في كتبنا فالظاهر أنه مأخوذ منهم أو ورد تقية ، وظاهر الاخبار المعتبرة حكاية جميع الفصول.

وقال في المبسوط : من كان خارج الصلاة وسمع المؤذن يؤذن فينبغي أن يقطع

____________________

(١ ـ ٢) علل الشرائع ج ١ ص ٢٦٩.

(٣) المبسوط ج ١ ص ٩٧ ، الطبعة الحديثة.

(٤) وأخرجه في مشكاة المصابيح ص ٦٥.

١٧٦

كلامه إن كان متكلما ، وإن كان يقرؤ القرآن فالافضل له أن يقطع القرآن ويقول كما يقول المؤذن وصرح بأنه لايستحب حكايته في الصلاة ، وبه قطع في التذكرة وقال أيضا متى قاله في الصلاة لم تبطل صلاته إلا في قوله حي على الصلاة فانه متى قال ذلك مع العلم بأنه لايجوز (١) فانه يفسد الصلاة ، لان ليس بتحميد ولا تكبير ، بل هو من كلام الآدميين المحض ، فان قال بدلا من ذلك : لا حول ولا قوة إلا بالله ، لم تبطل صلاته ، وتبعه على ذلك جماعة من الاصحاب.

ولو فرغ من الصلاة ولم يحكه فالظاهر سقوطها لفوات محلها ، واختاره الشهيد رحمه الله وقال الشيخ في المبسوط إنه مخير واختاره في التذكرة وقال في الخلاف يؤتي به لا من حيث كونه أذانا بل من حيث كونه ذكرا وقال جماعة من الاصحاب إن المستحب حكاية الاذان المشروع ، فأذان العصر يوم الجمعة وعرفة وأمثالهما لا يحكى.

٧ ـ العلل : عن محمد بن أحمد السناني ، عن حمزة بن القاسم العلوي ، عن جعفر بن محمد بن مالك ، عن جعفر بن سليمان ، عن سليمان بن مقبل قال : قلت لموسى بن جعفر عليهما السلام : لاي علة يستحب للانسان إذا سمع الاذان أن يقول كما يقول المؤذن وإن كان على البول والغائط؟ قال : إن ذلك يزيد في الرزق (٢).

الخصال : باسناده عن سعيد بن علاقة ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : إجابة المؤذن يزيد في الرزق (٣).

مشكوة الانوار : عنه عليه‌السلام مثله.

٨ ـ فقه الرضا : قال عليه‌السلام : يقول بين الاذان والاقامة في جميع الصلوات « اللهم رب هذه الدعوة التامة ، والصلاة القائمة ، صلى على محمد وآل محمد ، وأعط محمدا يوم القيامة سؤله آمين رب العالمين ، اللهم إني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة محمد صلى

____________________

(١) الظاهر من كلام الشيخ أنه يرى الجاهل في أمثال ذلك معذورا ، وهو خلاف المشهور ، ولكنه لايخلو من قوة. منه ، كذا في هامش الاصل بخطه قدس سره.

(٢) علل الشرايع ج ١ ص ٢٦٩ و ٢٧٠.

(٣) الخصال ج ٢ ص ٩٣ في حديث.

١٧٧

الله عليه وعلى آله ، واقدمهم بين يدي حوائجي كلها ، فصل عليهم ، واجعلني بهم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين واجعل صلاتي بهم مقبولة ، ودعائي بهم مستجابا وامنن على بطاعتهم يا أرحم الراحمين » يقول هذا في جميع الصلوات.

ويقول : بعد أذان الفجر « اللهم إني أسألك باقبال نهارك » إلى آخر ما مر.

وإن أحببت أن تجلس بين الاذان والاقامة فافعل ، فان فيه فضلا كثيرا ، وإنما ذلك على الامام وأما المنفرد فيخطو تجاه القبلة خطوة برجله اليمنى ، ثم يقول : « بالله أستفتح ، وبمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أستنجح وأتوجه ، اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلني بهم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين » وإن لم تفعل أيضا أجزأك (١).

٩ ـ فلاح السائل : قال : وروى محمد بن وهبان ، عن علي بن حبشي ابن قوني عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن الحسن بن معاوية بن وهب ، عن أبيه قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول بين الاذان والاقامة : « سبحان من لاتبيد معالمه سبحان من لاينسى من ذكره ، سبحان من لايخيب سائله ، سبحان من ليس له حاجب يغشى ، ولا بواب يرشى ، ولا ترجمان يناجى ، سبحان من اختار لنفسه أحسن الاسماء سبحان من فلق البحر لموسى ، سبحان من لايزداد على كثرة العطاء إلا كرما وجودا سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره » (٢).

١٠ ـ مصباح الشيخ : إذا سجد بين الاذان والاقامة قال فيها : « لا إله إلا أنت ربي سجدت لك خاضعا خاشعا ذليلا » وإذا رفع رأسه قال : « سبحان من لاتبيد معالمه » إلى آخر الدعاء.

بيان : لاتبيد أي لاتهلك ولا تفنى « معالمه » أي ما يعلم به ذاته وصفاته ، ويستدل به عليها مما خلقها في الآفاق والانفس ، وما يعلم به شرعه ودينه وفرائضه وسننه وأحكامه من الحجج والرسل والاوصياء والكتاب والسنة « من لاينسى من ذكره » أي لايترك جزاء من ذكره ، أو استعار النسيان لترك الجزاء والهداية والتوفيق ، وفي النهاية غشيه يغشاء غشيانا

____________________

(١) فقه الرضا ص ٦.

(٢) فلاح السائل ص ١٥٢.

١٧٨

إذا جاءه ، وقال : الترجمان بالضم والفتح ، هو الذي يترجم الكلام أي ينقله من لغة إلى لغة اخرى ، وفي القاموس الترجمان كعنفوان وزعفران وريهقان المفسر للسان.

١١ ـ دعائم الاسلام : روينا عن علي بن الحسن أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا سمع المؤذن ، قال كما يقول ، فاذا قال « حى على الصلاة حي على الفلاح حى على خير العمل » قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ، فاذا انقضت الاقامة قال : « اللهم رب هذه الدعوة التامة ، والصلاة القائمة ، أعط محمدا سؤله يوم القيامة ، وبلغه الدرجة الوسيلة من الجنة ، وتقبل شفاعته في امته » (١).

وعن علي عليه‌السلام أنه قال : ثلاث لايدعهن إلا عاجز : رجل سمع مؤذنا لايقول كما قال ، ورجل لقي جنازة لايسلم على أهلها ويأخذ بجواب السرير ، ورجل أدرك الامام ساجدا لم يكبر ويسجد ولا يعتد بها (٢).

وعن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إذا قال المؤذن « الله أكبر » فقل : « الله أكبر » فاذا قال : « أشهد أن لا إله إلا الله » فقل : « أشهد أن لا إله إلا الله » فاذا قال : « أشهد أن محمدا رسول الله » فقل : « أشهد أن محمدا رسول الله » فإذا قال : « قد قامت الصلاة » فقل : « اللهم أقمها وأدمها واجعلنا من خير صالحي أهلها عملا » وإذا قال المؤذن : « قد قامت الصلاة » فقد وجب على الناس الصمت والقيام ، إلا أن لا يكون لهم إمام فيقدم بعضهم بعضا (٣).

بيان : فيه إشعار بحكاية الاقامة كما ذكره بعض الاصحاب ، واعترف الشهيد الثانى وغيره بعدم النص عليه ، وإثباته بهذا الخبر مع عدم صراحته مشكل ، والاظهر تخصيصها بالاذان ، والمشهور بين العامة جريانها في الاقامة.

١٢ ـ مبسوط الشيخ : روي أنه إذا سمع المؤذن يؤذن يقول « أشهد أن لا إله إلا الله » يقول : « وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا ، وبمحمد رسولا وبالائمة الطاهرين أئمة » ويصلى على محمد وآله ثم يقول « اللهم رب هذه الدعوة التامة ، والصلاة القائمة آت محمدا

____________________

(١ ـ ٣) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٤٥.

١٧٩

الوسيلة والفضيلة ، وارزقه المقام المحمود الذي وعدته وارزقني شفاعته يوم القيامة ».

ويقول عند أذان المغرب « أللهم هذا إقبال ليلك وإدبار نهارك وأصوات دعاتك فاغفر لي (١).

بيان : أقول : روى البخاري مثل الدعاء الاول عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأن من قاله حين يسمع النداء حلت له شفاعتي ، وروى أبوداود الدعاء الثانى عن ام سلمة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولعله رحمه الله أخذهما من كتبهم (٢) وقال النووى : إنا وصف الدعوة بالتمام لانها ذكر الله عزوجل يدعى بها إلى عبادته ، وهذه الاشياء وما والاها هى التى تستحق صفة الكمال والتمام ، وما سوى ذلك من امور الدنيا بعرض النقص والفساد ، ويحتمل أنها وصفت بالتمام لكونها محمية عن النسخ والابدال ، باقية إلى يوم التناد.

ومعنى قوله عليه‌السلام « والصلاة القائمة » أي الدائمة التي لاتغيرها ملة ولا تنسخها شريعة ، والمقام المحمود هو مقام الشفاعة الذي وعده الله تعالى في قوله : « عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا » (٣) فقد روي عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية : أي مقاما يحمدك فيه الاولون والآخرون وتشرف على جميع الخلائق تسأل فتعطى وتشفع فتشفع ، ليس أحد إلا تحت لوائك.

أقول : ولعل مفاد الدعاء الثاني أني لما أكملت يومي بفرطات وتقصيرات ، وهذا ابتداء زمان آخر ، فاغفر لي ماسلف في يومي لاكون مغفورا في تلك الليلة ، مع أن الليلة محل الحوادث والطوارق ، وقبض الارواح إلى عوالمها.

١٣ ـ فلاح السائل : باسناده عن هارون بن موسى التلعكبرى ، عن محمد بن همام عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن الحسن بن معاوية بن وهب

____________________

(١) المبسوط ج ١ ص ٩٧.

(٢) راجع مشكاة المصابيح ص ٦٥.

(٣) أسرى : ٧٩.

١٨٠