بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

حرارة من النار (١).

كتاب الغايات : مرسلا مثله.

٤ ـ لى : في خبر الشيخ الشامي : سئل أمير المؤمنين عليه‌السلام اي ذل اذل؟ قال : الحرص على الدنيا (٢).

كتاب الغايات : مرسلا مثله.

٥ ـ ل : ماجيلويه ، عن عمه ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن عدة من اصحابه رفعوه إلى أبي عبدالله عليه‌السلام أنه قال : منهومان لا يشبعان : منهوم علم ومنهوم مال (٣).

٦ ـ ل : عن الفامي ، عن ابن بطة ، عن البرقي ، عنابيه رفعه إلى أبي عبدالله عليه‌السلام قال : حرم الحريص خصلتين ولزمته خصلتان حرم القناعة فافتقد الراحة ، وحرم الرضا فافتقد اليقين (٤).

٧ ـ ل : ابن بندار ، عن سعيد بن أحمد ، عن يحيى بن الفضل ، عن قتيبة ابن سعيد ، عن ابي عوانة ، عن قتادة ، عن أنس ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يهرم ابن ندم ويشب منه اثنان : الحرص على المال ، والحرص على العمر (٥)

٨ ـ ل : عن الخليل ، عن محمد بن معاذ ، عن الحسين بن الحسن ، عن عبدالله ابن المبارك ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن أنس أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يهلك أو قال : يهرم ابن ندم ويبقى منه اثنتان : الحرص والامل (٦).

٩ ـ ل : ابن الوليد : عن الصفار ، عن ابن ابي الخطاب ، عن النضر بن شعيب ، عن الجازي ، عن ابي عبدالله عن أبيه عليهما‌السلام قال : لا يؤمن رجل فيه الشح والحسد والجبن

____________________

(١) أمالي الصدوق : ١٤٨.

(٢) أمالي الصدوق : ٢٣٧.

(٣) الخصال ج ١ ص ٢٨.

(٤) الخصال ج ١ ص ٣٦.

(٦٥) الخصال ج ١ ص ٣٧.

١٦١

ولا يكون المؤمن جبانا ولا حريصا ولا شحيحا (١).

١٠ ـ ل : عن أبيه ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن مرار ، عن يونس رفعه إلى ابي عبدالله عليه‌السلام قال : كان فيما أوصى به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا عليه‌السلام : يا علي أنهاك عن ثلاث خصال عظام : الحسد والحرص والكذب (٢).

ل : في وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى علي عليه‌السلام بسند آخر مثله (٣).

١١ ـ ل : عن ابن المتوكل ، عن السعد آبادي ، عن البرقي ، عن النوفلى عن السكوني ، عن الصادق عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من علامات الشقاء جمود العين ، وقسوة القلب ، وشدة الحرص في طلب الرزق ، و الاصرار على الذنب (٤).

١٢ ـ ل : عن سعيد بن علاقة ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : إظهار الحرص يورث الفقر (٥).

١٣ ـ ل : عن ابن نباتة ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : الحرص مفقرة (٦).

١٤ ـ ع : عن أبيه ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن محمد بن آدم ، عن أبيه رفعه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اعلم يا علي أن الجبن والبخل والحرص غريزة واحدة يجمعها سوء الظن (٧).

١٥ ـ مع : عن أبيه ، عن سعد ، عن البرقي رفعه إلى ابن طريف ، عن ابن نباتة ، عن الحارث الاعور قال : كان فيما سال عنه أمير المؤمنين ابنه الحسن عليهما‌السلام

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ٤١.

(٢) الخصال ج ١ ص ٦٢.

(٣) الخصال ج ١ ص ٢٧.

(٤) الخصال ج ١ ص ١١٥.

(٦٥) الخصال ج ٢ ص ٩٤.

(٧) علل الشرايع ج ٢ ص ٢٤٦.

١٦٢

أنه قال له : ما الفقر؟ قال : الحرص والشره (١).

١٦ ـ ل : عن أبيه ، عن محمد العطار ، عن ابن عيسى ، عن أبيه ، عن حماد ابن عيسى ، عن ابن أذينة ، عن أبان بن ابي عياش ، عن سليم بن قيس ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : الا إن أخوف ما أخاف عليكم خصلتان : اتباع الهوى و طول الامل ، أما اتباع الهوى فيصد عن الحق ، وأما طول الامل فينسى الآخرة (٢).

ل : عن ابن بندار ، عن أبي العباس الحمادي ، عن أحمد بن محمد الشافعي عن عمه إبراهيم بن محمد ، عن علي بن أبي علي اللهبي ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبدالله ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله (٣).

أقول : قد مر في باب ذم الدنيا وباب ترك الاهواء.

١٧ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الحسن بن علي ، عن عمر عن أبان ، عن ابن سيابة ، عن ابي عبدالله عليه‌السلام قال : لما هبط نوح عليه‌السلام من السفينة أتاه إبليس فقال له : ما في الارض رجل أعظم منة علي منك ، دعوت الله على هؤلاء الفساق فأرحتني منهم ألا أعلمك خصلتين؟ إياك والحسد ، فهو الذي عمل بي ما عمل ، وإياك والحرص فهو الذي عمل بآدم ما عمل (٤).

١٨ ـ ل : عن أبيه ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن سهل ، عن عبدالعزيز العبدي ، عن ابن ابي يعفور قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : من تعلق قلبه بالدنيا تعلق منها بثلاث خصال : هم لا يفنى ، وأمل لا يدرك ، ورجاء لا ينال (٥).

١٩ ـ ل : عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن إسماعيل بن همام ، عن ابن غزوان ، عن السكوني ، عن الصادق ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام :

____________________

(١) معاني الاخبار : ٢٤٤.

(٤٢) الخصال ج ١ ص ٢٧.

(٥) الخصال ج ١ ص ٤٤.

١٦٣

قال : من اطال أمله ساء عمله (١).

٢٠ ـ ل : (٢) لى : عن محمد بن أحمد الاسدي ، عن أحمد بن محمد العامري عن إبراهيم بن عيسى السدوسي ، عن سليمان بن عمرو ، عن عبدالله بن الحسن بن الحسن ، عن أمه فاطمة بنت الحسين ، عن أبيها عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن صلاح أول هذه الامة بالزهد واليقين ، وهلاك آخرها بالشح والامل (٣).

٢١ ـ ل : في وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى علي : يا علي أربع خصال من الشقاء : جمود العين ، وقساوة القلب ، وبعد الامل ، وحب البقاء (٤).

٢٢ ـ ن : بالاسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام : قال لو رأى العبد أجله وسرعته إليه ، لابغض الامل ، وترك طلب الدنيا (٥).

٢٣ ـ جا (٦) ما : عن المفيد ، عن عمر بن ممد ، عن ابن مهرويه ، عن داود ابن سليمان ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام مثله (٧).

صح : عن الرضا عن آبائه عليهم‌السلام مثله (٨).

٢٤ ـ ما : فيما أوصى به أمير المؤمنين عليه‌السلام عند وفاته قصر الامل ، واذكر الموت وازهد في الدنيا ، فانك رهن موت ، وغرض بلاء ، وصريع سقم (٩).

٢٥ ـ ع : عن الحسن بن أحمد ، عن أبيه ، عن الاشعري عن محمد بن عبدالحميد

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ١١.

(٢) الخصال ج ١ ص ٤٠.

(٣) أمالى الصدوق ١٣٧.

(٤) الخصال : ١١٥.

(٥) عيون الاخبار ج ٢ ص ٣٩.

(٦) مجالس المفيد : ١٩٠.

(٧) أمالي الطوسى ج ١ ص ٧٦.

(٨) صحيفة الرضا عليه‌السلام : ١٤.

(٩) أمالي الطوسى ج ١ ص ٦.

١٦٤

عن إبراهيم بن مهزم قال : وجد في زمن وهب بن منبه حجر فيه كتاب بغير العربية فطلب من يقرأه فلم يوجد ، حتى أتى به ابن منبه وكان صاحب كتب فقرأه فاذا فيه : يا ابن آدم لو رأيت قصر ما بقي من أجلك ، لزهدت في طول ما ترجو من أملك ، ولقل حرصك وطلبك ، ورغبت في الزيادة في عملك ، فانك إنما تلقى يومك لو قد زلت قدمك ، فلا أنت إلى أهلك براجع ، ولا في عملك بزائد ، فاعمل ليوم القيامة ، قبل الحسرة والندامة (١).

٢٦ ـ مص : قال الصادق عليه‌السلام : لا تحرص على شئ لو تركته لوصل إليك وكنت عند الله مستريحا محمودا بتركه ، ومذموما باستعجالك في طلبه ، وترك التوكل عليه ، والرضا بالقسم ، فان الدنيا خلقها الله تعالى بمنزلة ظلك : إن طلبته أتعبك ولا تلحقه أبدا ، وإن تركته تبعك ، وانت مستريح.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : الحريص محروم ، وهو مع حرمانه مذموم ، في أي شئ كان ، وكيف لا يكون محروما وقد فر من وثاق الله ، وخالف قول الله عز وجل ، حيث يقول الله : «الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم» (٢) والحريص بين سبع آفات صعبة : فكر يضر بدنه ولا ينفعه ، وهم لا يتم له أقصاه وتعب لا يستريح منه إلا عند الموت ، ويكون عند الراحة أشد تعبا ، وخوف لا يورثه إلا الوقوع فيه ، وحزن قد كدر عليه عيشه بلا فائدة ، وحساب لا يخصله من عذاب الله إلا أن يعفو الله عنه ، وعقاب لا مفر له منه ولا حيلة ، والمتوكل على الله يمسي ويصبح في كنفه ، وهو منه في عافية ، وقد عجل له كفايته ، وهيئ له من الدرجات ما الله به عليم.

والحرص ما يجري في منافذ غضب الله ، وما لم يحرم العبد اليقين لا يكون

____________________

(١) علل الشرايع ج ٢ ص ١٥١.

(٢) الروم : ٤٠.

١٦٥

حريصا ، واليقين ارض الاسلام وسماء الايمان (١).

٢٧ ـ ضه : روي أن أسامة بن زيد اشترى وليدة بمائة دينار إلى شهر ، فسمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : لا تعجبون من أسامة المشتري إلى شهر؟ إن أسامة لطويل الامل ، والذي نفس محمد بيده ما طرفت عيناي إلا ظننت أن شفري لا يلتقيان حتى يقبض الله روحي ، ولا رفعت طرفي وظننت أني خافضه ، حتى أقبض ، ولا تلقمت لقمة إلا ظننت أني لا اسيغها حتى أغص بها (٢) من الموت ثم قال : يا بني آدم إن كنتم تعقلون فعدوا أنفسكم من الموتى ، والذي نفسي بيده ، إن ما توعدون لات ، وما أنتم بمعجزين (٣).

٢٨ ـ ين : عن فضالة ، عن السكوني ، عن ابي عبدالله ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال علي عليه‌السلام : ما أنزل الموت حق منزلته من عد غدا من أجله.

وقال علي عليه‌السلام : ما أطال عبدالامل إلا اساء العمل ، وكان عليه‌السلام يقول : لو رأى العبد أجله وسرعته إليه لابغض الامل وطلب الدنيا.

٢٩ ـ نهج : قال عليه‌السلام : من جرى في عنان أمله عثر بأجله (٤).

وقال عليه‌السلام : أشرف الغنا ترك المنى (٥).

وقال عليه‌السلام : من اطال الامل أساء العمل (٦).

وقال عليه‌السلام : كم من أكلة تمنع أكلات (٧).

____________________

(١) مصباح الشريعة : ٢٢.

(٢) اساغ الطعام او الشراب : سهل له دخوله في الجوف ، والغصص اعتراض شئ منه في الحلق يمنعه التنفس بالخناق.

(٣) وتراه في تنبيه الخاطر ج ١ ص ٢٧١.

(٤) نهج البلاغة الرقم ١٨ من الحكم.

(٥) نهج البلاغة الرقم ٣٤ من الحكم.

(٦) نهج البلاغة الرقم ٣٦ من الحكم.

(٧) نهج البلاغة الرقم ١٧١ من الحكم.

١٦٦

وقال عليه‌السلام : لو رأى العبد الاجل ومسيره لابغض الامل وغروره (١).

٣٠ ـ كتاب الغارات : لابراهيم بن محمد الثقفي رفعه ، عن يحيى بن سعيد عن أبيه قال : خطب علي عليه‌السلام فقال : إنما أهلك الناس خصلتان ، هما اهلكتا من كان قبلكم وهما مهلكتان من يكون بعدكم ، أمل ينسى الآخرة ، وهوى يضل عن السبيل ثم نزل.

٣١ ـ كنز الكراجكى : قال الله تعالى : يا ابن ندم في كل يوم تؤتى برزقك وأنت تحزن ، وينقص من عمرك وأنت لا تحزن ، تطلب ما يطغيك ، وعندك ما يكفيك.

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من كان يأمل أن يعيش غدا فانه يأمل أن يعيش ابدا.

وعن المفيد ، عن ابن قولويه ، عن جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه ، عن الحسين ابن خالد ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من أيقن أنه يفارق الاحباب ، ويسكن التراب ، ويواجه الحساب ، ويستغني عما خلف ، ويفتقر إلى ما قدم ، وكان حريا بقصر الامل ، وطول العمل.

وروي أنه سئل أمير المؤمنين عليه‌السلام عن الحرص ما هو؟ قال هو طلب القليل باضاعة الكثير.

____________________

(١) نهج البلاغة الرقم ٣٣٤ من الحكم.

١٦٧

١٢٩

* ( باب ) *

* «( الطمع ، والتذلل لاهل الدنيا طلبا لما في أيديهم ، وفضل القناعة )» *

١ ـ لى : عن الصادق عليه‌السلام قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أفقر الناس الطمع (١).

٢ ـ ل : عن أبيه ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن أبي عبدالله الرازي ، عن علي بن سليمان بن رشيد ، عن موسى بن سلام ، عن أبان بن سويد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قلت : ما الذي يثبت الايمان في العبد؟ قال : الذي يثبته فيه الورع والذي يخرجه منه الطمع (٢).

أقول : قد مضى في باب صفات شرار العباد.

٣ ـ ل : عن أبيه ، عن سعد ، عن الاصبهاني ، عن المنقري ، عن حماد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن أردت أن تقر عينك وتنال خير الدنيا والآخرة ، فاقطع الطمع عما في أيدي الناس ، وعد نفسك في الموتى ، ولا تحدثن نفسك أنك فوق أحد من الناس ، واخزن لسانك كما تخزن مالك (٣).

٤ ـ ما : عن جماعة ، عن ابي المفضل ، عن الحسن بن علي بن سهل ، عن موسى بن عمر بن يزيد ، عن معمر بن خلاد ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : جاء أيوب خالد بن زيد إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله أوصني واقلل لعلي أن أحفظ قال : أوصيك بخمس : باليأس عما في أيدي الناس فانه الغنى ، وإياك والطمع فانه الفقر الحاضر ، وصل صلاة مودع ، وإياك وما يعتذر منه ، وأحب لاخيك ما تحب لنفسك (٤).

____________________

(١) أمالى الصدوق : ١٤ ، والطمع : ككتف ذو الطماعية.

(٢) الخصال ج ١ ص ٨.

(٣) الخصال ج ١ ص ٦٠.

(٤) امالى الطوسى ج ٢ ص ١٢٢.

١٦٨

٥ ـ فس : عن محمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن سيار عن المفضل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أتى ذاميسرة فتخشع له طلب ما في يديه ، ذهب ثلثا دينه ثم قال : ولا تعجل وليس يكون الرجل ينال من الرجل المرفق فيجله ويوقره فقد يجب ذلك له عليه ، ولكن تراه أنه يريد بتخشعه ما عند الله ، أو يريد أن يختله عما في يديه (١).

٦ ـ مص : قال الصادق عليه‌السلام : بلغني أنه سئل كعب الاحبار : ما الاصلح في الدين؟ وما الافسد؟ فقال : الاصلح الورع ، والافسد الطمع ، فقال له السائل : صدقت يا كعب الاحبار.

والطمع خمر الشيطان ، يستقي بيده لخواصه ، فمن سكر منه لا يصحو إلا في [ أليم ] عذاب الله أو مجاورة ساقيه ، ولو لم يكن في الطمع إلا مشاراة الدين بالدين كان عظيما قال الله عزوجل : «أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما اصبرهم على النار» (٢).

وقال أمير المؤمنين علي عليه‌السلام : تفضل على من شئت فأنت أميره ، واستغن عمن شئت فأنت نظيره ، وافتقر إلى من شئت فأنت اسيره.

والطمع منزوع عنه الايمان ، وهو لا يشعر ، لان الايمان يحجب بين العبد وبين الطمع من الخلق ، ويقول : يا صاحبي خزائن الله مملوة من الكرامات ، وهو لا يضيع أجر من أحسن عملا ، وما في أيدي الناس فانه مشوب بالعلل ، ويرده إلى التوكل والقناعة ، وقصر الامل ، ولزوم الطاعة ، واليأس من الخلق ، فان فعل ذلك لزمه ، وان لم يفعل ذلك تركه مع شؤم الطمع وفارقه (٣).

٧ ـ نهج : قال عليه‌السلام : أزرى بنفسه من استشعر الطمع ، ورضي بالذل من

____________________

(١) تفسير القمى : ٣٥٦ في حديث ،. وقد مر ص ٩٠ فيما سبق مع اختلاف.

(٢) البقرة ، ١٧٥.

(٣) مصباح الشريعة : ٣٤.

١٦٩

كشف عن ضره (١).

وقال عليه‌السلام : والطمع رق مؤبد (٢).

وقال عليه‌السلام : أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع (٣).

وقال عليه‌السلام : الطامع في وثاق الذل (٤).

وقال عليه‌السلام : من أتى غنيا فتواضع لغناه ذهب ثلثا دينه (٥).

وقال عليه‌السلام : إن الطمع مورد غير مصدر ، وضامن غير وفي ، وربما شرق شارب الماء قبل ريه ، فكلما عظم قدر الشئ المتنافس فيه عظمت الرزية لفقده ، والاماني تعمي أعين البصائر ، والحظ يأتي من لا يأتيه (٦).

وقال عليه‌السلام في وصيته للحسن عليه‌السلام : اليأس خير من الطلب إلى الناس ما أقبح الخضوع عند الحاجة ، والجفاء عند الغناء (٧).

٨ ـ صفات الشيعة للصدوق : باسناده ، عن حبيب الواسطي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ما أقبح بالمؤمن أن تكون له رغبة تذله (٨).

٩ ـ كا : عن العدة ، عن أحمد ، عن أبيه ، عمن ذكره بلغ به أبا جعفر عليه‌السلام قال : بئس العبد عبد له طمع يقوده ، وبئس العبد عبد له رغبة تذله (٩).

____________________

(١) نهج البلاغة الرقم ٢ من الحكم.

(٢) نهج البلاغة الرقم ١٨٠ من الحكم.

(٣) نهج البلاغة الرقم ٢١٩ من الحكم.

(٤) نهج البلاغة الرقم ٢٢٦ من الحكم.

(٥) نهج البلاغة الرقم ٢٢٨ من الحكم.

(٦) نهج البلاغة الرقم ٢٧٥ من الحكم.

(٧) نهج البلاغة الرقم ٣١ من الحكم.

(٨) صفات الشيعة تحت الرقم ٤٥ ، وفيه حباب الواسطى.

(٩) الكافي ج ٢ ص ٣٢٠.

١٧٠

بيان : لعل المراد بالطمع ما في القلب من حب ما في أيدي الناس وأمله وبالرغبة إظهار ذلك والسؤال والطلب عن المخلوق ، والقود يناسب الاول كما أن الذلة تناسب الثاني.

١٠ ـ كا : عن علي بن إبراهيم ، عن القاسم بن محمد ، عن المنقري ، عن عبدالرزاق عن معمر ، عن الزهري قال : قال علي بن الحسين عليه‌السلام : رأيت الخير كله قد اجتمع في قطع الطمع عما في أيدي الناس (١).

بيان : «رأيت الخير كله» اي الرفاهية وخير الدنيا وسعادة الآخرة لان الطمع يورث الذل والحقارة والحسد والحقد والعداوة والغيبة والوقيعة وظهور الفضائح والظلم والمداهنة والنفاق والرياء والصبر على باطل الخلق ، والاعانة عليه وعدم التوكل على الله والتضرع إليه والرضا بقسمه والتسليم لامره إلى غير ذلك من المفاسد التي لا تحصى ، وقطع الطمع يورث أضداد هذه الامور التي كلها خيرات.

١١ ـ كا : عن العدة ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن علي بن حسان ، عمن حدثه (٢) عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ما أقبح بالمؤمن أن تكون له رغبة تذله (٣).

بيان : «ما أقبح» صيغة تعجب و «أن تكون» مفعوله ، والمراد الرغبة إلى الناس بالسؤال عنهم وهي التي تصير سببا للمذلة ، وأما الرغبة إلى الله فهي عين العزة. والصفة تحتمل الكاشفة والموضحة.

١٢ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن بعض أصحابه ، عن علي بن سليمان بن رشيد ، عن موسى بن سلام ، عن سعدان ، عن ابي عبدالله عليه‌السلام قال : قلت له : الذي يثبت الايمان في العبد؟ قال : الورع ، والذي يخرجه منه؟ قال : الطمع (٤).

بيان : الورع اجتناب المحرمات والشبهات ، وفي المقابلة إشعار بأن الطمع يستلزم ارتكابهما.

____________________

(١ و ٣ و ٤) الكافي ج ٢ ص ٣٢٠.

(٢) الراوى حباب أوحبيب الواسطى كما مر عن صفات الشيعة.

١٧١

١٣ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن عمار ابن مروان ، عن زيد الشحام ، عن عمرو بن هلال قال : قال أبوجعفر عليه‌السلام : إياك أن تطمح بصرك إلى من هو فوقك ، فكفى بما قال الله عزوجل لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ولا تعجبك أموالهم ولا أولادهم» (١) وقال : «ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحيوة الدنيا» (٢) فان دخلك من ذلك شئ فاذكر عيش رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فانماكان قوته الشعير ، وحلواه التمر ، ووقوده السعف إذا وجده (٣).

تبيين : «أن تطمح بصرك» الظاهر أنه على بناء الافعال ، ونصب البصر ويحتمل أن يكون على بناء المجرد ورفع البصر ، أي لا ترفع بصرك بأن تنظر إلى من هو فوقك في الدنيا ، فتتمنى حاله ، ولا ترضى بما أعطاك الله ، وإذا نظرت إلى من هو دونك في الدنيا ترضى بما أوتيت ، وتشكر الله عليه ، وتقنع به ، قال في القاموس : طمح بصره إليه كمنع ارتفع فهي طامح ، وأطمح بصره رفعه انتهى.

«فكفى بما قال الله» الباء زائدة أي كفاك للاتعاظ ولقبول ما ذكرت ما قال الله لنبيه ، وإن كان المقصود بالخطاب غيره «ولاتعجبك» كذا في النسخ التي عندنا ، والظاهر «فلا» إذ الآية في سورة التوبة في موضعين أحدهما «فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحيوة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون» والاخرى «ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون» وماذكر هنا لا يوافق شيئا منهما ، وإن احتمل أن يكون نقلا بالمعنى إشارة إلى الآيتين معا.

وقال البيضاوي في الاولى : «فلا تعجبك» الخ فان ذلك استدراج ووبال لهم ، كما قال : «إنمايريد الله ليعذبهم بها» بسبب ما يكابدون لجمعها وحفظها

____________________

(١) براءة : ٥٦ و ٨٥.

(٢) طه : ١٣١.

(٣) الكافي ج ٢ ص ١٣٧.

١٧٢

من المتاعب ، وما يرون فيها من الشدائد والمصائب «وتزهق أنفسهم» اي فيموتوا كافرين مشتغلين بالتمتع عن النظر في العاقبة ، فيكون ذلك استدراجا لهم (١).

وقال في الاخرى : تكرير للتأكيد والامر حقيق به فان الابصار طامحة إلى الاموال والاولاد ، والنفوس مغتبطة عليها ، ويجوز أن يكون هذه في فريق غير الاول (٢).

«ولا تمدن عينيك» قال في الكشاف : اي نظر عينيك ومد النظر تطويله وأن لا يكاد يرده استحسانا للمنظور إليه ، وتمنيا أن يكون له مثله ، وفيه أن النظر غير الممدود معفو عنه ، وذلك مثل نظر من باده الشئ بالنظر ثم غض الطرف وقد شدد العلماء من أهل التقوى في وجوب غض البصر عن أبنية الظلمة ، وعدد الفسقة في اللباس والمراكب وغير ذلك ، لانهم إنما اتخذوا هذه الاشياء لعيون النظارة ، فالناظر إليها محصل لغرضهم ، وكالمغري لهم على اتخاذها.

«أزواجا منهم» قال البيضاوي : أصنافا من الكفرة ويجوز أن يكون حالا من الضمير في « به» ، والمفعول «منهم» اي إلى الذي متعنا به ، وهو أصناف بعضهم وناسا منهم «زهرة الحيوة الدنيا» منصوب بمحذوف دل عليه «متعنا» أو به على تضمينه معنى أعطينا ، أو بالبدل من محل «به» أو من «أزواجا» بتقدير مضاف ودونه ، أو بالضم وهي الزينة والبهجة «لنفتنهم فيه» لنبلوهم ونختبرهم فيه أو لنعذبهم في الآخرة بسببه «ورزق ربك» وما ادخره لك في الآخرة أو ما رزقك من الهدى والنبوة «خير» مما منحهم في الدنيا «وأبقى» فانه لا ينقطع (٣).

وإنما ذكرنا تتمة الآيتين لانهما مرادتان ، وتركتا اختصارا «فان دخلك من ذلك» أي من إطماع البصر أو من جملته «شئ» أو بسببه شئ من الرغبة في الدنيا «فاذكر» لعلاج ذلك وإخراجه عن نفسك «عيش رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله» أي

____________________

(١) أنوار التنزيل : ١٧٥.

(٢) انوار التنزيل : ١٧٨.

(٣) انوار التنزيل : ٢٧٠.

١٧٣

طريق تعيشه في الدنيا ، لتسهل عليك مشاق الدنيا والقناعة فيها ، فانه إذا كان أشرف المكونات هكذا تعيشه ، فكيف لا يرضى من دونه به؟ وإن كن شريفا رفيعا عند الناس؟ مع أن التأسي به صلى‌الله‌عليه‌وآله لازم.

«فانما كان قوته الشعير» اي خبزه غالبا «وحلواه التمر» قال : في المصباح الحلوا التي تؤكل تمد وتقصر ، وجمع الممدود حلاوي مثل صحراء وصحاري بالتشديد وجمع المقصور حلاوى بفتح الواو ، وقال الازهري : الحلوا اسم لما يؤكل من الطعام إذا كان معالجا بحلاوة «ووقوده السعف» الوقود بالفتح الحطب وما يوقد به ، والسعف أغصان النخل ما دامت بالخوص ، فان زال الخوص عنها قيل : جريدة ، الواحدة سعفة ، ذكره في المصباح وفي القاموس السعف محركة ريد النخل أوورقه ، وأكثر ما يقال إذا يبست ، والضمير في «إن وجده» راجع إلى كل من الامور المذكورة ، أو إلى السعف وحده ، وفسر بعضهم السعف بالورق وقال : الضمير راجع إليه ، والمعنى أنه كان يكتفي في خبز الخبز ونحوه بورق النخل ، فاذا انتهى ذلك ولم يجده كان يطبخ بالجريد ، بخلاف المسرفين فانهم يطرحون الورق ويستعملون الجريد ابتداء.

واقول : كأنه رحمه الله تكلف ذلك لانه لا فرق بين جريد النخل وغيره في الايقاد ، فأي قناعة فيه؟ وليس كذلك لان الجريد أرذل الاحطاب للايقاد لنتنه وكثرة دخانه وعدم اتقاد جمره ، وهذا بين لمن جربه.

١٤ ـ كا : عن الحسين بن محمد ، عن المعلى وعلي بن محمد ، عن صالح بن ابي حماد جميعا ، عن الوشاء ، عن أحمد بن عائذ ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من سالنا أعطيناه ، ومن استغنى أغناه الله (١).

بيان : «من استغنى» اي عن الناس وترك الطلب «أغناه الله» عنه باعطاء ما يحتاج إليه.

____________________

(١) الكافي ج ٢ ص ١٣٨.

١٧٤

١٥ ـ كا : عن محمد ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن الهيثم بن واقد عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من رضي من الله باليسير من المعاش ، رض‌الله‌عنه باليسير من العمل (١).

بيان : «رض‌الله‌عنه» قيل : لان كثرة النعمة توجب مزيد الشكر ، فكلما كانت النعمة أقل كان الشكر أسهل ، وبعبارة أخرى يسقط عنه كثير من العبادات المالية كالزكاة والحج وبر الوالدين وصلة الارحام ، وإعانة الفقراء ، وأشباه ذلك ، والظاهر أن المراد به أكثر من ذلك من المسامحة والعفو ، وسيأتي برواية الصدوق رحمه الله (٢) عن أبي عبدالله عليه‌السلام حين سئل عن معنى هذا الحديث قال : يطيعه في بعض ويعصيه في بعض.

وقد ورد في طريق العامة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أخلص قلبك يكفك القليل من العمل. وقال بعضهم : لان من زهد في الدنيا وطهر ظاهره وباطنه من الاعمال والاخلاق القيحة ، التي تقتضيها الدنيا ، وفرغ من المجاهدات التي يحتاج إليها السالك المبتدي ، وجعلها وراء ظهره ، فلم يبق عليه إلا فعل ما ينبغي فعله وهذا يسير بالنسبة إلى تلك المجاهدات انتهى.

واقول : يحتمل : إجراء مثله في هذا الخبر لان من رضي بالقليل ، فقد زهد في الدنيا وأخلص قلبه من حبها.

١٦ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن عبدالله بن القاسم ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : مكتوب في التوراة : ابن آدم كن كيف شئت ، كماتدين تدان ، من رضي من الله بالقليل من الرزق قبل الله منه اليسير من العمل ، ومن رضي باليسير من الحلال خفت مؤنته ، وزكت مكسبته ، وخرج من حد الفجور (٣).

____________________

(١) الكافي ج ٢ ص ١٣٨.

(٢) معاني الاخبار : ٢٦٠.

(٣) الكافي ج ٢ ص ١٣٨.

١٧٥

بيان : «كن كيف شئت» الظاهر أنه أمر على التهديد نحو قوله تعالى : «اعملوا ما شئتم» وقيل : كن كما شئت أن يعمل معك وتتوقعه ، لقوله : «كما تدين تدان» وقد مر معناه «خفت مؤنته» اي مشقته في طلب المال وحفظه «وزكت» أي طهرت من الحرام «مكسبته» لان ترك الحرام والشبهة في القليل اسهل ، أو نمت وحصلت فيه بركة مع قلته.

«وخرج من حد الفجور» اي من قرب الفجور والاشراف على الوقوع في الحرام ، فان بين المال القليل والوقوع في الفجور فاصلة كثيرة ، لقلة الدواعي وصاحب المال الكثير لكثرة دواعي الشرور والفجور فيه كأنه على حد هو منتهى الحلال وبأدنى شئ يخرج منه إلى الفجور ، إما بالتقصير في الحقوق الواجبة فيه ، أو بالطغيان اللازم له ، أو بالقدرة على المحرمات التي تدعو النفس إليها ، أو بالحرص الحاصل منه ، فلا يكتفي بالحلال ويتجاوز إلى الحرام ، واشباه ذلك ويحتمل أن يكون المعنى خرج من حد الفجور ، الذي تستلزمه كثرة المال إلى الخير والصلاح اللازم لقلة المال والاول أبلغ وأتم.

١٧ ـ كا : عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن محمد بن عرفة ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : من لم يقنعه من الرزق إلا الكثيرلم يكفه من العمل إلا الكثير ، ومن كفاه من الرزق القليل ، فانه يكفيه من العمل القليل (١).

١٨ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : ابن ندم! إن كنت تريد من الدنيا ما يكفيك ، فان أيسر ما فيها يكفيك ، وان كنت انما تريد ما لا يكفيك فان كل ما فيها لا يكفيك (٢).

بيان : «ما يكفيك» اي ما تكتفي وتقنع به اي بقدر الكفاف والضرورة وقوله : «فان ايسر» من قبيل وضع الدليل موضع المدلول أي فيحصل مرادك لان ايسر ما في الدنيا يمكن أن يكتفي به «وإن كنت تريد ما لا يكفيك» أي

____________________

(١ و ٢) الكافي ج ٢ ص ١٣٨.

١٧٦

ما لا تكتفي به وتريد أزيد منه ، فلا تصل إلى مقصودك ، ولا تنتهي إلى حد ، فانه إن حصل لك جميع الدنيا تريد أزيد منها لما مر أن كثرة المال يصير سببا لكثرة الحرص وسيأتي أوضح من ذلك.

١٩ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عبدالرحمن بن محمد الاسدي ، عن سالم بن مكرم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : اشتدت حال رجل من اصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالت له امرأته : لو أتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسألته ، فجاء إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما رآه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من سألنا أعطيناه ، ومن استغنى أغناه الله فقال الرجل : ما يعني غيري فرجع إلى امرأته فأعلمها ، فقالت : إن رسول الله بشر فأعلمه فأتاه ، فلما رآه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من سالنا أعطيناه ومن استغنى أغناه الله ، حتى فعل الرجل ذلك ثلاثا ثم ذهب الرجل فاستعار معولا ثم أتى الجبل فصعده فقطع حطبا ثم جاء به فباعه بنصف مد من دقيق فرجع به فأكله ، ثم ذهب من الغد فجاء بأكثر من ذلك فباعه فلم يزل يعمل ويجمع حتى اشترى معولا ثم جمع حتى اشترى بكرين وغلاما ثم اثرى حتى ايسر فجاء إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فأعلمه كيف جاء يسأله وكيف سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال النبي (ص) : قلت لك : من سألنا أعطيناه ومن استغنى أغناه الله (١).

بيان : «لو أتيت» لو للتمني «إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بشر» أي لا يعلم الغيب إلا الله ، وهو بشر لا يعلم الغيب اي لم يكن هذا الكلام معك لانه لا يعلم ما في ضميرك ، أو لا يعلم كنه شدة حالنا وإنما عرف حاجتك في الجملة ، وفي الصحاح المعول الفأس العظيمة التي ينقر بها الصخر «من الغد» «من» بمعنى «في» والبكر بالفتح الفتى من الابل ، ويقال : أثرى الرجل : إذا كثرت أمواله ، وأيسر الرجل أي استغنى كل ذلك ذكره الجوهري.

٢٠ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن الفرات ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن ابي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله

____________________

(١) الكافي ج ٢ ص ١٣٩.

١٧٧

صلى‌الله‌عليه‌وآله : من اراد أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يد غيره (١).

بيان : «فليكن بما في يد الله» اي في قدرة الله وقضائه وقدره «أوثق منه بما في يد غيره» ولو نفسه فانه لا يصل إليه الاول ، ولا ينتفع بالثاني ، إلا بقضاء الله وقدره ، والحاصل أن الغنا عن الخلق لا يحصل إلا بالوثوق بالله سبحانه والتوكل عليه ، وعدم الاعتماد على غيره ، والعلم بأن الضار النافع هو الله ، ويفعل بالعباد ما علم صلاحهم فيه ، ويمنعهم ما علم أنه لا يصلح لهم.

٢١ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن ابن فضال ، عنعاصم بن حميد ، عن أبي حمزة ، عن ابي جعفر [ أ ] وأبي عبدالله عليهما‌السلام قال : من قنع بما رزقه الله فهو من أغنى الناس (٢).

بيان : «فهو من أغنى الناس» لان الغنا عدم الحاجة إلى الغير ، والقانع بما رزقه الله لا يحتاج إلى السؤال عن غيره تعالى.

٢٢ ـ كا : بالاسناد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن حمزة بن حمران قال : شكى رجل إلى أبي عبدالله عليه‌السلام أنه يطلب فيصيب ولا يقنع ، وتنازعه نفسه إلى ما هو أكثر منه ، وقال : علمني شيئا انتفع به ، فقال ابوعبدالله عليه‌السلام : إن كان ما يكفيك يغنيك ، فأدنى ما فيها يغنيك ، وإن كان ما يكفيك لا يغنيك ، فكل ما فيها لا يغنيك (٣).

٢٣ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن عدة من اصحابه ، عن حنان بن سدير رفعه قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من رضي من الدنيا بما يجزيه ، كان ايسر ما فيها يكفيه ، ومن لم يرض من الدنيا بما يجزيه ، لم يكن شئ منها يكفيه (٤).

بيان : أجزء مهموز ، وقد يخفف اي أغنى وكفى ، قال في المصباح : قال الازهري : والفقهاء يقولون فيه : أجزى من غير همز ، ولم أجده لاحد من أئمة

____________________

(١ ـ ٣) الكافي ج ٢ ص ١٣٩. (٤) الكافي ج ٢ ص ١٤٠.

١٧٨

اللغة ، ولكن إن همز أزأ فهو بمعنى كفى ، وفيه نظر لانه إن أراد امتناع التسهيل فقد توقف في غير موضع التوقف ، فان تسهيل همزة الطرف في الفعل المزيد وتسهيل الهمزة الساكنة قياسي فيقال : أرجأت الامر وأرجيته ، وأنسأت وأنسيت وأخطأت وأخطيت.

١٣٠

* ( باب الكبر ) *

الايات : البقرة : أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم (١).

وقال تعالى : وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالاثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد (٢).

النساء : لن الله لا يحب من كان مختالا فخورا (٣).

المائدة : ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون (٤).

الاعراف : فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين (٥).

وقال تعالى : والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النارهم فيها خالدون [ إلى قوله تعالى : ] إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط (٦).

وقال سبحانه : ونادى اصحاب الاعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون (٧).

____________________

(١) البقرة : ٨٧.

(٢) البقرة : ٢٠٦.

(٣) النساء : ٣٤.

(٤) المائدة : ٨٢. (٥) الاعراف : ١٣.

(٦) الاعراف : ٤٠٣٦. (٧) الاعراف : ٤٨.

١٧٩

وقال : قال الملا الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه قالوا إنا بما ارسل به مؤمنون * قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون (١).

وقال تعالى : قال الملا الذين استكبروا منقومه لنخرجنك يا شعيب (٢).

وقال : فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين (٣).

وقال تعالى : سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الارض بغير الحق (٤).

يونس : فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين (٥).

هود : حاكيا عن قوم نوح : فقال الملا الذين كفروا من قومه مانراك إلا بشرا مثلنا وما نريك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين إلى قوله : وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكني أريكم قوما تجهلون * ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون * ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم إني إذا لمن الظالمين (٦).

وقال حاكيا عن قوم شعيب : قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنريك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز * قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه ورائكم ظهريا إن ربي بما تعملون محيط (٧).

ابراهيم : واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد (٨).

____________________

(١) الاعراف : ٧٦٧٥.

(٢) الاعراف : ٨٨.

(٣) الاعراف : ١٣٣.

(٤) الاعراف : ١٤٦.

(٥) يونس : ٧٥. (٦) هود : ٣١٢٧.

(٧) هود : ٩٢٩١. (٨) ابراهيم : ١٥.

١٨٠