بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن أحق الناس بأن يتمنى للناس الغنى البخلاء ، لانالناس إذا استغنوا كفوا عن أموالهم ، وإن أحق الناس بأن يتمنى للناس الصلاح أهل العيوب لان الناس إذا صلحوا كفوا عن تتبع عيوبهم ، وإن أحق الناس بأن يتمنى للناس الحلم أهل السفه الذين يحتاجون أن يعفى عن سفههم ، فاصبح أهل البخل يتمنون فقر الناس ، وأصبح أهل العيوب يتمنون معايب الناس ، واصبح أهل السفه يتمنون سفه الناس ، وفي الفقر الحاجة إلى البخيل ، وفي الفساد طلب عورة أهل العيوب ، وفي السفه المكافات بالذنوب (١).

ل : عن ابيه ، عن سعد ، عن البرقي ، عن أبيه مثله (٢).

٦ ـ لى : في خبر مناهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : قال الله عزوجل : حرمت الجنة على المنان والبخيل والقتات (٣).

٧ ـ فس : أبي ، عن الفضل بن ابي قرة قال : رأيت أبا عبدالله عليه‌السلام يطوف من أول الليل إلى الصباح ، وهو يقول : اللهم قني شح نفسي ، فقلت : جعلت فداك ما سمعتك تدعو بغير هذا الدعاء ، قال : وأي شئ اشد من شح النفس إن الله يقول : «ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون» (٤).

٨ ـ ل : عن ابن الوليد ، عن الحميري ، عن هارون ، عن ابن صدقة ، عن جعفر ، عن ابيه عليهما‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مامحق الايمان محق الشح شئ ، ثم قال : إن لهذا الشح دبيبا كدبيب النمل ، وشعبا كشعب الشرك (٥).

أقول : قد مضى بعض الاخبار في باب الجود والسخاء.

٩ ـ ل : عن الخليل ، عن ابن صاعد ، عن العباس بن محمد ، عن عون

____________________

(١) امالى الصدوق ص ٢٣٣.

(٢) الخصال ج ١ ص ٧٤.

(٣) أمالى الصدوق ص ٢٥٩.

(٤) تفسير القمى : ٦٨٥ ، والاية في سورة التغابن : ١٦.

(٥) الخصال ج ١ ص ١٥.

٣٠١

ابن عمار ، عن جعفر بن سليمان ، عن مالك بن دينار ، عن عبدالله بن غالب ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : خصلتان لا تجتمعان في مسلم : البخل وسوء الخلق (١).

١٠ ـ ل : عن الخليل ، عن ابن صاعد ، عن إسحاق بن شاهين ، عن خالد ابن عبدالله ، عن يوسف بن موسى ، عن حريز بن سهيل ، عن صفوان ، عن أبي يزيد ، عن القعقاع بن اللجلاج ، عن ابي هريرة ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لا يجتمع الشح والايمان في قلب عبد ابدا (٢).

١١ ـ ل : عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن هارون ابن الجهم ، عن ثوير بن أبي فاختة ، عن المفضل بن صالح ، عن سعد بن طريف عن ابي جعفر عليه‌السلام قال : الموبقات ثلاث : شح مطاع ، وهوى متبع ، وإعجاب المرء بنفسه (٣).

أقول : وقد مضى بسند آخر عن أنس ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : المهلكات ثلاث وكذا في وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى علي عليه‌السلام. قال الصدوق رحمه الله : روي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : الشح المطاع سوء الظن بالله عزوجل (٤).

١٢ ـ ل : عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن أبي الخطاب ، عن النضر ابن شعيب ، عن الجازي ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : لا يؤمن رجل فيه الشح والحسد والجبن ، ولا يكون المؤمن جبانا ولا حريصا ولا شحيحا (٥).

١٣ ـ ب : عن هارون ، عن ابن صدقة ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام أن عليا عليه‌السلام سمع رجلا يقول : الشحيح أعذر من الظالم ، فقال : كذبت إن الظالم يتوب ويستغفر الله ويرد الظلامة على أهلها ، والشحيح إذا شح منع الزكاة

____________________

(١ و ٢) الخصال ج ١ ص ٣٨.

(٣) الخصال ج ١ ص ٤٢.

(٤) راجع معانى الاخبار ص ٣١٤ وتراه في الخصال ج ١ ص ٤٢ بأسانيد مختلفة.

(٥) الخصال ج ١ ص ٤١.

٣٠٢

والصدقة ، وصلة الرحم ، وإقراء الضيف ، والنفقة في سبيل الله ، وأبواب البر وحرام على الجنة أن يدخلها شحيح (١).

١٤ ـ ب : ابن طريف ، عن ابن علوان ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : السخاء شجرة في الجنة اغصانها في الدنيا من تعلق بغصن منهاقاده ذلك الغصن إلى الجنة ، والبخل شجرة في النار أغصانها في الدنيا من تعلق بغصن منها قاده ذلك الغصن إلى النار (٢).

١٥ ـ ل : عن الخليل بن أحمد ، عن ابن صاعد ، عن الحسن بن عرفة ، عن عمر بن عبدالرحمن ، عن محمد بن حجارة ، عن بكر بن عبدالله المزني ، عن عبدالله ابن عمر ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إياكم والشح فانما هلك من كان قبلكم بالشح أمرهم بالكذب فكذبوا ، وأمرهم بالظلم فظلموا ، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا (٣).

١٦ ـ ل : عن الخليل بن أحمد ، عن أبي العباس السراج ، عن قتيبة ، عن بكر بن عجلان ، عن سعيد المقبري ، عن ابي هريرة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إياكم والفحش فان الله عزوجل لا يحب الفاحش المتفحش ، وإياكم والظلم فان الظلم عند الله هو الظلمات يوم القيامة ، وإياكم والشح ، فانه دعا الذين من قبلكم حتى سفكوا دمائهم ، ودعاهم حتى قطعوا أرحامهم ، ودعاهم حتى انتهكوا واستحلوا محارمهم (٤).

١٧ ـ ل : عن أبيه ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن موسى بن عمر عن أبي علي بن راشد رفعه إلى الصادق عليه‌السلام أنه قال : خمس هن كما أقول : ليست لبخيل راحة ، ولا لحسود لذة ، ولا لملوك وفاء ، (٥) ولا لكذاب مروة ، ولا يسود سفيه (٦).

____________________

(١) قرب الاسناد ص ٤٨ ط النجف.

(٢) قرب الاسناد ص ٧٤ ط النجف.

(٣ و ٤) الخصال ج ١ ص ٨٣. (٥) لملول خ للملوك خ.

(٦) الخصال ج ١ ص ١٣٠.

٣٠٣

١٨ ـ ل : عن العطار ، عن أبيه ، عن الاشعري ، عن أبي عبدالله الرازي ، عن ابن ابي عثمان ، عن أحمد بن عمر ، عن يحيى الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لا يطمعن ذو الكبر في الثناء الحسن ، ولا الخب في كثرة الصديق ، ولا السيئ الادب في الشرف ، ولا البخيل في صلة الرحم ، الخبر (١).

١٩ ـ ن : بالاسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي عليهم‌السلام قال : خطبنا أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : سيأتي على الناس زمان عضوض يعض المؤمن على ما في يده ولم يؤمر بذلك ، قال الله تعالى : «ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله كان بما تعملون بصيرا» (٢) وسيأتي زمان يقدم فيه الاشرار وينسئ فيه الاخيار ، ويبايع المضطر وقد نهى رسول اله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن بيع المضطر وعن بيع الغرر فاتقوا الله يا أيها الناس واصلحوا ذات بينكم ، واحفظوني في أهلي (٣).

٢٠ ـ ن : عن الطالقاني ، عن الحسن بن علي العدوي ، عن الهيثم بن عبدالله الرماني ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول :

خلقت الخلائق في قدرة

فمنهم سخي ومنهم بخيل

فأما السخي ففي راحة

وأما البخيل فشوم طويل (٤).

٢١ ـ ع : عن أبيه عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن محمد بن آدم ، عن أبيه رفعه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي لا تشاور جبانا فانه يضيق عليك المخرج ولا تشاور البخيل فانه يقصر بك غايتك ، ولا تشاور حريصا فانه يزين لك شرها ، واعلم يا علي أن الجبن والبخل والحرص غريزة واحدة يجمعها

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ٥٣.

(٢) البقرة : ٢٣٧.

(٣) عيون الاخبار ج ٢ ص ٤٥.

(٤) عيون الاخبار ج ٢ ص ١٧٦.

٣٠٤

سوء الظن (١).

٢٢ ـ مع : عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن النضر ، عن عبدالاعلى الارجاني ، عن عبدالاعلى بن أعين ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن البخيل من كسب مالا من غير حله ، وأنفقه في غير حقه (٢).

٢٣ ـ مع : عن ماجيلويه ، عن عمه ، عن البرقي ، عن بعض اصحابه بلغ به ابن طريف ، عن ابن نباتة ، عن الحارث الاعور قال : فيما سأل علي عليه‌السلام ابنه الحسن عليه‌السلام أن قال له : ما الشح؟ قال : أن ترى ما في يديك شرفا وما أنفقت تلفا (٣).

٢٤ ـ مع : عن الطالقاني ، عن محمد بن سعيد ، عن إبراهيم بن الهيثم ، عن أبيه ، عنأبيه ، عن المعافا بن عمران ، عن إسرائيل ، عن المقدام بن شريح ، عن أبيه مثله وفيه أن ترى القليل سرفا (٤).

٢٥ ـ مع : عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن أحمد بن محمد ، عن ابيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة قال : سمعت ابا عبدالله عليه‌السلام يقول : إنما الشحيح من منع حق الله وأنفق في غير حق الله عزوجل (٥).

٢٦ ـ مع : بالاسناد ، عن أحمد ، عن أبيه ، عن أبي جهم ، عن موسى بن بكر ، عن أحمد بن سليمان ، عن موسى بن جعفر عليه‌السلام قال : البخيل من بخل بما افترض الله عليه (٦).

٢٧ ـ مع : ابي ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن معاوية بن وهب عن ابي عبدالله عليه‌السلام قال : البخيل من بخل بالسلام (٧).

____________________

(١) علل الشرائع ج ٢ ص ٢٤٦.

(٢) معانى الاخبار ص ٢٤٥.

(٣) معانى الاخبار ص ٢٤٥.

(٤) معانى الاخبار ص ٤٠١.

(٧٥) معانى الاخبار ص ٢٤٦.

٣٠٥

٢٨ ـ مع : عن أحمد بن محمد بن عبدالرحمن المقري ، عن علي بن الحسين ابن بندار التميمي ، عن محمد بن الحجاج ، عن أحمد بن العلا ، عن أبي زكريا ، عن سليمان بن بلال ، عن عمارة بن عرفة ، عن عبدالله بن علي بن الحسين ، عن ابيه عن جده عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : البخيل حقا من ذكرت عنده فلم يصل علي (١).

٢٩ ـ مع : عن ابيه ، عن سعد ، عن الاصبهاني ، عن المنقري ، عن الفضيل ابن عياض قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : أتدري من الشحيح؟ فقلت : هو البخيل ، فقال : الشحيح اشد من البخيل ، إن البخيل يبخل بما في يديه ، وإن الشحيح يشح بما في أيدي الناس ، وعلى ما في يديه ، حتى لا يرى في أيدي الناس شيئا إلا تمنى أن يكون له بالحل والحرام ، ولا يشبع ولا يقنع بما رزقه الله تعالى (٢).

٣٠ ـ مع : عن ماجيلويه ، عن عمه ، عن الكوفي ، عن أبي جميلة ، عن جابر ، عن ابي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ليس البيخل من يؤدي أو الذي يؤدي الزكاة المفروضة من ماله ، ويعطي النائبة في قومه ، وإنما البخيل حق البخيل الذي يمنع الزكاة المفروضة في ماله ، ويمنع النائبة في قومه ، وهو فيما سوى ذلك يبذر (٣).

٣١ ـ ل : عن ابن الوليد ، عن سعد ، عن البرقي ، عن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن العلا بن فضيل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ثلاث إذا كن في الرجل فلا تحرج أن تقول إنه في جهنم : الجفاء ، والجبن ، والبخل ، وثلاث إذا كن في المرأة فلا تحرج أن تقول إنها في جهنم : البذاء والخيلاء والفخر (٤).

٣٢ ـ ل : عن ابن الوليد ، عن سعد ، عن الحسن بن علي بن النعمان ، عن

____________________

(١) معانى الاخبار ص ٢٤٦.

(٢ و ٣) معانى الاخبار ص ٢٤٥.

(٤) الخصال ج ١ ص ٧٦.

٣٠٦

ابن أسباط ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ما كان في شيعتنا فلا يكون فيهم ثلاثة أشياء ، لا يكون فيهم من يسأل بكفه ، ولا يكون فيهم بخيل ، ولا يكون فيهم منم يؤتى في دبره (١).

٣٣ ـ جا : عن أبي غالب الزراري ، عن محمد بن جعفر الرزاز ، عن ابن أبي الخطاب ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن بريد ، عن أبي جعفر ، عن أبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يقول الله تعالى : المعروف هدية مني إلى عبدي المؤمن ، فان قبلها مني فبرحمتي ومني ، وإن ردها علي فبذنبه حرمها ، ومنه لا مني ، وأيما عبد خلقته فهديته إلى الايمان وحسنت خلقه ولم أبتله بالبخل فاني اريد به خيرا (٢).

٣٤ ـ مكا : عن الصادق عليه‌السلام قال : خياركم سمحاؤكم ، وشراركم بخلاؤكم ومن خالص الايمان البر بالاخوان ، والسعي في حوائجهم.

وعنه عليه‌السلام قال : شاب سخي مرهق في الذنوب أحب إلى الله عزوجل من شيخ عابد بخيل.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أدى ما افترض الله عليه فهو أسخى الناس.

وقال عليه‌السلام : ما محق الاسلام محق الشح شئ ، ثم قال : إن لهذا الشح دبيبا كدبيب النمل ، وشعبا كشعب الشرك (٣).

٣٥ ـ ختص : قال الصادق عليه‌السلام : حسب البخيل من بخله سوء الظن بربه من أيقن بالخلف جاد بالعطية (٤).

٣٦ ـ نهج : [ قال عليه‌السلام : ] البخل عار ، والجبن منقصة (٥).

وقال عليه‌السلام : البخل جامع لمساوي العيوب ، وهو زمام يقاد به

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ٦٥.

(٢) مجالس المفيد ص ١٥٩.

(٣) مكارم الاخلاق ص

(٤) الاختصاص : ٢٣٤. (٥) نهج البلاغة الرقم ٣ من الحكم.

٣٠٧

إلى كل سوء (١).

٣٧ ـ كتاب الامامة والتبصرة : عن أحمد بن علي ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمد عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : السخي قريب من الله ، قريب من الناس ، قريب من الجنة ، والبخيل بعيد من الله ، بعيد من الناس ، قريب من النار.

١٣٧

( باب )

* «( الذنوب وآثارها والنهي عن استصغارها )» *

الايات : البقرة : فأنزل على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون (٢).

وقال تعالى : ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون (٣).

وقال تعالى : بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (٤).

النساء : فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم (٥).

وقال : ومن يكسب إثما فانما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما (٦).

المائدة : مخاطبا لموسى عليه‌السلام : فلا تاس على القوم الفاسقين (٧).

وقال : فان تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا

____________________

(١) نهج البلاغة الرقم ٣٧٨ من الحكم.

(٢) البقرة : ٥٩.

(٣) البقرة : ٦١.

(٤) البقرة : ٨١. (٥) النساء : ٦٤.

(٦) النساء : ١١١. (٧) المائدة : ٢٦.

٣٠٨

من الناس لفاسقون (١).

وقال : لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون (٢).

وقال تعالى : ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين (٣).

وقال تعالى : وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين (٤).

وقال تعالى : والله لا يهدي القوم الفاسقين (٥).

الانعام : أو لم يرواكم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الارض مالم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الانهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين (٦).

وقال تعالى : وذروا ظاهر الاثم وباطنه إن الذين يكسبون الاثم سيجزون بما كانوا يقترفون (٧).

وقال تعالى : ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين (٨).

وقال تعالى : ولاتقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن (٩).

الاعراف : ولو ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون (١٠).

وقال : وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (١١).

وقال سبحانه : فبدل الذين ظلموا منهم قولا غير الذي قيل لهم فأرسلنا

____________________

(١) المائدة : ٤٩. (٢) المائدة : ٧٩٧٨.

(٣) المائدة : ٨٧. (٤) المائدة : ١٠٧.

(٥) المائدة : ١٠٨. (٦) الانعام : ٦.

(٧) الانعام : ١٢٠. (٨) الانعام : ١٤٧.

(٩) الانعام : ١٥١. (١٠) الاعراف : ٩٦.

(١١) الاعراف : ١٦٠.

٣٠٩

عليهم رجزا من السماء بما كانوا يظلمون (١).

وقال تعالى في قصة اصحاب السبت : كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون إلى قوله تعالى : فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون * فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين (٢).

الانفال : كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوي شديد العقاب * ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإن الله سميع عليم (٣).

التوبة : والله لا يهدي القوم الفاسقين (٤).

هود : فمن ينصراني من الله إن عصيته (٥).

وقال تعالى حاكيا عن شعيب عليه‌السلام : ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب (٦).

الرعد : إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له وما لهم من دونه من وال (٧).

النحل : وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون (٨).

أسرى : وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا * وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا (٩).

الكهف : وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا (١٠).

____________________

(١) الاعراف : ١٦٢.

(٢) الاعراف : ١٦٦١٦٣.

(٣) الانفال : ٥٣٥٢. (٤) براءة : ٢٤.

(٥) هود : ٦٣. (٦) هود ،

(٧) الرعد : ١١. (٨) النحل : ٩٠.

(٩) اسرى : ١٧١٦. (١٠) الكهف : ٥٩.

٣١٠

النور : يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فانه يأمر بالفحشاء والمنكر (١).

وقال تعالى : فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم (٢).

الفرقان : وكفى به بذنوب عباده خبيرا (٣).

الشعراء : فأخرجناهم من جنات وعيون * وكنوز ومقام كريم * كذلك وأورثناها بني إسرائيل (٤).

النمل : فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون (٥).

وقال تعالى : ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون (٦).

العنكبوت : أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون (٧).

فاطر : والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور (٨).

الزمر : قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم (٩).

حمعسق : وما أصابكم من مصيبة فبماكسبت أيديكم ويعفو عن كثير إلى قوله تعالى : أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير (١٠).

الحجرات : بئس الاسم الفسوق بعد الايمان (١١).

الحشر : وليجزي الفاسقين (١٢).

____________________

(١) النور : ٢١.

(٢) النور : ٦٣.

(٣) الفرقان : ٥٨. (٤) الشعراء : ٥٩٥٧.

(٥) النمل : ٥٢. (٦) النمل : ٩٠.

(٧) العنكبوت : ٤. (٨) فاطر : ١٠.

(٩) الزمر : ١٣. (١٠) الشورى : ٣٤٣٠.

(١١) الحجرات : ١١. (١٢) الحشر : ٥.

٣١١

الصف : والله لا يهدي القوم الفاسقين (١).

المعارج : يود المجرم لو يقتدي من عذاب يومئذ ببنيه * وصاحبته وأخيه * وفصيلته التي تؤويه * ومن في الارض جميعا ثم ينجيه (٢).

نوح : مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا (٣).

الجن : ومن يعص الله ورسوله فان له نار جهنم خالدين فيها أبدا (٤).

الشمس : فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسويها * ولا يخاف عقبيها (٥).

١ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان ابي يقول : ما من شئ أفسد للقلب من خطئته ، إن القلب ليواقع الخطيئة فلا تزال به حتى تغلب عليه فيصير أعلاه اسفله (٦).

بيان : «افسد للقلب من خطيئته» فان قلت : ما يفسد القلب فهو خطيئة فما معنى التفضيل؟ قلت : لا نسلم ذلك ، فان كثيرا من المباحات تفسد القلب ، بل بعض الامراض والالام والاحزان والهموم والوساوس أيضا تفسدها ، وإن لم تكن مما يستحق عليه العذاب وهي أعم من الخطايا الظاهرة إذ للظاهر تأثير في الباطن بل عند المتكلمين الواجبات البدنية لطف في الطاعات القلبية ، ومن الخطايا القلبية كالعقائد الفاسدة والهم بالمعصية ، والصفات الذميمة ، كالحقد والحسد والعجب وأمثالها.

«ليواقع الخطيئة» اي يباشرها ويخالطها ويرتكبها خطيئة بعد خطيئة أويقابل ويدافع الخطيئة الواحدة أو جنس الخطيئة ، «فلا تزال به» هو من الافعال الناقصة

____________________

(١) الصف : ٥. (٢) المعارج : ١٤١١.

(٣) نوح : ٢٥. (٤) ٢٣.

(٥) الشمس : ١٥١٤.

(٦) الكافي ج ٢ ص ٢٦٨.

٣١٢

واسمه الصمير الراجع إلى الخطيئة و «به» خبره اي ملتبسا به وقيل : متعلق بفعل محذوف أي تفعل به والمراد إما جنس الخطيئة أو الخطيئة المخصوصة التي ارتكبها ولم يتب منها فتؤثر في القلب بحلاوتها ، حتى تغلب على القلب بالرين والطبع أو يدافعها ويحاربها فتغلب عليه حتى يرتكبها لعدم قلع مراد الشهوات عن قلبه على الاحتمال الثاني.

«فيصير أعلاه اسفله» أي يصير منكوسا كالاناء المقلوب المكبوب لا يستقر فيه شئ من الحق ولا يؤثر فيه شئ من [ المواعظ كما روي : القلوب ثلاثة : قلب منكوس لا يعي شيئا من الخير وهو قلب الكافر ، الخبر (١) والحاصل أن الخطيئة تلتبس بالقلب وتؤثر فيه حتى تصيره مقلوبا لا يستقر فيه شئ من ] (٢) الخير بمنزلة الكافر ، فان الاصرار على المعاصي طريق إلى الكفر كما قال سبحانه : «ثم كان عاقبة الذين أساؤا السوءى أن كذبوا بآيات الله» (٣) وهذا اظهر الوجوه المذكورة في تلك الآية ، وهذا الذي خطر بالبال اظهر الاقوال من جهة الاخبار ، وقيل فيه وجوه أخر : الاول ما ذكره بعض المحققين يعني فما تزال تفعل تلك الخطيئة بالقلب و تؤثر فيه بحلاوتها حتى يجعل وجهه الذي إلى جانب الحق والآخرة ، إلى جانب الباطل والدنيا الثاني أن المعنى ما تزال تفعل وتؤثر بالقلب بميله إلى أمثالها من المعاصي حتى تنقلب احواله ، ويتزلزل وترتفع نظامه ، وحاصله يرجع إلى ما ذكرنا لكن الفرق بين. الثالث ما قيل : فلا تزال به حتى تغلب عليه ، فان لم ترتفع بالتوبة الخالصة فتصير أعلاه أسفله اي تكدره وتسوده ، لان الاعلى صاف ، والاسفل ردي من باب التمثيل.

٢ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن ابن عيسى ، عن ابن مسكان ، عمن ذكره عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : «فما اصبرهم على النار». فقال : ما اصبرهم على فعل ما يعلمون أنه يصيرهم إلى النار (٤).

____________________

(١) راجع الكافي ج ٢ ص ٤٢٣. (٢) راجع شرح الكافي ج ٢ ص ٢٤٢.

(٣) الروم : ١٠. (٤) الكافي ج ٢ ص ٢٦٨.

٣١٣

بيان : الآية في سورة البقرة هكذا «إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيمة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم * أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما اصبرهم على النار» (١).

وذكر البيضاوي قريبا مما ورد في الخبر قال : تعجب من حالهم في الالتباس بموجبات النار من غير مبالاة و «ما» تامة مرفوعة بالابتدا ، وتخصيصها كتخصيص شر أهر ذا ناب ، أو استفهامية وما بعدها الخبر أو موصولة وما بعدها صلة والخبر محذوف (٢).

واقول : يعضده قوله تعالى في الآية السابقة : «ما يأكلون في بطونهم إلا النار» وقال البيضاوي فيه : إما في الحال لانهم أكلوا ما يلتبس بالنار ، لكونها عقوبة عليه ، فكأنهم أكلوا النار ، أو في المآل اي لا يأكلون يوم القيامة إلا النار انتهى.

واقول : مثله قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها على ظهوركم فاطفئوها بصلاتكم.

وقال الطبرسي رحمه الله : فيه أقوال : أحدها أن معناه ما أجرأهم على النار ذهب إليه الحسن وقتادة ورواه علي بن إبراهيم (٣) باسناده عن ابي عبدالله عليه‌السلام والثاني ما أعملهم بأعمال أهل النار ، عن مجاهد وهو المروي عن ابي عبدالله عليه‌السلام والثالث ما أبقاهم على النار [ كما يقال : ما أصبر فلانا على الحبس ، عن الزجاج والرابع ما أدومهم على النار اي ما أدومهم على عمل أهل النار ] (٤) كما يقال : ما أشبه سخاءك بحاتم أي بسخاء حاتم وعلى هذا الوجه ، فظاهر الكلام التعجب ، والتعجب لا يجوز على القديم سبحانه ، لانه عالم بجميع الاشياء لا يخفى عليه شئ ، والتعجب إنما يكون

____________________

(١) الاية : ١٧٤ ١٧٥.

(٢) انوار التنزيل : ٤٧ ، وفيه «في الالتباث» بدل «في الالتباس».

(٣) تفسير القمى ص ٥٥.

(٤) راجع شرح الكافي ج ٢ ص ٢٤٣.

٣١٤

مما لا يعرف سببه وإذا ثبت ذلك فالغرض أن يدلنا على أن الكفار حلوا محل من يتعجب منه ، فهو تعجب لنا منهم والخامس ما روي عن ابن عباس أن المراد اي شئ اصبرهم على النار اي حبسهم عليها ، فتكون للاستفهام.

ويجوز حمل الوجوه الثلاثة المتقدمة [ على الاستفهام أيضا فيكون المعنى اي شئ أجرأهم على النار وأعملهم بأعمال أهل النار وأبقاهم على النار ، وقال الكسائي : هو ] (١) استفهام على وجه التعجب وقال المبرد : هذا حسن لانه كالتوبيخ لهم ، والتعجب لناكما يقال لمن وقع في ورطة : ما اضطرك إلى هذا إذا كان غنيا عن التعرض للوقوع في مثلها ، والمراد به الانكار والتقريع على اكتساب سبب الهلاك وتعجب الغير منه ، ومن قال : معناه ما أجرأهم على النار ، فانه عنده من الصبر الذي هو الحبس أيضا لان بالجرأة يصبر على الشدة (٢).

٣ ـ كا : عنه ، عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن هشام بن سالم ، عن ابي عبدالله عليه‌السلام قال : أما إنه ليس من عرق يضرب ولا نكبة ولا صداع ولا مرض إلا بذنب ، وذلك قول الله عزوجل في كتابه : «وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم ويعفوا عن كثير» (٣) قال : ثم قال : وما يعفو الله أكثر مما يؤاخذ به (٤).

بيان : النكبة وقوع الرجل على الحجارة عند المشي أوالمصيبة ، والاول اظهر كما مر ، وقد وقع التصريح في بعض الاخبار التي وردت في هذا المعنى بنكبة قدم (٥) والمخاطب في هذه الآية من يقع منهم الخطايا والذنوب ، لا المعصومون من الانبياء والاوصياء عليهم‌السلام كأنهم فيهم لرفع درجاتهم ، كما روي عن الصادق عليه‌السلام أنه لما دخل علي بن الحسين عليه‌السلام على يزيد نظر إليه ثم قال : يا علي « ما اصابكم

____________________

(١) ما بين العلامتين اضفناه من المصدر.

(٢) مجمع البيان ج ١ ص ٢٥٩.

(٣) الشورى : ٣٠.

(٤) الكافي ج ٢ ص ٢٦٩.

(٥) سيأتي في الصفحة التالية.

٣١٥

من مصيبة فبما كسبت أيديكم » فقال عليه‌السلام : كلا ماهذه فينا ، إنمانزل فينا « ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ان ذلك على الله يسير * لكيلا تاسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتيكم » (١) فنحن الذين لا ناس على ما فاتنا ، ولا نفرح بما أوتينا.

وروى الحميري في قرب الاسناد عن ابن بكير قال : سالت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قول عزوجل : «وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم» فقال هو : «ويعفو عن كثير» قال : قلت : ما اصاب عليا واشياعه من أهل بيته من ذلك؟ قال : فقال : [ إن ] رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يتوب إلى الله عزوجل كل يوم سبعين مرة من غير ذنب (٢).

وقال الطبرسي رحمه الله : «وما اصابكم» معاشر الخلق «من مصيبة» من بلوى في نفس أو مال «فبما كسبت ايديكم» من المعاصي «ويعفو عن كثير» منها فلا يعاقب بها قال الحسن : الآية خاصة بالحدود التي تستحق على وجه العقوبة وقال قتادة : هي عامة ، وروي عن علي عليه‌السلام أنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : خير آية في كتاب الله هذه الآية يا علي ما من خدش عود ولا نكبة قدم إلا بذنب وما عفى الله عنه في الدنيا فهو أكرم من أن يعود فيه ، وما عاقب عليه في الدنيا فهو أعدل من أن يثني على عبده ، وقال أهل التحقيق : إن ذلك خاص وإن خرج مخرج العموم ، لمايلحق من مصائب الاطفال والمجانين ، ومن لا ذنب له من المؤمنين ، ولان الانبياء والائمة يمتحنون بالمصائب ، وإن كانوا معصومين من الذنوب ، لما يحصل لهم في الصبر عليها من الثواب انتهى (٣).

وقيل : الذنوب متفاوتة بالذات ، وبالنسبة إلى الاشخاص ، وترك الاولى ذنب بالنسبة إليهم ، فلذلك قيل : حسنات الابرار سيئات المقربين ، ويؤيده ما

____________________

(١) الحديد : ٢٣٢٢.

(٢) قرب الاسناد ص ١٠٣ ، ط النجف.

(٣) مجمع البيان ج ٩ ص ٣١.

٣١٦

اصاب آدم ويونس وغيرهما بسبب تركهم ما هو أولى بهم ، ولئن سلم فقد يصاب البري بذنب الجري ، وما ذكرنا اظهر وأصوب ، ومؤيد بالاخبار.

٤ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن ابي عبدالله عليه‌السلام قال : كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : لا تبدين عن واضحة ، وقد عملت الاعمال الفاضحة ، ولا يأمن البيات من عمل السيئات (١).

بيان : «لا تبدين عن واضحة» الابداء الاظهار وتعديته بعن لتضمين معنى الكشف ، وفي الصحاح والقاموس والمصباح الواضحة الاسنان تبدو عند الضحك وفي القاموس فضحه كمنعه كشف مساويه ، اي لا تضحك ضحا يبدو به أسنانك ويكشف عن سرور قلبك ، وقد عملت أعمالا قبيحة افتضحت بها عند الله ، وعند ملائكته ، وعند الرسول والائمة عليهم‌السلام ، ولا تدري أغفر الله لك أم يعذبك عليها؟ ولذا كان من علامة المؤمنين أن ضحكهم التبسم ويؤيده ما روي عنه عليه‌السلام لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ، لكن البشر في الجملة مطلوب كما مر أن بشره في وجهه وحزنه في في قلبه ، وقوله : «وقد عملت» جملة حالية «ولا يأمن البيات» بكسر النون ليكون نهيا والكسرة لالتقاء الساكنين أو بالرفع خبرا بمعنى النهي ، وما قيل : إنه معطوف على الجملة الحالية بعيد ، والمراد بالبيات نزول الحوادث عليه ليلا ، أو غفلة وإن كان بالنهار ، في المصباح : البيات بالفتح الاغارة ليلا وهو اسم من بيته تبييتا وبيت الامر دبره ليلا.

٥ ـ كا : عن العدة ، عن أحمد بن ابي عبدالله ، عن أبيه ، عن سليمان الجعفري عن عبدالله بن بكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : الذنوب كلها شديدة وأشدها ما نبت عليه اللحم والدم ، لانه إما مرحوم أو معذب والجنة لا يدخلها إلا طيب (٢).

بيان : «كلها شديدة» لان معصية الجليل جليلة أو استيجاب غضب الله

____________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٢٦٩.

(٢) الكافي ج ٢ ص ٢٧٠.

٣١٧

وعقوبته مع عدم العلم بالعفو عظيم أو لانالتوبة المقبولة نادرة مشكلة وشرائطها كثيرة ، والتوفيق لها عزيزة «وأشدها ما نبت عليه اللحم والدم» كأن المراد به ماله دخل في قوام البدن من المأكول والمشروب الحرامين ، ويحتمل أن يكون المراد به ذنبا اصر وداوم عليه مدة نبت فيه اللحم والعظم ، وإطلاق هذه العبارة في الدوام والاستمرار شائع في عرف العرب والعجم ، بل أخبار الرضاع ايضا ظاهرة في ذلك.

«لانه إما مرحوم وإما معذب» اي آخرا أو في الجنة والنار ، لكن لا بد أن يعذب في البرزخ أو المحشر قدر ما يطيب جسمه الذي نبت على الذنوب ، لان الجنة لا يدخلها إلا الطيب ويؤيده ما رويناه من النهج (١) وقيل : المرحوم من كفرت ذنوبه بالتوبة أو البلايا أو العفو ، والمعذب من لم تكفر ذنوبه بأحد هذه الوجوه.

واقول : هذا الخبر ينافي ظاهرا عموم الشفاعة وعفو الله وتكفير السيئات بالحسنات على القول به ، وأجيب بوجوه الاول أن يقال : يعني أن صاحب الذنب الذي نبت عليه اللحم والدم أمره في مشية الله ، لانه ليس بطيب ، ولا يدخل الجنة قطعا وحتما إلا طيب ، الثاني أن يخص هذا بغير تلك الصور اي لا يدخلها بدون الشفاعة والعفو والتكفير ، الثالث ما قيل : إنه تعالى ينزع عنهم الذنوب فيدخلونها وهم طيبون من الذنوب ، ويؤيده قوله تعالى : «ونزعنا ما في صدورهم من غل» الآية (٢) وهو بعيد.

٦ ـ كا : الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن ابان ، عن الفضيل بن يسار ، عن ابي جعفر عليه‌السلام قال : إن العبد ليذنب الذنب فيزوى عنه الرزق (٣).

بيان : «فيزوى عنه الرزق» اي يقبض أو يصرف وينحى عنه ، اي قد يكون تقتير الرزق بسبب الذنب عقوبة أو لتكفير ذنبه ، وليس هذا كليا بل هو

____________________

(١) راجع النهج الرقم ٤١٧ من الحكم.

(٢) الاعراف : ٤٣.

(٣) الكافي ج ٢ ص ٢٧٠.

٣١٨

بالنسبة إلى غير المستدرجين فان كثيرا من أصحاب الكبائر يوسع عليهم الرزق وفي النهاية زويت الارض أي جمعت ، وفي حديث الدعاء : وما زويت عني مما أحب اي صرفته عني وقبضته.

٧ ـ كا : عن علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن محمد بن إبراهيم النوفلي ، عن الحسين بن مختار ، عن رجل ، عن ابي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ملعون ملعون من عبد الدينار والدرهم ، ملعون ملعون من كمه أعمى ملعون ملعون من نكح بهيمة (١).

بيان : قال الصدوق رض‌الله‌عنه في كتاب معاني الاخبار : بعد إيراد هذه الرواية قال مصنف هذا الكتاب : معنى قوله : ملعون من كمه أعمى يعني من أرشد متحيرا في دينه إلى الكفر وقرره في نفسه حتى اعتقده وقوله : من عبد الدينار والدرهم يعني به من يمنع زكاة ماله ، ويبخل بمواساة إخوانه ، فيكون قد آثر عبادة الدينار والدرهم على عبادة الله ، وأما نكاح البهيمة فمعلوم انتهى (٢).

واقول : اللعن الطرد والابعاد عن الخير من الله تعالى [ ومن الخلق السب والدعاء وطلب البعد من الخير ، وكل من أطاع من يأمره الله بطاعته فقد عبده كما قال تعالى : ] (٣) «أن لا تعبدوا الشيطان» (٤) وقال سبحانه : «اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله» (٥) وكذا من آثر حب شئ على رضا الله وطاعته فقد عبده كعبادة الدينار والدرهم.

قال الراغب : العبودية إظهار التذلل والعبادة أبلغ منها لانها غاية التذلل ولا يستحقها إلا من له غاية الافضال وهو الله تعالى ، والعبد على أربعة أضرب الاول عبد بحكم الشرع وهو الانسان الذي يصح بيعه وابتياعه ، والثاني عبد

____________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٢٧٠.

(٢) معانى الاخبار ص ٤٠٣ وقد مر ص ١٤٠ فيما سبق من هذا المجلد.

(٣) ما بين العلامتين أضفناه من شرح الكافي ج ٢ ص ٢٤٤.

(٤) يس : ٦٠ ٦٠. (٥) براءة : ٣١.

٣١٩

بالايجاد وذلك ليس إلا لله تعالى وإياه قصد بقوله : «إن كل من في السموات والارض إلا آتي الرحمن عبدا» (١) الثالث عبد بالعبادة والخدمة ، والناس في هذا ضربان عبد لله مخلصا وهو المقصود بقوله عزوجل «واذكر عبدنا ايوب» (٢) وأمثاله وعبد للدنيا وأعراضها وهو المعتكف على خدمتها ومراعاتها ، وإياه قصد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بقوله : تعس عبدالرهم ، تعس عبدالينار ، وعلى هذا النحو يصح أن يقال : ليس كل إنسان عبدا لله ، فان العبد على هذا المعنى العابد لكن العبد أبلغ من العابد انتهى (٣).

وأما قوله «من كمه أعمى» ففي القاموس الكمه محركة العمى يولد به الانسان أوعام كمه كفرح عمي وصار أعشى وبصره اعترته ظلمة تطمس عليه ، والمكمه العينين كمعظم من لم تنفتح عيناه ، والكامه من يركب رأسه ولا يدري أين يتوجه كالمتكمه وقال الجوهري : الاكمه الذي يولد أعمى وقد كمه بالكسر كمها واستعاره سويد فجعله عارضا بقوله :

كمهت عيناه حتى ابيضتا (٤)

وأبوسعيد : الكلمه الذي يركب رأسه لا يدري أين يتوجه ، يقال : خرج يتكمه في الارض انتهى.

وقال الراغب : العمى يقال في افتقاد البصر ، وافتقاد البصيرة ، ويقال في الاول أعمى وفي الثاني أعمى وعم.

وإذا عرفت هذا فاعلم أن هذه الفقرة تحتمل وجوها : الاول ما مر من الصدوق رحمه الله وكأنه أظهرها الثاني أن يكون المعنى أضل أعمى البصر عن الطريق وحيره أولا يهديه إليها ، الثالث أن يقول للاعمى يا أعمي أو يا أكمه معيرا له بذلك ، الرابع أن يكون المعنى من يذهب طريقا ويختار مذهبا لا يدري هو أحق أم لا كأكثر الناس. فيكون كمه بكسر الميم المخففة مأخوذا من الكلمه الذي ذكره الجوهري

____________________

(١) مريم : ٩٣. (٢) ص : ٤١ ، ١٧.

(٣) مفردات غرييب القرآن ، ٣١٩.

(٤) بعده : فهو يلحى نفسه لما نزع ، راجع الصحاح ٢٢٤٧.

٣٢٠