بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٣٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ » (١)

بيان : روي في المقنع مرسلا مثله (٢) وروى الشيخ في التهذيب بسند صحيح عن حريز عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله (٣).

وفي القاموس الوطواط ضرب من خطاطيف الجبال والخفاش.

وقال الدميري الوطواط الخفاش (٤) وقال في التهذيب بعد إيراد هذه الرواية قوله عليه‌السلام ليس الحرام إلى آخره المعنى فيه أنه ليس الحرام المخصوص المغلظ الشديد الحظر إلا ما ذكره الله تعالى في القرآن وإن كان فيما عداه أيضا محرمات كثيرة إلا أنه دونه في التغليظ انتهى (٥).

وربما يحمل على أن الجواب مخصوص بالخيل والبغال والحمير وقد يحمل ما ورد في السباع على قبولها للتذكية وجواز استعمال جلودها في غير الصلاة بخلاف ما هو محرم في القرآن كالخنزير ولا يخفى ما في الجميع من البعد ولعل الحمل على التقية أظهر.

٢٣ ـ العياشي ، عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : حرم على بني إسرائيل كل ذي ظفر والشحوم « إِلاَّ ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ » (٦)

٢٤ ـ ومنه ، عن زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام قال : سألته عن أبوال الخيل والبغال والحمير قال نكرهها فقلت أليس لحمها حلالا قال فقال أليس قد بين الله لكم « وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ » وقال « وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً » فجعل للأكل الأنعام التي قص الله في الكتاب وجعل

__________________

(١) تفسير العياشي : ج ١ ص ٣٨٢.

(٢) المقنع :.

(٣) تهذيب الأحكام :.

(٤) حياة الحيوان ٢ : ٢٩٠.

(٥) تهذيب الأحكام :.

(٦) تفسير العياشي : ج ١ ص ٣٨٣.

١٨١

للركوب الخيل والبغال والحمير وليس لحومها بحرام ولكن الناس عافوها (١).

٢٥ ـ المكارم ، قال زرارة سألت أبا جعفر عليه‌السلام ما يؤكل من الطير فقال كل ما دف ولا تأكل ما صف قال قلت البيض في الآجام قال ما استوى طرفاه فلا تأكل وما اختلف طرفاه فكل قلت فطير الماء قال ما كانت له قانصة فكل وما لم تكن له قانصة فلا تأكل (٢).

٢٦ ـ وفي حديث آخر إن كان الطير يصف ويدف وكان دفيفه أكثر من صفيفه أكل وإن كان صفيفه أكثر من دفيفه لم يؤكل ويؤكل من صيد الماء ما كانت له قانصة أو صيصية ولا يؤكل ما ليست له قانصة ولا صيصية (٣).

٢٧ ـ الهداية ، كل من الطير ما دف ولا تأكل ما صف فإن كان الطير يصف ويدف وكان دفيفه أكثر من صفيفه أكل وإن كان صفيفه أكثر من دفيفه لم يؤكل وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير والحمر الإنسية فحرام ويؤكل من طير الماء ما كانت له قانصة حيا أو ميتا (٤).

بيان : أو ميتا أي مذبوحا.

٢٨ ـ المقنع ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير والحمر الإنسية حرام (٥).

٢٩ ـ المحاسن ، عن السياري رفعه قال : أكل لحم الجزور يذهب بالقرم (٦).

٣٠ ـ وفي حديث مروي قال : من تمام حب الإسلام حب لحم الجزور (٧).

بيان : قال في القاموس الجزور البعير أو خاص بالناقة المجزورة وما يذبح من الشاة وقال الجوهري الجزور من الإبل يقع على الذكر والأنثى وهي تؤنث

__________________

(١) تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٥٥.

(٢ و ٣) مكارم الأخلاق : ٨٤.

(٤) الهداية :.

(٥) المقنع :.

(٦ و ٧) المحاسن : ٤٧٤.

١٨٢

والجمع الجزر وقال الدميري بعد ذكر هذا وقال ابن سيدة الجزور الناقة التي تجزر وفي كتاب العين الجزر من الضأن والمعز خاصة مأخوذة من الجزر وهو القطع (١) وفي المصباح المنير الجزور من الإبل خاصة يقع على الذكر والأنثى قال ابن الأنباري وزاد الصغاني والجزور الناقة التي تنحر وجزرت الجزور وغيرها من باب قتل نحرتها والفاعل جزار انتهى والمراد هنا مطلق البعير أو الناقة وفي الصحاح القرم بالتحريك شدة شهوة اللحم.

٣١ ـ العلل ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن يحيى الخزاز عن غياث بن إبراهيم عن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه كره أكل لحم الغراب لأنه فاسق (٢).

توضيح لعل المراد بفسقه أكله الجيف والخبائث قال في النهاية فيه خمس فواسق يقتلن في الحل والحرام أصل الفسوق الخروج عن الاستقامة والجور وبه سمي العاصي فاسقا وإنما سميت هذه الحيوانات فواسق على الاستعارة لخبثهن وقيل لخروجهن من الحرمة في الحل والحرم أي لا حرمة لهن بحال ومنه حديث عائشة وسألت عن أكل الغراب فقالت ومن يأكله بعد قوله فاسق وقال الخطابي أراد بتفسيقها تحريم أكلها (٣).

٣٢ كتاب المسائل ، بإسناده إلى علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن الغراب الأبقع والأسود أيحل أكلهما فقال لا يحل أكل شيء من الغربان زاغ ولا غيره (٤).

تبيين اعلم أنه اختلف الأصحاب في حل الغراب بأنواعه بسبب اختلاف الروايات فيه فذهب الشيخ في الخلاف إلى تحريم الجميع محتجا بالأخبار وإجماع

__________________

(١) حياة الحيوان ١ : ١٤٠.

(٢) علل الشرائع ٢ : ١٧١ طبعة قم.

(٣) النهاية ٣ : ٢٢٥ و ٢٢٦.

(٤) بحار الأنوار ١٠ :.

١٨٣

الفرقة وتبعه جماعة منهم العلامة في المختلف وولده وكرهه مطلقا الشيخ في النهاية وكتابي الحديث (١) والقاضي والمحقق في النافع وفصل آخرون منهم الشيخ في المبسوط على الظاهر منه وابن إدريس والعلامة في أحد قوليه فحرموا الأسود الكبير والأبقع وأحلوا الزاغ والغداف وهو الأغبر الرمادي. واحتج المحللون برواية زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام قال : إن أكل الغراب ليس بحرام إنما الحرام ما حرمه الله في كتابه ولكن الأنفس تتنزه عن كثير من ذلك تقذرا. وحجة المحرمين مطلقا صحيحة علي بن جعفر المتقدمة وأولها الشيخ رحمه‌الله بأن المراد أنه لا يحل حلالا طلقا وإنما يحل مع ضرب من الكراهة وحاول بذلك الجمع بين الخبرين وربما تحمل رواية زرارة على نفي التحريم المستند إلى كتاب الله فلا ينافي تحريمه بالسنة.

وأما المفصلون فليس لهم على هذا (٢) رواية بخصوصها وإن كان في المبسوط قد ادعى ذلك وليس فيه جمع بين الروايات للتصريح بالتعميم في الجانبين وربما احتج له بأن الأولين من الخبائث لأنهما يأكلان الجيف والأخيرين من الطيبات لأنهما يأكلان الحب وبهذا احتج من فصل من العامة وابن إدريس استدل على تحريم الأولين بأنهما من سباع الطير بخلاف الأخيرين لعدم الدليل على تحريمهما فإن الأخبار ليست على هذا الوجه حجة عنده وبالجملة الحل مطلقا وإن كان أقوى لموافقته لعموم الآيات والأخبار كما عرفت والأخبار المخصوصة متعارضة وأصل الحل قوي لكن الاحتياط في الاجتناب عن الجميع ويقوي ذلك شمول كل ذي مخلب من الطير لأكثرها بل لجميعها واحتمال التقية في أخبار الحل أيضا وإن كان بينهم أيضا خلاف في ذلك لكن الحل بينهم أشهر قال الشيخ في الخلاف الغراب كله حرام على الظاهر في الروايات وقد روي في بعضها رخص وهو الزاغ وهو غراب الزرع والغداف وهو أصغر منه أغبر اللون كالرماد وقال الشافعي

__________________

(١) أي التهذيب والاستبصار.

(٢) في النسخة المخطوطة : فليس لهم عليه.

١٨٤

الأسود والأبقع حرام والزاغ والغداف على وجهين أحدهما حرام والثاني حلال وبه قال أبو حنيفة دليلنا إجماع الفرقة وعموم الأخبار في تحريم الغداف وطريقة الاحتياط يقتضي أيضا ذلك انتهى.

ثم اعلم أن المعروف المعدود في الكتب تحريم الخفاش والوطواط والطاوس والزنابير والذباب والبق والأرنب والضب والحشار كلها كالحية والعقرب والفأرة والجرزان والخنافس والصراصر وبنات وردان والبراغيث والقمل واليربوع والقنفذ والوبر والخز والفنك والسمور والسنجاب وإقامة الدليل على أكثرها لا يخلو من إشكال والمعروف بينهم حل الحمام كلها كالقماري والدباسي والورشان وحل الحجل والقبج والدراج والقطا والطيهوج والدجاج والكروان والكركي والصعوة والبط وقد مرت العمومات الواردة في التحليل والتحريم والله الهادي إلى الصراط المستقيم.

٣٣ ـ دعائم الإسلام ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير حرام (١).

٣٤ ـ وعن علي عليه‌السلام أنه قال : لا يؤكل الذئب ولا النمر ولا الفهد ولا الأسد ولا ابن آوى ولا الدب ولا الضبع ولا شيء له مخلب (٢).

٣٥ ـ وعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه أوتي بضب فلم يأكل منه وقذره (٣).

٣٦ ـ وعن علي عليه‌السلام أنه نهى عن الضب والقنفذ وغيره من حرشة الأرض كالضب وغيره (٤).

٣٧ ـ وعنه أنه قال : مر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على رجل من الأنصار وهو قائم على فرس له يكيد بنفسه فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اذبحه يكن لك أجر بذبحك إياه وأجر باحتسابك له فقال يا رسول الله ألي منه شيء قال نعم كل وأطعمني فأهدى إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منه فخذا فأكل وأطعمنا (٥).

__________________

(١ ـ ٥) دعائم الإسلام ؛ ليست عندي نسخته.

١٨٥

٣٨ ـ وروينا عن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه نهى عن ذبح الخيل (١).

قال المؤلف فيشبه والله أعلم أن يكون نهيه عن ذلك إنما هو استهلاك السالم السوي منها لأن الله عز وجل أمر بإعدادها وارتباطها في سبيله والذي جاء عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنما هو فيما أشفى على الموت (٢) وخيف عليه الهلاك منها والله أعلم.

٣٩ ـ وعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه نهى عن أكل لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر (٣).

٤٠ ـ وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال : لا تؤكل البغال (٤).

توضيح من حرشة الأرض أي من صيدها في القاموس حرش الضب يحرشه حرشا وحراشا وتحراشا صاده كاحترشه وذلك بأن يحرك يده على باب جحره ليظنه حية فيخرج ذنبه ليضربها فيأخذه انتهى.

وفي بعض النسخ حشرات الأرض وهو أظهر والظاهر زيادة الضب في الأول أو في الأخير وفي النهاية فيه أنه دخل على سعد وهو يكيد بنفسه أي يجود بها يريد النزع والكيد السوق ومنه حديث عمر تخرج المرأة إلى أبيها يكيد بنفسه أي عند نزع روحه وموته (٥).

يكن لك أجر لعل المراد تؤجر بأصل الذبح وإن لم تقصد به القربة ومع قصد القربة لك أجران أو المراد به اذبحه للصدقة أو لإطعام المؤمنين فيكون لك أجر لتخليصك إياه من المشقة لله وأجر آخر لما قصدت من الخير أو المراد إعطاء الأجرين لفعل واحد هو الذبح لله أو المراد بالاحتساب الصبر على الموت و

__________________

(١) دعائم الإسلام : ليست عندي نسخته.

(٢) أشفى عليه : أشرف. أى قارب الموت.

(٣ و ٤) دعائم الإسلام : ليست عندي نسخته.

(٥) النهاية ٤ : ٤٤.

١٨٦

تلف المال أي لو لم تذبحه كان لك أجر بأصل المصيبة ويحصل لك بالذبح أجر آخر.

وقال الفاضل المحدث الأسترآبادي رحمه‌الله أي لك أجران لتخليصك إياه من الألم ولتفريقك لحمه حسبة لله تعالى فتردد الأنصاري في أنه أمره بتفريق كل لحمه أم بتفريق بعضه.

وروي هذا الحديث في التهذيب عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أبي جعفر عن أبي الجوزاء عن الحسين بن علوان عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليه‌السلام مثله إلا أن فيه فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انحره يضعف لك به أجران بنحرك إياه (١) إلخ. وما هنا أظهر ولا بد من تأويل النحر الوارد هناك بالذبح للإجماع على أنه لا يجزي النحر في الفرس.

فذلكة لا ريب في حل الأنعام الثلاثة والمعروف بين الأصحاب حتى كاد أن يكون اتفاقيا حل لحوم الدواب الثلاثة إلا قول أبي الصلاح بتحريم البغال وهو ضعيف ويكره أن يذبح بيده ما رباه من النعم ويؤكل من الوحشية البقر والكباش الجبلية والحمر والغزلان واليحامير وقال الفاضل بكراهة الحمار الوحشي وفي بعض الروايات تركه أفضل.

ويحرم الكلب والخنزير للنص والاتفاق ولا يعرف خلاف بين الأصحاب في تحريم كل سبع سواء كان له ناب أو ظفر كالأسد والنمر والفهد والذئب والسنور والثعلب والضبع وابن آوى ويدل عليه الأخبار ولا أعرف أيضا خلافا بيننا في تحريم المسوخات لكن قد وردت أخبار كثيرة في حل كثير من السباع وغيرها وحملها الأصحاب على وجوه قد أشرنا إلى بعضها والمعروف المذكور في أكثر الكتب تحريم الأرنب والضب والحشار كلها كالحية والعقرب والفأرة والجزر والخنافس والصراصر وبنات وردان والبراغيث والقمل واليربوع والقنفذ والوبر والخز

__________________

(١) تهذيب الأحكام :.

١٨٧

والفنك والسمور والسنجاب والعظاية وإقامة الدليل عليها لا يخلو من إشكال والعمل على المشهور رعاية للاحتياط وبعدا عن مذهب المخالفين ولا أعرف أيضا خلافا بيننا في تحريم كل ذي مخلب من الطير سواء كان قويا كالبازي والصقر والعقاب والشاهين والباشق أو ضعيفا كالنسر والرخمة والبغاث وقد مر ما يدل على ذلك.

١٨٨

٤

(باب)

(الجراد والسمك وسائر حيوان الماء)

الآيات النحل « وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا »

فاطر « وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا »

تفسير « سَخَّرَ الْبَحْرَ » قيل أي جعله بحيث يتمكنون من الانتفاع به بالركوب والاصطياد والغوص « لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا » سمى لحما جريا على اللغة وعرفا يطلق مقيدا فيقال لحم السمك ويقابل به المطلق فيقال أكلت لحما وسمكا وتقييده بالطري ليس مخصصا له بالتحليل للإجماع على حل غيره أيضا لكن لما خرجت مخرج الامتنان وكان في طراوته ألذ كان التقييد به أليق وقيل وصفه بالطري لسرعة تطرق التغيير إليه ولا ريب أنه أطرى اللحوم واستدل مالك والثوري بالآية على أن السمك لحم فإذا حلف لا يأكل لحما حنث بالسمك وأجيب بأنه لحم لغة لا عرفا والأيمان مبنية على العرف لكونه طاريا على اللغة ناسخا لحكمها وفيه إشكال « وَمِنْ كُلٍ » أي من البحرين « تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا » الكلام فيه كما مر.

وقال الدميري السمك من خلق الماء الواحدة سمكة والجمع أسماك وسموك وهو أنواع كثيرة ولكل نوع اسم خاص قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إن الله خلق ألف أمة ستمائة منها في البحر وأربعمائة في البر. ومن أنواع الأسماك ما لا يدرك الطرف أولها وآخرها لكبرها وما لا يدركها الطرف لصغرها وكله يأوي الماء ويستنشقه كما يستنشق بنو آدم وحيوان البر الهواء إلا أن حيوان البر يستنشق الهواء بالأنوف ويصل ذلك إلى قصبة الرئة والسمك يستنشق بأصداغه فيقوم له الماء في تولد الروح الحيواني في قلبه مقام الهواء وإنما استغنى عن الهواء في إقامة

١٨٩

الحيوان ولم نستغن نحن وما أشبهنا من الحيوان عنه لأنه من عالم الماء والأرض دون عالم الهواء ونحن من عالم الماء والهواء والأرض ونسيم البر لو مر على السمك ساعة لهلك (١) وهو بجملته شره كثير الأكل لبرد مزاج معدته وقربها من فمه وأنه ليس له عنق ولا صوت إذ لا يدخل إلى جوفه هواء البتة ولذلك يقول بعضهم إن السمك لا رئة له كما أن الفرس لا طحال له والجمل لا مرارة له والنعامة لا مخ له.

وصغار السمك تحترس من كباره فلذلك تطلب ماء الشطوط والماء القليل الذي لا يحمل الكبير وهو شديد الحركة لأن قوته المحركة للإرادة تجري في مسلك واحد لا ينقسم في عضو خاص وهذا بعينه موجود في الحيات ومن السمك ما يتولد بسفاد ومنها ما يتولد بغيره إما من الطين أو من الرمل وهو الغالب في أنواعه وغالبا يتولد من العفونات وبيض السمك ليس له بياض ولا صفرة إنما هو لون واحد وفي البحر من العجائب ما لا يستطاع حصره حكى القزويني في عجائب المخلوقات عن عبد الرحمن بن هارون المغربي قال ركبت بحر المغرب فوصلت إلى موضع يقال له البرطون وكان معنا غلام صقلي له صنارة (٢) فألقاها في البحر فصاد بها سمكة نحو الشبر فنظرنا فإذا خلف أذنها اليمنى مكتوب لا إله إلا الله وفي قفاها محمد وفي خلف أذنها اليسرى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣).

١ ـ دعائم الإسلام ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : إدمان أكل السمك الطري يذيب الجسد وكان إذا أكل السمك قال اللهم بارك لنا فيه وأبدلنا خيرا منه (٤).

٢ ـ وقال جعفر بن محمد عليه‌السلام أكل التمر بعده يذهب أذاه (٥).

٣ ـ وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه نهى عن أكل ما صاده المجوس من الحوت و

__________________

(١) في المصدر : ونسيم البر الذي يعيش به الطير لو دام على السمك ساعة قتله.

(٢) صنارة الصياد : قطعة ملتوية من نحاس أو حديد تنشب في حلق الصيد.

(٣) حياة الحيوان ٢ : ٢٠.

(٤ و ٥) دعائم الإسلام : نسخته ليست عندي.

١٩٠

الجراد لأنه لا يأكل منه إلا ما أخذ حيا (١).

٤ ـ الهداية ، كل من المسك ما كان له فلوس ولا تأكل ما ليس له فلس وذكاة السمك والجراد أخذه ولا تأكل الدبا من الجراد وهو الذي لا يستقل بالطيران ولا تأكل من السمك الجريث ولا المارماهي ولا الطافي ولا (٢) الزمير (٣).

٥ ـ وسئل الصادق عليه‌السلام عن الربيثا فقال لا تأكلها فإنا لا نعرفها في السمك (٤).

بيان : هذا الخبر المرسل رواه الشيخ بسند موثق عن عمار الساباطي (٥) وحمله على الكراهة وظاهر الأصحاب أن الربيثا غير الإربيان ويظهر من خبر سيأتي أنهما واحد ولم يذكر الربيثا فيما عندنا من كتب اللغة ولا كتب الحيوان لكنه مذكور في أخبارنا وكتب أصحابنا ولم يختلفوا في حله قال في السرائر لا بأس بأكل الكنعت ويقال أيضا الكنعد بالدال غير المعجمة ولا بأس أيضا بأكل الربيثا بفتح الراء وكسر الباء وكذلك لا بأس بأكل الإربيان بكسر الألف وتسكين الراء وكسر الباء وهو ضرب من السمك البحري أبيض كالدود والجراد والواحدة إربيانة انتهى (٦) وقد مضى خبر آخر في النهي عن الإربيان.

٦ ـ كتاب عاصم بن حميد ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال (٧) كان أصحاب المغيرة يكتبون إلي أن أسأله عن الجريث والمارماهي والزمير وما ليس له قشر من السمك حرام هو أم لا فسألته عن ذلك فقال لي اقرأ هذه الآية التي في

__________________

(١) دعائم الإسلام :.

(٢) الزمير بكسر الزاء وفتحها وتشديد الميم : نوع من السمك له شوك ناتئ على ظهره وأكثر ما يكون في المياه العذبة.

(٣) الهداية : ١٧.

(٤) الهداية : ٧ في نسخة : من السمك.

(٥) تهذيب الأحكام ٩ : ٨٠ ( طبعة الآخوندى ) رواه بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمار بن موسى.

(٦) السرائر : ٣٥٨ باب ما يستباح اكله.

(٧) القائل محمد بن مسلم والمسئول أبو جعفر الباقر عليه‌السلام.

١٩١

الأنعام فقرأتها حتى فرغت منها قال فقال لي إنما الحرام ما حرم الله في كتابه ولكنهم قد كانوا يعافون الشيء ونحن نعافه (١).

التهذيب ، بإسناده عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي نجران عن عاصم مثله إلا أنه زاد بعد قوله في الأنعام « قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ » قال فقرأتها إلخ (٢).

بيان : في القاموس الزمير كسكيت نوع من السمك وذكر أكثر أصحابنا الزمار واعلم أنه لا خلاف بين المسلمين في حل السمك الذي له فلس والمعروف من مذهب الأصحاب تحريم ما ليس على صورة السمك من أنواع الحيوان البحري وادعى الشهيد الثاني رحمه‌الله نفي الخلاف بين أصحابنا في تحريمه وتأمل فيه بعض المتأخرين لعدم ثبوت الإجماع عليه وشمول الأدلة العامة في التحليل (٣) له كما عرفت ولا ريب في أن العمل بما ذكره الأصحاب أولى وأحوط واختلف الأصحاب فيما لا فلس له من السمك فذهب الأكثر ومنهم الشيخ في أكثر كتبه إلى تحريمه مطلقا وذهب الشيخ في كتابي الأخبار (٤) إلى الإباحة ما عدا الجري وحمل الأخبار الدالة على تحريمها على الكراهة لروايات صحيحة دالة على الحل منها هذه الرواية والمحرمون حملوها على التقية وهو أحوط.

٧ ـ الدر المنثور ، عن عكرمة قال قال ابن عباس مكتوب على الجرادة بالسريانية إني أنا الله لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي الجراد جند من جندي أسلطه على من أشاء من عبادي (٥).

٨ ـ وعن أبي زهير قال : لا تقتلوا الجراد فإنه جند من جند الله الأعظم (٦).

__________________

(١) كتاب عاصم بن حميد : ٢٥ فيه صدر وذيل اسقطهما المصنف وفيه : والمارماهيك.

(٢) تهذيب الأحكام ٩ : ٦ فيه : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الجرى والمارماهى.

(٣) في النسخة المخطوطة : فى التعليل له.

(٤) أي التهذيب والاستبصار.

(٥) الدر المنثور :.

(٦) الدر المنثور :.

١٩٢

٩ ـ وعن الحسين بن علي عليه‌السلام قال : كنا على مائدة أنا وأخي محمد ابن الحنفية وبني [ بنو ] عمي عبد الله بن عباس وقثم والفضل فوقعت جرادة فأخذها عبد الله بن عباس فقال للحسن تعلم ما مكتوب على جناح الجرادة فقال سألت أبي فقال سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال لي على جناح الجرادة مكتوب إني أنا الله لا إله إلا أنا رب الجرادة ورازقها إذا شئت بعثتها رزقا لقوم وإن شئت (١) على قوم بلاء فقال ابن عباس هذا والله من مكنون العلم.

١٠ ـ حياة الحيوان ، بإسناد الطبراني عن الحسن بن علي عليه‌السلام قال : كنا على مائدة وذكر نحوه (٢).

بيان : يحتمل أن يكون الكتابة المذكورة كناية عن أن خلقتها على الهيئة المذكورة تدل على وجود الصانع ووحدته وكونه رب الجرادة وغيرها وأنها تكون نعمة وبلاء وفيها استعدادهما والله يعلم (٣).

١١ ـ كتاب المسائل ، بإسناده عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن الجري يحل أكله فقال إنا وجدناه في كتاب أمير المؤمنين عليه‌السلام حراما (٤).

١٢ ـ كتاب صفات الشيعة ، عن علي بن أحمد بن عبد الله عن أبيه عن جده أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن عمرو بن شمر عن عبيد الله عن الصادق عليه‌السلام قال : من أقر بسبعة أشياء فهو مؤمن البراءة من الجبت والطاغوت (٥) والإقرار بالولاية والإيمان

__________________

(١) في المصدر : وان شئت بعثتها بلاء على قوم.

(٢) حياة الحيوان ١ : ١٣٦.

(٣) وانما ذكر انه مكتوب على جناحه لان قوته وطيرانه وبعثه رزقا لقوم وبلاء لآخرين تكون به.

(٤) بحار الأنوار ١٠ : ٢٥٤ ، طبعة الآخوندى.

(٥) الجبت : الصنم وكل ما يعبد من دون الله ويطاع من غير اذن الله والطاغوت : كل متعد ويعبر عنه بالديكتاتور ، رأس الضلال ، الصارف عن طريق الخير. كل معبود دون الله ، والبراءة عنهما : الخروج عن طاعتهما والقيام لاعدامهما ، وفي قبال ذلك الإقرار بأن الولاية والحكومة ليست الا لأولياء الله وخلصائه ، ولمن جعلهم الله خلفاءه على الناس وهم الأئمة عليهم‌السلام.

١٩٣

بالرجعة والاستحلال للمتعة وتحريم الجري والمسح على الخفين (١).

١٣ ـ قرب الإسناد ، عن عبد الله بن الحسن عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن الجراد نصيبه ميتا في الصحراء أو في الماء أيؤكل قال لا تأكله قال وسألته عن الجراد نصيده فيموت بعد ما نصيده فيؤكل قال لا بأس قال سألته عن الدبى من الجراد أيؤكل قال لا حتى يستقل بالطيران (٢).

كتاب المسائل ، بإسناده عن علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام مثل الجميع إلا أنه قال في الأخير قال سألته عن الدبى هل يحل أكله قال لا يحل أكله حتى يطير (٣).

بيان : الدبى بفتح الدال وتخفيف الباء مقصورا هو الجراد قبل أن يطير وظهر جناحه (٤) والواحدة دباة بفتح الدال أيضا.

وقال في النهاية وقيل هو نوع يشبه الجراد (٥).

ويظهر من الأخبار الأول ولا خلاف ظاهرا في أن ذكاة الجراد أخذه حيا باليد أو بالآلة والمشهور أنه لا يشترط إسلام الآخذ إذا شاهده المسلم وذهب ابن زهرة إلى المنع من صيد غير المسلم له مطلقا ولعل الأشهر أقوى ولو مات في الماء أو في الصحراء قبل أخذه لم يحل ولو وقع في أجمة نار فأحرقتها وفيها جراد لم تحل وإن قصده المحرق لا أعرف فيه خلافا بينهم وتدل عليه رواية عمار (٦) ولا خلاف أيضا في عدم حل الدبى والمشهور أنه يباح أكله حيا وبما فيه كالسمك واشترط بعضهم في حله الموت وسيأتي ما يدل على عدم الاشتراط.

__________________

(١) صفات الشيعة : ١٧٨ فيه : « البراءة من الطواغيت » وفيه ؛ وترك المسح على الخفين.

(٢) قرب الإسناد : ١١٦.

(٣) بحار الأنوار ١٠ : ٢٨٧ و ٢٥٢ ( طبعة الآخوندى ).

(٤) في المخطوطة : وأن ظهر جناحه.

(٥) النهاية ٢ : ١٣.

(٦) لم يذكر في المخطوطة : « عمار » بل قال : وتدل عليه رواية.

١٩٤

١٤ ـ دعائم الإسلام ، عن علي عليه‌السلام أنه قال : النون ذكي والجراد ذكي وأخذه حيا ذكاة.

١٥ ـ وعنه صلوات الله عليه أنه نهى عن الطافي وهو ما مات في البحر من صيده قبل أن يؤخذ.

١٦ ـ وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال : لا يؤكل من دواب البحر إلا ما كان له قشر وكره السلحفاة والسرطان والجري وما كان في الأصداف وما جانس ذلك (١).

١٧ ـ كتاب المسائل ، بإسناده عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عما صادت المجوس من الجراد والسمك أيحل أكله قال صيده ذكاته لا بأس وسألته عن اللحم الذي يكون في أصداف البحر والفرات أيؤكل فقال ذلك لحم الضفادع لا يصلح أكله (٢).

قرب الإسناد ، عن عبد الله بن الحسن عن علي بن جعفر مثل السؤال الأخير إلا أن فيه لا يحل أكله (٣) كما في الكافي.

بيان : ذلك لحم الضفادع أي شبيه به وحكمه حكمه وفيه إشعار بكونه حيوانا وقال الدميري الصدف من حيوانات البحر وفي حديث ابن عباس إذ مطرت السماء فتحت الصدف أفواهها وهو غلاف اللؤلؤ الواحدة صدفة.

١٨ ـ قرب الإسناد ، وكتاب المسائل ، بإسنادهما عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن أكل السلحفاة والسرطان والجري أيحل أكله قال لا يحل أكل السلحفاة والسرطان والجري (٤).

__________________

(١) دعائم الإسلام : ليست عندي نسخته.

(٢) بحار الأنوار ١٠ : ٢٧٧ فيه : « عما اصاب » و ٢٦١ فيه : فلا يصلح اكله.

(٣) قرب الإسناد : ١١٨ وفيه : فى أجواف البحر.

(٤) قرب الإسناد : ١١٨ ، بحار الأنوار ١٠ : ٢٦١ فيه : عن اكل السلحفاة والسرطان والجرى ، قال : اما الجرى فلا يؤكل ولا السلحفاة ولا السرطان.

١٩٥

فائدة قال الدميري السلحفاة البرية بفتح اللام واحدة السلاحف قال أبو عبيدة وحكى الراوي سلحفة وسلحفاة (١) وهي بالهاء عند الكافة وعند ابن عبدوس السلحفا بغير هاء وذكرها يقال له غيلم وهذا الحيوان يبيض في البر فما نزل في البحر كان لجأة وما استمر في البر كان سلحفاة ويعظم الصنفان جدا إلى أن يصير كل واحد منهما حمل جمل وإذا أراد الذكر السفاد والأنثى لا تطيعه يأتي الذكر بحشيشة في فيه خاصيتها أن صاحبها يكون مقبولا فعند ذلك تطاوعه وهذه الحشيشة لا يعرفها إلا قليل من الناس وهي إذا باضت صرفت همتها إلى بيضها بالنظر إليه ولا تزال كذلك حتى يخلق الولد منها إذ ليس لها أن تحضنه حتى يكمل بحرارتها لأن أسفلها صلب لا حرارة فيه وربما تقبض السلحفاة على ذنب الحية وتقمع رأسها من ذنبها (٢) والحية تضرب بنفسها على ظهر السلحفاة وعلى الأرض حتى تموت ولذكرها ذكران وللأنثى فرجان والذكر يطيل المكث في السفاد والسلحفاة مولعة بأكل الحيات فإذا أكلتها أكلت بعدها سعترا والترس الذي على ظهرها وقايتها (٣).

وقال السلحفاة البحرية اللجاة بالجيم وهي تعيش في البر والبحر واللجأة البحرية لها لسان في صدورها من أصابته به من الحيوان قتله ولها حيلة عجيبة في صيدها من طائر أو غيره وذلك أنها تغوص في الماء ثم تتمرغ في التراب ثم تكمن للظبي (٤) في مواضع شربها فيختفي عليه لونها فتمسكه وتغوص به في الماء حتى يموت وقال أرسطاطاليس في النعوت ما خرج من بيض اللجأة مستقبل البحر صار إلى البحر وما خرج مستقبل البر صار إلى البر وكلهن يردن الماء لأنهن

__________________

(١) في المصدر : وحكى الرواسى سلحفية مثل بلهنية.

(٢) في المصدر : فتقطع رأسها وتمضغ من ذنبها.

(٣) حياة الحيوان ٢ : ١٧.

(٤) في المصدر : للطير.

١٩٦

من خلق الماء قال وهي تأكل الثعابين (١).

وقال السرطان بفتح السين والراء المهملتين وبالنون في آخره حيوان معروف ويسمى عقرب الماء وكنيته أبو بحر وهو من خلق الماء ويعيش في البر أيضا وهو جيد المشي سريع العدو ذو فكين ومخالب وأظفار حداد كثير الأسنان صلب الظهر من رآه رأى حيوانا بلا رأس ولا ذنب عيناه في كتفه وفمه في صدره وفكاه مستويان من الجانب (٢) وله ثمانية أرجل وهو يمشي على جانب واحد ويستنشق الماء والهواء معا ويسلخ جلده في السنة ست مرات ويتخذ لجحره بابين أحدهما إلى الماء والآخر إلى اليبس فإذا سلخ جلده سد عليه ما يلي الماء خوفا على نفسه من سباع السمك وترك ما يلي اليبس مفتوحا ليصل إليه الريح فتجف رطوبته ويشتد فإذا اشتد فتح ما يلي الماء وطلب معاشه وقال أرسطاطاليس في النعوت وزعموا أنه إذا وجد سرطان ميت في حفرة مستلقيا على ظهره في قرية أو أرض تأمن تلك البقعة من الآفات السماوية وإذا علق على الأشجار يكثر ثمرها (٣).

١٩ ـ الكافي (٤) ، المكارم ، عن ابن نباتة عن علي عليه‌السلام أنه قال : لا تبيعوا الجري ولا المارماهي ولا الطافي.

٢٠ ـ المحاسن ، عن أبي أيوب المديني وغيره عن ابن أبي عمير عن ابن المغيرة عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الحوت ذكي حية وميتة (٥).

ومنه عن أبيه عن عون بن حريز عن عمرو بن مروان الثقفي عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله (٦).

__________________

(١) حياة الحيوان ٢ : ٢٢٧.

(٢) في المصدر : مشقوقان من الجانبين.

(٣) حياة الحيوان ٢ : ١٤.

(٤) لم يذكر في المخطوطة : الكافي.

(٥ و ٦) المحاسن : ٤٧٥.

١٩٧

بيان : يدل على أن الحوت يحل أكله حيا كما هو المشهور بين الأصحاب وذهب الشيخ في المبسوط إلى توقف حله على الموت خارج الماء استنادا إلى أن ذكاته إخراجه من الماء حيا وموته خارجه فقبل موته لم تحصل الذكاة ولهذا لو عاد إلى الماء ومات فيه حرم ولو كان قد تمت ذكاته لما حرم بعدها وأجيب بمنع كون ذكاته يحصل بالأمرين معا بل بالأول خاصة بشرط عدم عوده إلى الماء وموته فيه مع أن عمومات الحل يشمله.

٢١ ـ فقه الرضا ، قال عليه‌السلام إن وجدت سمكة ولم تدر أذكي هو أم غير ذكي وذكاته أن يخرج من الماء حيا فخذ منه واطرحه في الماء فإن طفا على رأس الماء مستلقيا على ظهره فهو غير ذكي وإن كان على وجهه فهو ذكي (١).

بيان : ذكر هذه العبارة بعينها الصدوق رحمه‌الله في الفقيه والمقنع (٢) وقال في الدروس ويحرم الطافي إذا علم أنه مات في الماء ولو علم كونه مات خارج الماء حل ولو اشتبه فالأقرب التحريم ثم ذكر كلام المقنع وقال واختاره الفاضل انتهى وقال يحيى بن سعيد في الجامع إذا نصب شبكة فاجتمع فيها سمك جاز أكله فإن علم أن فيه ميتا في الماء ولم يتميز ألقى ذلك في الماء فإن طفا على ظهره لم يؤكل وإن طفا على وجهه أكل وكذلك صيد الحظائر وقال ابن حمزة في الوسيلة إن وجدت سمكة على شاطئ الماء ولم تعلم حالها ألقيت في الماء فإن طفت على الظهر فهي ميتة وإن طفت على الوجه فذكية (٣) ونحوه قال سلار في المراسم (٤) وعد ابن البراج في المهذب في السموك المحللة كل ما وجد منه على ساحل البحر وألقي في الماء فرسب أسفله ولم يطف عليه انتهى.

__________________

(١) فقه الرضا : ٤٠.

(٢) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٢٠٧ ، المقنع : ٣٥ فيهما : « ولم تعلم أذكى » والظاهر من الكتابين انه من كلام الصدوق.

(٣) الوسيلة : ٧٠.

(٤) المراسم : ٢٨.

١٩٨

وكأنه حمل هذا الخبر على هذا المعنى ولا يخفى ما فيه ولعل السر فيما ورد في الخبر أن الذي يموت في الماء يتنفخ بطنه غالبا فيقع في الماء على ظهره دون ما مات خارج الماء والظاهر أن وقوع السمك الطري الميت على وجهه في الماء في غاية الندرة وأما غير الطري فهو يرسب في الماء سواء مات خارج الماء أو داخله ولعله لذلك أعرض عنه أكثر المتأخرين.

٢١ ـ المكارم ، عن أحمد بن إسحاق قال : كتبت إلى أبي محمد عليه‌السلام سألته عن الإسقنقور يدخل في دواء الباه له مخاليب وذنب أيجوز أن يشرب فقال إذا كان له قشور فلا بأس (١).

توضيح قال في القاموس إسقنقور دابة تنشأ بشاطئ بحر النيل لحمها باهي.

وقال الدميري في الإسقنقور قال بختيشوع إنه التمساح البري لحمه حار في الطبقة الثانية (٢) إذا ملح وشرب منه مثقال زاد في الباه وتهيج الشهوة ويسخن الكلى الباردة وقال ابن زهير هي دابة بمصر شكلها كالوزغة على عظيم خلقته وإذا علقت عينها على من يفزع بالليل أبرأته إذا لم يكن من خلط وقال أرسطاطاليس في كتاب الحيوان الكبير إن شربه يهيج الباه ويزيد في الإنعاظ في سائر البلاد إلا بمصر وهو أنفس ما يهدى منها لملوك الهند فإنهم يذبحونه بسكين من ذهب ويحشونه من ملح مصر ويحملونه كذلك إلى أرضهم فإذا وضعوا منه مثقالا (٣) على بيض أو لحم وأكل نفع من ذلك نفعا بليغا (٤).

والتمساح تبيض في البر فما وقع من ذلك في الماء صار تمساحا وما بقي صار

__________________

(١) مكارم الأخلاق : ٨٣ و ٨٤ فيه : ان كان له.

(٢) في المصدر : فى الدرجة الثانية.

(٣) في المصدر : مثقالا من ذلك الملح.

(٤) حياة الحيوان ١ : ١٧.

١٩٩

سقنقورا (١) وقال السقنقور نوعان هندي ومصري منه ما يتولد ببحر القلزم وبلاد الحبشة وهو يغتذي بالسمك في الماء وفي البر بالقطا يسترطه (٢) كالحيات وأنثاه تبيض عشرين بيضة تدفنها في الرمل فيكون ذلك حضنا لها ومن عجيب أمره أنه إذا عض إنسانا وسبقه إلى الماء (٣) واغتسل منه مات السقنقور وإن سبق السقنقور إلى الماء مات الإنسان والمختار من أعضائه ما يلي ذنبه من ظهره فهو أبلغ نفعا وهذا الحيوان ما دام رطبا (٤) لحمه حار رطب في الدرجة الثانية وأما مملوحه المجفف فإنه أشد حرارة وأقل رطوبة قال في المفردات السقنقور الهندي نحو ذراعين طولا وعرضه نحو نصف ذراع ولحمه إذا أكل منه اثنان بينهما عداوة زالت وصارا متحابين وخاصية لحمه وشحمه إنهاض شهوة الجماع وتقوية الإنعاظ والنفع من الأمراض الباردة التي بالعصب وقال أرسطو لحم السقنقور الهندي إذا طبخ بإسفيداج نفخ اللحم وأسمن ولحمه يذهب وجع الصلب ووجع الكليتين ويدر المني وخوزته الوسطى إذا علقت على صلب إنسان هيجت الإحليل وزادت الجماع (٥).

٢٢ ـ جامع الشرائع ، ليحيى بن سعيد عن جعفر بن محمد عليه‌السلام كل ما كان في البحر مما يؤكل في البر مثله فجائز أكله وكل ما كان في البحر مما لا يجوز أكله في البر لم يجز أكله (٦).

بيان : لم أر قائلا بهذا الخبر إلا أن الفاضل المذكور نقله رواية وقد قال قبل ذلك لا يحل من صيد البحر سوى السمك فقد قيل فيه مثل كل ما في البر

__________________

(١) حياة الحيوان ١ : ١١٧.

(٢) أي يبتلعه.

(٣) في المصدر : وسبقه الإنسان الى الماء.

(٤) في المصدر : ما دام طريا فهو حار.

(٥) حياة الحيوان ٢ : ١٦.

(٦) جامع الشرائع : ليست عندي نسخته.

٢٠٠