بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٣٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

الرؤيا بعد خمسين سنة.

وفي الرسالة القشيري في باب الجود والسخاء أن عبد الله بن جعفر خرج إلى ضيعة فنزل على نخيل قوم وفيهم غلام أسود يعمل عليها إذ أتى الغلام بغدائه وهو ثلاثة أقراص فرمى بقرص منها إلى كلب كان هناك فأكله ثم رمى إليه الثاني والثالث فأكلهما وعبد الله بن جعفر ينظر فقال يا غلام كم قوتك كل يوم قال ما رأيت فلم آثرت هذا الكلب قال إن هذه الأرض ليست بأرض كلاب وإنه جاء من مسافة بعيدة جائعا فكرهت رده فقال له عبد الله بن جعفر فما أنت صانع اليوم قال أطوي (١) يومي هذا فقال عبد الله بن جعفر لأصحابه ألام على السخاء وهذا أسخى مني ثم إنه اشترى الغلام فأعتقه واشترى الحائط وما فيه ووهب ذلك له (٢).

ودخل أبو العلاء المعري يوما على الشريف المرتضى فعثر برجل فقال الرجل من هذا الكلب فقال أبو العلاء الكلب من لا يعرف للكلب سبعين اسما فقربه المرتضى واختبره فوجده علامة وإنه جرى (٣) ذكر المتنبي يوما فتنقصه الشريف المرتضى وذكر معايبه فقال أبو العلاء المعري لو لم يكن من شعر المتنبي إلا قوله (٤)

لك يا منازل في القلوب منازل

لكفاه شرفا وفضلا فغضب الشريف المرتضى وأمر بسحبه (٥) وإخراجه من مجلسه ثم قال لمن حضر مجلسه أتدرون أي شيء أراد هذا الأعمى بذكر هذه

__________________

(١) طوى الرجل : تعمد الجوع وقصده.

(٢) حياة الحيوان ٢ : ١٩٧ ـ ٢٠٠.

(٣) في المصدر : ثم جرى.

(٤) في المصدر : لو لم يكن للمتنبى من الشعر الا قوله.

(٥) في المصدر : وامر بسحبه برجله.

٦١

القصيدة وللمتنبي أحسن منها (١) ولم يذكرها قالوا لا قال إنما أراد قوله فيها (٢)

وإذا أتتك مذمتي من ناقص

فهي الشهادة لي بأني كامل (٣)

١٨ ـ الكافي ، عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام بعثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى المدينة فقال لا تدع صورة إلا محوتها ولا قبرا إلا سويته ولا كلبا إلا قتلته (٤).

بيان : قال الدميري روى مسلم عن عبد الله بن معقل (٥) قال : أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقتل الكلاب ثم قال ما بالكم وبال الكلاب ثم رخص في كلب الصيد وكلب الغنم. فحمل الأصحاب الأمر بقتلها على الكلب الكلب والكلب العقور واختلفوا في قتل ما لا ضرر فيه منها فقال القاضي حسين وإمام الحرمين والماوردي والنووي ومسلم لا يجوز قتلها وقيل إن الأمر بقتلها منسوخ وعلى الكراهة اقتصر الرافعي في الشرح وتبعه في الروضة وزاد أنها كراهية تنزيه (٦) لا تحريم لكن قال الشافعي واقتل الكلاب التي لا نفع فيها حيث وجدتها وهذا هو الراجح في المهمات (٧).

١٩ ـ العلل ، عن محمد بن شاذان بن أحمد البراوذي (٨) عن محمد بن محمد بن الحارث

__________________

(١) في المصدر : أجود منها.

(٢) في المصدر : انما أراد أن يذمنى بقوله فيها.

(٣) حياة الحيوان ٢ : ٢٠٣.

(٤) فروع الكافي ٦ : ٥٢٨. وفيه روايات اخرى راجعها.

(٥) في المصدر : مغفل.

(٦) في المصدر : كراهة تنزيه.

(٧) حياة الحيوان ٢ : ٢١٩ فيه : « واقتلوا » وفيه : وجدتموها.

(٨) لعله مصحف البردادى نسبة الى برداد : قرية من قرى سمرقند.

٦٢

السمرقندي عن صالح بن سعد الترمذي عن عبد المنعم بن إدريس عن أبيه عن وهب بن منبه اليماني قال : لما ركب نوح عليه‌السلام في السفينة ألقى الله عز وجل السكينة على ما فيها من الدواب والطير والوحش فلم يكن شيء فيها يضر شيئا كانت الشاة تحتك بالذئب والبقرة تحتك بالأسد والعصفور يقع على الحية فلا يضر شيء شيئا ولا يهيجه ولم يكن لها (١) ضجر ولا صخب (٢) ولا سبة ولا لعن قد أهمتهم أنفسهم وأذهب الله عز وجل حمة كل ذي حمة فلم يزالوا كذلك في السفينة حتى خرجوا منها وكان الفأر قد كثر في السفينة والعذرة فأوحى الله عز وجل إلى نوح عليه‌السلام أن يمسح الأسد فمسحه فعطس فخرج من منخريه هران ذكر وأنثى فخفف الفأر ومسح وجه الفيل فعطس فخرج من منخريه خنزيران ذكر وأنثى فخفف العذرة (٣).

بيان : في القاموس الحمة كثبة السم أو الإبرة يضرب بها الزنبور والحية ونحو ذلك أو يلذع بها والجمع حمات وحمى.

٢٠ ـ العلل ، عن أحمد بن محمد بن عيسى العلوي عن محمد بن إبراهيم بن أسباط عن أحمد بن محمد بن زياد القطان عن أبي الطيب أحمد بن محمد بن عبد الله عن عيسى بن جعفر العلوي العمري عن آبائه عن عمر بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب عليه‌السلام أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سئل مما خلق الله عز وجل الكلب قال خلقه من بزاق إبليس قيل وكيف ذلك يا رسول الله قال لما أهبط الله عز وجل آدم وحواء إلى الأرض أهبطهما كالفرخين المرتعشين فعدا إبليس الملعون إلى السباع وكانوا قبل آدم في الأرض فقال لهم إن طيرين قد وقعا من السماء لم ير الراءون أعظم منهما تعالوا فكلوهما.

__________________

(١) في المصدر : ولم يكن فيها.

(٢) الصخب بالتحريك : اختلاط الأصوات.

(٣) علل الشرائع ٢ : ١٨١ و ١٨٢.

٦٣

فتعاوت السباع معه وجعل إبليس يحثهم ويصيح ويعدهم بقرب المسافة فوقع من فيه من عجلة كلامه بزاق فخلق الله عز وجل من ذلك البزاق كلبين أحدهما ذكر والآخر أنثى فقاما حول آدم وحواء الكلبة بجدة والكلب بالهند فلم يتركوا السباع أن يقربوهما ومن ذلك اليوم الكلب عدو السبع والسبع عدو الكلب (١).

٢١ ـ ومنه ، عن أبيه عن محمد بن يحيى العطار وعن محمد بن أحمد الأشعري عن البرقي عن رجل عن ابن أسباط عن عمه (٢) رفع الحديث إلى علي عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا سمعتم نباح الكلب ونهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان الرجيم فإنهم (٣) يرون ولا ترون « فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ » (٤) الخبر.

٢٢ ـ القصص ، بالإسناد عن الصدوق عن أبيه عن محمد العطار عن ابن أبان (٥) عن ابن أورمة عن أبي أحمد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن قوم نوح عليه‌السلام شكوا إلى نوح عليه‌السلام الفأر فأمر الله تعالى الفهد فعطس فطرح السنور فأكل الفأر وشكوا إليه العذرة فأمر الله الفيل أن يعطس فسقط الخنزير (٦).

٢٣ ـ ثواب الأعمال ، عن ابن مسرور عن ابن عامر عن عمه عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن امرأة عذبت في هرة ربطتها حتى ماتت عطشا (٧).

__________________

(١) علل الشرائع ٢ : ١٨٢ و ١٨٣.

(٢) في المصدر : عن عمه يعقوب.

(٣) في نسخة من المصدر : فانهن.

(٤) علل الشرائع ٢ : ٢٧٠ في نسخة منه : يردون ما لا ترون.

(٥) في النسخة المخطوطة : عن ابان.

(٦) قصص الأنبياء : مخطوط.

(٧) ثواب الأعمال :.

٦٤

٢٤ ـ نوادر الراوندي ، عن عبد الواحد بن إسماعيل الروياني عن محمد بن الحسن التميمي عن سهل بن أحمد الديباجي عن محمد بن محمد بن الأشعث عن موسى بن إسماعيل بن موسى عن أبيه عن جده موسى بن جعفر عن آبائه عليهم‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأيت في النار صاحب العباء التي قد غلها ورأيت في النار صاحب المحجن الذي كان يسرق الحاج بمحجنه ورأيت في النار صاحبة الهرة تنهشها مقبلة ومدبرة كانت أوثقتها لم تكن تطعمها ولم ترسلها تأكل من حشاش الأرض ودخلت الجنة فرأيت صاحب الكلب الذي أرواه من الماء (١).

تبيان قال في النهاية المحجن عصا معقفة الرأس كالصولجان والميم زائدة ومنه الحديث كان يسرق الحاج بمحجنه فإذا فطن به قال تعلق بمحجني انتهى (٢).

وأقول صاحب الكلب إشارة إلى ما رواه الدميري عن مسلم أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : بينما امرأة تمشي بفلاة من الأرض إذا اشتدت عليها العطش فنزلت بئرا فشربت ثم صعدت فوجدت كلبا يأكل الثرى من العطش فقالت لقد بلغ بهذا الكلب مثل الذي بلغ بي ثم نزلت البئر فملأت خفها وأمسكته بفيها ثم صعدت فسقته فشكر الله لها ذلك وغفر لها فقالوا يا رسول الله أولنا في البهائم أجر قال نعم في كل كبد رطبة أجر (٣).

وقال في النهاية وفيه فإذا كلب يأكل الثرى من العطش أي التراب الندي (٤).

أقول فالظاهر على هذا صاحبه الكلب التي أروته إلا أن يكون إشارة إلى قصة أخرى شبيهة بذلك.

__________________

(١) نوادر الراوندي : ٢٨.

(٢) النهاية ١ : ٢٣٨.

(٣) حياة الحيوان ٢ : ١٩٧ و ١٩٨.

(٤) النهاية ١ : ١٤٨.

٦٥

٢٥ ـ الدر المنثور ، عن ابن عباس قال الحواريون لعيسى ابن مريم لو بعثت لنا رجلا شهد السفينة فحدثنا عنها فانطلق بهم حتى انتهى إلى كثب (١) من تراب فأخذ كفا من ذلك التراب وقال أتدرون ما هذا قالوا الله ورسوله أعلم قال هذا كعب حام بن نوح فضرب الكثيب بعصاه وقال قم بإذن الله فإذا هو قائم ينفض التراب عن رأسه قد شاب (٢) قال له عيسى هكذا هلكت قال لا مت وأنا شاب ولكنني ظننت أنها الساعة فمن ثم شبت قال حدثنا عن سفينة نوح قال كان طولها ألف ذراع ومائتي ذراع وعرضها ستمائة ذراع كانت ثلاث طبقات فطبقة فيها الدواب والوحش وطبقة فيها الإنس وطبقة فيها الطير فلما كثر أرواث الدواب أوحى الله إلى نوح أن اغمز ذنب الفيل فغمزه فوقع منه خنزير وخنزيرة فأقبلا على الروث فلما وقع الفأر بخرز السفينة يقرضه أوحى الله إلى نوح أن اضرب عيني الأسد فخرج من منخره سنور وسنورة فأقبلا على الفأر فقال له عيسى كيف علم نوح أن البلاد قد غرقت قال بعث الغراب يأتيه بالخبر فوجد جيفة فوقع عليها فدعا عليه بالخوف فلذلك لا يألف البيوت ثم بعث الحمامة فجاءت بورق زيتون بمنقارها وطين برجلها فعلم أن البلاد قد غرقت فطوقها الخضرة التي في عنقها ودعا لها أن تكون في أنس وأمان فمن ثم تألف البيوت فقالوا يا روح الله ألا تنطلق به إلى أهالينا فيجلس معنا ويحدثنا قال كيف يتبعكم من لا رزق له ثم قال له عد بإذن الله فعاد ترابا.

وعن عكرمة قال : لما حمل نوح في السفينة الأسد قال يا رب إنه يسألني الطعام من أين أطعمه قال إني سوف أشغله عن الطعام فسلط الله عليه الحمى فكان نوح يأتي بالكبش فيقول كل فيقول الأسد آه.

وعن وهب بن منبه قال : لما أمر نوح أن يحمل « مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ » قال

__________________

(١) الكثب : التل من الرمل.

(٢) شاب : ابيض شعره.

٦٦

كيف أصنع بالأسد والبقر وكيف أصنع بالعناق والذئب وكيف أصنع بالحمام والهر (١) قال من ألقى بينهم العداوة قال أنت يا رب قال فإني أؤلف بينهم حتى لا يتضادون (٢).

توضيح خرز السفينة الخيوط التي تخاط بها.

٢٦ ـ حياة الحيوان ، السنور بكسر السين المهملة وفتح النون المشددة واحد السنانير حيوان متواضع ألوف خلقه الله تعالى لدفع الفأرة قيل إن أعرابيا صاد سنورا فلم يعرفه فتلقاه رجل فقال ما هذا السنور ولقي آخر فقال ما هذا القط ثم لقي آخر فقال ما هذا الهر ثم لقي آخر فقال ما هذا الضيون ثم لقي آخر فقال ما هذا الخيدع ثم لقي آخر فقال ما هذا الخيطل ثم لقي آخر فقال ما هذا الدم فقال الأعرابي أحمله وأبيعه لعل الله تعالى أن يجعل فيه مالا كثيرا فلما أتى به إلى السوق قيل له بكم هذا فقال بمائة درهم فقيل له إنه يساوي نصف درهم فرمى به وقال لعنه الله ما أكثر أسماءه وأقل ثمنه؟

وهذه الأسماء للذكر قاله في الكفاية وقال ابن قتيبة يقال في الأنثى سنورة

وروى الحاكم عن أبي هريرة قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يأتي دار قوم من الأنصار ودونه دور لا يأتيها فشق عليهم ذلك فكلموه فقال إن في داركم كلبا قالوا فإن في دارهم سنورا فقال السنور سبع.

وفي رواية أخرى قال : الهرة ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم. والطوافون الخدم والطوافات الخدامات جعلها بمنزلة المماليك وقيل إن أهل سفينة نوح عليه‌السلام تأذوا من الفأر فمسح نوح جبهة الأسد فعطس ورمى بالسنور فلذلك هو أشبه شيء بالأسد بحيث لا يمكن أن يصور الهر إلا جاء أسدا وهو ظريف

__________________

(١) هذا يخالف ما تقدم من أن الهر لم يكن قبل ذلك بل وجد في السفينة.

(٢) الدر المنثور ج ٣ ص ٣٢٨ و ٣٢٩ و ٣٣٠.

٦٧

لطيف يمسح بلعابه وجهه (١) وإذا جاعت الأنثى أكلت أولادها وقد يخلق الله في قلب الفيل الهرب (٢) منه فهو إذا رأى سنورا هرب وحكي أن جماعة من الهند هزموا بذلك.

والسنور ثلاثة أنواع أهلي ووحشي والسنور الزباد ويناسب الإنسان في أمور منها أن يعطس ويتثاءب ويتمطى ويتناول الشيء بيده وذكر القزويني عن ابن الفقيه أن لبعض السنانير أجنحة كأجنحة الخفافيش من أصل الأذن إلى الذنب قال العلماء اتخاذ السنور وتربيته مستحب (٣).

٢٧ ـ الكافي ، عن العدة عن أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى عن عبد الله بن محمد عن علي بن الحكم عن أبان عن زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام قال : الكلاب السود البهم من الجن (٤).

٢٨ ـ ومنه ، عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن علي بن الحكم عن مالك بن عطية عن أبي حمزة الثمالي قال : كنت مع أبي عبد الله عليه‌السلام فيما بين مكة والمدينة إذا التفت عن يساره فإذا كلب أسود بهيم فقال ما لك قبحك الله ما أشد مسارعتك فإذا هو شبه بالطائر فقلت ما هذا جعلت فداك فقال هذا عثم (٥) بريد الجن مات هشام الساعة فهو يطير ينعاه في كل بلدة (٦).

٢٩ ـ ومنه ، عن العدة عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن عن مسمع عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

(١) زاد في المصدر : وإذا تلطخ شيء من بدنه نظفه وهو في آخر الشتاء تهيج شهوته فيتألم ألما شديدا من لذع مادة النطفة فلا يزال يصيح حتى يلقى تلك المادة.

(٢) في المصدر : وقد جعل الله تعالى في قلب الفيل الفرق منه.

(٣) حياة الحيوان ٢ : ٢٤ و ٢٥.

(٤) الفروع ٦ : ٥٥٢.

(٥) في المصدر : غثيم.

(٦) فروع الكافي ٦ : ٥٥٣ فيه : وهو.

٦٨

الكلاب من ضعفة الجن فإذا أكل أحدكم طعاما وشيء منها بين يديه فليطعمه أو ليطرده فإن لها أنفس سوء (١).

٣٠ ـ ومنه ، عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن عبد الرحمن بن أبي هاشم عن سالم بن أبي سلمة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سئل عن الكلاب فقال كل أسود بهيم وكل أحمر بهيم وكل أبيض بهيم فلذلك خلق الكلاب من الجن وما كان أبلق فهو مسخ من الجن والإنس (٢).

بيان : كون الكلب الأسود وغيره من الجن يحتمل أن يكون المعنى أنه على صفتها أو أنه قد تتصور الجن بصورته أو مسخ من الجن أي كان في الأصل جنيا فمسخ بتلك الصورة وأما كون الأبلق مسخا من الجن والإنس فهو أيضا يحتمل تطير الوجوه المذكورة بأنه على صفة شرار الجن والإنس معا أو قد يكون ممسوخا من الجن وقد يكون ممسوخا من الإنس أو متولدا من ممسوخ الجن وممسوخ الإنس.

قال الدميري روى مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقطع الصلاة الحمار والمرأة والكلب الأسود قيل لأبي ذر ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر [ و ] من الكلب الأصفر قال يا ابن أخي سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عما سألتني عنه (٣) فقال الكلب الأسود شيطان.

فحمله بعض أهل العلم على ظاهره وقال الشيطان يتصور بصورة الكلاب السود ولذا قال عليه‌السلام اقتلوا منهن كل أسود بهيم. وقيل لما كان الكلب الأسود أشد ضررا من غيره وأشد ترويعا كان المصلي إذا رآه اشتغل عن صلاته فانقطعت عليه لذلك وكذلك تأول الجمهور قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقطع الصلاة المرأة

__________________

(١) فروع الكافي ٦ : ٥٥٣ فيه : الطعام.

(٢) فروع الكافي ٦ : ٥٥٣.

(٣) في المصدر : مثل ما سألتني.

٦٩

والحمار فإن ذلك (١) مبالغة في الخوف على قطعها وإفسادها بالشغل عن المذكورات وذلك أن (٢) المرأة تفتن والحمار ينهق والكلب الأسود يروع ويشوش الفكر فلما كانت هذه الأمور آئلة إلى القطع جعلها قاطعة واحتج أحمد بحديث الكلب الأسود على أنه لا يجوز صيده ولا يحل لأنه شيطان (٣).

وقال الخنزير مشترك بين البهيمية والسبعية فالذي فيه من السبع الناب وأكل الجيف والذي فيه من البهيمية الظلف وأكل العشب والعلف ويقال أنه ليس شيء من ذوات الأذناب (٤) ما للخنزير من قوة نابه حتى أنه يضرب بنابه صاحب السيف والرمح فيقطع كل ما لاقى جسده من عظم وعصب.

ومن عجيب أمره إذا قلعت إحدى عينيه مات سريعا.

وروى ابن ماجه عن أنس أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : طلب العلم فريضة على كل مسلم وواضع العلم في غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والدر (٥).

. وقال في الإحياء جاء رجل إلى ابن سيرين وقال رأيت كأني أعلق الدر في أعناق الخنازير فقال أنت تعلم الحكمة غير أهلها (٦).

__________________

(١) في المصدر : بان ذلك.

(٢) في المصدر : وافسادها من الشغل بهذه المذكورات وذلك لان.

(٣) حياة الحيوان ٢ : ٢١٨ و ٢١٩.

(٤) في المصدر : من ذوات الانياب والاذناب.

(٥) في المصدر : والدر والذهب.

(٦) حياة الحيوان ١ : ٢١٩ و ٢٢٠.

٧٠

٢

(باب)

(الثعلب والأرنب والذئب والأسد)

١ ـ الكافي ، عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن بعض أصحابه عن أبي جميلة عن زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل « وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ » (١) قال إن رجلا انطلق وهو محرم فأخذ ثعلبا فجعل يقرب النار إلى وجهه وجعل الثعلب يصيح ويحدث من استه وجعل أصحابه ينهونه عما يصنع ثم أرسله بعد ذلك فبينما الرجل نام إذ جاءته حية فدخلت في فيه فلم تدعه حتى جعل يحدث كما أحدث الثعلب ثم خلت (٢) عنه.

٢ ـ دلائل الطبري ، عن محمد بن الحسن عن موسى بن سعدان عن عبد الله بن القاسم عن هشام بن سالم عن محمد بن مسلم قال : كنت مع أبي جعفر عليه‌السلام بين مكة والمدينة نسير أنا على حمار لي وهو على بغلة له (٣) إذ أقبل ذئب من رأس الجبل حتى انتهى إلى أبي جعفر عليه‌السلام فحبس له البغلة حتى دنا منه فوضع يده على قربوس (٤) السرج ومد عنقه إليه وأدنى أبو جعفر عليه‌السلام أذنه منه ساعة ثم قال له امض فقد فعلت فرجع مهرولا فقلت جعلت فداك لقد رأيت عجبا فقال هل تدري ما قال قلت الله ورسوله وابن رسوله أعلم فقال ذكر أن زوجته في هذا الجبل وقد عسر عليها ولادتها فادع الله عز وجل أن يخلصها وأن لا يسلط شيئا من نسلي

__________________

(١) المائدة : ٩٥.

(٢) فروع الكافي ٤ : ٣٩٧.

(٣) في المصدر : فبينا نسير بين مكة والمدينة وانا على حمار وهو على بغلة.

(٤) في المصدر : فدنا منه حتى وضع.

٧١

على أحد من شيعتكم أهل البيت فقلت قد فعلت (١).

٣ ـ ومنه ، عن القاضي أبي الفرج المعافي عن الحسين بن القاسم الكوكبي عن أحمد بن وهب عن عمرو بن محمد الأزدي عن ثمامة بن أشرس عن محمد بن راشد عن أبيه قال : جاء رجل إلى أبي عبد الله عليه‌السلام فقال يا ابن رسول الله حكيم بن عباس الكلبي ينشد الناس بالكوفة هجاءكم فقال هل علقت منه بشيء قال بلى فأنشده :

صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة

ولم نر مهديا على الجذع يصلب

وقستم بعثمان عليا سفاهة

وعثمان خير من علي وأطيب

فرفع أبو عبد الله عليه‌السلام يديه إلى السماء وهما ينتفضان رعدة فقال اللهم إن كان كاذبا فسلط عليه كلبك قال فخرج حكيم من الكوفة فأدلج (٢) فلقيه الأسد فأكله فجاءوا (٣) بالبشير أبا عبد الله عليه‌السلام وهو في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذلك فخر لله ساجدا وقال « الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ » (٤).

بيان : في النهاية في حديث حليمة ركبت أتانا لي فخرجت أمام الركب حتى ما يعلق بها أحد منهم أي ما يتصل بها ويلحقها وفي حديث ابن مسعود أن أميرا كان بمكة يسلم تسليمتين فقال أنى علقها فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يفعلها أي من أين تعلمها وممن أخذها (٥).

٤ ـ الدلائل ، عن الحسين عن أحمد بن محمد عن محمد بن علي عن محمد بن عمرو بن

__________________

(١) دلائل الإمامة : ٩٨ فيه : فقد رأيت عجبا فقال عليه‌السلام : هذا الذئب ذكر لي ان زوجته في هذا الجبل قد عسر عليها ولادها وسألنى أن أدعو الله ليحفظها ولا يسلط شيئا من نسلها على شيعتنا.

(٢) أي سار في الليل كله او في آخره.

(٣) في المصدر : فجاء البشير.

(٤) دلائل الإمامة : ١١٥ فيه : « عمر بن محمد الأزدي » وفيه : فسلط عليه كلبا من كلابك.

(٥) النهاية ٣ : ١٣٨.

٧٢

ميثم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه خرج إلى ضيعة له مع بعض أصحابه فبينما هم يسيرون إذا ذئب قد أقبل إليه فلما رأى غلمانه أقبلوا إليه قال دعوه فإن له حاجة.

فدنا منه حتى وضع كفه على دابته وتطاول بخطمه وطأطأ رأسه أبو عبد الله عليه‌السلام فكلمه الذئب بكلام لا يعرف فرد عليه أبو عبد الله عليه‌السلام مثل كلامه فرجع يعدو (١) فقال له أصحابه قد رأينا عجبا فقال إنه أخبرني أنه خلف زوجته خلف هذا الجبل في كهف وقد ضربها الطلق وخاف عليها فسألني الدعاء لها بالخلاص وأن يرزقه الله ذكرا يكون لنا وليا ومحبا فضمنت له ذلك قال فانطلق أبو عبد الله عليه‌السلام وانطلقنا معه إلى ضيعته وقال إن الذئب قد ولد له جرو ذكر قال فمكثنا في ضيعته معه شهرا ثم رجع مع أصحابه فبينا هم راجعون إذا هم بالذئب وزوجته وجروه فعووا في وجه أبي عبد الله عليه‌السلام فأجابهم بمثله ورأوا أصحاب أبي عبد الله عليه‌السلام الجرو وعلموا أنه قد قال لهم الحق وقال لهم أبو عبد الله عليه‌السلام تدرون ما قالوا قالوا لا قال كانوا يدعون الله لي ولكم بحسن الصحابة ودعوت لهم بمثله وأمرتهم أن لا يؤذوا لي وليا ولا لأهل بيتي فضمنوا لي ذلك (٢).

٥ ـ ومنه ، عن محمد بن هارون التلعكبري عن أبيه عن محمد بن همام عن أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم عن أبيه عن بعض رجاله عن الحسن بن علي بن يقطين عن سعدان بن مسلم عن المفضل بن عمر قال : كان المنصور قد وفد بأبي عبد الله عليه‌السلام إلى الكوفة فلما أذن له قال لي يا مفضل هل لك في مرافقتي فقلت نعم جعلت فداك قال إذا كانت الليلة فصر إلي فلما كان في نصف الليل خرج وخرجت معه فإذا أنا بأسدين مسرجين ملجمين قال فخرجت فضرب بيده إلى

__________________

(١) فرجع يعوو.

(٢) دلائل الإمامة : ١١٩ و ١٢٠.

٧٣

عيني (١) فشدها ثم حملني رديفا فأصبح بالمدينة وأنا معه فلم يزل في منزله حتى قدم عياله (٢).

٦ ـ ومنه ، بالإسناد عن أحمد بن الحسين عن أخيه عن بعض رجاله عن عبد الله بن محمد بن منصور بن نوح (٣) عن إسماعيل بن جابر عن أبي خالد الكابلي قال : دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام فقال لي يا با خالد خذ رقعتي فأت غيضة قد سماها فانشرها فأي سبع جاء معك فجئني به قال قلت أعفني (٤) جعلت فداك قال فقال لي اذهب يا با خالد قال فقلت في نفسي يا با خالد لو أمرك جبار عنيف (٥) ثم خالفته إذا كيف يكون حالك قال ففعلت ذلك حتى إذا صرت إلى الغيضة ونشرت الرقعة جاء معي واحد منها فلما صار بين يدي أبي عبد الله عليه‌السلام نظرت إليه واقفا ما يحرك من شعره شعرة فأومأ بكلام لم أفهمه قال فلبثت عنده وأنا متعجب من سكون السبع بين يديه فقال لي يا با خالد ما لك تتفكر قال قلت أفكر في إعظام السبع قال ثم مضى السبع فما لبثت إلا وقتا قليلا حتى طلع السبع ومعه كيس في فيه قال قلت جعلت فداك « إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ » قال يا با خالد هذا كيس وجه به إلي فلان (٦) مع المفضل بن عمر واحتجت إلى ما فيه وكان الطريق مخوفا فبعثت هذا السبع فجاء به قال فقلت في نفسي والله لا أبرح حتى يقدم المفضل بن عمر وأعلم ذلك قال فضحك أبو عبد الله عليه‌السلام ثم قال لي نعم يا با خالد لا تبرح حتى يأتي المفضل قال فتداخلني والله من ذلك حيرة ثم

__________________

(١) في المصدر : على عينى.

(٢) دلائل الإمامة : ١٢٥ و ١٢٦.

(٣) في المصدر : « عن عبد الله بن محمد بن منصور بزج » أقول : لعل بزج مصحف بزرج وهو معرب بزرگ ، ومنصور بن بزرج مذكور في الرجال.

(٤) في المصدر : اعفنى من ذلك.

(٥) في المصدر : جبار عنيد.

(٦) في المصدر : فلان بن فلان.

٧٤

قلت أقلني جعلت فداك وأقمت أياما ثم قدم المفضل وبعث إلي أبو عبد الله عليه‌السلام فقال المفضل جعلني الله فداك إن فلانا بعث معي كيسا فيه مال فلما صرت في موضع كذا وكذا جاء سبع وحال بيننا وبين رحالنا فلما مضى السبع طلبت الكيس في الرحل فلم أجده قال أبو عبد الله عليه‌السلام يا مفضل أتعرف الكيس قال نعم جعلني الله فداك فقال أبو عبد الله عليه‌السلام يا جارية هاتي الكيس فأتت به الجارية فلما نظر إليه المفضل قال نعم هذا هو الكيس ثم قال يا مفضل تعرف السبع قال جعلني الله فداك كان في قلبي في ذلك الوقت رعب فقال له ادن مني فدنا منه ثم وضع يده عليه ثم قال لأبي خالد امض برقعتي إلى الغيضة فأتنا بالسبع فلما صرت إلى الغيضة ففعلت مثل الفعل الأول جاء السبع معي فلما صار بين يدي أبي عبد الله عليه‌السلام نظرت إلى إعظامه إياه فاستغفرت في نفسي ثم قال يا مفضل هذا هو قال نعم جعلني الله فداك فقال يا مفضل أبشر فأنت معنا (١).

بيان : كان وضع اليد لذهاب الرعب.

٧ ـ المهج ، مهج الدعوات عن المفضل بن الربيع قال : اصطبح الرشيد يوما ثم استدعى حاجبه فقال له امض إلى علي بن موسى العلوي وأخرجه من الحبس وألقه بركة السباع وساق الحديث إلى أن قال لما انتهيت إلى البركة فتحت بابها وأدخلته فيها وفيها أربعون سبعا وساق الحديث إلى قال فعدت إليه فإذا هو قائم يصلي والسباع حوله إلى آخر الخبر الطويل الذي تقدم في باب معجزاته ع.

وقال السيد (٢) رضي‌الله‌عنه ربما كان هذا الحديث عن الكاظم عليه‌السلام لأنه كان محبوسا عند الرشيد لكني ذكرت هذا كما وجدته (٣).

٨ ـ الإختصاص ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن عبد الرحمن بن

__________________

(١) دلائل الإمامة : ١٢٨ و ١٢٩.

(٢) أي السيد ابن طاوس.

(٣) مهج الدعوات :.

٧٥

أبي هاشم عن سالم بن مكرم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان علي بن الحسين عليه‌السلام مع أصحابه في طريق مكة فمر به ثعلب وهم يتغدون فقال علي بن الحسين عليه‌السلام لهم هل لكم أن تعطوني موثقا من الله لا تهيجون هذا الثعلب حتى أدعوه فيجيء إلينا فحلفوا له فقال يا ثعلب تعال أو قال ائتنا فجاء الثعلب حتى وقع بين يديه فطرح إليه عراقا (١) فولى به ليأكله فقال لهم هل لكم أن تعطوني موثقا من الله وأدعوه أيضا فيجيء فأعطوه فدعا فجاء فكلح رجل منهم في وجهه فخرج يعدو فقال علي بن الحسين عليه‌السلام من الذي خفر (٢) ذمتي فقال رجل منهم يا ابن رسول الله أنا كلحت في وجهه ولم أدر فأستغفر الله فسكت (٣).

أقول قال الدميري الثعلب معروف والأنثى ثعلبة والجمع ثعالب وأثعل وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله شر السباع هذه الأثعل. يعني الثعالب.

ومن حيلته في طلب الرزق أنه يتماوت وينفخ بطنه ويرفع قوائمه حتى يظن أنه مات فإذا قرب منه حيوان وثب عليه وصاده وحيلته هذه لا تتم في كلب الصيد وقيل للثعلب ما لك تعدو أكثر من الكلب فقال أعدو لنفسي والكلب يعدو لغيره.

قال الجاحظ ومن العجب في قسمة الأرزاق أن الذئب يصيد الثعلب فيأكله والثعلب يصيد القنفذ ويأكله والقنفذ يصيد الأفعى ويأكلها والأفعى تصيد العصفور وتأكله والعصفور يصيد الجراد ويأكله والجراد يلتمس فراخ الزنابير ويأكلها والزنبور يصيد النحلة والنحلة يصيد الذبابة ويأكلها والذبابة تصيد البعوضة وتأكلها والعنكبوت يصيد الذبابة (٤) ويأكلها والذئب يطلب أولاد الثعلب فإذا ولد

__________________

(١) العراق بالضم : العظم اكل لحمه.

(٢) خفر فلانا : نقض عهده. غدر به.

(٣) الاختصاص : ٢٩٨ فيه : ايكم الذي خفر ذمتى.

(٤) المصدر خال عن قوله : والعنكبوت اه ولعل الصحيح : ليصيد البعوضة.

٧٦

وضع أوراق العنصل على باب وجاره ليهرب الذئب منها (١).

وعن أبي هريرة قال : نهاني (٢) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الصلاة عن ثلاث نقرة كنقرة الديك وإقعاء كإقعاء الكلب والتفات كالتفات الثعلب (٣).

٩ ـ الإختصاص ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن موسى بن سعدان عن عبد الله بن القاسم عن هشام بن سالم عن محمد بن مسلم قال : كنت مع أبي جعفر عليه‌السلام بين مكة والمدينة وأنا أسير على حمار لي وهو على بغلة له إذ أقبل ذئب من رأس الجبل حتى انتهى إلى أبي جعفر عليه‌السلام فحبس البغلة ودنا الذئب منه حتى وضع يده على قربوس سرجه ومد عنقه إلى أذنه وأدنى أبو جعفر عليه‌السلام أذنه منه ساعة ثم قال له امض فقد فعلت فرجع مهرولا فقلت له رأيت عجيبا قال وتدري ما قال قلت الله ورسوله وابن رسوله أعلم قال إنه قال يا ابن رسول الله إن زوجتي في ذلك الجبل وقد تعسر عليها ولادها فادع الله أن يخلصها وأن لا يسلط شيئا من نسلي على أحد من شيعتكم فقلت قد فعلت (٤).

١٠ حياة الحيوان ، الذئب يهمز ولا يهمز وأصله الهمز والأنثى ذئبة وجمع القلة أذؤب والكثير ذئاب وذؤبان والأسد والذئب يختلفان في الجوع والصبر عليه ـ (٥) فالأسد شديد النهم حريص شره وهو مع ذلك يحتمل أن يبقى أياما لا يأكل شيئا والذئب وإن كان أقفر منزلا وأقل خصبا وأكثر كدا إذا لم يجد شيئا اكتفى بالنسيم فيقتات به وجوفه يذيب العظم المصمت ولا يذيب نوى التمر ومن عجيب

__________________

(١) حياة الحيوان ١ : ١٢٧ و ١٢٨.

(٢) في المصدر : نهانا.

(٣) حياة الحيوان ١ : ١٣٠.

(٤) الاختصاص : ٣٠٠.

(٥) في المصدر : وللاسد والذئب في الصبر على الجوع ما ليس لغيرهما من الحيوان لكن الأسد.

٧٧

أمره أنه ينام بإحدى عينيه (١) والأخرى يقظى حتى تكتفي العين النائمة من النوم ثم يفتحها وينام بالأخرى ليحترس باليقظى وتستريح النائمة ومتى وطئ ورق العنصل مات من ساعته وعداوته للغنم بحيث إنه إذا اجتمع جلد شاة مع جلد ذئب تمعط جلد الشاة والذئب إذا غلب عليه الجوع عوى فتجتمع له الذئاب ويقف بعضها إلى بعض فمن ولى منها وثب الباقون عليه فأكلوه وإذا عرض للإنسان وخاف العجز عنه عوى عواء استغاثة فتسمعه الذئاب فتقبل على الإنسان إقبالا واحدا وهم سواء في الحرص على أكله فإن أدمى الإنسان واحدا منها وثب الباقون على المدمي فمزقوه وتركوا الإنسان

وروى الحاكم في مستدركه عن أبي سعيد قال : بينما راع يرعى بالحرة إذ عدا الذئب على شاة فحال الراعي بين الذئب وبينها فأقعى الذئب على ذنبه وقال يا عبد الله تحول بيني وبين رزق ساقه الله إلي فقال الرجل يا عجباه ذئب يكلمني فقال ألا أخبرك بأعجب مني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) بين الحرتين يخبر الناس بأنباء ما سبق فزوى الراعي شياهه إلى زاوية من زوايا المدينة ثم أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبره فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الناس فقال صدق والذي نفسي بيده.

قال ابن عبد البر وغيره كلم الذئب من الصحابة ثلاثة رافع بن عميرة وسلمة بن الأكوع وأهبان بن أوس الأسلمي قال ولذلك تقول العرب هو كذئب أهبان يتعجبون منه وذلك أن أهبان بن أوس المذكور كان في غنم له فشد الذئب على شاة منها فصاح به أهبان فأقعى له الذئب وقال أتنزع مني رزقا رزقنيه الله تعالى فقال أهبان ما سمعت ولا رأيت أعجب من هذا ذئب يتكلم فقال (٣) أتعجب من هذا ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين هذه النخلات وأومأ بيده إلى

__________________

(١) في المصدر : باحدى مقلتيه.

(٢) في المصدر : هذا رسول الله « صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

(٣) في المصدر : فقال الذئب.

٧٨

المدينة يحدث بما كان ويكون ويدعو إلى الله وعبادته ولا يجيبونه (١) قال فجئت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأخبرته بالقصة وأسلمت قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حدث به الناس.

قال عبد الله بن أبي داود السجستاني الحافظ فيقال لأهبان مكلم الذئب ولأولاده أولاد مكلم الذئب ومحمد بن الأشعث الخزاعي من ولده واتفق مثل ذلك لرافع بن عميرة وسلمة بن الأكوع

وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : كانت امرأتان معهما ابناهما إذ جاء الذئب فذهب بابن إحداهما فقالت هذه لصاحبتها إنما ذهب بابنك أنت فقالت الأخرى إنما ذهب بابنك أنت فتحاكما إلى داود عليه‌السلام فقضى به للكبرى فخرجتا إلى سليمان بن داود عليه‌السلام فأخبرتاه بذلك فقال ائتوني بالسكين أشقه بينكما (٢) فقالت الصغرى لا يرحمك الله هو ابنها فقضى به للصغرى قال أبو هريرة والله ما سمعت بالسكين قط إلا يومئذ وما كنا نقول إلا المدية.

وفي تاريخ ابن النجار عن وهب بن منبه قال : بينما امرأة من بني إسرائيل على ساحل البحر تغسل ثيابها وصبي لها يدب بين يديها إذا جاء سائل فأعطته لقمة من رغيف كان معها فما كان بأسرع من أن جاء ذئب فالتقم الصبي فجعلت تعدو خلفه وهي تقول يا ذئب ابني يا ذئب ابني فبعث الله ملكا انتزع الصبي من فم الذئب ورمى به إليها وقال لقمة بلقمة.

وهو في الحلية ، عن مالك بن دينار قال : أخذ السبع صبيا لامرأة فتصدقت بلقمة فألقاها السبع فنوديت لقمة بلقمة (٣).

وقال الأرنب واحدة الأرانب وهو حيوان يشبه العناق قصير اليدين طويل الرجلين وهو اسم جنس يطلق على الذكر والأنثى ويقال إنها إذا رأت البحر

__________________

(١) في المصدر : وبما يكون ويدعو الناس إلى الله والى عبادته وهم لا يجيبونه.

(٢) في المصدر : « بينكما نصفين » وفيه : لا ويرحمك الله.

(٣) حياة الحيوان ١ : ٢٦٠ ـ ٢٦٢.

٧٩

ماتت ولذلك لا توجد بالسواحل وهذا لا يصح عندي.

وتزعم العرب في أكاذيبها أن الجن تهرب منها لموضع حيضها والتي تحيض من الحيوان أربع المرأة والضبع والخفاش والأرنب ويقال إن الكلبة تحيض ومن أمثالهم المشهورة قولهم في بيته يؤتى الحكم وهو مما وضعته العرب على ألسنة البهائم :

قالوا إن الأرنب التقطت تمرة فاختلسها الثعلب فأكلها فانطلقا يختصمان إلى الضب فقالت الأرنب يا أبا حسل فقال سميعا دعوت قالت أتيناك لنختصم (١) قال عادلا حكمتما قالت فأخرج إلينا قال في بيته يؤتى الحكم قالت إني وجدت تمرة قال حلوة فكليها قالت فاختلسها الثعلب قال لنفسه بغي الخير قالت فلطمته قال أخذت بحقك قالت فلطمني قال حر انتصر (٢) قالت فاقض بيننا قال قد قضيت فذهبت أقواله كلها مثلا.

ومثل هذا أن عدي بن أرطاة أتى شريحا القاضي في مجلس حكمه فقال أين أنت قال بينك وبين الحائط قال اسمع مني قال للاستماع جلست قال إني تزوجت امرأة قال بالرفاء والبنين قال وشرط أهلها أني لا أخرج من بيتهم قال أوف لهم بالشرط قال فإني أريد الخروج قال في حفظ الله قال فاقض بيننا قال قد فعلت قال فعلى من حكمت قال على ابن أمك قال بشهادة من قال بشهادة ابن أخت خالتك (٣).

وقال الأسد من السباع معروف وجمعه أسود وأسد وأسد والأنثى أسدة وله أسماء كثيرة قال ابن خالويه للأسد خمسمائة اسم وصفة وزاد عليه علي بن قاسم اللغوي مائة وثلاثين اسما وهو أشرف الحيوان المتوحشة إذ منزلته منها منزلة الملك المهاب لقوته وشجاعته وقساوته وشهامته وشراسة خلقه ولذلك يضرب بها

__________________

(١) في المصدر : لنختصم إليك.

(٢) في المصدر : انتصر لنفسه.

(٣) حياة الحيوان ١ : ١٤ و ١٥.

٨٠