بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٣٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

وجد آدميا حيا فإن كان معصوم الدم لم يجز وإن كان كافرا كالذمي والمعاهد وكذا لا يجوز للسيد أكل عبده ولا للوالد أكل ولده وإن لم يكن معصوم الدم كالحربي والمرتد جاز له قتله وأكله وإن كان قتله متوقفا على إذن الإمام لأن ذلك مخصوص بحالة الاختيار وفي معناهما الزاني المحصن والمحارب وتارك الصلاة مستحلا وغيرهم ممن يباح قتله ولو كان له على غيره قصاص ووجده في حالة الاضطرار فله قتله قصاصا وأكله وأما المرأة الحربية وصبيان أهل الحرب ففي جواز قتلهم وأكلهم وجهان ورجح بعض المتأخرين الجواز لأنهم ليسوا بمعصومين وليس المنع من قتلهم في غير حالة الضرورة لحرمة روحهم ولهذا لا يتعلق به كفارة ولا دية بخلاف الذمي والمعاهد وإذا لم يجد المضطر سوى نفسه بأن يقطع فلذة من فخذه ونحوه من المواضع اللحمة فإن كان الخوف فيه كالخوف على النفس بترك الأكل أو أشد حرم القطع قطعا وإن كان أرجى للسلامة ففيه وجهان.

١٦١

٢

(باب)

(علل تحريم المحرمات من المأكولات والمشروبات)

١ ـ الإحتجاج ، عن هشام بن الحكم قال : سأل الزنديق أبا عبد الله عليه‌السلام فقال لم حرم الله الخمر ولا لذة أفضل منها قال حرمها لأنها أم الخبائث ورأس كل شر يأتي على شاربها ساعة يسلب لبه ولا يعرف ربه ولا يترك معصية إلا ركبها ولا حرمة إلا انتهكها ولا رحما ماسة إلا قطعها ولا فاحشة إلا أتاها والسكران زمامه بيد الشيطان إن أمره أن يسجد للأوثان سجد وينقاد حيث ما قاده.

قال فلم حرم الدم المسفوح قال لأنه يورث القساوة ويسلب الفؤاد رحمته ويعفن البدن ويغير اللون وأكثر ما يصيب الإنسان الجذام يكون من أكل الدم.

قال فأكل الغدد قال يورث الجذام.

قال فالميتة لم حرمها قال فرقا بينها وبين ما يذكر اسم الله عليه والميتة قد جمد فيها الدم وتراجع إلى بدنها فلحمها ثقيل غير مريء لأنها يؤكل لحمها بدمها قال فالسمك ميتة قال إن السمك ذكاته إخراجه حيا من الماء ثم يترك حتى يموت من ذات نفسه وذلك أنه ليس له دم وكذلك الجراد (١).

بيان : في القاموس بينهم رحم ماسة قرابة قريبة.

قوله عليه‌السلام فرقا بينها أقول لما كان للموت الذي هو سبب التحريم سببان أحدهما عدم رعاية شرائط الذبح والنحر كالتسمية والاستقبال وثانيهما عدم الذبح والنحر أصلا فذكر عليه‌السلام لكل واحد منهما علة فعلل الأول بعلة دينية روحانية وهو إطاعة أمر الله والبركات المترتبة عليها للبدن والروح في الدنيا والآخرة

__________________

(١) الاحتجاج : ص.

١٦٢

مع أنه يمكن أن يكون لرعاية تلك الشرائط لا سيما التسمية مدخلا في منافع أجزاء الذبيحة وموافقتها للأبدان.

وعلل الثاني بأنه مع عدم الذبح والنحر تتفرق الدماء التي في العروق في اللحم فتؤكل معه فيترتب عليه المفاسد المترتبة على شرب الدم فاعترض السائل بأنه على هذا يلزم حرمة السمك لأنه لا ذبح فيه ولا يخرج عنه الدم فأجاب عليه‌السلام بأنه ليس فيه دم كثير سائل ليحتاج إلى الذبح لإخراجه والدم القليل الذي فيه كالدم المتخلف في اللحم فيما له نفس سائلة فكما لا يضر الدم المتخلف ولا يحرم أكله فكذا هذا الدم.

٢ ـ العلل ، والمجالس ، للصدوق عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن محمد بن عذافر عن أبيه قال : قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه‌السلام لم حرم الله الميتة والدم ولحم الخنزير والخمر (١) فقال إن الله تبارك وتعالى لم يحرم ذلك على عباده وأحل لهم ما سوى ذلك من رغبة فيما أحل لهم ولا زهد فيما حرم عليهم ولكنه عز وجل خلق الخلق وعلم (٢) ما تقوم به أبدانهم وما يصلحها (٣) فأحله لهم وأباحه وعلم ما يضرهم فنهاهم عنه (٤) ثم أحله للمضطر في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلا به فأحله له بقدر البلغة (٥) لا غير ذلك ثم قال عليه‌السلام أما الميتة فإنه لم ينل أحد منها إلا ضعف بدنه وأوهنت قوته وانقطع نسله ولا يموت آكل الميتة إلا فجأة

__________________

(١) الفاظ الحديث من المجالس ، واما هي في العلل فتختلف مع المجالس في بعض المواضع منها هاهنا ففيه : محمد بن عذافر عن بعض رجاله عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : لم حرم الله عز وجل الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير.

(٢) في المصدرين : فعلم.

(٣) في المصدرين والاختصاص : وما يصلحهم.

(٤) في العلل والاختصاص : فنهاهم عنه وحرمه عليهم.

(٥) في العلل والاختصاص : فأمره أن ينال منه بقدر البلغة.

١٦٣

وأما الدم فإنه يورث أكله الماء الأصفر ويورث الكلب (١) وقساوة القلب وقلة الرأفة والرحمة ثم لا يؤمن على حميمه ولا يؤمن على من صحبه وأما لحم الخنزير فإن الله تبارك وتعالى مسخ قوما في صور شتى مثل الخنزير والقرد والدب ثم نهى عن أكل المثلة (٢) لكيلا ينتفع بها ولا يستخف بعقوبتها وأما الخمر فإنه حرمها لفعلها وفسادها ثم قال عليه‌السلام إن مدمن الخمر كعابد وثن ويورثه الارتعاش ويهدم مروءته وتحمله على التجسر (٣) على المحارم من سفك الدماء وركوب الزنا حتى لا يؤمن إذا سكر أن يثب على حرمه وهو لا يعقل ذلك والخمر لا تزيد شاربها إلا كل شر (٤).

العلل ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى وإبراهيم بن هاشم جميعا عن ابن بزيع عن محمد بن عذافر عن أبيه عن أبي جعفر عليه‌السلام سواء (٥).

أقول روي في العلل الخبر بالسند الأول وفيه عن بعض رجاله مكان عن أبيه.

الإختصاص ، عن محمد بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله (٦).

__________________

(١) الكلب : العطش الشديد وداء يشبه الجنون يأخذ الكلاب فتعض الناس ، ويعرض ذلك للإنسان الذي عضه ذلك الكلب.

(٢) في نسخة من المجالس وفي الاختصاص : عن أكل مثله.

(٣) في المصدرين : على أن يجسر.

(٤) علل الشرائع ٢ : ١٦٩ و ١٧٠ ، المجالس : ٣٩٥ ( م ٩٥ ).

(٥) علل الشرائع ٢ : ١٧٠.

(٦) الاختصاص : ١٠٣ فيه : « من رغبة فيما حرم عليهم ولا رهبة فيما أحل لهم » وفيه : « وأباحه لهم تفضلا منه عليهم لمصلحتهم » وفيه : « ثم أباحه للمضطر واحله له في الوقت » وفيه « فانها لا يدنو منها أحد ولا يأكل الاضعف بدنه ونحل جسمه وذهبت قوته وانقطع نسله ولا يموت إلا فجأة » وفيه : « واما الدم فانه يورث أكله الماء الأصفر ويبخر الفم وينتن الريح ويسيء الخلق ويورث الكلب والقسوة للقلب وقلة الرأفة والرحمة حتى لا يؤمن أن يقتل ولده ووالديه ولا يؤمن على حميمه وعلى من صحبه » وفيه : « فى صورة شيء شبه الخنزير والقرد والدب وكان من الامساخ » وفيه : يذهب بقوته ويهدم مروءته.

١٦٤

العياشي ، عن محمد بن عبد الله عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله (١).

العلل ، لمحمد بن علي بن إبراهيم عن أبيه عن جده إبراهيم بن هاشم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن عمر بن عثمان عن محمد بن علي عن بعض أصحابنا قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام وذكر مثله (٢).

٣ ـ العيون ، والعلل ، عن علي بن أحمد بن محمد عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن محمد بن إسماعيل البرمكي عن علي بن العباس عن القاسم بن ربيع وروى في العيون عن محمد بن علي ماجيلويه عن عمه عن محمد بن علي الكوفي عن محمد بن سنان قال وحدثنا علي بن أحمد الدقاق ومحمد بن أحمد السناني وعلي بن عبد الله الوراق والحسين بن إبراهيم المكتب رضي الله عنهم عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن محمد بن إسماعيل عن علي بن العباس عن القاسم بن الربيع عن محمد بن سنان وحدثنا علي بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي وعلي بن عيسى المجاور في مسجد الكوفة ومحمد بن موسى البرقي عن علي بن محمد ماجيلويه عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن محمد بن سنان عن الرضا عليه‌السلام أنه كتب إليه حرم الخنزير لأنه مشوه جعله عز وجل عظة للخلق وعبرة وتخويفا ودليلا على ما مسخ على خلقته ولأن غذاءه أقذر الأقذار مع علل كثيرة وكذلك حرم القرد لأنه مسخ مثل الخنزير جعل عظة وعبرة للخلق دليلا على ما مسخ على خلقته وصورته وجعل فيه شبها من الإنسان ليدل على أنه (٣) من الخلق المغضوب عليهم.

وكتب إليه أيضا من جواب مسائله حرمت الميتة لما فيها من إفساد الأبدان والآفة ولما أراد الله عز وجل أن يجعل التسمية سببا للتحليل وفرقا بين الحلال والحرام وحرم الله عز وجل الدم كتحريم الميتة لما فيه من فساد الأبدان ولأنه يورث الماء الأصفر ويبخر الفم وينتن الريح ويسيء الخلق ويورث القسوة للقلب

__________________

(١) تفسير العياشي : ج ١ ص ٢٩١.

(٢) العلل مخطوط ليست نسخته عندي.

(٣) في النسخة المخطوطة : دليلا على انه.

١٦٥

وقلة الرأفة والرحمة حتى لا يؤمن أن يقتل ولده ووالده وصاحبه وحرم الطحال لما فيه من الدم ولأن علته وعلة الدم والميتة واحدة لأنه يجري مجراها في الفساد (١).

بيان : قوله ولما أراد الله أشار إلى العلة الدينية التي ذكرناها في الخبر الأول.

٤ ـ فقه الرضا ، قال عليه‌السلام اعلم يرحمك الله أن الله تبارك وتعالى لم يبح أكلا ولا شربا إلا ما فيه من المنفعة والصلاح ولم يحرم إلا ما فيه الضرر والتلف والفساد فكل نافع مقو للجسم فيه قوة للبدن فحلال وكل مضر يذهب بالقوة أو قاتل فحرام مثل السموم والميتة والدم ولحم الخنزير وذي ناب من السباع ومخلب من الطير وما لا قانصة له منها ومثل البيض إذ استوى طرفاه والسمك الذي لا فلوس له فحرام كله إلا عند الضرورة والعلة في تحريم الجري وما أجري مجراه من سائر المسوخ البرية والبحرية ما فيها من الضرر للجسم لأن الله تقدست أسماؤه مثل على صورها مسوخا فأراد أن لا يستخف بمثله والميتة تورث الكلب وموت الفجأة والأكلة والدم يقسي القلب ويورث الداء الدبيلة وأما السموم فقاتلة والخمر تورث قساوة القلب ويسود الأسنان ويبخر الفم ويبعد من الله ويقرب من سخطه وهو من شراب إبليس وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شارب الخمر ملعون شارب الخمر كعبدة أوثان يحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان (٢).

٥ ـ العلل ، عن علي بن أحمد عن محمد بن أبي عبد الله عن محمد بن إسماعيل عن علي بن العباس عن القاسم بن الربيع عن محمد بن سنان قال : كتب إليه الرضا عليه‌السلام فيما كتب إليه من العلل إنا وجدنا كل ما أحل الله تبارك وتعالى ففيه صلاح العباد وبقاؤهم ولهم إليه الحاجة التي لا يستغنون عنها ووجدنا المحرم من الأشياء لا حاجة للعباد

__________________

(١) علل الشرائع ٢ : ١٧٠ و ١٧١.

(٢) فقه الرضا :.

١٦٦

إليه ووجدناه مفسدا داعيا إلى الفناء والهلاك ثم رأيناه تبارك وتعالى قد أحل بعض ما حرم في وقت الحاجة لما فيه من الصلاح في ذلك الوقت نظير ما أحل من الميتة والدم ولحم الخنزير إذا اضطر إليه المضطر لما في ذلك الوقت من الصلاح والعصمة ودفع الموت فكيف الدليل على أنه لم يحل ما يحل إلا ما فيه من المصلحة للأبدان وحرم ما حرم لما فيه من الفساد (١).

أقول : تمام الخبر مع ما يؤيد ذلك من الأخبار أوردناها في باب علل الشرائع والأحكام من كتاب العدل.

__________________

(١) علل الشرائع ٢ : ٢٧٩.

١٦٧

٣

(باب)

(ما يحل من الطيور وسائر الحيوان وما لا يحل)

١ ـ الخصال ، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحكم بن مسكين عن أبي سعيد المكاري عن سلمة بياع الجواري قال : سألني رجل من أصحابنا أن أقوم له في بيدر وأحفظه فكان إلى جانبي دير فكنت أقوم إذا زالت الشمس فأتوضأ وأصلي فناداني الديراني ذات يوم فقال ما هذه الصلاة التي تصلي فما أرى أحدا يصليها فقلت أخذناها عن ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال وعالم هو فقلت نعم فقال سله عن ثلاث خصال عن البيض أي شيء يحرم منه وعن السمك أي شيء يحرم منه وعن الطير أي شيء يحرم منه قال فحججت من سنتي فدخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام فقلت له إن رجلا سألني أن أسألك عن ثلاث خصال قال وما هي قلت قال لي سله عن البيض أي شيء يحرم منه وعن السمك أي شيء يحرم منه وعن الطير أي شيء يحرم منه فقال قل له أما البيض كل ما لم تعرف رأسه من استه فلا تأكله وأما السمك فما لم يكن له قشر فلا تأكله وأما الطير فما لم تكن له قانصة فلا تأكله قال فرجعت من مكة فخرجت إلى الديراني متعمدا فأخبرته بما قال فقال هذا والله نبي أو وصي نبي.

قال الصدوق رحمه‌الله يؤكل من طير الماء ما كانت له قانصة أو صيصية ويؤكل من طير البر ما دف ولا يؤكل ما صف فإن كان الطير يصف ويدف وكان دفيفه أكثر من صفيفه أكل وإن كان صفيفه أكثر من دفيفه لم يؤكل (١).

بيان : المعروف بين الأصحاب أن بيض الطيور تابع لها في الحل أو الحرمة ومع الاشتباه يؤكل ما اختلف طرفاه ولا يؤكل ما اتفقا ويدل عليه أخبار كثيرة

__________________

(١) الخصال ج ١ ص ١٣٩ و ١٤٠.

١٦٨

وسيأتي حكم السمك إن شاء الله.

وقال الجوهري القانصة واحدة القوانص وهي للطير بمنزلة المصارين لغيرها وقال المصير المعا وهو فعيل والجمع المصران مثل رغيف ورغفان والمصارين جمع الجمع انتهى.

ويظهر من حديث سماعة أنها بمنزلة المعدة للإنسان حيث روي عن الرضا عليه‌السلام أنه قال : كل من طير البر ما كان له حوصلة ومن طير الماء ما كانت له قانصة كقانصة الحمام لا كمعدة الإنسان.

وقال الشهيد الثاني قدس‌سره والصيصية بكسر أوله بغير همز الإصبع الزائدة في باطن رجل الطائر بمنزلة الإبهام من بني آدم لأنها شوكته ويقال للشوكة صيصية أيضا انتهى.

ثم اعلم أن المعروف من مذهب الأصحاب أنه يحرم من الطير ما كان صفيفه في الطيران أكثر من دفيفه ولو تساويا أو كان الدفيف أكثر لم يحرم والمتساوي غير مذكور في الروايات وكأنه لندرة وقوعه وصعوبة استعلامه لكن يدل على الحل عموم الآيات والروايات والمعروف من مذهبهم أيضا أن ما ليست له قانصة ولا حوصلة ولا صيصية فهو حرام وما له إحداها فهو حلال ولا فرق فيه وفي الضابطة السابقة بين طير البر والماء.

وقال الشهيد الثاني رحمه‌الله عند قول المحقق قدس الله روحه وما له أحدها فهو حلال ما لم ينص على تحريمه نبه بقوله ما لم ينص على تحريمه على أن هذه العلامات إنما تعتبر في الطائر المجهول أما ما نص على تحريمه فلا عبرة فيه بوجود هذا والظاهر أن الأمر لا يختلف ولا يعرف طير محرم له أحد هذه ومحلل خال عنها لكن المصنف رحمه‌الله تبع في ذلك مورد النص حيث قال الرضا عليه‌السلام والقانصة والحوصلة يمتحن بها من الطير ما لا يعرف طيرانه وكل طير مجهول.

ثم قال يقال دف الطائر في طيرانه إذا حرك جناحيه كأنه يضرب بهما

١٦٩

دفه يعني جنبه وصف إذا لم يتحرك كما تفعل الجوارح.

وقال الحوصلة بتشديد اللام وتخفيفها ما يجمع فيها الحب مكان المعدة لغيره.

٢ ـ الخصال ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى اليقطيني عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن عن أبي بصير ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله عن آبائه قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام تنزهوا عن أكل الطير الذي ليست له قانصة ولا صيصية ولا حوصلة واتقوا كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير (١).

توضيح المراد بذي الناب كل ما له ناب أو الناب الذي يفترس به قال في المصباح الناب من الإنسان هو الذي يلي الرباعيات قال ابن سينا ولا يجمع في حيوان ناب وقرن معا.

وقال الشهيد الثاني رحمه‌الله المراد من ذي الناب الذي يعدو به على الحيوان ويقوى به وهو شامل للضعيف منه والقوي فيدخل فيه الكلب والأسد والنمر والفهد والدب والقرد والفيل والذئب والثعلب والضبع وابن آوى لأنها عادية بأنيابها وخالف في الجميع مالك فكره السباع كلها من غير تحريم ووافقنا أبو حنيفة على تحريم جميع ذلك وفرق الشافعية بين ضعيف الناب منها كالثعلب والضبع وابن آوى وقويها فحرم الثاني دون الأول انتهى.

وفي القاموس المخلب ظفر كل سبع من الماشي والطائر أو هو لما يصيد من الطير والظفر لما لا يصيد انتهى.

وعد المحقق قدس نفسه من محرمات الطير ما كان له مخلاب يقوى به على الطير كالبازي والصقر والعقاب والشاهين والباشق أو ضعيفا كالنسر والرخمة والبغاث وقال في المسالك تحريم ما كان له مخلاب من الطير عندنا موضع وفاق ومالك على أصله في حله.

٣ ـ العلل ، عن علي بن أحمد عن محمد بن أبي عبد الله عن محمد بن إسماعيل عن

__________________

(١) الخصال ٢ : ٦١٥ والحديث من اجزاء حديث اربعمائة.

١٧٠

علي بن العباس عن القاسم بن الربيع عن محمد بن سنان أن الرضا عليه‌السلام كتب إليه حرم سباع الطير والوحوش كلها لأكلها من الجيف ولحوم الناس والعذرة وما أشبه ذلك فجعل الله عز وجل دلائل ما أحل من الوحش والطير وما حرم كما قال أبي عليه‌السلام كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير حرام وكل ما كان له قانصة من الطير فحلال.

وعلة أخرى تفرق بين ما أحل من الطير وما حرم قوله كل ما دف ولا تأكل ما صف وحرم الأرنب لأنها بمنزلة السنور ولها مخالب كمخالب السنور وسباع الوحوش فجرت مجراها في قذرها في نفسها وما يكون منها من الدم كما يكون من النساء لأنها مسخ (١).

العيون ، بالأسانيد المتقدمة في الباب السابق عن ابن سنان مثله (٢).

توضيح فجعل الله المفعول الثاني لجعل قوله كل ذي ناب إلخ أي لما كانت العلة في حرمتها افتراسها الحيوانات وأكلها اللحوم جعل الفرق بينها وبين غيرها ما يدل عليه من الناب والمخلب وكذا القانصة دليل على أكلها الحبوب دون اللحوم فإن ما يأكل اللحم فله معدة كمعدة الإنسان وقوله عليه‌السلام وعلة أخرى يمكن أن يكون بيانا لقاعدة أخرى ذكرها استطرادا فيكون المراد بالعلة القاعدة توسعا أو يكون الصفيف أيضا من علامات الجلادة والسبعية كما هو الظاهر ويحتمل أن يكون وعلة أخرى كلام ابن سنان لكنه بعيد وقوله عليه‌السلام وما يكون منها كأنه معطوف على أنها فيكون علة أخرى للتحريم ويحتمل أن يكون الموصول مبتدأ وقوله لأنها مسخ خبر فيستفاد منها علة للتحريم أيضا.

٤ ـ قرب الإسناد ، عن عبد الله بن الحسن عن علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن لحوم الحمر الأهلية أتؤكل قال نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإنما نهى عنها

__________________

(١) علل الشرائع : ١٦٧ و ١٦٨ فيه : وسباع الوحش.

(٢) عيون الأخبار : ج ٢ ص ٩٣.

١٧١

لأنهم كانوا يعملون عليها فكره أن يفنوها (١).

كتاب المسائل ، بإسناده مثله (٢).

بيان : المعروف بين الأصحاب حتى كاد أن يكون إجماعا حل لحوم الخيل والبغال والحمير الأهلية وذهب أبو الصلاح إلى تحريم البغال والأشهر أقوى لعموم الآيات وخصوص الأخبار واختلف في أشدها كراهة بعد اتفاقهم على كراهة الجميع فقيل البغال وقال الحمير وكان الأقرب الأخير.

٥ ـ العلل ، عن جعفر بن محمد بن مسرور عن الحسين بن محمد بن عامر عن المعلى بن محمد البصري عن بسطام بن مرة عن إسحاق بن حسان عن الهيثم بن واقد عن علي بن الحسن العبدي عن أبي سعيد الخدري (٣) أنه سئل ما قولك في هذا السمك الذي يزعم إخواننا من أهل الكوفة أنه حرام فقال أبو سعيد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول الكوفة جمجمة العرب ورمح الله تبارك وتعالى وكنز الإيمان فخذ عنهم أخبرك عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مكث (٤) بمكة يوما وليلة بذي طوى ثم خرج وخرجت معه فمررنا برفقة جلوس يتغدون فقالوا يا رسول الله الغداء فقال لهم أفرجوا لنبيكم فجلس بين رجلين وجلست وتناول رغيفا فصدع نصفه ثم نظر إلى أدمهم فقال ما أدمكم فقالوا الجريث يا رسول الله فرمى بالكسرة من يده وقام.

قال أبو سعيد وتخلفت بعده لأنظر ما رأى الناس فاختلف الناس فيما بينهم فقالت طائفة حرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الجريث وقالت طائفة لم يحرمه ولكن عافه ولو كان حرمه لنهانا عن أكله قال فحفظت مقالة القوم وتبعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) قرب الإسناد : ١١٧.

(٢) بحار الأنوار ١٠ :.

(٣) رواه الكليني في فروع الكافي ٦ : ٢٤٣ عن الحسين بن محمد. وفيه : على بن الحسن العبدى عن ابى هارون عن ابى سعيد الخدري.

(٤) في المصدر : « انه مكث » وفي الكافي : اخبرك ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مكث بمكة يوما وليلة يطوى.

١٧٢

حتى لحقته ثم غشينا رفقة أخرى يتغدون فقالوا يا رسول الله الغداء فقال نعم (١) أفرجوا لنبيكم فجلس بين رجلين وجلست معه فلما تناول كسرة القوم نظر إلى أدمهم فقال ما أدمكم هذا قالوا ضب يا رسول الله فرمى بالكسرة وقام قال أبو سعيد فتخلفت بعده فإذا بالناس (٢) فرقتان قال فرقة حرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الضب فمن هناك لم يأكله وقالت فرقة أخرى إنما عافه ولو حرمه لنهانا عنه قال ثم تبعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى لحقته فمررنا بأصل الصفا وفيها قدور تغلي فقالوا يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لو تكرمت علينا حتى تدرك قدورنا قال وما في قدوركم قالوا حمر لنا كنا نركبها فقامت فذبحناها فدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من القدور فأكفأها برجله ثم انطلق جوادا وتخلفت بعده فقال بعضهم حرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لحم الحمر وقال بعضهم كلا إنما أفرغ قدوركم حتى لا تعودوه فتذبحوا دوابكم قال أبو سعيد فتبعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال يا با سعيد ادع بلالا فلما جاءه بلال (٣) قال يا بلال اصعد أبا قبيس فناد عليه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حرم الجري والضب والحمر الأهلية ألا فاتقوا الله ولا تأكلوا من السمك إلا ما كان له قشر ومع القشر فلوس إن الله تبارك وتعالى مسخ سبعمائة أمة عصوا الأوصياء بعد الرسل فأخذ أربعمائة أمة منهم برا وثلاثمائة منهم بحرا ثم تلا هذه الآية « فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ » (٤).

توضيح جمجمة العرب أي محل جماجم العرب وأشرافها والتشبيه بالرمح لأنها بها يدفع الله البلايا عن العرب في القاموس الجمجمة بالضم القحف والجماجم السادات والقبائل التي تنسب إليها البطون وفي النهاية يقال للسادات جماجم ومنه

__________________

(١) في الكافي : فقال لهم : نعم افرجوا.

(٢) في الكافي : فاذا الناس.

(٣) في المصدر : فلما جئته ببلال.

(٤) علل الشرائع ٢ : ١٤٦ و ١٤٧ ، والآية في سبا : ١٩.

١٧٣

حديث عمر ائت الكوفة فإن بها جمجمة العرب أي ساداتها لأن الجمجمة الرأس وهو أشرف الأعضاء وقيل جماجم العرب التي تجمع البطون فتنسب إليها وقال فيه السلطان ظل الله ورمحه استوعب بهاتين الكلمتين نوعي ما على الوالي للرعية أحدهما الانتصار من الظالم والإعانة والآخر إرهاب العدو ليرتدع عن قصد الرعية وأذاهم ويأمنوا بمكانه من الشر والعرب تجعل الرمح كناية عن الدفع والمنع وفي القاموس ذو طوى مثلثة الطاء وينون موضع قرب مكة وفي النهاية بضم الطاء وفتح الواو المخففة موضع عند باب مكة يستحب لمن دخل مكة أن يغتسل به انتهى (١).

وفي الكافي يطوي بصيغة المضارع من طوى من الجوع يطوي طوى فهو طاو أي خالي البطن جائع لم يأكل.

الغداء بالنصب أي احضر وتغد معنا وفي المصباح الإدام ما يؤتدم به مائعا كان أو جامدا وجمعه أدم مثل كتاب وكتب يسكن للتخفيف فيعامل معاملة المفرد ويجمع على آدام مثل قفل وأقفال والجريث كسكيت سمك لا فلس له.

وفي القاموس عاف الطعام أو الشراب وقد يقال في غيرهما يعافه ويعيفه كرهه فلم يشربه وفي الكافي وتبعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جوادا.

قال في النهاية فيه في حديث سليم بن صرد فسرت إليه جوادا أي سريعا كالفرس الجواد ويجوز أن يريد سيرا جوادا كما يقال سرنا عقبه جوادا أي بعيدة (٢).

ثم غشينا بالكسر بصيغة المتكلم من غشيه أي جاءه.

قوله لو تكرمت علينا في الكافي لو عرجت علينا في النهاية فيه لم أعرج عليه أي لم أقم ولم أحتبس (٣) حتى تدرك قدورنا برفع القدور من قولهم

__________________

(١) النهاية ٣ : ٥٤.

(٢) النهاية ١ : ٢١٦.

(٣) النهاية ٣ : ٨٩.

١٧٤

أدرك الشيء أي بلغ وقته كقولهم إدراك الثمرات أو بالنصب أي تلحقها وتأكلها وعلى التقديرين المراد بالقدور وما فيها ويقال قامت الدابة أي وقفت حتى لا تعودوه من باب التفعيل من العادة وفي الكافي كيلا تعودوا (١) من العود قوله فبعث في أكثر نسخ الكافي فبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلي فلما جئته قال يا با سعيد وكأن المراد بالقشر الجلد الصلب (٢) « فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ » الآية في قصة قوم سبأ أي جعلناهم بحيث يتعجب الناس بهم تعجبا وضرب مثل فيقولون تفرقوا أيدي سبأ « وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ » أي فرقناهم غاية التفريق حتى لحق غسان منهم بالشام وأنمار بيثرب وجذام بتهامة والأزد بعمان ولعل تحريم الحمر محمول على الكراهية الشديدة أو على النسخ بأن كانت محرمة ثم نسخ.

٦ ـ العلل ، عن أبيه عن محمد بن أبي القاسم عن محمد بن علي الكوفي عن عبد الرحمن بن سالم عن المفضل بن عمر قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام أخبرني لم حرم الله عز وجل لحم الخنزير قال إن الله تبارك وتعالى مسخ قوما في صور شتى مثل الخنزير والقرد والدب ثم نهى عن أكل المثلة لكيلا ينتفع بها ولا يستخف بعقوبته (٣).

٧ ـ العلل ، والعيون ، بالأسانيد المتقدمة عن محمد بن سنان فيما رواه من العلل أنه كتب الرضا عليه‌السلام إليه أحل الله عز وجل البقر والغنم والإبل لكثرتها وإمكان وجودها وتحليل بقر الوحش وغيرها من أصناف ما يؤكل من الوحش المحللة لأن غذاءها غير مكروه ولا محرم ولا هي مضرة بعضها ببعض ولا مضرة بالإنس ولا في خلقها تشويه (٤).

__________________

(١) في الكافي : حتى لا تعودوا.

(٢) ولعله الذي يقال له بالفارسية ، پولك وفلس.

(٣) علل الشرائع ٢ : ١٧٠.

(٤) علل الشرائع ٢ : ٢٤٨.

١٧٥

٨ ـ الخصال ، عن ستة من مشايخه (١) منهم أحمد بن الحسن القطان عن أحمد بن يحيى بن زكريا عن بكر بن عبد الله بن حبيب عن تميم بن بهلول عن أبي معاوية عن الأعمش عن الصادق عليه‌السلام قال : كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير فأكله حرام (٢).

٩ ـ العيون ، عن عبد الواحد بن عبدوس عن علي بن محمد بن قتيبة عن الفضل بن شاذان فيما كتب الرضا عليه‌السلام للمأمون يحرم كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير (٣).

١٠ ـ العلل ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن ابن أبي عمير أن ابن أذينة عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن أكل الحمر الأهلية فقال نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن أكلها يوم خيبر وإنما نهى عن أكلها لأنها كانت حمولة للناس وإنما الحرام ما حرم الله عز وجل في القرآن (٤).

بيان : لعل الحصر إضافي أو المعنى ما حرم الله في القرآن أعم من أن يكون في ظهر القرآن ونفهمه أو في بطنه وبينه الحجج عليهم‌السلام لنا.

١١ ـ العلل ، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن حماد عن حريز عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن أكل لحوم الحمر وإنما نهى عنها من أجل ظهورها مخافة أن يفنوها وليست الحمير بحرام ثم قرأ هذه الآية « قُلْ لا » (٥) « أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَ

__________________

(١) هم أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي وأحمد بن الحسن ومحمد بن أحمد السنائى والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب وعبد الله بن محمد الصائغ وعلي بن عبد الله الوراق عن ابى العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان.

(٢) الخصال ٢ : ٦٠٣ و ٦٠٩.

(٣) عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٦٢.

(٤) علل الشرائع ٢ : ١٤٩ و ٢٥٠.

(٥) الأنعام : ١٤٥.

١٧٦

مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ » إلى آخر الآية (١).

المقنع ، مرسلا مثله (٢).

١٢ ـ العلل ، عن أبيه عن عبد الله بن جعفر الحميري عن هارون بن مسلم عن أبي الحسن الليثي عن جعفر بن محمد عليه‌السلام قال : سئل أبي عليه‌السلام عن لحوم الحمر الأهلية قال نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن أكلها لأنها كانت حمولة الناس (٣) يومئذ وإنما الحرام ما حرم الله في القرآن (٤).

١٣ ـ العيون ، والعلل ، بالأسانيد المتقدمة (٥) عن محمد بن سنان فيما رواه من العلل قال : كتب إليه الرضا عليه‌السلام كره أكل لحوم البغال والحمر الأهلية لحاجة الناس إلى ظهورها واستعمالها والخوف من إفنائها لقلتها لا لقذر خلقتها ولا قذر غذائها (٦).

١٤ ـ العلل ، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن عبد الله بن الصلت عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا تأكل جريثا ولا مارماهيجا ولا طافيا ولا إربيان ولا طحالا لأنه بيت الدم ومضغة الشيطان (٧).

بيان : الجريث كسكيت سمك وقيل هو الجري كذمي وهما والمارماهي أسماء لنوع واحد من السمك غير ذي فلس قال الدميري والجريث بكسر الجيم والراء المهملة وبالثاء المثلثة هو هذا السمك الذي يشبه الثعبان وجمعه جراري ويقال له أيضا الجري بالكسر والتشديد وهو نوع من السمك يشبه الحية ويسمى بالفارسية مارماهي انتهى وظاهر الخبر مغايرة الجريث للمارماهيج وهو معرب

__________________

(١) علل الشرائع ٢ : ٢٥٠.

(٢) المقنع.

(٣) في المصدر : « للناس » وزاد في نسخة في آخر الحديث : والا فلا.

(٤) علل الشرائع ٢ : ٢٥٠.

(٥) في الخبر الثالث.

(٦) علل الشرائع ٢ : ٢٥٠ فيه : « والخوف من فنائها » عيون الأخبار :.

(٧) علل الشرائع ٢ : ٢٤٩.

١٧٧

المارماهي ويمكن أن يكون العطف للتفسير وظاهر بعض الأصحاب أيضا المغايرة والطافي الذي يموت في الماء ويعلو فوقه والإربيان بالكسر سمك كالدود ذكره الفيروزآبادي.

وأقول المشهور حله وله فلس ويأكله أهل البحرين ويذكرون له خواصا كثيرة قال الدميري روبيان هو سمك صغار جدا أحمر وذكر له خواصا.

وقال العلامة رحمه‌الله في التحرير يجوز أكل الإربيان بكسر الألف وهو أبيض كالدود وكالجراد انتهى.

ولعل الخبر محمول على الكراهة والمضغة بالضم القطعة من اللحم قدر ما يمضغ وإنما نسب إلى الشيطان لأن إبراهيم عليه‌السلام أعطاه إبليس كما سيأتي إن شاء الله.

١٥ ـ العيون ، والعلل ، عن محمد بن عمر البصري عن محمد بن عبد الله بن جبلة الواعظ عن عبد الله بن أحمد بن عامر عن أبيه عن الرضا عليه‌السلام عن آبائه في حديث أسئلة الشامي أمير المؤمنين عليه‌السلام قال قد نهى عن أكل الصرد والخطاف (١).

١٦ ـ المحاسن ، عن أبيه عن صفوان عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام وسئل عن لحم الخيل والبغال والحمر فقال حلال ولكن تعافونها (٢).

١٧ ـ ومنه ، عن علي بن الحكم عن داود الرقي قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه‌السلام أسأله عن لحوم البخت وألبانهن فكتب لا بأس (٣).

بيان : في القاموس البخت بالضم الإبل الخراسانية كالبختية والجمع بخاتي وبخاتي وبخات انتهى وربما يفهم من نفي البأس الكراهة وفيه نظر نعم نفيه لا ينافي الكراهة في عرف الأخبار إن كان عموم النكرة في سياق النفي يقتضي الكراهة

__________________

(١) علل الشرائع ٢ : ٢٨١. عيون الأخبار ج ١ ص ٢٤٣.

(٢ و ٣) المحاسن : ٤٧٣.

١٧٨

أيضا لأنها بأس.

وقال في الدروس قال ابن إدريس والفاضل بكراهة الحمار الوحشي والحلي بكراهة الإبل والجواميس والذي في مكاتبة أبي الحسن عليه‌السلام في لحم حمر الوحش تركه أفضل وروي في لحم الجاموس لا بأس به انتهى.

وأقول الذي وجدته في الكافي لأبي الصلاح رحمه‌الله يكره أكل الجواميس والبخت وحمر الوحش والأهلية انتهى.

فنسبه الشهيد قدس‌سره إليه القول بكراهة مطلق الإبل سهو وكيف يقول بذلك مع أن مدار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة عليهم‌السلام كان على أكل لحومها والتضحية بها لكن الغالب في تلك البلاد الإبل العربية لا الخراسانية والقول بكراهة لحم البخاتي له وجه.

لما رواه الكليني بسند فيه ضعف عن سليمان الجعفري عن أبي الحسن عليه‌السلام قال سمعته يقول لا آكل لحوم البخاتي ولا آمر أحدا بأكلها

١٨ ـ فقه الرضا ، قال عليه‌السلام يؤكل من الطير ما يدف بجناحيه ولا يؤكل ما يصف وإن كان الطير يدف ويصف وكان دفيفه أكثر من صفيفه أكل وإن كان صفيفه أكثر من دفيفه لم يؤكل (١).

١٩ ـ العياشي ، عن عبد الله بن أبي يعفور قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول من زرع حنطة في أرض فلم يزك في زرعه أو خرج زرعه كثير الشعير فبظلم عمله في ملك رقبة الأرض أو بظلم مزارعه وأكرته لأن الله يقول « فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ » يعني لحوم الإبل والبقر والغنم وقال إن إسرائيل كان إذا أكل من لحوم الإبل هيج عليه وجع الخاصرة فحرم على نفسه لحم الإبل وذلك من قبل أن تنزل التوراة فلما أنزلت التوراة لم يحرمه ولم يأكله (٢).

بيان : الاستشهاد بالآية من جهة أن بني إسرائيل لما علموا بالمعاصي حرم الله

__________________

(١) فقه الرضا :.

(٢) تفسير العياشي ج ١ ص ٢٨٤.

١٧٩

عليهم بعض ما أحل لهم ولما لم يكن في هذه الأمة نسخ لم يحرم عليهم ولكن حرمهم الطيبات وسلب عنهم البركات وعلى القول بأن الله لم يحرم عليهم ولكن حرموا على أنفسهم فالمعنى أن الله سلب عنهم التوفيق حتى حرموها على أنفسهم فحرموا بذلك من الطيبات فالاستشهاد بالآية أظهر ولم يأكله أي موسى عليه‌السلام بقرينة المقام أو إسرائيل.

٢٠ العياشي ، عن وهب بن وهب عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا سئل عن أكل لحم الفيل والدب والقرد فقال ليس هذا من بهيمة الأنعام التي تؤكل (١).

٢١ ـ ومنه ، عن أيوب بن نوح بن دراج قال : سألت أبا الحسن الثالث عن الجاموس وأعلمته أن أهل العراق يقولون إنه مسخ فقال أوما سمعت قول الله « وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ ».

وكتبت إلى أبي الحسن عليه‌السلام بعد مقدمي من خراسان أسأله عما حدثني به أيوب في الجاموس فكتب هو ما قال لك (٢).

بيان : ظاهره أن الاثنين من البقر الجاموس والنوع المأنوس وهذا التفسير لم أره في كلام المفسرين ويحتمل أن يكون المراد أن الله أحل البقر الأهلي والوحشي أو الذكر والأنثى من الأهلي والجاموس صنف من الأهلي كما صرح به الدميري وغيره فإطلاق الآية يشمله وقوله وكتبت كلام الراوي عن أيوب ومن أسقط السند أسقطه.

٢٢ ـ العياشي ، عن حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سئل عن سباع الطير والوحش حتى ذكرنا القنافذ والوطواط والحمير والبغال والخيل فقال ليس الحرام إلا ما حرم الله في كتابه وقال نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن أكل لحوم الحمير وإنما نهاهم من أجل ظهورهم أن يفنوه وليس الحمير بحرام وقال اقرأ هذه الآية « قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ

__________________

(١) تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٠.

(٢) تفسير العياشي ج ١ ص ٣٨٠.

١٨٠