بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٣٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

وروى الطبراني في معجمه (١) عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في آخر الزمان تأتي المرأة فتجد زوجها قد مسخ قردا لأنه لا يؤمن بالقدر.

واختلف العلماء في الممسوخ هل يعقب أم لا على قولين أحدهما نعم وهو قول الزجاج والقاضي أبي بكر المغربي المالكي وقال الجمهور لا يكون ذلك قال ابن عباس لم يعش ممسوخ قط أكثر من ثلاثة أيام ولا يأكل ولا يشرب (٢).

وقال الخنزير مشترك بين البهيمة والسبعية فالذي فيه من السبع الناب وأكل الجيف والذي فيه من البهيمة الظلف وأكل العشب والعلف ويقال أنه ليس لشيء من ذوات الأذناب (٣) ما للخنزير من قوة نابه حتى أنه يضرب بنابه صاحب السيف والرمح فيقطع كل ما لاقى من جسده من عظم وعصب وربما طال ناباه فيلتقيان فيموت عند ذلك جوعا لأنهما يمنعانه من الأكل ويأكل الحيات أكلا ذريعا (٤) ولا تؤثر فيه سمومها ومن عجيب أمره إذا قلعت إحدى عينيه مات سريعا.

وذكر أهل التفسير أن عيسى عليه‌السلام استقبل رهطا من اليهود فلما رأوه قالوا جاء الساحر ابن الساحرة وقذفوه وأمه فدعا عليهم ولعنهم فمسخهم الله خنازير.

وروى ابن ماجه عن أنس أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : طلب العلم فريضة على كل مسلم وواضع العلم في غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والدر (٥). قال في الإحياء جاء رجل إلى ابن سيرين وقال رأيت كأني أقلد الدر أعناق الخنازير فقال أنت تعلم الحكمة غير أهلها وقال القمل معروف واحدته قملة.

قال الجوهري والقمل المعروف يتولد من العرق والوسخ إذا أصاب ثوبا أو

__________________

(١) في المصدر : من معجم الاوسط.

(٢) حياة الحيوان ٢ : ١٧٢ و ١٧٣.

(٣) في المصدر : من ذوات الانياب والاذناب ما للخنزير من القوة في نابه.

(٤) يقال : موت ذريع اي فاش او سريع ، وقتل ذريع أي فظيع.

(٥) حياة الحيوان ٢ : ٢١٩ و ٢٢٠.

٢٤١

بدنا أو ريشا أو شعرا حتى يصير المكان عفنا.

قال الجاحظ وربما كان الإنسان قمل الطباع وإن تنظف وتعطر وبدل الثياب قال ومن طبعه أنه يكون في شعر الرأس في الأحمر أحمر وفي الأسود أسود وفي الأبيض أبيض ومتى تغير الشعر تغير إلى لونه وهو من الحيوان الذي إناثه أكبر من ذكوره ويقال ذكوره الصيبان وقيل الصيبان بيضه (١).

وقال عنقاء مغرب (٢) قال بعضهم هو طائر غريب يبيض بيضا كالجبال وتبعد في طيرانها وقيل سميت بذلك لأنه كان في عنقها بياض كالطوق وقيل هو طائر يكون عند مغرب الشمس وقال القزويني إنها أعظم الطير جثة وأكبرها خلقة تختطف الفيل كما تختطف الحدأة الفأرة وكان في قديم الزمان بين الناس فتأذوا منها إلى أن سلب يوما عروسا بحليها فدعا عليها حنظلة النبي فذهب الله بها إلى بعض جزائر البحر المحيط وراء خط الإستواء وهي جزيرة لا يصل إليه الناس وفيها حيوان كثير كالفيل والكركدن والجاموس والببر والسماع (٣) وجوارح الطير وعند طيران عنقاء مغرب يسمع لأجنحتها دوي كدوي الرعد العاصف (٤) والسيل وتعيش ألفي سنة وتتزاوج إذا مضى لها خمسمائة سنة فإذا كان وقت بيضها ظهر بها ألم شديد ثم أطال في وصفها.

وذكر أرسطاطاليس في النعوت أن العنقاء قد تصاد فيصنع من مخاليبها أقداح عظام للشرب قال وكيفية صيدها أنهم يوقفون ثورين ويجعلون بينهما عجلة ويثقلونها بالحجارة العظام ويتخذون بين يدي العجلة بيتا يختبئ فيه رجل معه نار فتنزل العنقاء على الثورين لتخطفهما فإذا نشبت أظفارها في الثورين أو أحدهما لم تقدر على اقتلاعهما لما عليهما من الحجارة الثقيلة ولم تقدر على الاستقلال لتخلص بمخاليبها (٥)

__________________

(١) حياة الحيوان ٢ : ١٨٣.

(٢) في المصدر : عنقاء مغرب ومغربة من الألفاظ الدالة على غير معنى.

(٣) في المصدر : والبقر وسائر أنواع السباع.

(٤) في المصدر : كدوى الرعد القاصف.

(٥) في المصدر : لتخلص مخالبها.

٢٤٢

فيخرج الرجل بالنار فيحرق أجنحتها قال والعنقاء لها بطن كبطن الثور وعظام كعظام السبع وهي من أعظم سباع الطير انتهى.

وقال العكبري في شرح المقامات إن أهل الرس كان بأرضهم جبل يقال له مخ صاعد في السماء قدر ميل وكان به طيور كثيرة وكانت العنقاء به وهي عظيمة الخلق لها وجه كوجه الإنسان وفيها من كل حيوان شبه وهي من أحسن الطير وكانت تأتي في السنة مرة هذا الجبل فتلتقط طيوره فجاعت في بعض السنين وأعوزها الطير فانقضت على صبي فذهبت به ثم ذهب بجارية أخرى فشكوا ذلك إلى نبيهم حنظلة بن صفوان فدعا عليها فأصابتها صاعقة فاحترقت وكان حنظلة في زمن الفترة بين عيسى ومحمد ص.

وفي ربيع الأبرار (١) في باب الطير عن ابن عباس أن الله تعالى خلق في زمن موسى طائرا اسمها العنقاء لها أربعة أجنحة من كل جانب ووجهها كوجه الإنسان وأعطاها من كل شيء قسطا وخلق لها ذكرا مثلها وأوحى إليه أني خلقت طائرين عجيبين وجعلت رزقهما في الوحوش التي حول بيت المقدس وجعلتهما زيادة فيما وصلت به بني إسرائيل وتناسلا وكثر نسلهما فلما توفي موسى عليه‌السلام انتقلت فوقعت بنجد والحجاز فلم تزل تأكل الوحوش وتخطف الصبيان إلى أن بني (٢) [ نبئ ] خالد بن سنان العبسي من بني عبس قبل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فشكوا إليه ما يلقون منها فدعا الله عليها فانقطع نسلها وانقرضت فلا توجد اليوم (٣).

وقال القنفذ بالذال المعجمة وبضم القاف وبفتحها (٤) هو صنفان قنفذ يكون بأرض مصر قدر الفأر وقنفذ (٥) يكون بأرض الشام والعراق بقدر الكلب القلطي و

__________________

(١) في المصدر : وفي آخر ربيع الابرار.

(٢) هكذا في الكتاب ، وفي المصدر : « الى ان نبئ » والظاهر انهما مصحفان والصحيح : « الى ان نبأ » او الى أن أنبا.

(٣) حياة الحيوان ٢ : ١١٢ و ١١٣.

(٤) الصحيح كما في المصدر : بضم الفاء وفتحها.

(٥) في المصدر : ودلدل يكون بأرض الشام.

٢٤٣

بينهما كالفرق بين الفأر والجراد (١) وهو لا يظهر إلا ليلا وهو مولع بأكل الأفاعي ولا يتألم بها وإذا لذعته الحية أكل السعتر البري فيبرأ وله خمسة أسنان في فيه والبرية منها تسفد قائمة وظهر الذكر لاصق ببطن الأنثى.

وروى الطبراني وغيره (٢) عن قتادة بن النعمان أنه قال : كانت ليلة شديدة الظلمة والمطر فقلت لو اغتنمت الليلة شهود العتمة مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ففعلت فلما رآني قال قتادة قلت لبيك يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم قلت علمت أن شاهد الصلاة في هذه الليلة قليل فأحببت أن أشهدها معك فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا انصرفت فأتني فلما فرغت من الصلاة أتيت إليه فأعطاني عرجونا كان في يده فقال هذا يضيء أمامك عشرا ومن خلفك عشرا ثم قال إن الشيطان قد خلفك في أهلك فاذهب بهذا العرجون فاستضئ به حتى تأتي بيتك فتجده في زاوية البيت فاضربه بالعرجون قال فخرجت من المسجد فأضاء العرجون مثل الشمعة نورا فاستضأت به وأتيت أهلي فوجدتهم قد رقدوا فنظرت إلى الزاوية فإذا فيها قنفذ فلم أزل أضربه بالعرجون حتى خرج. ورواه أحمد والبزاز ورجال أحمد رجال الصحيح (٣).

وقال الوبر بفتح الواو وتسكين الباء الموحدة دويبة أصغر من السنور طحلاء اللون لا ذنب لها تقيم في البيوت وجمعها وبور وبيرر وبار (٤) والأنثى وبرة وقول الجوهري لا ذنب لها أي لا ذنب طويل وإلا فالوبر له ذنب قصير جدا والناس يسمون الوبر بغنم بني إسرائيل ويزعمون أنها مسخت لأن ذنبها مع صغره يشبه إليه الخروف وهو قول شاذ لا يلتفت إليه (٥).

وقال الورل بفتح الواو والراء المهملة وباللام في آخره دابة على خلقه الضب

__________________

(١) هكذا في المطبوع والمخطوط وفيه تصحيف والصحيح كما في المصدر : كالفرق بين الجرذ والفأر.

(٢) في المصدر : روى الطبراني في معجمه الكبير والحافظ ابن منير الحلبي وغيرهما.

(٣) حياة الحيوان ٢ : ١٨٧ و ١٨٨.

(٤) في المصدر : جمعها وبور ووبار ووبارة.

(٥) حياة الحيوان ٢ : ٢٨١.

٢٤٤

إلا أنه أعظم منه والجمع أورال وورلان والأنثى ورلة.

وقال القزويني إنه أعظم من الوزغ وسام أبرص طويل الذنب سريع السير خفيف الحركة وقال عبد اللطيف الورل والضب والحرباء وشحمة الأرض والوزغ كلها متناسبة في الخلق فأما الورل وهو الحرذون فليس في الحيوان أكثر سفادا منه وبينه وبين الضب عداوة فيغلب الورل الضب ويقتله لكنه لا يأكله كما يفعل بالحية وهو لا يتخذ بيتا لنفسه ولا يحفر جحرا بل يخرج الضب من جحره صاغرا ويستولي عليه وإن كان أقوى براثن منه لكن الظلم يمنعه من الحفر ولهذا يضرب به المثل في الظلم ويقال أظلم أو أجبر من ورل ويكفي في ظلمه أنه يغصب الحية جحرها ويبلعها وربما قتل فوجد في جوفه الحية العظيمة وهو لا يبتلعها حتى يشدخ رأسها ويقال أنه يقاتل الضب والجاحظ يقول الحرذون غير الورل ووصفه بأنه دابة تكون بناحية مصر مليحة موشاة بألوان كثيرة ولها كف ككف الإنسان مقسومة أصابعها إلى الأنامل (١).

__________________

(١) حياة الحيوان ٢ : ٢٨٥ و ٢٨٦.

٢٤٥

٦

(باب)

(الأسباب العارضة المقتضية للتحريم)

١ ـ نوادر الراوندي ، عن عبد الواحد بن إسماعيل عن محمد بن الحسن التميمي عن سهل بن أحمد الديباجي عن محمد بن محمد بن الأشعث عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر عن جده موسى عن آبائه عليهم‌السلام قال : سئل علي عليه‌السلام عن حمل غذي بلبن خنزيرة فقال قيدوه (١) واعلفوه الكسب والنوى والخبز إن كان استغنى عن اللبن وإن لم يكن استغنى عن اللبن فيلقى على ضرع شاة سبعة أيام (٢).

٢ ـ الكافي ، عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن أمير المؤمنين عليه‌السلام مثله (٣).

بيان : الكسب بالضم عصارة الدهن وقوله سبعة أيام كأنه متعلق بالشقين معا كما يستفاد من كلام الأصحاب وستعرف.

٣ ـ قرب الإسناد ، عن محمد بن عبد الحميد وعبد الصمد بن محمد معا عن حنان بن سدير قال : سمعت رجلا يسأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن حمل يرضع (٤) من خنزيرة ثم استفحل الحمل في غنم فخرج له نسل ما قولك في نسله فقال ما علمت أنه من نسله بعينه فلا تقربه وأما ما لم تعلم أنه منه فهو بمنزلة الجبن كل ولا تسأل عنه (٥).

__________________

(١) في المصدر : « عودوه » والظاهر أنه مصحف.

(٢) نوادر الراوندي : ٥٠.

(٣) فروع الكافي ٦ : ٢٥٠ فيه : « والنوى والشعير والخبز » وفيه : سبعة أيام ثم يؤكل لحمه.

(٤) في المصدر : رضع.

(٥) قرب الإسناد : ٤٧.

٢٤٦

٤ ـ المقنع ، سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن جدي رضع من خنزيرة (١) حتى كبر وشب واشتد عظمه ثم إن رجلا استفحله في غنمه فأخرج له نسلا (٢) فقال أما ما عرفت من نسله بعينه فلا تقربه وأما ما لا تعرفه فكله ولا تسأل عنه فإنه بمنزلة الجبن (٣).

بيان : رواه في الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حنان بن سدير قال : سئل أبو عبد الله وأنا حاضر عنده عن جدي رضع وذكر نحوا من المقنع (٤).

٥ ـ وروى أيضا عن محمد بن يحيى عن الوشاء عن عبد الله بن سنان عن أبي حمزة رفعه قال : لا تأكل من لحم حمل رضع من لبن خنزيرة (٥).

واعلم أن المعروف بين الأصحاب أن الحيوان إذا شرب لبن خنزيرة فإن لم يشتد بأن ينبت عليه لحمه ويشتد عظمه وتزيد قوته كره لحمه ويستحب استبراؤه بسبعة أيام بأن يعلف بغيره في المدة المذكورة ولو كان في محل الرضاع أرضع من حيوان محلل كذلك وإن اشتد حرم لحمه ولحم نسله ذكرا كان الشارب أم أنثى وذهبوا أن الاستبراء في هذا القسم لا ينفع وبهذا الوجه جمع الشيخ بين الأخبار وتبعه القوم ويمكن الجمع بينها بحمل النهي عن ما قبل الاستبراء وتعميم الاستبراء أو تخصيصه بصورة الاشتداد ومع التعميم يكون قبل الاستبراء مع عدم الاشتداد مكروها ومعه حراما ويدل خبر حنان على أن المشتبه بالنسل لا يجب اجتنابه وهو الظاهر من كلام القوم وإن مقتضى قواعدهم وجوب اجتناب الجميع من باب المقدمة وقد

__________________

(١) في المصدر : من لبن خنزيرة.

(٢) في المصدر والكافي : « فاخرج له نسل » وفي نسخة من المصدر : فخرج له نسل.

(٣) المقنع : ٣٥.

(٤) فروع الكافي ٦ : ٢٤٩ فيه : فلا تقربنه واما ما لم تعرفه فكله فهو بمنزلة الجبن ولا تسأل عنه.

(٥) فروع الكافي ٦ : ٢٥٠ فيه : يرضع.

٢٤٧

عرفت أن ظاهر الآيات والأخبار خلافه وقال في الروضة ولا يتعدى الحكم إلى غير الخنزيرة عملا بالأصل وإن ساواه في الحكم كالكلب مع احتماله انتهى.

واعلم أن جماعة من الأصحاب حكموا بكراهة لحم حيوان رضع من امرأة حتى اشتد عظمه قال في التحرير ولو شرب من لبن امرأة واشتد كره لحمه ولم يكن محظورا انتهى ومستندهم صحيحة أحمد بن محمد بن عيسى قال : كتبت إليه جعلت فداك من كل سوء امرأة أرضعت عناقا حتى فطمت وكبرت وضربها الفحل ثم وضعت أيجوز أن يؤكل لحمها ولبنها فكتب عليه‌السلام فعل مكروه لا بأس به (١).

وفي الفقيه كتب أحمد بن محمد بن عيسى إلى علي بن محمد امرأة أرضعت عناقا بلبنها (٢) حتى فطمتها فكتب عليه‌السلام فعل مكروه ولا بأس به (٣).

أقول الحديث يحتمل معنيين أحدهما أن الإرضاع فعل مكروه والأكل لا بأس به وعبارة الفقيه بهذا أنسب والثاني أن الأكل مكروه ليس بحرام وهذا بعبارة التهذيب حيث حذف الواو أنسب (٤) ثم على ما في الفقيه (٥) إن كان السؤال عن اللحم فالمراد عدم البأس بلحم العناق على المعنى الأول وعلى ما في التهذيب يحتمل العناق والأولاد والأعم ويؤيد كون المراد عدم البأس بلحمها ما رواه في التهذيب أيضا بسند مرسل عن أبي عبد الله عليه‌السلام في جدي رضع من لبن امرأة حتى اشتد عظمه ونبت

__________________

(١) رواه الشيخ في التهذيب ٩ : ٤٥ وفيه : « جعلنى الله فداك » ورواه الكليني في فروع الكافي ٩ : ٢٥٠ عن العدة عن أحمد بن محمد. وفيهما جميعا : ولا بأس به : ورواه الشيخ في التهذيب ٧ : ٣٢٥ بإسناد آخر والفاظ غيره وفيه : يجوز ان يؤكل لبنها وتباع وتذبح ويؤكل لحمها فكتب ( عليه‌السلام ) : فعل مكروه ولا بأس به.

(٢) في المصدر : ارضعت عناقا من الغنم بلبنها.

(٣) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٢١٢.

(٤) قد عرفت أن الواو موجود في التهذيب والكافي.

(٥) الظاهر بقرينة الكافي والتهذيب أن الحديث المروى في الفقيه منقول بالاختصار فالعمل على الموجود في الكافي والتهذيب اصوب.

٢٤٨

لحمه قال لا بأس بلحمه (١).

قال المحقق الأردبيلي قدس‌سره بعد إيراد خبر التهذيب الأول فيها إن المكروه لا بأس به وأنه مع الكبر والشدة مكروه فبدونهما يجوز بالطريق الأولى ويحتمل الكراهة مطلقا والظاهر أن المراد لحمها ولحم نسلها فتأمل (٢).

٥ ـ الدعائم ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه نهى عن لحوم الجلالة وألبانها وبيضها حتى تستبرأ والجلالة (٣) هي التي [ تتخلل ] تجلل (٤) المزابل فتأكل العذرة (٥).

٦ ـ وعن علي عليه‌السلام أنه قال : الناقة الجلالة تحبس على العلف أربعين يوما والبقرة عشرين يوما والشاة سبعة أيام والبطة خمسة أيام والدجاجة ثلاثة أيام ثم تؤكل بعد ذلك لحومها وتشرب ألبان ذوات الألبان منها ويؤكل بيض ما يبيض منها (٦).

٧ ـ نوادر الراوندي ، بالإسناد المتقدم عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم‌السلام قال علي عليه‌السلام الناقة الجلالة لا يحج على ظهرها ولا يشرب لبنها ولا يؤكل لحمها حتى يقيد أربعين يوما والبقرة الجلالة عشرين يوما والبطة الجلالة خمسة أيام والدجاج ثلاثة أيام (٧).

٨ ـ المقنع ، قال أبو عبد الله عليه‌السلام لا تشرب من ألبان الإبل الجلالة وإن أصابك شيء من عرقها فاغسله (٨).

__________________

(١) رواه الشيخ في التهذيب ٧ : ٣٢٤ بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عمن رواه عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ).

(٢) شرح الإرشاد : كتاب الاطعمة.

(٣) لعل التفسير من صاحب الدعائم.

(٤) في النسخة المخطوطة : تتخلل المزابل.

(٥) الدعائم لم يكن عندي.

(٦) الدعائم لم يكن عندي.

(٧) نوادر الراوندي : ٥١ فيه : « والدجاجة » وقد سقطت عن المطبوع جملة.

(٨) المقنع : ٣٥ فيه : لا تشرب من لبن.

٢٤٩

تفصيل قال في النهاية فيه أنه نهي عن أكل الجلالة وركوبها الجلالة من الحيوان التي تأكل العذرة والجلة البعر فوضع موضع العذرة يقال جلت الدابة الجلة واجتلتها فهي جالة وجلالة إذا التقطها (١).

فأما أكل الجلالة فحلال إن لم يظهر النتن في لحمها وأما ركوبها فلعله لما يكثر من أكلها العذرة والبعر وتكثر النجاسة على أجسامها وأفواهها وتلمس راكبها بفمها وثوبه بعرقها وفيه أثر العذرة والبعر فيتنجس والله أعلم انتهى (٢).

ثم اعلم أن المشهور بين الأصحاب أن الجلل يوجب تحريم اللحم وذهب الشيخ وابن الجنيد إلى الكراهة وكلام الشيخ في المبسوط مشعر باتفاقها عليه وقيل بالتحريم إن كان الغذاء بالعذرة محضا والكراهة إن كان غالبا والتحريم أحوط مع الاغتذاء بالعذرة محضا وإن كان إثباته بحسب الدليل مشكلا وأما الحج عليها أو ركوبها مطلقا فالظاهر أنه محمول على الكراهة ويمكن أن يكون لكراهة عرقها.

قال ابن الجنيد رحمه‌الله والجلال من سائر الحيوان مكروه أكله وكذلك شرب ألبانها والركوب عليها انتهى واختلفوا فيما يحصل به الجلل فالمشهور أنه يحصل بأن يغتذي الحيوان بعذرة الإنسان لا غير وألحق أبو الصلاح بالعذرة غيرها من النجاسات وهو ضعيف والنصوص والفتاوي المعتبرة خالية عن تقدير المدة التي يحصل فيها ذلك لكن يستفاد من بعض الروايات المعتبرة في ذلك أن تكون العذرة غذاءه ومن بعضها أن الخلط لا يوجب الجلل وقدره بعضهم أن ينمو ذلك في بدنه ويصير جزءا منه وبعضهم بيوم وليلة وقال يحيى بن سعيد بأكل العذرة خالصة يومها أجمع وقدر آخرون بأن يظهر النتن في لحمه وجلده يعني رائحة العذرة وقال الشيخ في المبسوط والخلاف إن الجلالة هي التي تكون أكثر علفها العذرة فلم يعتبر تمحض العذرة والظاهر في مثله الرجوع إلى صدق الجلل عرفا وفي معرفته إشكال والأشهر طهارة الجلال بل

__________________

(١) في المصدر : إذا التقطتها.

(٢) النهاية ١ : ٢٠١.

٢٥٠

القائل بالنجاسة غير معلوم لكن تدل عليها بعض الأخبار وحملت على كراهة والأقرب وقوع التذكية عليه لعموم الأدلة ثم إن تحريم الجلال على القول به أو الكراهة ليس بالذات بل بسبب الاغتذاء بالعذرة فليس مستقرا بل إلى أن يقطع ذلك الاغتذاء ويغتذي بغيره بحيث يزول عنه اسم الجلل والنصوص الواردة في هذا الباب غير نقي الأسانيد وفتاوي الأصحاب في بعضها متفقة وفي بعضها مختلفة فالمتفق عليه استبراء الناقة بأربعين يوما ويدل عليه الروايات ومن المختلف فيه البقرة قيل يستبرأ بأربعين كالناقة ويدل عليه زائدا على ما تقدم رواية مسمع (١) وقيل بعشرين يوما وهو أشهر لرواية السكوني (٢) ومرفوعة يعقوب (٣) ورواية يونس (٤) ومنه الشاة

__________________

(١) المذكور في الكافي ٦ : ٢٥٣ والتهذيب ٩ : ٤٥ والاستبصار ٤ : ٧٧ رواه الكليني عن العدة عن سهل عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن عن مسمع عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام) : « الناقة الجلالة لا يؤكل لحمها ولا يشرب لبنها حتى تغذى أربعين يوما والبقرة الجلالة لا يؤكل لحمها ولا يشرب لبنها حتى تغذى ثلاثين يوما والشاة الجلالة لا يؤكل لحمها ولا يشرب لبنها حتى تغذى عشرة أيام ، والبطة الجلالة لا يؤكل لحمها حتى تربط خمسة أيام ، والدجاجة ثلاثة أيام » هكذا الحديث في الكافي واما الحديث في التهذيب فيختلف حكم البقرة في نسختها ففى المطبوع بالنجف : « عشرين يوما » وفي الطبع الأول أيضا : عشرون ولكن ذكر في هامشه عن نسخة : « أربعين » وعن اخرى « ثلاثين » وفي الاستبصار أيضا : « أربعين يوما » وحكم الشاة في التهذيب والاستبصار : خمسة أيام.

(٢) رواه الكليني في الكافي ٦ : ٢٥١ بإسناده عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكونى عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام) : الدجاجة الجلالة لا يؤكل لحمها حتى تقيد ثلاثة أيام والبطة الجلالة خمسة أيام ، والشاة الجلالة عشرة أيام والبقرة الجلالة عشرين يوما ، والناقة أربعين يوما. ورواه الشيخ في التهذيب ٩ : ٤٦ وفي الاستبصار ٤ : ٧٧ عن محمد بن يعقوب.

(٣) الموجود فيه : ثلاثون كما رواه الكليني في الكافي ٦ : ٢٥٢ عن العدة عن سهل عن يعقوب بن يزيد رفعه قال : قال أبو عبد الله ( عليه‌السلام ) : الإبل الجلالة إذا أردت نحرها تحبس البعير أربعين يوما والبقرة ثلاثين يوما والشاة عشرة أيام.

(٤) رواه الكليني في الفروع ٦ : ٢٥٢ بإسناده عن الحسين بن محمد عن السيارى.

٢٥١

والمشهور أن استبراءها بعشرة لرواية السكوني ومرفوعة يعقوب ورواية مسمع وقيل بسبعة (١) وقيل بخمسة وفي رواية يونس أربعة عشر وفي رواية مسمع البطة الجلالة لا يؤكل لحمها حتى تربط خمسة أيام وفي رواية السكوني الدجاجة الجلالة لا يؤكل لحمها حتى تقيد ثلاثة أيام والبطة خمسة أيام واكتفى الصدوق في المقنع للبطة بثلاثة أيام ورواه في الفقيه عن القاسم بن محمد الجوهري (٢) ومن الأصحاب من اعتبر في الدجاجة خمسة أيام وقيل أكثر ومستند الكل لا يخلو من ضعف على المشهور وقيل مراعاة العرف متجه والأحوط مراعاة أكثر الأمرين من زوال الجلل العرفي وأكثر المقدرات وفي كلام الأصحاب الربط والعلف بالطاهر في المدة المقدرة وربما اعتبر الطاهر بالأصالة والمذكور في بعض الروايات الحبس حسب والظاهر أن الغرض زوال الجلل فلا يتوقف على الربط ولا على الطهارة بل الظاهر حصوله بالاغتذاء بغير العذرة والأحوط مراعاة المشهور ولا يؤكل الجلال من السمك حتى يستبرأ يوما وليلة عند الأكثر استنادا إلى رواية يونس عن الرضا واكتفى الصدوق بيوم إلى الليل لرواية الجوهري. وقال أبو الصلاح في الكافي في عداد المحرمات وما أدمن شرب النجاسات حتى يمنع منها عشرا وجلالة الغائط حتى تحبس الإبل والبقر أربعين يوما والشاة سبعة أيام والبطة والدجاج خمسة (٣) أيام وروي في الدجاج خاصة بثلاثة أيام وجلالة ما عدا العذرة من النجاسات حتى تحبس

__________________

عن أحمد بن الفضل عن يونس عن الرضا ( عليه‌السلام ) في السمك الجلال أنه سأله عنه فقال : ينتظر به يوما وليلة ، وقال السيارى : ان هذا لا يكون الا بالبصرة ، وقال في الدجاج : يحبس ثلاثة أيام والبطة سبعة أيام والشاة أربعة عشر يوما والبقرة ثلاثين يوما والإبل أربعين يوما ثم تذبح.

(١) في النسخة المطبوعة : بتسعة.

(٢) الفاظ الحديث : ان البقرة تربط عشرين يوما والشاة تربط عشرة أيام والبطة تربط ثلاثة أيام ، وروى ستة أيام ، والدجاجة تربط ثلاثة أيام والسمك الجلال يربط يوما الى الليل في الماء راجع الفقيه ٣ : ٢١٤.

(٣) في المختلف : عشرة أيام.

٢٥٢

الأنعام سبعا والطير يوما وليلة.

وقال العلامة رحمه‌الله في المختلف (١) بعد نقل هذه العبارة. والذي ورد في ذلك ما رواه موسى بن أكيل (٢) عن بعض أصحابه عن الباقر عليه‌السلام في شاة شربت بولا ثم ذبحت فقال يغسل ما في جوفها ثم لا بأس به وكذلك إذا اعتلف بالعذرة ما لم تكن جلالة والجلالة التي يكون ذلك غذاؤها وقول أبي الصلاح لم تقم عليه دلالة عندي انتهى (٣) والمشهور بين الأصحاب أنه لو شرب الحيوان المحلل خمرا لم يؤكل ما في جوفه من الأمعاء والقلب والكبد. ويجب غسل اللحم لرواية زيد الشحام (٤) عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : في شاة شربت خمرا حتى سكرت ثم ذبحت على تلك الحال لا يؤكل ما في بطنها.

والرواية مع ضعفها على المشهور أخص من المدعى من وجوه وأنكر الحكم المذكور ابن إدريس وقال بالكراهة ولعله أقرب والمشهور أنه إذا شرب بولا غسل ما في بطنه وأكل لرواية ابن أكيل المتقدمة وهي على طريقة الأصحاب ضعيفة من وجوه إلا أنه لا أعرف رادا للحكم وقيل إن هذا إنما يكون إذا ذبح في الحال بعد الشرب بخلاف ما إذا تأخر بحيث صار جزءا من بدنه وهو ظاهر غير بعيد عن سياق الخبر.

٩ ـ نوادر الراوندي (٥) ، بالإسناد المتقدم عن الكاظم عن آبائه عليهم‌السلام سئل علي ع

__________________

(١ و ٢) المختلف ٢ : ١٢٧.

(٣) رواه الكليني في الفروع ٦ ؛ ٢٥١ عن محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن بعض أصحابنا عن علي بن حسان عن علي بن عقبة عن موسى بن اكيل ، ورواه الشيخ في التهذيب ٩ : ٤٧ ، والاستبصار ٤ : ٧٨ عن محمد بن أحمد بن يحيى.

(٤) رواه الكليني في الفروع ٦ : ٢٥١ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن أبي جميلة عن زيد الشحام. ورواه الشيخ في التهذيب ٩ : ٤٣ عن محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن عبد الجبار عن أبي جميلة.

(٥) نوادر الراوندي : ٥٠ فيه : عن قدر فيها فأرة.

٢٥٣

عن قدر طبخت فإذا فيها فأرة ميتة قال يهراق المرق ويغسل اللحم وينقى ويؤكل.

بيان : رواه الشيخ (١) بإسناده عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام وليس فيه وينقى وعليه عمل الأصحاب وربما يستشكل بأنه مع الطبخ والغليان ينفذ الماء النجس في أعماق اللحم والتوابل فكيف تطهر بمجرد الغسل (٢) ويمكن أن يحمل على أن ينقع في الماء الطاهر حتى يصل إلى كل ما وصل إليه النجس ويمكن أن يكون قوله عليه‌السلام وينقى إشارة إلى ذلك لكن كلام الأصحاب ورواية السكوني غير مقيدة بذلك وإن كان أحوط.

١٠ ـ تحف العقول ، سأل يحيى بن أكثم موسى المبرقع عن رجل أتى إلى قطيع غنم فرأى الراعي ينزو على شاة منها فلما بصر بصاحبها خلى سبيلها فدخلت بين الغنم كيف تذبح وهل يجوز أكلها أم لا فسأل موسى أخاه أبا الحسن الثالث عليه‌السلام فقال إنه إن عرفها ذبحها وأحرقها وإن لم يعرفها قسم الغنم نصفين وساهم بينهما فإذا وقع على أحد النصفين فقد نجا النصف الآخر ثم يفرق النصف الآخر فلا يزال كذلك حتى تبقى شاتان فيقرع بينهما فأيهما وقع السهم بها ذبحت وأحرقت ونجا سائر الغنم (٣).

بيان : روى الشيخ هذا الخبر بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن عيسى عن الرجل عليه‌السلام أنه سئل عن رجل نظر إلى راع نزا على شاة قال إن عرفها ذبحها وأحرقها وإن لم يعرفها قسمها نصفين أبدا حتى يقع السهم بها فتذبح وتحرق وقد نجت سائرها (٤).

__________________

(١) رواه الشيخ في التهذيب ٩ : ٨٦ بإسناده عن محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكونى : ورواه الكليني في الفروع ٦ : ٢٦١.

(٢) يرد هذا الاشكال على نسخة المصنف من النوادر والتهذيب والفروع وأما على النسخة المطبوعة من النوادر فلا نعم الاشكال وارد على نقل الشيخ والكليني.

(٣) تحف العقول : ٤٧٧ و ٤٨٠.

(٤) تهذيب الأحكام ٩ : ٤٣.

٢٥٤

وأقول الظاهر أن الرجل أبو الحسن عليه‌السلام وهذا مختصر من الحديث الذي رويناه أولا وقال في المسالك بمضمون الرواية عمل الأصحاب مع أنها لا تخلو من ضعف وإرسال لأن راويها محمد بن عيسى عن الرجل ومحمد بن عيسى مشترك (١) بين الأشعري الثقة واليقطيني وهو ضعيف فإن كان المراد بالرجل الكاظم عليه‌السلام كما هو الغالب فهي مع ضعفها بالاشتراك (٢) مرسلة لأن كلا الرجلين لم يدرك (٣) الكاظم عليه‌السلام وإن أريد به غيره أو كان مبهما كما هو مقتضى لفظه فهي مع ذلك مقطوعة انتهى (٤).

وأقول يرد عليه أن الظاهر أنه اليقطيني كما يظهر من الأمارات والشواهد الرجالية لكن الظاهر ثقته والقدح غير ثابت وجل الأصحاب يعدون حديثه صحيحا وكون المراد بالرجل الكاظم عليه‌السلام غير معروف بل الغالب التعبير بالرجل والغريم وأمثالهما عند شدة التقية بعد زمان الرضا عليه‌السلام كما لا يخفى وهذا بقرينة الراوي يحتمل الجواد والهادي والعسكري عليهم‌السلام لكن الظاهر الهادي عليه‌السلام بقرينة الرواية الأولى فظهر أن الخبر صحيح مع أنه لم يرده أحد من الأصحاب.

وقال في المسالك ولو لم يعمل بها فمقتضى القواعد الشرعية أن المشتبه فيه إن كان محصورا حرم الجميع وإن كان غير محصور جاز أكله إلى أن تبقى واحدة كما في نظائره انتهى (٥).

وأقول تحريم الجميع في المحصور غير معلوم كما عرفت والعمل بالقرعة في الأمور المشتبهة غير بعيد عن القواعد الشرعية وقد ورد في كثير من نظائره ثم إن الأصحاب قالوا إذا وطئ الإنسان حيوانا مأكولا حرم لحمه ولحم نسله ولو اشتبه بغيره قسم فرقتين وأقرع عليه مرة بعد أخرى حتى تبقى واحدة وقال في

__________________

(١) في المصدر : لان راويها محمد بن عيسى مشترك.

(٢) في المصدر : باشتراك الراوي بين الثقة وغيره.

(٣) في المصدر : لم يدركا.

(٤ و ٥) المسالك ٢ : ٢٣٩.

٢٥٥

المسالك إطلاق الإنسان يشمل الصغير والكبير والمنزل وغيره كذلك الحيوان يشمل الذكر والأنثى ذات الأربع وغيره كالطير لكن الرواية وردت بنكاح البهيمة وهي لغة اسم لذات الأربع من حيوان البر والبحر فينبغي أن يكون العمل عليه تمسكا بالأصل في موضع الشك ويحتمل العموم لوجود السبب المحرم وعدم الخصوصية للمحل وهو الذي يشعر به إطلاق كلام المصنف وغيره ولا فرق في ذلك بين العالم بالحكم والجاهل ثم إن علم الموطوء بعينه اجتنب وسرى إلى نسله وإن اشتبه أقرع للرواية ثم قال بعد ما مر وعلى تقدير العمل بالرواية (١) فيعتبر في القسم كونه نصفين كما ذكر فيها وإن كان قولهم (٢) فريقين أعم منه ثم إن كان العدد زوجا فالنصف حقيقة ممكن وإن كان فردا اغتفر زيادة الواحدة في أحد النصفين وكذا القول بعد الانتهاء إلى عدد فرد كثلاثة (٣).

١١ ـ فقه الرضا ، قال عليه‌السلام إذا جعلت سمكة مع الجري في السفود إن كانت السمكة فوقه فكلها وإن كانت تحته فلا تأكل وإذا كان اللحم مع الطحال في السفود أكل اللحم والجوذابة لأن الطحال في حجاب ولا ينزل منه شيء إلا أن يثقب فإن ثقب سال منه ولم يؤكل ما تحته من الجوذابة ولا غيره ويؤكل ما فوقه (٤).

١٢ ـ المقنع ، إذا كان اللحم مع الطحال في سفود أكل اللحم إذا كان فوق الطحال فإن كان أسفل من الطحال لم يؤكل ويؤكل جوذابه لأن الطحال في حجاب ولا ينزل منه شيء إلا أن يثقب فإن ثقب سال منه ولم يؤكل ما تحته من الجوذاب وإن جعلت سمكة يجوز أكلها مع جري أو غيرها مما لا يجوز أكله في سفود أكلت التي لها فلس إذا كانت في السفود فوق الجري وفوق التي لا تؤكل فإن كانت أسفل من الجري لم تؤكل (٥).

__________________

(١) في المصدر : وعلى تقدير العمل بالرواية كما هو المشهور.

(٢) في المصدر : وان كان قول المصنف : فريقين.

(٣) المسالك ٢ : ٢٣٩.

(٤) فقه الرضا : ٤٠.

(٥) المقنع : ٣٥.

٢٥٦

الفقيه ، قال الصادق عليه‌السلام إذا كان اللحم مع الطحال وذكر مثل ما في المقنع (١).

تبيين السفود كتنور الحديدة التي تشوى بها اللحم وفي القاموس الجوذاب بالضم طعام السكر وأرز ولحم انتهى.

والظاهر أن المراد هنا الخبز المشرود تحت الطحال واللحم الذين على السفود ليجري عليها ما ينفصل منهما وعمل بما ورد في الفقيه أكثر الأصحاب. والأصل فيه عندهم ما رواه الشيخ (٢) في الموثق عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سئل عن الطحال أيحل أكله قال لا تأكله فهو دم قلت فإن كان الطعام (٣) في سفود مع لحم وتحته خبز وهو الجوذاب أيؤكل ما تحته قال نعم يؤكل اللحم والجوذاب ويرمى بالطحال لأن الطحال في حجاب لا يسيل منه فإن كان الطحال مشقوقا أو مثقوبا فلا تأكل مما يسيل عليه الطحال وعن الجري يكون في السفود مع السمك قال يؤكل ما كان فوق الجري ويرمى بما سال عليه الجري.

وهذا مطابق لما في الفقيه وأما ما ذكره الصدوق رحمه‌الله في الكتابين فهو مخالف للخبرين فإن عبارته تدل على عدم حل اللحم إذا كان تحت الطحال وإن لم يكن مثقوبا والروايتان تدلان على الحل مطلقا إذا لم يكن مثقوبا قال في الدروس إذا شوي الطحال مع اللحم فإن لم يكن مثقوبا أو كان اللحم فوقه فلا بأس وإن كان مثقوبا واللحم تحته حرم ما تحته من لحم وغيره وقال الصدوق رحمه‌الله إذا لم يثقب لم يؤكل اللحم إذا كان أسفل ويؤكل الجوذاب وهو الخبز (٤).

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٢١٤ و ٢١٥.

(٢) رواه الشيخ في التهذيب ٩ : ٨١ بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

(٣) في المصدر : فان كان الطحال.

(٤) الدروس : كتاب الاطعمة : الدرس الثالث.

٢٥٧

وقال قدس‌سره أيضا : روى عمار عن الصادق عليه‌السلام في الجري مع السمك في سفود بالتشديد مع فتح السين يؤكل ما فوق الجري ويرمى ما سال عليه ، وعليها ابنا بابويه وطرد الحكم في مجامعة ما يحل أكلها لما يحرم قال الفاضل لم يعتبر علماؤنا ذلك والجري طاهر والرواية ضعيفة السند انتهى (١).

وأقول عدم نجاسة الجري لا ينافي الحكم المذكور فإنه ليس باعتبار النجاسة بل باعتبار أنه يجري من الطحال والجري وغيرهما دم وأجزاء مائعة بعد تأثير الحرارة ويتشرب منها ما تحته وضعف الروايات في هذا الباب منجبر بالشهرة بين الأصحاب وحل ما يحكم بالحل فيها مؤيد بالأصل والعمومات.

__________________

(١) الدروس : كتاب الاطعمة : الدرس الأول.

٢٥٨

٧

(باب)

(الصيد وأحكامه وآدابه)

الآيات المائدة « غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ »

قوله سبحانه « وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا »

وقال تعالى « يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ »

وقال عز وجل « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ »

تفسير قد مر تفسير بعض الآيات في كتاب الحج (١) ومر بعضها في الأبواب السابقة « وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ » قالوا يحتمل أن يكون عطفا على الطيبات بأخذ ما موصولة ولكن بحذف مضاف أي مصيده أو صيده أي صيد الكلاب التي تصيدون بها بقرينة قوله « مُكَلِّبِينَ » فإنه مشتق من الكلب أي حال كونكم صاحبي الصيد بالكلاب أو أصحاب التعليم للكلاب فيلزم كون الجوارح كلابا فيحل ما ذبحه الكلب المعلم.

وذهب أكثر المخالفين إلى أن المراد بالجوارح كلاب الصيد على أهلها من الطيور وذوات الأربع من السباع وإطلاق المكلبين باعتبار كون المعلم في الأغلب كلبا أو لأن كل سبع يسمى كلبا قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في دعائه اللهم سلط عليه كلبا من كلابك فسلط الله عليه الأسد لكنه خلاف الظاهر وستأتي الأخبار الكثيرة في ذلك قال في مجمع البيان الجوارح هي الكلاب فقط عن ابن

__________________

(١) كتاب الحج لم يتقدم قبلا ، بل يأتي في المجلد ٢١ ، ولعل قوله : « مر » اشتباه من النساخ او كان دونه المنصف قبلا.

٢٥٩

عمر والضحاك والسدي. والمروي عن أئمتنا عليهم‌السلام فإنهم قالوا هنا الكلب المعلم خاصة أحل الله صيدها إن أدركه صاحبه وقد قتل لقوله « فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ » (١).

وقوله « مُكَلِّبِينَ » منصوب على الحال وقوله « تُعَلِّمُونَهُنَ » حال ثانية أو استئناف « مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ » متعلق بتعلمونهن أي مما ألهمكم الله من الحيل وطرق التأديب فإن العلم به إلهام منه تعالى أو اكتساب بالعقل الذي هو عطية من الله تعالى أيضا وقيل أي مما عرفكم الله أن تعلموهن من اتباع الصيد بإرسال صاحبه وانزجاره بزجره وانصرافه بدعائه « فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ » متفرع على ما تقدم ويحتمل كونه جزاء لقوله « وَما عَلَّمْتُمْ » فتكون ما شرطية أي كلوا مما أمسكت الجوارح عليكم.

قال البيضاوي وهو ما لم يأكل منه لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعدي بن حاتم وإن أكل منه فلا تأكل إنما أمسك على نفسه فاشترط في حله أن يكون الكلب ما أكل منه فلو أكل حرم.

ثم قال وإليه ذهب أكثر الفقهاء وقال بعضهم لا يشترط ذلك في سباع الطير لأن تأديبها إلى هذا الحد متعذر وقال آخرون لا يشترط مطلقا انتهى (٢).

« وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ » الضمير لما علمتم والمعنى سموا عليه عند إرساله أو لما أمسكن بمعنى سموا عليه إذا أدركتم ذكاته أو سموا عند أكله والأول أظهر وأشهر كما سيأتي « وَاتَّقُوا اللهَ » في أوامره ونواهيه فلا تخالفوها بوجه « إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ » لأنه « لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ » و « إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ » والعبد في مقام التقصير فيما دق وجل ففيه كمال التنبيه على كمال الغفلة وغاية الاهتمام بسرعة الامتثال فقد أعذر من أنذر كذا قيل ثم اعلم أنه يستفاد من الآيات

__________________

(١) مجمع البيان ٣ : ١٦١ فيه : احله الله إذا ادركه صاحبه وقد قتله.

(٢) أنوار التنزيل ١ : ٣٢٤.

٢٦٠