بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٣٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

الشياطين (١).

بيان : الخطاب للجن والشياطين الذين كان الرمي منهم.

٢٩ ـ الكافي ، عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه (٢) قال : ذكر الحمام عند أبي عبد الله عليه‌السلام فقال له رجل إنه بلغني أن عمر رأى حماما يطير ورجل تحته يعدو فقال عمر شيطان يعدو تحته شيطان فقال أبو عبد الله عليه‌السلام ما كان إسماعيل عندكم فقيل صديق فقال فإن بقية حمام الحرم من حمام إسماعيل عليه‌السلام (٣).

٣٠ ـ ومنه ، عن عدة من أصحابه عن أحمد بن محمد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من اتخذ طيرا في بيته فليتخذ ورشانا فإنه أكثر شيء ذكرا لله عز وجل وأكثر تسبيحا وهو طير يحبنا أهل البيت (٤).

٣١ ـ ومنه ، عن العدة عن أحمد بن محمد عن بكر بن صالح عن محمد بن أبي حمزة عن عثمان بن الأصبهاني قال : استهداني إسماعيل بن أبي عبد الله عليه‌السلام طيرا من طيور العراق فأهديت له ورشانا فدخل أبو عبد الله عليه‌السلام فرآه فقال إن الورشان يقول بوركتم بوركتم فأمسكوه (٥).

٣٢ ـ ومنه ، عن العدة عن أحمد بن محمد عن الجاموراني عن ابن أبي حمزة عن سيف عن إسحاق بن عمار عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه نهى ابنه إسماعيل

__________________

(١) فروع الكافي ٦ : ٥٤٨.

(٢) في المصدر : عن بعض أصحابنا.

(٣) فروع الكافي ٦ : ٥٤٨ فيه : ان بقية.

(٤) فروع الكافي ٦ : ٥٥٠ فيه : من اتخذ في بيته طيرا فليتخذ ورشانا فانه أكثر شيئا لذكر الله.

(٥) فروع الكافي ٦ : ٥٥١ فيه : عثمان الأصبهاني.

٢١

عن اتخاذ الفاختة وقال إن كنت ولا بد متخذا فاتخذ ورشانا فإنه كثير الذكر لله عز وجل (١).

بيان : كأنه عليه‌السلام لم يكن يعلم صلاح إسماعيل في اتخاذ الحمام مطلقا كما يومي إليه الخبر.

٣٣ ـ الكافي ، عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كانت في دار أبي جعفر عليه‌السلام فاختة فسمعها يوما وهي تصيح فقال لهم أتدرون ما تقول هذه الفاختة فقالوا لا قال تقول فقدتكم فقدتكم ثم قال لنفقدنها قبل أن تفقدنا ثم أمر بها فذبحت (٢).

٣٤ ـ ومنه ، عن العدة عن أحمد بن محمد بن خالد الجاموراني عن أبي حمزة (٣) عن سيف بن عميرة عن إسحاق بن عمار عن أبي بصير قال : دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام فقال لي يا با محمد اذهب بنا إلى إسماعيل نعوده وكان شاكيا فقمنا فدخلنا على إسماعيل فإذا في منزله فاختة في قفص تصيح فقال أبو عبد الله عليه‌السلام يا بني ما يدعوك إلى إمساك هذه الفاختة أوما علمت أنها مشومة أوما تدري ما تقول قال إسماعيل لا قال إنما تدعو على أربابها فتقول فقدتكم فقدتكم فأخرجوها (٤).

الخرائج ، عن أبي بصير مثله (٥).

٣٥ ـ الكافي ، عن عدة من أصحابه عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن عذافر قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الطير يرسل من البلد البعيد الذي لم يره قط فيأتي فقال يا ابن عذافر هو يأتي منزل صاحبه من ثلاثين فرسخا على

__________________

(١) فروع الكافي ٦ : ٥٥١ فيه : وقال : ان كنت لا بد.

(٢) فروع الكافي ٦ : ٥٥١.

(٣) في المصدر : عن ابن أبي حمزة.

(٤) فروع الكافي ٦ : ٥٥١ و ٥٥٢.

(٥) الخرائج.

٢٢

معرفته وحسه (١) فإذا زادت على ثلاثين فرسخا جاءت إلى أربابها بأرزاقها (٢).

بيان : قوله عليه‌السلام بأرزاقها أي تأتي بسبب أنه قدر رزقها في بيت صاحبها بتسبيب الله تعالى من غير معرفة لها بالطريق والرواية الآتية أيضا هذا مغزاها والأكل بالضم وبضمتين الثمر والرزق والحظ من الدنيا كما ذكره الفيروزآبادي.

٣٦ الكافي ، عن عدة من أصحابه عن سهل بن زياد رفعه قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام ما أتى من ثلاثين فرسخا فبالهداية وما كان أكثر من ذلك فبالأكل (٣).

٣٧ ـ ومنه ، عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن سيف بن عميرة عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام الطير يجيء من المكان البعيد قال إنما يجيء لرزقه (٤).

٣٨ ـ ومنه ، عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن علي بن داود الحداد عن حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت الحمام يرسلن من المواضع البعيدة فتأتي ويرسلن من المكان القريب فلا تأتي فقال إذا انقطع أكله فلا تأتي (٥).

بيان : إذا انقطع أكله أي من الدنيا فيموت أو من بيت صاحبه فيذهب إلى مكان آخر.

٣٩ ـ دلائل الطبري ، عن أحمد بن إبراهيم (٦) عن خالد عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان أبو جعفر محمد بن علي الباقر في طريق مكة ومعه أبو أمية الأنصاري وهو زميله في محمله فنظر إلى زوج ورشان في جانب المحمل معه فرفع أبو أمية يده لينحيه فقال له أبو جعفر مهلا فإن هذا

__________________

(١) في المصدر : وحسبه.

(٢) فروع الكافي ٦ : ٥٤٩.

(٣ ـ ٥) فروع الكافي ٦ : ٥٤٩.

(٦) في المصدر : « موسى بن الحسن عن أحمد بن الحسين عن أحمد بن إبراهيم ». والاسناد معلق على ما قبله راجعه.

٢٣

الطير جاء يستجير بنا أهل البيت فإن حية تؤذيه وتأكل فراخه كل سنة وقد دعوت الله أن يدفع عنه وقد فعل (١).

٤٠ ـ مشارق الأنوار ، عن محمد بن مسلم قال : كنت عند أبي جعفر عليه‌السلام إذ وقع عليه ورشانان ثم هدلا (٢) فرد عليهما فطارا فقلت جعلت فداك ما هذا فقال هذا طائر ظن في زوجته سوءا فحلفت له فقال لها لا أرضى إلا بمولاي محمد بن علي فجاءت فحلفت له بالولاية أنها لم تخنه فصدقها وما من أحد يحلف بالولاية إلا صدق إلا الإنسان فإنه حلاف مهين (٣).

٤١ ـ دلائل الطبري ، عن أحمد بن محمد عن محمد بن يوسف عن علي بن داود الحذاء عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كنت عنده إذ نظرت إلى زوج حمام عنده يهدر الذكر على الأنثى فقال أتدري ما يقول قلت لا قال يقول يا سكني وعرسي ما خلق الله خلقا أحب إلي منك إلا أن يكون جعفر بن محمد عليه‌السلام (٤).

٤٢ حياة الحيوان ، الحمام قال الجوهري وهو عند العرب ذوات الأطواق نحو الفواخت والقماري وساق حر والقطا والوراشين وأشباه ذلك يقع على الذكر والأنثى لأن الهاء إنما دخلته على أنه واحد من جنس لا للتأنيث وعند العامة أنها الدواجن فقط الواحد حمامة وحكى أبو حاتم عن الأصمعي في كتاب الطير الكبير أن الحمام هو اليمام البري (٥) الواحدة يمامة وهو ضروب والفرق بين الحمام الذي عندنا واليمام أن في أسفل ذنب الحمامة مما يلي ظهرها بياض وأسفل ذنب اليمامة لا بياض فيه انتهى.

ونقل النووي في التحرير عن الأصمعي أن كل ذات طوق فهو حمام والمراد

__________________

(١) دلائل الإمامة ، ٩٨ ( ط ٢ ) فيه ، جاء يستخفر بنا.

(٢) هدل الحمام : صوت.

(٣) مشارق الأنوار : ليست عندي نسخته.

(٤) دلائل الإمامة : ١٣٤ و ١٣٥.

(٥) في المصدر : ان اليمام هو الحمام البرى.

٢٤

بالطوق الخضرة أو الحمرة أو السواد المحيط بعنق الحمامة في طوقها وكان الكسائي يقول الحمام هو البري واليمام ما يألف البيوت والصواب ما قاله الأصمعي ونقل الأزهري عن الشافعي أن الحمام كل ما عب وهدر وإن تفرقت أسماؤه في الطائر عب (١) ولا يقال شرب والهدر جمع الصوت (٢) ومواصلته من غير تقطيع له قال الرافعي والأشبه أن ما عب هدر ولو اقتصروا في تفسير الحمام على العب لكفاهم ويدل عليه أن الشافعي ذكر في عيون المسائل وما عب من الماء عبا فهو حمام وما شرب قطرة قطرة كالدجاج فليس بحمام انتهى.

وفيما قاله الرافعي نظر لأنه لا يلزم من العب الهدير وقال الشاعر :

على حويضي نغر مكب

إذا فترت فترة يعب

وحمرات شربهن عب

وصف النغر بالعب مع أنه لا يهدر وإلا كان حماما والنغر نوع من العصفور (٣) إذا علمت ذلك انتظم لك كلام الشافعي وأهل اللغة يقولون إن الحمام يقع على الذي يألف البيوت ويستفرخ فيها وعلى اليمام والقماري وساق حر وهو ذكر القمري والفواخت والدبسي (٤) والقطا والوراشين واليعاقيب (٥) والسنفين (٦)

__________________

(١) في المصدر : والعب بالعين المهملة : شدة جرع الماء من غير تنفس ، قال ابن سيده : يقال في الطائر : عب.

(٢) في المصدر : ترجيع الصوت.

(٣) يكون حمر المناقير.

(٤) الدبسى بفتح الدال وكسر السين المهملة ويقال أيضا بضم الدال : طائر صغير منسوب الى دبس الرطب والادبس من الطير والخيل : الذي في لونه غبرة بين السواد والحمرة وهذا النوع قسم من الحمام البرى ، وقيل هو ذكر اليمام قال الجاحظ : قال صاحب منطق الطير : يقال في الوحشى من القمارى والفواخت وما اشبه ذلك : دباسى.

(٥) جمع اليعقوب : ذكر الحجل.

(٦) هكذا في المطبوع وفي المخطوط : « السفنين » وكلاهما مصحفان والصحيح

٢٥

والواعي (١) والورداني والطوراني وسيأتي إن شاء الله تعالى بيان ذلك كل واحد في بابه والكلام الآن في الحمام الذي يألف البيت وهو قسمان أحدهما البري الذي يلازم البروج وما أشبه ذلك وهو كثير النفور سمي بريا لذلك والثاني الأهلي وهو أنواع مختلفة وأشكال متباينة منها المراغيش والرواعب والعداد والمضرب (٢) والقلاب والمنسوب وهو بالنسبة إلى ما تقدم كالعتاق من الخيل وتلك كالبراذين قال الجاحظ الفقيع من الحمام كالصقلابي من الناس وهو الأبيض

روى أبو داود وابن ماجه الطبراني وابن حبان بإسناد جيد عن أبي هريرة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله رأى رجلا يتبع حمامة فقال شيطان يتبع شيطانه. وروي شيطان يتبعه شيطان.

قال البيهقي وحمله بعض أهل العلم على إدمان صاحب الحمام على الاشتغال به (٣) والارتقاء به على الأسطحة التي يشرف منها على بيوت الجيران (٤) وروي عن أسامة (٥) بن زيد قال شهدت عمر بن عبد العزيز يأمر بالحمام الطائرة فتذبح وتترك المقصصات

وروى ابن قانع والطبراني عن حبيب بن عبد الله بن أبي كبشة عن أبيه عن جده أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يعجبه النظر إلى الأترج والحمام الأحمر. ورواه الحاكم في تاريخ نيسابور عن عائشة قالت كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعجبه النظر إلى الخضرة وإلى الحمام الأحمر.

__________________

« الشفنين » قال الدميرى : الشفنين كالبشنين بكسر الشين المعجمة وهو متولد بين نوعين مأكولين وعده الجاحظ في أنواع الحمام وبعضهم يقول هو الذي تسميه العامة اليمام ، وصوته في الترنم كصوت الرباب وفيه تحزين.

(١) هكذا في الكتاب وفي المصدر : والزاغ.

(٢) في المصدر : العداد والسداد والمضرب.

(٣) في المصدر : على اطارته والاشتغال به.

(٤) زاد في المصدر بعد ذلك : وحرمهم لاجله.

(٥) في المصدر : « وروى البيهقي عن أسامة بن زيد » وفيه بالحمام الطيار.

٢٦

قال ابن قانع والحافظ أبو موسى قال هلال بن العلا الحمام الأحمر التفاح قال أبو موسى وهذا التفسير لم أره لغيره وكان في منزله صلى‌الله‌عليه‌وآله حمام أحمر اسمه وردان

وفي عمل اليوم والليلة لابن السني عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل أن عليا شكا إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الوحشة فأمره أن يتخذ زوج حمام وأن يذكر الله تعالى عند هديره. ورواه الحافظ بن عساكر وقال إنه غريب جدا وسنده ضعيف

وروى ابن عدي في كامله في ترجمة ميمون بن موسى عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام أنه اشتكى (١) إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوحشة فقال له اتخذ زوجا من حمام تؤنسك وتوقظك للصلاة بتغريدها (٢) واتخذ ديكا يؤنسك ويوقظك للصلاة.

وروي أيضا في ترجمة محمد بن زياد الطحان عن ميمون بن مهران عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اتخذوا الحمام المقاصيص (٣) في بيوتكم فإنها تلهي الجن عن صبيانكم.

وقال عبادة بن الصامت شكا رجل إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوحشة فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله اتخذ زوجا من حمام (٤). رواه الطبراني وفيه الصلت بن الجراح لا يعرف وبقية رجاله رجال الصحيح

وفي كامل ابن عدي في ترجمة سهل بن وزير (٥) عن محمد بن المنكدر عن جابر أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : شكت الكعبة إلى الله تعالى قلة زوارها فأوحى الله تعالى إليها لأبعثن (٦) أقواما يحنون إليها كما تحن الحمامة إلى فراخها.

وفي سنن أبي داود والنسائي من حديث ابن عباس بإسناد جيد أن النبي

__________________

(١) في المصدر : شكى.

(٢) في المصدر : من حمام تؤنسك وتصيب من فراخها وتوقظك للصلاة.

(٣) أي مقطوع الجناح.

(٤) وروى الصدوق نحوه في الفقيه ٣ : ٢٢٠.

(٥) في المخطوطة : « درين وفي المصدر : فرير.

(٦) في المصدر : لا بعثن إليك.

٢٧

صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يكون في آخر الزمان قوم يخضبون بالسواد كحوامل الحمام لا يريحون رائحة الجنة.

ومن طبعه أنه يألف وكره ولو أرسل من ألف فرسخ ويحمل الأخبار ويأتي بها من المسافة البعيدة (١) في المدة القريبة وفيه ما يقطع ثلاثة آلاف فرسخ في يوم واحد وربما اصطيد وغاب عن وطنه عشر حجج وأكثر ثم هو على ثبات عقله وقوة حفظه ونزوعه إلى وطنه حتى يجد فرصة فيصير إليه وسباع الطير تطلبه أشد طلب وخوفه من الشواهين أشد من خوفه من غيره وهو أطير منه ومن سائر الطير كله لكنه يذعر منه ويعتريه ما يعتري الحمار إذا رأى الأسد والشاة إذا رأت الذئب والفأر إذا رأت الهر ومن عجيب الطبيعة فيه ما حكاه ابن قتيبة في عيون الأخبار عن المثنى بن زهير أنه قال لم أر شيئا قط من رجل وامرأة إلا وقد رأيته في الحمام ما رأيت حمامة إلا تريد ذكرها ولا ذكرا إلا يريد أنثاه إلى أن يهلك أحدهما أو يفقد ورأيت حمامة تتزين للذكر ساعة يريدها ورأيت حمامة لها زوج وهي تمكن آخر ما تعدوه ورأيت حمامة تقمط (٢) حمامة ويقال إنها تبيض عن ذلك لكن لا يكون لذلك البيض فراخ ورأيت ذكرا يقمط ذكرا ورأيت ذكرا يقمط من كل لقى (٣) ولا يزوج وأنثى يقمطها كل من رآها من الذكور ولا تزوج (٤).

وليس من الحيوان ما يستعمل التقبيل عند السفاد إلا الإنسان والحمام وهو عفيف السفاد يجر ذنبه ليعفي أثر الأنثى كأنه قد علم ما فعلت ويجتهد في إخفائه (٥) وقد يسفد لتمام ستة أشهر والأنثى تحضن (٦) أربعة عشر يوما وتبيض

__________________

(١) في المصدر : من البلاد البعيدة.

(٢) قمطه طعم الشيء : ذاقه.

(٣) في المصدر : ورأيت ذكرا يقمط كل ما لقى ولا يزاوج.

(٤) في المصدر : كل ما رآها من الذكور ولا تزاوج.

(٥) في المصدر : فيجتهد في اخفائه.

(٦) في المصدر : والأنثى تحمل.

٢٨

بيضتين يخرج من الأولى ذكر ومن الثانية أنثى (١) وبين الأولى والثانية يوم وليلة والذكر يجلس على البيض ويسخنه جزءا من النهار والأنثى بقية النهار وكذلك في الليل وإذا باضت الأنثى وأبت الدخول على بيضها لأمر ما ضربها الذكر واضطرها إلى الدخول وإذا أراد الذكر أن يسفد الأنثى أخرج فراخه عن الوكر وقد ألهم هذا النوع أن فراخه إذا خرجت من البيض بأن يمضغ الذكر ترابا مالحا ويطعمها إياه ليسهل به سبيل المطعم فسبحان اللطيف الخبير الذي آتى كل نفس هداها.

وزعم أرسطو أن الحمام يعيش ثمان سنين وذكر الثعلبي وغيره عن وهب بن منبه في قوله تعالى « وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ » (٢) قال اختار من الغنم الضأن ومن الطير الحمام.

وذكر أهل التاريخ أن المسترشد لما حبس رأى في منامه على يده حمامة مطوقة فأتاه آت وقال له خلاصك في هذا فلما أصبح حكى ذلك لابن سكينة (٣) الإمام فقال له ما أولته قال أولته ببيت أبي تمام :

هن الحمام فإن كسرت عيافه

من حائهن فإنهن حمام

وخلاصي في حمامي فقتل بعد أيام يسيرة سنة تسع وعشرين وخمسمائة (٤).

__________________

(١) في المصدر : احداهما ذكر والثانية انثى.

(٢) القصص : ٦٨.

(٣) في المصدر : لابن السكينة.

(٤) حياة الحيوان ١ : ١٨٦ و ١٨٧.

٢٩

٤

(باب الطاوس)

١ ـ نهج البلاغة ، من خطبة له عليه‌السلام يذكر فيها عجيب خلقة الطاوس ابتدعهم خلقا عجيبا من حيوان وموات وساكن وذي حركات فأقام من شواهد البينات على لطيف صنعته وعظيم قدرته ما انقادت له العقول معترفة به ومسلمة له ونعقت في أسماعنا دلائله على وحدانيته وما ذرأ من مختلف صور الأطيار التي أسكنها أخاديد الأرض وخروق فجاجها ورواسي أعلامها من ذوات أجنحة مختلفة (١) وهيئات مختلفة متباينة مصرفة في زمام التسخير ومرفرفة بأجنحتها في مخارق الجو المنفسح والفضاء المنفرج كونها بعد إذ لم تكن في عجائب صور ظاهرة وركبها في حقاق مفاصل محتجبة ومنع بعضها بعبالة خلقه أن يسمو في الهواء خفوفا وجعله يدف دفيفا ونسقها على اختلافها في الأصابيغ بلطيف قدرته ودقيق صنعته فمنها مغموس في قالب لون لا يشوبه غير لون ما غمس فيه ومنها مغموس في لون صبغ قد طوق بخلاف ما صبغ به.

ومن أعجبها خلقا الطاوس الذي أقامه في أحكم تعديل ونضد ألوانه في أحسن تنضيد بجناح أشرج قصبه وذنب أطال مسحبه إذا درج إلى الأنثى نشره من طيه وسما به مطلا على رأسه (٢) كأنه قلع داري عنجه نوتيه يختال بألوانه ويميس بزيفانه يفضي كإفضاء الديكة ويؤر بملاقحه أر الفحول المغتلمة للضراب أحيلك من ذلك على معاينة لا كمن يحيل على ضعيف إسناده ولو كان كزعم من يزعم أنه يلقح بدمعة تسفحها مدامعه فتقف في ضفتي جفونه وأن أنثاه تطعم ذلك ثم يبيض [ تبيض ] لا من لقاح

__________________

(١) في المصدر : من ذات اجنحة مختلفة وهيئات متباينة.

(٢) في المصدر : مظلا على رأسه.

٣٠

فحل سوى الدمع المنبجس لما كان ذلك بأعجب من مطاعمة الغراب تخال قصبه مداري من فضة وما أنبت عليها من عجيب داراته وشموسه خالص العقيان وفلذ الزبرجد.

فإن شبهته بما أنبتت الأرض قلت جني من زهرة كل ربيع (١) وإن ضاهيته بالملابس فهو كموشي الحلل أو مونق عصب اليمن (٢) وإن شاكلته بالحلي فهو كفصوص ذات ألوان قد نطقت باللجين المكلل يمشي مشي المرح المختال ويتصفح ذنبه وجناحه (٣) فيقهقه ضاحكا لجمال سرباله وأصابيغ وشاحه فإذا رمى ببصره إلى قوائمه زقا معولا بصوت يكاد يبين عن استغاثته ويشهد بصادق توجعه لأن قوائمه حمش كقوائم الديكة الخلاسية وقد نجمت من ظنبوب ساقه صيصية خفية وله في موضع العرف قنزعة خضراء موشاة ومخرج عنقه كالإبريق ومغرزها إلى حيث بطنه كصبغ الوسمة اليمانية أو كحريرة ملبسة مرآة ذات صقال وكأنه متلفع بمعجر أسحم إلا أنه يخيل لكثرة مائه وشدة بريقه أن الخضرة الناضرة ممتزجة به ومع فتق سمعه خط كمستدق القلم في لون الأقحوان أبيض يقق فهو ببياضه في سواد ما هنالك يأتلق وقل صبغ إلا وقد أخذ منه بقسط علاه بكثرة صقاله وبريقه وبصيص ديباجه ورونقه فهو كالأزاهير المبثوثة لم تربها أمطار ربيع ولا شموس قيظ وقد يتحسر من ريشه ويعرى من لباسه فيسقط تترى وينبت تباعا فينحت من قصبه انحتات أوراق الأغصان ثم يتلاحق ناميا حتى يعود كهيئته قبل سقوطه لا يخالف سائر ألوانه (٤) ولا يقع لون في غير مكانه وإذا تصفحت شعرة من شعرات قصبه أرتك

__________________

(١) في المصدر : جنى جنى من زهرة كل ربيع.

(٢) في المصدر : او كمونق عصب اليمن.

(٣) في المصدر : وجناحيه.

(٤) هكذا في الكتاب مطبوعه ومخطوطه ، ولكن في المصدر المطبوع : « سالف ألوانه » ويظهر مما سيجيء عن المصنف في تفسير الحديث أن الأصل كان : « سالف الوانه » وفي بعض النسخ : سائر الوانه.

٣١

مرة حمرة وردية وتارة خضرة زبرجدية وأحيانا صفرة عسجدية فكيف تصل إلى صفة هذا عمائق الفطن أو تبلغه قرائح العقول أو تستنظم وصفه أقوال الواصفين وأقل أجزائه قد أعجز الأوهام أن تدركه والألسنة أن تصفه فسبحان الذي بهر العقول عن وصف خلق جلاه للعيون فأدركته محدودا مكونا ومؤلفا ملونا وأعجز الألسن عن تلخيص صفته وقعد بها عن تأدية نعته وسبحان من أدمج قوائم الذرة والهمجة إلى ما فوقهما من خلق الحيتان والأفيلة ووأى على نفسه أن لا يضطرب شبح مما أولج فيه الروح إلا وجعل الحمام موعده والفناء غايته (١).

قال السيد رضي‌الله‌عنه تفسير بعض ما جاء فيها من الغريب ويؤر بملاقحه الأر كناية عن النكاح يقال أر المرأة (٢) يؤرها إذا نكحها زوجها وقوله كأنه قلع داري عنجه نوتيه القلع شراع السفينة وداري منسوب إلى دارين وهي بلدة على البحر يجلب منها الطيب وعنجه أي عطفه يقال عنجت الناقة أعنجها عنجا إذا عطفتها والنوتي الملاح وقوله عليه‌السلام ضفتي جفونه أراد جانبي جفونه والضفتان الجانبان وقوله عليه‌السلام وفلذ الزبرجد الفلذ جمع فلذة وهي القطعة وقوله كبائس اللؤلؤ الرطب الكبائس جمع الكباسة العذق والعساليج الغصون واحدها عسلوج (٣).

توضيح الطاوس على فاعول وتصغيره طويس وطوست المرأة أي تزينت والحيوان بالتحريك جنس الحي ويكون بمعنى الحياة والموات كسحاب ما لا روح فيه وأرض لم تحي بعد والتي لا مالك لها ولا ساكن كالأرض والجبال وذي حركات كالماء والنار أي المتحرك بطبعه أو الأعم ولا يضر التداخل واللطيف الدقيق وما مفعول أقام والضمير عائد إلى ما في به وله راجع إلى الله ويحتمل أن يعود إلى ما ونعقت أي صاحت والغرض الإشعار

__________________

(١) نهج البلاغة : ٥٢٠ ـ ٥٢٥ ( طبع فيض ) فيه : والفيلة.

(٢) في المصدر : أر الرجل المرأة.

(٣) نهج البلاغة : ٥٢٩ ( طبع فيض ).

٣٢

بوضوح الدلائل والضمير في دلائله راجع إلى الله أو إلى ما وما ذرأ أي خلق وقيل الذرء مختص بخلق الذرية والأخاديد جمع أخدود بالضم وهو الشق في الأرض والطير الذي يسكن الأخدود كالقطا والفجاج بالكسر جمع فج بالفتح وهو الطريق الواسع بين الجبلين والقبج يسكن الفجاج والأعلام الجبال ورواسيها ثوابتها والعقبان والصقور ونحوهما تسكن الجبال الراسية والتصريف التقليب والتحويل من حال إلى حال ومصرفة منصوبة على الحالية وفي بعض النسخ مجرور على أنه صفة لذوات أجنحة وكذلك مرفرفة وزمه شده والزمام ككتاب ما يزم به وزمام البعير خطامه وزمام التسخير القدرة الكاملة.

ورفرف الطائر بجناحيه إذا بسطهما عند السقوط على شيء يحوم عليه ليقع فوقه ومخارق الجو أمكنتها التي تخرق الهواء فتدخلها والمنفسخ الواسع والفضاء بالفتح المكان الواسع والحقاق بالكسر جمع حق بالضم وهو مجمع المفصلين من الأعضاء واحتجاب المفاصل استتارها باللحم والجلد ونحوهما وعبل الشيء بالضم عبالة بالفتح فيهما مثل ضخم ضخامة وزنا ومعنى أن يسمو أي يعلو في السماء أي في جهة العلو وفي بعض النسخ في الهواء والخفوق بالضم سرعة الحركة ودف الطائر كمد حرك جناحيه لطيرانه ومعناه ضرب بهما دفيه وهما جناحاه قيل وذلك إذا أسرع مشيا ورجلاه على وجه الأرض ثم يستقل طيرانا ودفيف الطائر طيرانه فوق الأرض (١) يقال عقاب دفوف ودفت الحمامة كفرت إذا سارت سيرا لينا كذا في المصباح ويظهر من كلام بعضهم أن الفعل كمد فيهما ويدف فيما عندنا من النسخ بكسر العين ونسقها أي رتبها يقال نسقت الدر كنصرت أي نظمتها ونسقت الكلام أي عطفت بعضه على بعض والأصابيغ جمع أصباغ بالفتح جمع صبغ بالكسر وهو اللون أي جعل كلا منها علي لون خاص على وفق الحكمة البالغة وغمسه في الماء كضربه دخله والاغتماس الارتماس

__________________

(١) في النسخة المخطوطة : فوق الأرض.

٣٣

شبه الطير بالثوب الذي دقه الصباغ إذا أراد صبغه والقالب بالفتح كما في النسخ قالب الخف وغيره كالخاتم والطابع وبالكسر البسر الأحمر وفي القاموس القالب البسر الأحمر وكالمثال يفرغ فيه الجواهر وفتح لامه أكثر وشاة قالب لون على غير لون أمها وفي حديث شعيب وموسى عليه‌السلام لك من غنمي ما جاءت به قالب لون تفسيره في الحديث أنها جاءت على غير ألوان أمهاتها كأن لونها قد انقلب ومنه حديث علي عليه‌السلام في صفة الطيور فمنها مغموس في قالب لون لا يشوبه غير لون ما غمس فيه انتهى (١).

والأظهر أن الغمس في قالب اللون عبارة عن إحاطة اللون الواحد بجميع أجزائه كما يحيط القالب بالأشياء المصوغة بالصب فيه من نحاس ونحوه وعلى الكسر يمكن أن يكون المراد بقالب اللون اللون الذي يقلب اللون إلى لون آخر ولون صبغ في بعض النسخ بجر لون مضافا إلى صبغ على الإضافة البيانية وفي بعضها بالجر منونا وصبغ على صيغة الماضي المجهول أي صبغ ذلك المغموس والطوق حلي للعنق وكل ما استدار بشيء وهذا النوع كالفواخت ونحوها والتعديل التسوية ومنه تعديل القسمة والمراد إعطاء كل شيء منه في الخلق ما يستحقه وخلقه خاليا من نقص ونضد متاعه كنصر ونضده بالتشديد أي جعل بعضه فوق بعض أي رتب ألوانه بجناح أشرج قصبه أي ركب بعضها في بعض كما يشرج العيبة أي يداخل بين أشراجها وهي عراها.

وسحبه كمنعه جره على وجه الأرض وسحبت المرأة ذيلها إذا درج أي مشى وطوى الصحيفة كرمى ضد نشرها وسما كدعا أي ارتفع وسما به أي أعلاه ورفعه وأطل عليه أي أشرف والقطع بالكسر الشراع والداري منسوب إلى دارين وهو موضع في البحر كان يؤتى منه الطيب من الهند وهو الآن خراب لا عمارة به ولا سكنى وفيه آثار قديمة والنسبة إليه لأنه كان مرسى (٢) السفن في زمانه عليه‌السلام ،

__________________

(١) النهاية ٣ : ٣٠٤.

(٢) المرسى : محل وقوف السفن.

٣٤

وعنجه كنصره أي عطفه وقيل هو أن يجذب الراكب خطام البعير فيرده على رجليه.

وفي النهاية النوتي الملاح الذي يدبر السفينة في البحر وقد نات ينوت نوتا إذا تمايل من النعاس كان النوتي يميل السفينة من جانب إلى جانب انتهى (١) ولطف التشبيه واضح.

واختال أي تكبر وأعجب بنفسه ويميس أي يتبختر وزاف يزيف زيفانا أي تبختر في مشيه ويفضي أي يسفد ويقال أفضى المرأة أي جامعها أو خلا بها والديكة كقردة جمع ديك بالكسر وفي بعض النسخ وفي نهاية ابن الأثير كإفضاء الديكة ويؤر كيمد أرا بالفتح أي يجامع والقح الفحل الناقة أي أحبلها والملاقحة مفاعلة منه وفي بعض النسخ بملاقحه على صيغة الجمع مضافا إلى الضمير أي بآلات تناسله وأعضائه والفحل الذكر من كل حيوان وغلم كعلم أي اشتد شبقه واغتلم البعير إذا هاج من شدة شهوة الضراب.

وقوله عليه‌السلام أر الفحول المغتلمة ليس في بعض النسخ والإحالة من الحوالة على ضعيف إسناده أي إسناده الضعيف وفي بعض النسخ على ضعف بصيغة المصدر مبالغة ويقال سفحت الدم كمنعت أي أرقته والدمع أي أرسلته وفي بعض النسخ تنشجها كتضرب يقال نشج القدر والزق أي غلى ما فيه حتى سمع له صوت ولعل الأول أوضح فإن الفعل ليس متعديا بنفسه على ما في كتب اللغة وضفتا جفونه جانباها وكذلك ضفتا النهر والوادي وتطعم على صيغة التفعل بحذف إحدى التاءين وبجس الماء تبجيسا فجره فتبجس وانبجس ويوجد الكلمة في النسخ بهما أي الدمع المنفجر.

قال بعض الشارحين زعم قوم أن اللقاح في الطاوس بالدمعة وأمير المؤمنين عليه‌السلام لم يحل ذلك ولكنه قال ليس بأعجب من مطاعمة الغراب والعرب تزعم أن الغراب لا يسفد ومن أمثالهم أخفى من سفاد الغراب فيزعمون أن اللقاح

__________________

(١) النهاية ٤ : ١٩١ وفيه : « فى حديث علي عليه‌السلام كانه قطع دارى عنجه نوتيه » ثم ذكر التفسير.

٣٥

من المطاعمة وانتقال جزء من الماء الذي في قانصة الذكر إلى الأنثى من منقاره وأما الحكماء فقل أن يصدقوا بذلك على أنهم قد قالوا في كتبهم ما يقرب من هذا قال ابن سينا والقبجة تحبلها ريح تهب من ناحية الحجل الذكر ومن سماع صوته قال والنوع المسمى مالاقيا (١) تتلاصق بأفواهها ثم تتشابك فذاك سفادها ولا يخفى أن المثل المذكور لا يدل على أن الغراب لا يسفد بل الظاهر منه خلافه إلا أن يكون مراد القائل أيضا ذلك وأما كلامه عليه‌السلام فالظاهر منه أن الطاوس لقاحه بالسفاد لقوله عليه‌السلام يؤر بملاقحه ولتعبيره عن القول الآخر بالزعم وأن الغراب لقاحه بالمطاعمة.

وفي القاموس الحمام إذا أدخل فمه في فم أنثاه فقد تطاعما وطاعما وخال الشيء كخاف أي ظنه وخاله يخيله لغة فيه وتقول في المضارع للمتكلم إخال بكسر الهمزة على غير قياس وهو أكثر استعمالا وبنو أسد يفتحون على القياس والمداري بالدال المهملة على ما في أكثر النسخ جمع مدرى بكسر الميم قال ابن الأثير المدرى والمدراة شيء من حديد (٢) أو خشب على شكل سن من أسنان المشط وأطول منه يسرح به الشعر المتلبد ويستعمله من لا مشط له (٣).

وكان في نسخة ابن ميثم بالذال المعجمة قال وهي خشبة ذات أطراف كأصابع الكف ينقى به الطعام والدارة هالة القمر وما أحاط بالشيء كالدائرة والعقيان بالضم الذهب الخالص وقيل ما ينبت منه نباتا والفلذ كعنب جمع فلذة بالكسر وهي القطعة من الذهب والفضة وغيرهما وفلذت له من الشيء كضربت أي قطعت والزبرجد جوهر معروف قيل ويسميه الناس البلخش وقيل هو الزمرد وجنيت الثمرة والزهرة واجتنيتها بمعنى والجني فعيل منه وفي بعض النسخ جنى كحصى وهو ما يجنى من الشجر ما دام غضا بمعنى فعيل ولفظة الفعل المجهول ليست

__________________

(١) في المخطوطة : ملاقيا.

(٢) في المصدر : شيء يعمل.

(٣) النهاية ٢ : ٢٣.

٣٦

في بعض النسخ وزهر النبات بالفتح نوره والواحدة زهرة كتمر وتمرة قالوا ولا يسمى زهرا حتى تفتح والمضاهاة والمشاكلة والمشابهة بمعنى واستعمال فاعل بمعنى فعل بالتشديد كثير لا سيما في كلامه عليه‌السلام واللباس واللبس بالكسر فيهما والملبس واحد.

والوشي نقش الثوب من كل لون والموشى كمرمى المنقش والحلل كصرد جمع حلة بالضم وهي إزار ورداء من برد أو غيره فلا تكون حلة إلا من ثوبين أو ثوب له بطانة وشيء أنيق أي حسن معجب والمونق مفعل منه قلبت الهمزة واوا والعصب بالفتح ضرب من البرود والحلي بضم الحاء وكسر اللام وتشديد الياء جمع حلي بالفتح والتخفيف وهو ما يزين به من مصوغ المعدنيات أو الحجارة والفصوص جمع فص كفلس وفلوس قال ابن السكيت كسر الفاء ردي وقال الفيروزآبادي الفص للخاتم مثلثة والكسر غير لحن ونطقت باللجين أي جعلت الفضة كالنطاق لها وهو ككتاب شبه إزار فيه تكة تلبسه المرأة وقيل شقة تلبسها المرأة وتشد وسطها بحبل وترسل الأعلى على الأسفل إلى الأرض والأسفل ينجر على الأرض (١) وكلل فلانا ألبسه الإكليل وهو بالكسر التاج وشبه عصابة زين بالجوهر وقال بعض الشارحين شبه عليه‌السلام بالفصوص المختلفة الألوان المنطقة في الفضة أي المرصعة في صفائح الفضة والمكلل الذي جعل كالإكليل وحاصل الكلام أنه عليه‌السلام شبه قصب ريشه بصفائح من فضة رصعت بالفصوص المختلفة الألوان فهي كالإكليل بذلك الترصيع والأظهر أن المكلل وصف للجين ومرح كفرح وزنا ومعنى فهو مرح ككتف وقيل المرح أشد من الفرح (٢) وقيل هو النشاط وتصفحت الكتاب أي قلبت صفحاته وقه كفر أي ضحك وقال في ضحكه قه بالسكون فإذا كرر قيل قهقه قهقهة مثل دحرج دحرجة والجمال الحسن في الخلق والخلق والسربال بالكسر القميص أو كل ما لبس والوشاح ككتاب شيء ينسج من أديم ويرصع

__________________

(١) في المخطوطة : يجر على الأرض.

(٢) في المخطوطة : اشد الفرح.

٣٧

شبه قلادة تلبسه النساء وزقا يزقو أي صاح وأعول أي رفع صوته بالبكاء والصياح واستغاث طلب العون والنصر وتوجع أي تفجع أو تشكو لأن قوائمه حمش أي دقاق يقال رجل أحمش الساقين والخلاسية بالكسر هي التي بين الدجاجة الهندية والفارسية والولد بين أبوين أبيض وسوداء وأسود وبيضاء ذكره في العين ونجم النبات وغيره كقعد نجوما أي ظهر وطلع والظنبوب بالضم حرف العظم اليابس من قدم الساق ذكره الجوهري وفي القاموس حرف الساق من قدم أو عظمه أو حرف عظمه والصيصية في الأصل شوكة الحائك التي بها يسوي السداة واللحمة قال الجوهري ومنه صيصية الديك التي في رجله والعرف بالضم شعر عنق الفرس وغيره والقنزعة بضم القاف والزاي ما ارتفع من الشعر وقيل الخصلة من الشعر يترك على رأس الصبي.

موشاة أي منقشة والمخرج اسم مكان أي محل خروج عنقه كمحل خروج عنق الإبريق ويشعر بأن عنقه كعنق الإبريق أو مصدر أي خروج عنقه كخروج عنق الإبريق فالإشعار أقوى والإبريق فارسي معرب (١) وغرزته كضربت أي أثبته في الأرض ومغرزها مبتدأ خبره كصبغ الوسمة وبطنه مبتدأ خبر محذوف أي مغرزها إلى حيث بطنه موجودا وممتدا ومنتهى إليه كصبغ إلى آخره وحيث تضاف إلى الجملة غالبا وهو في المعنى مضافة إلى المصدر الذي تضمنته الجملة قالوا حيث وإن كانت مضافة إلى الجملة في الظاهر لكن لما كانت في المعنى مضافة إلى المصدر فأضافتها إليها كلا إضافة ولذا بنيت على الضم كالغايات على الأعرف فقال الرضي رضي‌الله‌عنه حذف خبر المبتدإ الذي بعد حيث غير قليل.

والوسمة بكسر السين كما في بعض النسخ وهي لغة الحجاز وأفصح من السكون وأنكر الأزهري السكون وبالسكون كما في بعض النسخ وجوزه بعضهم نبت يختضب بورقه وقيل هو ورق النيل والصقال ككتاب اسم من صقله كنصر أي

__________________

(١) معرب آبريز وهو الذي يقال له بالفارسية : آفتابه.

٣٨

جلاه فهو مصقول وصقيل واللفاع ككتاب الملحفة أو الكساء أو كل ما تتلفع به المرأة وتلفع الرجل بالثوب إذا اشتمل به وتغطى وفي بعض النسخ متقنع والمقنع والمقنعة بالكسر فيهما ما تتقنع به المرأة والقناع ككتاب أوسع منهما والمعجر كمنبر ثوب أصغر من الرداء تلبسه المرأة وقال المطرزي ثوب كالعصابة تلفه المرأة على استدارة رأسها والسحم بالتحريك والسحمة بالضم السواد والأسحم الأسود وخيل له كذا بالبناء للمفعول من الخيال بمعنى الوهم والظن أي لبس عليه وفي بعض النسخ يخيل على صيغة المعلوم فالفاعل ضمير الطاوس والبريق اللمعان.

واستدق أي صار دقيقا وهو ضد الغليظ والمستدق على صيغة اسم الفاعل وفي بعض النسخ على صيغة اسم المفعول قال ابن الأثير استدق الدنيا أي احتقرها واستصغرها وهو استفعل من الشيء الدقيق الصغير والمشبه على الأول القلم وعلى الثاني المرقوم ويمكن أن تكون الإضافة على الأول لأدنى ملابسة فإن الرقم الدقيق له نسبة إلى القلم والأقحوان بالضم البابونج وأبيض يقق بالتحريك أي شديد البياض وائتلق وتألق أي التمع وعلا فلان فلانا أي غلبه وارتفع عليه وبص كفر أي برق ولمع والديباج ثوب سداه ولحمته إبريسم وقيل هو معرب ثم كثر حتى اشتقت العرب منه فقالوا دبج الغيث الأرض دبجا إذا سقاها فأنبت أزهارا مختلفة لأنه اسم للمنقش ورونق الشيء ماؤه وحسنه أي أخذ من كل لون نصيبا وزاد على اللون بالبريق واللمعان والزهرة بالفتح وبالتحريك النبات ونوره والجمع أزهار وجمع الجمع أزاهر (١).

والبث النشر والتفريق ورب فلان الأمر أي أصلحه وقام بتدبيره ورب الدهن أي طيبه والقيظ فصل الصيف وشدة الحر ولعل الجمع في الأمطار باعتبار الدفعات وفي الشموس بتعدد الإشراق في الأيام أو باعتبار أن الشمس الطالع في كل يوم فرد على حدة لاختلاف التأثير في نضج الثمار وتربية النبات باختلاف الحر

__________________

(١) في النسخة المخطوطة : أزاهير.

٣٩

والبرد وغير ذلك وتحسر البعير على صيغة التفعل أي سقط من الإعياء وفي بعض النسخ تنحسر على صيغة الانفعال تقول حسره كضربه ونصره فانحسر أي كشفه فانكشف والعرى بالضم خلاف اللبس والفعل كرضي وتترى فيه لغتان تنون ولا تنون مثل علقى فمن ترك صرفها في المعرفة جعل ألفها ألف التأنيث وهو أجود وأصلها وترى من الوتر وهو الفرد قال الله تعالى « ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا » (١) أي واحدا بعد واحد ومن نونها جعل ألفها ملحقة ذكره الجوهري وقال بعض شارحي النهج تترى أي شيئا بعد شيء وبينهما فترة وهذا مما يغلط فيه قوم فيعتقدون أن تترى للمواصلة والالتصاق وينبت تباعا أي لا فترات بينهما وكذلك حال الريش الساقط والتباع بالكسر الولاء وانحتت ورق الشجر أي سقطت.

وقوله عليه‌السلام سالف ألوانه في بعض النسخ سائر ألوانه قال الجوهري سائر الناس أي جميعهم وفي المصباح قال الأزهري اتفق أهل اللغة أن سائر الشيء باقيه قليلا كان أو كثيرا ولعل المراد عدم مخالفة لون الريش النابت للباقي من السوالف أو المراد عدم التخالف بين الأرياش النابتة وما في الأصل أوضح والورد بالفتح من كل شجرة نورها وغلب على الورد الأحمر والتارة الحين والزمان والعسجد كجعفر الذهب والعمق بالضم وبالفتح قعر البئر ونحوها والفطن كعنب جمع فطنة بالكسر وهي الحذق والعلم بوجوه الأمور وعمائق الفطن الأذهان الثاقبة والقريحة أول ما يستنبط من البئر ومنه قولهم لفلان قريحة جيدة يراد استنباط العلم بجودة الطبع واقترحت الشيء أي ابتدعته من غير سبق مثال والواو في قوله عليه‌السلام وأقل للحال ولا ريب أن العشرة أقل الأجزاء التي بها قوام الحيوان والمراد بعجز الأوهام العجز عن وصف علل هذه الألوان واختلافها واختصاص كل بموضعه وسائر ما أشار عليه‌السلام إليه أو العجز عن إدراك جزئيات الأوصاف المذكورة وتشريح الهيئات الظاهرة والخصوصيات الخفية في خلق ذلك الحيوان كما هو المناسب لما بعده وبهره كمنعه أي غلبه وجلاه بالتشديد والتخفيف على اختلاف النسخ أي

__________________

(١) المؤمنون : ٤٤.

٤٠