الجائع ، فأزال الله هذا الوهم (١) ، بقوله : ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ﴾ وبأس في ﴿أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً﴾ وربحا كائنا ﴿مِنْ رَبِّكُمْ﴾ وتطلبوا مالا بالتّجارة المحلّلة.
قيل : إنّ عكاظ ومجنّة وذا المجاز كانوا يتّجرون في أيّام الموسم فيها ، وكانت معائشهم منها ، فلمّا جاء الإسلام كرهوا أن يتّجروا في الحجّ بغير الإذن ، فسألوا رسول الله صلىاللهعليهوآله فنزلت (٢) .
عن ( العيّاشي ) : عن الصادق عليهالسلام : ﴿« فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ﴾ يعني الرّزق ، إذا أحلّ الرجل من إحرامه وقضى نسكه فليبع وليشتر في الموسم » (٣) .
وفي رواية اخرى ﴿فَضْلاً﴾ أي مغفرة (٤) .
وروي عن الباقر عليهالسلام : ﴿« أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ﴾ هو أن يبتغي الأنسان حال كونه حاجّا أعمالا اخرى تكون موجبة لاستحقاق فضل الله ورحمته ، مثل إغاثة الملهوف ، وإعانة الضّعيف ، وإطعام الجائع » (٥) .
وقال بعض علماء العامّة معترضا عليه : إنّ هذه الأعمال بين واجب ومندوب ، ولا يصحّ أن يقال فيها : ( لا جناح ) فإنّ هذا التعبير مختصّ بالمباحات (٦) .
وفيه : أنّ استعمال ( لا جناح ) في الواجبات غير عزيز إذا كان في مورد توهّم الحصر كقوله تعالى : ليس ﴿عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ﴾(٧) .
ثمّ اعلم أنّه لا تعارض بين الرّوايات المفسّرة للفضل ، لأنّ كلّ واحد منها محمول على بيان نوع من أنواعه.
﴿فَإِذا أَفَضْتُمْ﴾ ودفعتم أنفسكم للرجوع ﴿مِنْ عَرَفاتٍ﴾ بكثرة ومضيتم منها إلى المزدلفة ، [ كما ] عن ( تفسير الإمام عليهالسلام ) (٨) وعرفات علم للموقف.
روي : أنّه تمثّل جبرئيل لإبراهيم فيه ، فلمّا رآه عرفه ، فسمّي ذلك الموضع عرفات (٩) .
ونقل : أنّ جبرئيل كان يدور به في المشاعر ، ويقول : عرفت ؟ فلمّا رآه ، قال : عرفت (١٠).
__________________
(١) تفسير الرازي ٥ : ١٧١.
(٢) تفسير الرازي ٥ : ١٧١.
(٣) تفسير العياشي ١ : ٢٠٦ / ٣٦٦.
(٤) عوالي اللآلي ٢ : ٩٢ / ٢٤٦.
(٥) تفسير الرازي ٥ : ١٧٢.
(٦) تفسير الرازي ٥ : ١٧٢.
(٧) النساء : ٤ / ١٠١.
(٨) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٦٠٥ / ٣٥٨.
(٩) تفسير روح البيان ١ : ٣١٦.
(١٠) تفسير روح البيان ١ : ٣١٦.