إن قيل : لأيّ حكمة ابتلاه الله بالذّنب ؟
قلت : كان ابتلاؤه بالذّنب لطفا عليه ، حيث إنّ فيه تنبيهه على نقصه ، وبعثه إلى تكميل نفسه ، حيث إنّ من لا يطّلع على مرضه لا يهتمّ بعلاجه ، فكان في تبعيده تكميله وتقريبه.
﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ﴾ ومحلّ إقامة وموضع تعيّش ﴿وَمَتاعٌ﴾ وانتفاع بها وبما فيها من الأمتعة ﴿إِلى حِينٍ﴾ الموت. وعن القمّي : إلى يوم القيامة (١) . وهذا إمّا بالنّظر إلى ما روي من أنّ من مات فقد قامت قيامته (٢) . وإمّا إلى أنّ أهل البرزخ أيضا متمتّعون في أرض الدنيا ، فإذا كانت القيامة تتبدّل الأرض غير الأرض.
عن العيّاشيّ : عن الصادق عليهالسلام « أنّ الله تعالى نفخ في آدم روحه بعد زوال الشّمس من يوم الجمعة ، ثمّ برأ زوجته من أسفل أضلاعه [ ثم اسجد له ملائكته ] وأسكنه جنّته من يومه ذلك ، فما استقرّ فيها إلا ستّ ساعات من يومه ذلك حتّى عصى الله ، فأخرجهما من الجنّة بعد غروب الشّمس ، وصيّرا بفناء الجنّة حتّى أصبحا ، وبدت لهما سوآتهما ، فناداهما ربّهما ألم أنهكما عن تلكما الشّجرة ؟ فاستحيى آدم من ربّه وخضع ، وقال : ربّنا ظلمنا أنفسنا واعترفنا بذنوبنا فاغفر لنا. قال الله لهما : اهبطا من سماواتي إلى الأرض ، فإنّه لا يجاورني في جنّتي عاص ولا في سماواتي » .
ثمّ قال عليهالسلام : « إنّ آدم لمّا أكل من الشّجرة ذكر ما نهاه الله عنها فندم ، فذهب ليتنحّى عن الشّجرة ، فأخذت الشجرة برأسه فجرّته إليها ، وقالت له : أ فلا كان فرارك من قبل أن تأكل منّي ؟ » (٣) .
والقمّي عن الصادق عليهالسلام : « إن آدم هبط على الصّفا ، وحوّاء على المروة ، فمكث أربعين صباحا ساجدا ، يبكي على خطيئته وفراقه للجنّة » (٤) .
قيل : وقع آدم بأرض الهند على جبل سرنديب ، ولذا طابت رائحة أشجار تلك الأودية ، لما معه من ريح الجنّة ، ووقعت حوّاء بجدّة وبينهما سبعمائة فرسخ ، والطاووس بمرج الهند ، والحيّة بسجستان أو بأصفهان ، وإبليس بسدّ يأجوج ومأجوج (٥) .
وعن ابن عبّاس : بكى آدم حوّاء مائتي سنة ، ولم يأكلا ولم يشربا أربعين يوما ، ولم يقرب آدم
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٤٣.
(٢) تفسير روح البيان ٨ : ٣٨٧.
(٣) تفسير العياشي ٢ : ١٣٩ / ١٥٥٣.
(٤) تفسير القمي ١ : ٤٣ ، تفسير الصافي ١ : ١٠٧.
(٥) تفسير روح البيان ١ : ١١١.