عن ( تفسير الإمام عليهالسلام ) : « الذين يتّقون الموبقات ويتّقون تسليط السّفه على أنفسهم ، حتّى إذا علموا ما يجب عليهم عمله ، عملوا بما يوجب لهم رضا ربّهم » (١) .
وعنه عليهالسلام أيضا ، قال : ﴿« هُدىً﴾ بيان وشفاء للمتّقين من شيعة محمّد وعليّ عليهما وآلهما السّلام أنّهم اتّقوا أنواع الكفر فتركوها ، واتّقوا الذنوب الموبقات فرفضوها ، واتّقوا إظهار أسرار رسول الله صلىاللهعليهوآله وأسرار أزكياء عباده الأوصياء بعد محمّد صلىاللهعليهوآله فكتموها ، واتّقوا ستر العلوم عن أهلها المستحقّين لها ، وفيهم نشروها » (٢) .
في بيان مراتب الهداية
أقول : هذا التفسير موافق لما قيل من أنّ المراد بالمتّقين الكاملون في التّقوى ، فإنّهم المنتفعون به حقّ الانتفاع ويتوصّلون به إلى أعلى درجاته الذي يتلو مرتبة العصمة ، فلا يرد عليه أنّ هداية الكاملين في التّقوى تحصيل الحاصل ، وتوضيح الدّفع أنّ الهداية لها مراتب ثلاثة : هداية عامّة ، وهي الهداية إلى الإسلام لجميع النّاس ، وهداية خاصّة لأهل الايمان إلى مرتبة التّقوى ، وهداية أخصّ للكاملين في الإيمان والتّقوى إلى مقام المقرّبين.
عن الصادق عليهالسلام : « المتّقون شيعتنا » (٣) .
أقول : لأنّهم عليهمالسلام اصول شجرة التّقوى ، والدّعاة إليه ، وشيعتهم فروع تلك الشجرة ، والمجيبون للدّعوة.
ثمّ عرّفهم الله بأنّهم ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ ويصدّقون بما لا تدركه الحواسّ الظاهرة من التّوحيد والبعث والحساب وجزاء الأعمال وقيام القائم المنتظر.
عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهم - في حديث - قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « طوبى للصّابرين في غيبته ، طوبى للمقيمين على محبّته (٤) ، اولئك من وصفهم الله في كتابه ، فقال : ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾(٥) الخبر.
في بيان اختلاف مراتب اليقين واختلاف الأعمال باختلافها ثمّ اعلم أنّ الايمان الظاهريّ هو الإقرار باللسان ، والحقيقيّ منه هو الاعتقاد القلبيّ واليقين الذي لا يشوبه قلق واضطراب وشكّ ، فإنّه مقابل الرّيب الذي هو الاضطراب في القلب ، ولا ريب أنّ للمتّقين مراتب كثيرة ضعفا وشدّة ، وأعلى مراتبه ما لو كشف
__________________
(١) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٦٢ / ٣٢.
(٢) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٦٧ / ٣٣.
(٣) تفسير العياشي ١ : ١٠٨ / ١٠٥.
(٤) في كفاية الأثر : للمتقين على محجتهم.
(٥) كفاية الأثر : ٦٠ ، بحار الأنوار ٥٢ : ١٤٣ / ٦٠.