تعالى : ﴿فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ﴾(١)] بمعنى إرسال العذاب عليهم.
وكقوله : ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾(٢) مع قوله : ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾(٣) وقد يسمّى الانسان سميعا وبصيرا ، فإنّما عنى بالاولى : هل تعلم أحدا اسمه الله غير الله ؟
وكقوله : ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً﴾(٤) مع قوله : ﴿قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾(٥) فالاولى في موطن من مواطن القيامة ، والثانية في موطن آخر.
روي : أوّلا يفرّ بعضهم من بعض ولا يتكلّمون ، وفي موطن آخر يستنطقون فيه ، فيقولون : ﴿وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ فيختم على أفواههم وتستنطق الأيدي والأرجل والجلود فتشهد بكلّ معصية كانت منهم ، ثمّ يرفع عن ألسنتهم الختم ، فيقولون لجلودهم : ﴿لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا﴾(٦) إلى آخر الآية.
وببالي أنّ جميع ما ذكرت مرويّ عن أمير المؤمنين عليهالسلام في رواية طويلة (٧) .
الطرفة السّابعة والعشرون
في أفضلية الكتاب العزيز
على سائر الكتب السماوية
لا يداني الكتاب العزيز شىء من الأشياء وكتاب من الكتب في الفضيلة والشرف ، فإنّ فضله على سائر الكتب كفضل الله على سائر خلقه ، حيث إنّه كلامه الناطق ، ونوره السّاطع ، مضافا إلى أنّ فضيلة الكتاب بفضيلة ما اشتمل عليه من العلم ، والكتاب المجيد مشتمل على أفضل العلوم ، من علم المبدأ والمعاد والمعارف الإلهيّة ، وبيان حقائق الامور والحكم الكامنة في الأشياء والأحكام الشرعيّة والآداب الدّينيّة.
عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه : خير الحديث كتاب الله (٨) .
__________________
(١) النحل : ١٦ / ٢٦. (٢) مريم : ١٩ / ٦٥.
(٣) الشورى : ٤٢ / ١١.
(٤) النبأ : ٧٨ / ٣٨.
(٥) الأنعام : ٦ / ٢٣.
(٦) فصلت : ٤١ / ٢١.
(٧) الرواية عن أمير المؤمنين عليهالسلام في حديث طويل أجاب فيه عليهالسلام الزنديق الذي ادّعى التناقض في بعض آي القرآن الكريم بجواب مفصّل يزيل الوهم والشكّ ، رواه الشيخ الصدوق في التوحيد : ٢٥٤ / ٥ والطبرسي في الاحتجاج : ٢٤٠ ، وعنهما العلامة المجلسي في بحار الأنوار ٩٣ : ٩٨ / ١ و: ١٢٧ / ٢ والظاهر أنّ المصنف أورد طرفا منها بالمعنى لا باللفظ ، يشهد له قوله ( وببالي ) .
(٨) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٢٢.