والصورة علّتان للجسم المركّب منهما ؛ والعلّة في ذاتها أقدم من المعلول ، بل لا معنى لهذا النحو من التقدّم والتأخّر إلّا العلّية والمعلولية ؛ فإذا كان كلّ من العلّة والمعلول ماهيّة كانت ماهيّة العلّة بما هي هي مقدّمة على ماهيّة المعلول ؛ فإذا كانتا جوهرين كانت جوهرية العلّة بما هي جوهرية أسبق من جوهرية المعلول ؛ فيلزم التشكيك في نفس الماهيّة وفي المعني الذاتي ؛ وهذا باطل ؛ إذ لا أولوية ولا أوّلية لماهيّة جوهر على ماهيّة جوهر آخر في تجوهرها ولا في كونه جوهرا ـ أي محمولا عليه معنى الجوهر الجنسي ـ بل تقدّم أحد الجوهرين على الآخر إمّا في الوجود ، كتقدّم العقل على النفس أو في الزمان ، كتقدّم الأب على الابن.
وبالجملة : ما به التقدّم إمّا الوجود أو الزمان ؛ ولا يمكن أن يكون نفس الماهيّة والمعنى الذاتي مع أنّ ثبوت الجاعلية والمجعولية بين الماهيّات يقتضي كونه أحدهما.
[التاسع :] أنّ ثبوتهما بينهما يوجب كون ماهيّة كلّ ممكن من مقولة المضاف واقعة تحت جنسه ، لما مرّ من لزوم التعلّق الذاتي والارتباط المعنوي بين الجاعل والمجعول بالذات. فتعقّل ماهيّة كلّ معلول يتوقّف على تعقّل فاعله ؛ وكلّ ما لا يمكن تعقّله إلّا مع تعقّل غيره فهو من مقولة المضاف ؛ فيلزم ما ذكر ؛ وهو باطل.
لا يقال : هذا يرد على مجعولية الوجود أيضا ؛ لأنّ مقولة المضاف كغيره من المقولات التسع إنّما هي من أقسام الماهيّة دون الوجود. فالأجناس العالية المسمّاة بالمقولات وكلّ ما له حدّ نوعي له جنس وفصل يجب أن يكون واقعة تحت إحدى المقولات العشر ؛ فإذا كانت بذاتها متعلّقة مرتبطة بغيرها تكون واقعة تحت مقولة المضاف ؛ وأمّا الوجود / B ٣٥ / فلا جنس له ولا فصل وليس هو بكلّي ولا جزئي متخصّص زائدة على ذاته ؛ فهو بالنظر إلى ذاته لا يقع تحت شيء من المقولات وإن كان مرتبطا بغيره منتسبا إليه. نعم ما له ماهيّة يقع تحت مقولة