بتبعية الماهيّة.
ومن هنا يظهر أنّ الواجب تعالى مع أنّه مبدأ كلّ شيء وإليه نسبة كلّ أمر ليس من مقولة المضاف ، تعالى من أن يكون له مجانس أو مماثل أو مشابه أو مناسب علوّا كبيرا.
[العاشر :] أن الماهيّة لو كانت في حدّ نفسها مجعولة لكان مفهوم المجعول محمولا عليها بالحمل الأوّلي الذاتي الراجع إلى الاتّحاد في المفهوم لا بالحمل الصناعي الشائع فقط الراجع إلى الاتّحاد في الوجود ؛ إذ كون الماهيّة مجعولة في نفسها وفي حدّ ذاتها يقتضي أن يتّحد مفهومها مع مفهوم المجعول في الحقيقة ، كما أنّ كون الإنسان حيوانا ناطقا في حدّ ذاته يقتضي كون مفهومه متّحدا مع مفهوم الحيوان الناطق في الحقيقة وكون حمله عليه حملا أوّليا ذاتيا ؛ ولذلك صرّحوا بأنّ حمل حدّ مفهوم عليه حمل أوّلي ذاتي كحمل نفسه عليه.
والحاصل : أنّ الحمل بين الشيء وما له في حدّ ذاته وحاقّ حقيقة حمل ذاتي أوّلي ؛ فمع كون الماهيّة مجعولة في ذاتها يكون المجعول محمولا عليها بالحمل الأوّلي ؛ وذلك يقتضي أن يكون أثر الجاعل مجرّد مفهوم المجعول دون غيره من المفهومات ؛ لأنّ كلّ مفهوم مغاير لمفهوم آخر ؛ إذ لا اتّحاد بين المفهومات من حيث المعنى والماهيّة ؛ ولا يتصوّر الحمل الذاتي إلّا بين مفهوم ونفسه أو بينه وبين حدّه كقولنا : «الإنسان إنسان» أو «حيوان ناطق» ؛ وأمّا قولنا : «الناطق ضاحك» فهو الحمل الصناعي الذي مناطه الاتّحاد في الوجود دون الذاتي الذي مناطه الاتّحاد في المفهوم. فإذا كان المجعول بالذات هو الوجود الخاصّ والماهيّة منتزعة عنه ، فكلّ مفهوم متّحد مع الخاصّ والماهيّة في الوجود يكون أثرا للجاعل وأمثال هذا المفهوم كثيرة ؛ وأمّا إذا كان المجعول بالذات نفس الماهيّة فينحصر أثر