ولا ينحصر الحمل في حمل (١) العارض على معروضه ، بل يصحّ عكسه أيضا كحمل الجنس على الفصل على ما ذكره الجماعة.
نعم لو كان المعروض موجودا بوجود مباين لوجود عارضه لم يصحّ حمله عليه ؛ وما نحن فيه ليس كذلك ؛ لأنّ الوجود والماهيّة متّحدان نحوا من الاتّحاد ، كما مرّ. فالوجود بمعنييه يصحّ حمله على الماهيّة ؛ فيقال : «زيد موجود» بكلا معنيى الوجود ؛ ويصحّ حملها أيضا على الوجود المتحقّق الأصيل (٢) ؛ فيقال : «الموجود ـ أو هذا الموجود ـ زيد» فحملها على الموجود أي الوجود الموجود بذاته المنتزع عنه الوجود العامّ بنفسه ؛ وإذ ثبت أنّ الوجود بمعنييه محمول على الماهيّة فيكون الإمكان كيفية لنسبة هذا الحمل.
ويطرأ هذا الإشكال بجوابه بأن يقال : إنّ الوجوب أيضا كالإمكان كيفية لنسبة الوجود إلى الذات ، والوجود في الواجب عين ذاته وليس صفة له ؛ فلا يكون محمولا عليه ؛ فلا يكون الوجوب كيفية للنسبة.
ويجاب بأنّ الوجود الذي يكون الوجوب كيفية للنسبة إلى الذات هو الانتزاعي وهو زائد على الذات ومحمول عليه ؛ ولو سلّم أنّه يعمّ الزائد والعين فالحمل أيضا صحيح ؛ لأنّ مناطه نحو من الاتّحاد واتّحاد الشيء مع نفسه صحيح ؛ فذاته تعالى بذاته وجود وموجود. فذاته باعتبار محمول على ذاته باعتبار آخر ؛ والمغايرة الاعتبارية بحسب المفهوم كافية في الحمل. فالوجوب على التقديرين كيفية لنسبة (٣) الوجود إلى ذاته تعالى ولا إشكال.
[الثالث :] أنّ الموجود المحمول على الواجب والممكن ليس بمعنى ما وقع عليه الوجود الذي هو مصدر مبنيّ للفاعل ـ أعني الجعل ـ حتّى يراد به الشيء
__________________
(١). س : الحمل يحمل.
(٢). س : الاصل.
(٣). س : للنسبة.