الوجود الذي هو صفة له ومحمول عليه إلى الماهيّة المعروضة له ؛ وهذا على مجعولية الماهيّة بالذات وأصالتها مستقيم وأمّا على مجعولية الخاصّ وأصالته فلا يستقيم لوجهين :
[الأوّل :] أنّه على هذا التقدير لا يكون الوجود صفة للماهيّة ، بل موصوفا بها ومعروضا لها ؛ فلا يكون محمولا عليها ؛ فلا يكون الإمكان كيفية لنسبته إليها.
[الثاني :] أنّه يلزم أن تكون حقائق الممكنات بأسرها واجبة الوجود ؛ لأنّ انتزاع الوجود بالمعني المصدري عن ذلك الوجود الذي هو المجعول بالذات والمعروض للماهيّة الممكنة وأصل حقيقة الممكن ضروري لا يمكن سلبه عنه بخلاف انتزاعه عن نفس الماهيّات ؛ فإنّه ليس بضروري ؛ لأنّها في ذاتها مسلوبة عنها ضرورة الوجود والعدم وإنّما تحصل لها إحدى الضرورتين بالعلّة أو عدمها.
وأيضا : لا يمكن أن يطرأ العدم على ذلك الوجود المجعول بالذات المتحقّق بنفسه كما يمكن أن يطرأ على الماهيّات ؛ فيكون كلّ حقيقة ممكنة واجبة الوجود.
والجواب عن الأوّل بوجوه :
[الأوّل :] أنّ الوجود الذي جعله القوم محمولا على ماهيّة الممكن وجعلوا الإمكان (١) كيفية لنسبته إليها إنّما هو العامّ الاعتباري دون / A ٣٣ / الخاصّ الأصيل ؛ وكون الأوّل عرضا انتزاعيا عن الماهيّة ومحمولا عليها ممّا يقول به ولا ينكره.
[الثاني :] أنّ مناط حمل أحد الشيئين على الآخر إنّما هو اتّحادهما في الوجود ـ سواء كان اتّحاد العارض مع المعروض أو بالعكس أو اتّحاد بعض الذاتيات مع بعض آخر ـ ولذا قالوا الحمل اتّحاد المتغائرين مفهوما في الوجود. فكلّ متّحدين يصحّ حمل كلّ منهما (٢) على الآخر ؛ فإذا اتّحد العارض والمعروض في الوجود صحّ حمل كلّ منهما على الآخر.
__________________
(١). س : لامكان.
(٢). س : بينهما.