تحقّقها لكلّ متشخّص مع أنّها لو تحقّقت له لم تكن علّة مفيدة للتشخّص ، بل علّة قابلية معدّة له ولا غيرهما من الامور التي توهّم أن تكون الموجودية بها من الماهيّة والجعل والانتساب وغيرها ممّا مرّ لما تقدّم هناك بعينه ؛ فمناط التشخّص ليس إلّا نحو الوجود الفائض من المبدأ الذي هو متشخّص بذاته ومتعيّن بنفسه ومتعلّق بهذا التشخّص ومعروض لماهيّته (١).
وهذه المقدّمة وإن تقدّم بيانها سابقا بوجه أوضح إلّا أنّا تعرّضنا لها هنا للإشارة إلى بعض فوائد تركناها هناك ؛ وبعد تمهيدها نقول : إذا كان الوجود هو المجعول بالذات والماهيّة تابعة له في الوجود فهو كما أنّه وجود بمعنى ما به الموجودية فكذلك هو تشخّص بمعنى ما به التعيّن والامتياز ؛ فوجوده وتشخّصه بنفس ذاته ووجود الماهيّة وتشخّصها به ؛ فهو / B ٣٢ / وجود وموجود ومتشخّص بالذات ومنتزع عنه بنفسه الوجود والتشخّص بالمعنى المصدري ، والماهيّة موجودة ومتشخّصة به وينتزع عنها الوجود والتشخّص بالمعني المصدري باعتبار اتّحادها مع الوجود الخاصّ المتحقّق بنفسه.
وعلى هذا فلا إشكال بوجه وأمّا إذا كان المجعول بالذات هو نفس الماهيّة وكان الوجود عرضا منتزعا منها فيلزم الإشكال ؛ إذ حينئذ كما يلزم أن لا يكون للماهيّة وجود بمعنى مفيد الموجودية ومناط انتزاع الوجود بالمعنى المصدري كذلك يلزم أن لا يكون لها تشخّص بمعنى مفيد التعيّن ومناط امتياز التشخّص بالمعنى المصدري ، لما مرّ من أنّها لا يمكن أن تكون مفيدة للموجودية والتعيّن ؛ فلو لم يكن وجود أصيل (٢) هو مجعول بالذات لزم أن لا تكون الماهيّة موجودة ومتشخّصة وهو باطل.
قيل : المتقرّر عند الجماعة أنّ الإمكان صفة ذاتية للممكن وكيفية لنسبة
__________________
(١). س : لماهيّة.
(٢). س : اصل.