المطلوب وإن كانت جزئية كان لموضوعها مدخل في تشخّصها مع أنّ تشخّصه بها على تقدير كونها متشخّصة ؛ فيلزم الدور ؛ والقول بأنّه دور معيّنة باطل ؛ إذ تقدّم مشخّص الموضوع بمعنى مفيد تعيّنه ومناطه بالتشخّص عليه كتقدّمه بالتشخّص على أعراضه تقدّم ذاتي ويتوقّف المتأخّر منهما على المتقدّم توقّفا واقعيا ؛ فلو افتقر كلّ من العوارض ومعروضها في / A ٣٢ / التشخّص إلى الآخر لزم الدور المحال والدور الذي يسمّونه دور معيّنة ليس كذلك ؛ لأنّه نحو من التلازم بين شيئين أفاد العلّية (١) بينهما لزوما ومعيّة بأن أوقع بينهما علاقة موجبة لكون كلّ منهما في مرتبة وجود الآخر غير منفكّ عنه وليس لأحدهما على الآخر تقدّم ذاتي وتوقّف واقعي.
وأيضا : قد تزول تلك العوارض مع بقاء تشخّص معروضها مع أنّها لو كانت مشخّصة له لزال تشخّصه بزوالها ، لاستلزام زوال العلّة زوال المعلول.
والقول بأنّ المشخّص هو المطلق الباقي دون الخاصّ الزائل باطل ؛ إذ الكلّي لا يفيد تشخّص الجزئي وإلّا كان كلّ عرض مفيدا لكلّ تشخّص.
وأيضا : لهذه العوارض وجود وتشخّص ؛ فإن كانت عين وجودها وتشخّصها ـ أي كانت مناطا لانتزاعهما ومفيدة لهما ـ ثبت المطلوب إلّا أنّه خلاف المفروض وإن كانت معروضة لهما وكانا زائدين على ذاتها لم يكن ذاتها مفيدة لهما ، بل المفيد لهما على المفروض عوارض اخر ؛ وننقل الكلام إلى مفيد وجودها وتشخّصها ؛ فيلزم الدور.
فثبت أنّ ما به التشخّص غير العوارض وليس ذات الفاعل أيضا ؛ لأنّه كالوجود صفة للمتشخّص أو متّحد معه ضربا من الاتّحاد ؛ وذات الفاعل ليس كذلك. نعم هو موجد للتشخّص بمعنييه وليس الكلام فيه ولا نفس المادّة ، لعدم
__________________
(١). س : العلّة.