وجودا والظلمانية ماهيّة ؛ وهي غير صادرة بالذات عن الفاعل لأنّها جهة المباينة معه ولا ينبعث من الشيء ما ليس عندها ؛ كيف ولو كانت صادرة منه لكانت جهة الموافقة / B ٣١ / فاحتاجت إلى جهة اخرى للمبائنة؟! فالمعلول من العلّة كالظلّ من النور ؛ أي نسبته إليها نسبة النور المحسوس والضوء المنبثّ على الأجرام إلى الشمس أو القمر أو غيرهما من الحقائق النّيرة بذاتها ، بل إلى نور قائم بذاته لا إلى جسم منير ؛ فإنّ الضوء المنبثّ يشابهه من حيث ما فيه من النورية ويباينه من حيث ما فيه من ثبوت الظلمة ؛ ولا ريب في أنّ الجهة الظلمانية في الظلّ والضوء المنبثّ ليست فائضة من النور ولا هي من النور ؛ لأنّها يضادّه ، بل هي لازمة تابعة لهذا النور الناقص الصادر بالذات عن النور الكامل ومنتزعة منه ؛ فكذلك الجهة المسمّاة ماهيّة في الوجود الناقص الصادر عن صرف الوجود ليست فائضة منه بالذات ، بل هي تابعة لهذا النحو من الوجود منتزعة منه ؛ وقد أشار الشيخ إلى ثبوت هذا التركيب في كلّ معلول بقوله : «والذي يجب وجوده بغيره دائما فهو غير بسيط الحقيقة ؛ لأنّ الذي له باعتبار ذاته غير الذي له من غيره وهو حاصل الهويّة منهما جميعا في الوجود ؛ فلذلك لا شيء غير ذات الوجود يعترى عن ملابسة ما بالقوّة والإمكان باعتبار نفسه ؛ فهو الفرد وما عداه زوج تركيبي.»
[الثالث :] وهو يتوقّف على تمهيد مقدّمة هي أنّ الوجود كما ينقسم إلى اعتباري انتزاعي وإلى أصلي عيني كذلك التشخّص ينقسم إلى اعتباري مشترك بين التشخّصات معنى وهو كون الشيء بحيث امتنع صدقه على كثيرين ـ وبعبارة اخرى : كون الشيء شخصيا وجزئيا حقيقيا ـ وإلى عيني أصلي هو مناط التشخّص ومفيد التعيّن ؛ أي ما به يتشخّص الشيء ويتعيّن وما هو إلّا نحو الوجود المتشخّص بذاته المتعيّن بنفسه ؛ وقد تقدّم أنّ العوارض واللواحق من لوازم المشخّص وأماراته وليست عينه ؛ لأنّها إن كانت كلّية لم يفد التشخّص وهو