امتنع الصدور ، لاستحالة صدور نقيض الشيء عنه ؛ ولا ريب في أنّ صرف الوجود يناسب الجاعل من كلّ وجه ؛ لأنّه عينه والماهيّة المحضة يباينه من كلّ وجه ؛ فيجب أن يكون المجعول وجودا مشوبا بالماهيّة يتعلّق الجعل به بالذات وبها بالتبع ، والجهة المناسبة كالنور والمباينة كالظلال ، والثانية تابعة للأولى.
لا يقال : إنّ الماهيّة المشوبة بالوجود الاعتباري أيضا يناسبه من وجه هو جهة وجودها المنتزع عنها ويباينه من حيث ذاتها ؛ فيمكن أن تكون مجعولة ؛ لأنّ المجعول بالذات يجب أن يكون حقيقة لها جهتان يناسب الجاعل بإحداهما ويباينه بالاخرى ويجب أن يكون الجهتان داخلتين في ذاته ؛ ولا ريب في أنّ الوجود الخاصّ الإمكاني حقيقة متضمّنة لجهة قصور ونقص لازمة لإمكانه تنتزع عنه لأجلها الماهيّة وجهة كمال راجعة إلى ذاته ينتزع عنه لأجلها الوجود العامّ ؛ فيصلح للمجعولية ؛ وأمّا الماهيّة فليست حقيقة يتضمّن لذاتها جهة كمالية داخلة في ذاتها ينتزع عنها الوجود ، بل هي من حيث هي مجرّد جهة نقص وقصور مباينة للجاعل من كلّ وجه ولا يتضمّن جهة كمالية يناسبه بها ولا يمكن أن ينتزع عنها بنفسها الوجود العامّ.
والحاصل : أنّ المجعول بالذات يجب أن يكون حقيقة يمكن أن يقوم بذاتها بعد صدورها من الجاعل ويكون مناسبة له بأصل حقيقتها ومباينة له بجهة عدمية داخلة في ذاتها كما هو شأن الخاصّ الإمكاني ؛ والماهيّة لا يمكن أن يتحقّق بنفسها من دون الوجود ولا يناسب الجاعل من حيث حقيقتها ولا يتضمّن جهة كمالية يناسبه بها ؛ فلا بدّ أن يكون أمرا منتزعا ممّا هو متحقّق بذاته بعد الصدور ؛ وهو الوجود الخاصّ ؛ فلا يصلح بذاتها للمجعولية.
والمحصّل ممّا ذكر أنّ كلّ معلول مركّب بذاته من جهتين : جهة نورانية بها يشابه الفاعل ويحاكيه وجهة ظلمانية بها يباينه وينافيه ؛ ويسمّى النورانية