قيل : لأنحاء الوجودات المعروضة للماهيات مدخلية في ذوات الممكنات وحقائقها وليست خارجة عنها.
قلنا : لو سلّم فاللازم كون حقائق الممكنات عبارة عن مجموع الوجودات المعروضة والماهيّات العارضة ، والموجودية المنتزعة ليست منتزعة من المجموع حتّى يلزم كون حقائق الممكنات واجبة ، بل من المعروض بالأصالة ومن العارض بالتتبّع ، والمعروض ليس واجبا ؛ لأنّ حقيقته فائضة من المبدأ غير مستقلّة في الوجود وفي انتزاع الموجودية ؛ فلا يلزم كون حقائق الممكنات ولا كون وجوداتها الخارجة عنها أو الداخلة فيها واجبة.
قيل : على تقدير جعل الماهيّات وانتزاع الموجودية عنها بذاتها أيضا نقول إنّها ليست واجبة ؛ لأنّ حقائقها فائضة من المبدأ غير مستقلّة في الوجود وفي انتزاع الموجودية عنها.
قلنا : إنّ الشيء إذا لم يكن نفس الوجود ولم يكن الوجود أيضا من وجوهه وشئونه كالماهيّة ؛ فمحض انتزاع صفة الموجودية عنه بذاته يستلزم وجوبه بالذات ولا ينفع فرض معلوليته وفيضانه من المبدأ ، بل هذا الفرض ينافي فرض الانتزاع المذكور ؛ إذ الماهيّة التي هي غير الوجود وليس الوجود وجها من وجوهها لا مناسبة لها لانتزاع الموجودية عنها إلّا إذا كانت واجبة ؛ إذ لو لم تكن واجبة لم يحدث الجعل فيها أثرا يناسب انتزاع الموجودية عنها وأمّا إذا كان الشيء نفس / B ٣٠ / الوجود أو كان الوجود وجها من وجوهه فمحض انتزاع الموجودية عنه بذاته لا يوجب كونه واجبا بالذات ؛ إذ هذا الانتزاع (١) إمّا باعتبار أنّ سلب الشيء عن نفسه محال ، كما في انتزاع الوجود الانتزاعي عن نفسه أو باعتبار أنّ سلب وجه الشيء عن ذي الوجه محال ، كما في انتزاع [الوجود] الانتزاعي عن الوجود
__________________
(١). س : لانتزاع.