مبائنا عن الواجب ومعروضا للماهيّة الممكنة ويكون الماهيّة قيدا وعارضة له ؛ فيتعلّق الجعل به أوّلا وبالذات وبها ثانيا وبالعرض.
قيل : قد ذكرت أنّه على تقدير جعل الماهيّة جعلا بسيطا وكونها بذاتها منشأ انتزاع الموجودية يلزم كونها واجبة الوجود.
وفيه : أنّ هذا المحال لو لزم على هذا التقدير لزم على تقدير جعل الوجود وكون ذلك النحو من الوجود مجعولا بالذات معروضا للماهيّة وتوابعها ومنشأ لانتزاع الموجودية ؛ لأنّ ذلك النحو من الوجود لو كان بنفسه مجرّدا عمّا سواه منشأ لهذا الانتزاع كان واجبا بذاته ، كما إذا كانت الماهيّة بذاتها منشأ له من دون فرق واجب بالفرق بين الاعتبارين.
وحاصله : أنّ حقائق الممكنات وذواتها من حيث هي ليست إلّا ماهيّاتها ولا حقائق لها دونها والأمر المسمّى بالوجود هو وجودها من حيث هي لا حقيقتها ولا جزء حقيقتها. فلو كان أصل الماهيّة مجعولا والوجود عرضا منتزعا منها لزم كون حقائق الممكنات التي هي الماهيّات واجبة الوجود ؛ إذ ليس المراد بالواجب / A ٣٠ / إلّا ما يكون بذاته منشأ لانتزاع (١) الموجودية ؛ وأمّا لو كانت الوجودات الخاصّة مجعولة ومستتبعة للماهيّات وكانت تلك الوجودات منشأ لانتزاع (٢) الموجودية لم يلزم انتزاعها عن ذوات الماهيّات وحقائق الممكنات ، بل من تلك الوجودات المعلولة الخارجة من حقائقها ؛ لأنّها وجودات الممكنات لا حقائقها ، والماهيّات التي هي حقائقها وذواتها عارضة لها ؛ فمنشأ انتزاع الموجودية ليس حقائق الممكنات بأنفسها حتّى يلزم كونها واجبة.
نعم باعتبار عروضها لتلك الوجودات واتّحادها معها نحوا من الاتّحاد يكون منشأ لانتزاع الموجودية منها بالعرض.
__________________
(١). س : الانتزاع.
(٢). س : الانتزاع.