إليه الصوفية ـ بل
امور محقّقة محصّلة في الخارج تترتّب عليها آثار خارجية وحقائقها هي وجوداتها
الخاصّة القائمة بأنفسها دون ماهيّاتها الاعتبارية / A ٢٩ / الانتزاعية منها ، لعدم امكان تحقّقها بذاتها كما تقدّم
؛ وليست اعتبارات عارضة للوجود الواجبي من دون تحقّق لها في نفسها حتّى يكون
الممكن مجرّد اعتبار ويكون حقيقة هو الواجب تعالى عن ذلك كما يظهر من كلام الصوفية
، بل هي حقائق مستقلّة مغايرة للحقيقة الواجبة تترتّب عليها آثار خارجية وإن أمكن
أن يقال إنّها بالنظر إلى ذاتها القاهرة الغير المتناهية أظلال وأشباح وامور
اعتبارية أو عدمية إلّا أنّ ذلك إنّما هو على سبيل الإضافة دون الحقيقة. فإن رجع
مراد الصوفية أيضا إلى ذلك فلا كلام لنا معهم.
وأيضا : إن كان مرادهم من كونها عوارض ومراتب وشئونا للوجود الحقّ
أنّها مرتبطة به ارتباطا لا يمكن معه أن يقال إنّها مزايلة عنه فهو أيضا ممّا لا
تنكره ؛ لأنّ بين الواجب ومعلولاته علاقة وربط مجهول لا يصحّ معه أن يقال إنّه
مزايل عنها أو مقارن لها ، كما أشار إليه وصيّ خاتم الرسل ـ صلوات الله عليها ـ بقوله
: «داخل فيها لا بمقارنة وخارج عنها لا بمزايلة » ومن عرف معنى التجرّد والعلّية وكيفية إحاطة العلّة
بمعلولاته والربط الخاصّ الذي بينهما يعلم أنّ الواجب الذي هو علّة للكلّ وفي غاية
التجرّد والإحاطة به والارتباط الذي بينه وبين معلولاته أقوى الارتباطات وأشدّها
لا يمكن الحكم عليه بالمزايلة والمقارنة وأمثالها ويأتي لذلك زيادة بيان.
وإذ ثبت أنّ منشأ
انتزاع الموجودية لا يمكن أن يكون ذات الماهيّة مطلقة ومقيّدة نقول : لا يمكن أيضا
أن يكون ذات الفاعل مع حيثية الارتباط وبدونها ؛ إذ
__________________