بالتبع.
قلنا : فالاتّصاف حينئذ وجود خاصّ أو ماهيّة على اختلاف المذهبين ؛
لأنّا لا نعني بالخاصّ والماهيّة إلّا حقيقة خارجية ؛ فيكون المجعول بالذات أحدهما
دون الاتّصاف.
ثمّ لو كان
مجعولية هذه الحقيقة التي هي الاتّصاف عبارة عن مجعولية اتّصافها بالوجود لزم
التسلسل ، بل يلزم أيضا عدم موجودية الحقيقة التى فرضت موجودة ، بل يكون الموجود
حقيقة اخرى هي الاتّصاف.
وأمّا المذهب
الثاني فإبطاله يحتاج إلى ضرب من البيان وبسط من الكلام ؛ لأنّه ممّا اختاره من
الأوائل بعض الأعيان ومن الأواخر جمع من الأعلام ؛ فيقول : المراد به أنّ المجعول
بالذات نفس الماهيّة جعلا بسيطا ، بمعنى أنّ الجاعل أخرجها من العدم والليس
واللاتقرّر إلى الوجود و/ A ٢٧ / الأيس والتقرّر بحيث يتبعها الوجود ؛ أي يصحّ أن ينتزع
العقل منها الوجود ويحكم عليها بأنّها موجودة تترتّب عليها الآثار.
وحاصله : أنّ الجاعل جعل أصل الماهيّة لا أنّه جعل الوجود مرتبطا بها
حتّى يرد عليه ما مرّ ؛ فما يقولون في بعض الأحيان : «إنّ الجاعل جعل الماهيّة
موجودة» إنّما هو لضيق العبارة ويدلّ على بطلانه وجوه من القواطع :
[الأوّل :] أنّ بنائه على كون الوجود عرضا انتزاعيا ؛ وقد عرفت أنّ
الوجود الخاصّ أمر أصيل عيني لا يمكن أن يعرض الماهيّة.
وأيضا : القائل به ـ أي بتعلّق الجعل بالماهيّة وسنخها جعلا بسيطا بحيث ينتزع عنها الوجود
ـ إمّا يقول بالوجود الخاصّ أو لا ؛ وعلى الأوّل إمّا يقول بتحقّقهما أو
اعتباريتهما أو بتحقّقها واعتباريته أو بالعكس.
__________________