ثمّ فساد المذهبين الأخيرين ـ أعني كون المجعول بالذات مفهوم الموجود أو ارتباط أحدهما بالآخر أي جعل الماهيّة موجودة ـ في غاية الظهور.
أمّا فساد الأوّل فلأنّ مفهوم الموجود أمر انتزاعي غير موجود في الخارج والمجعول بالذات يجب أن يكون حقيقة عينية ؛ كيف وكلّ منتزع له منشأ انتزاع محقّق في الخارج؟! فتحقّقه إمّا بالجعل فهو المجعول بالذات دون ما ينتزع عنه أو بدونه ؛ فيكون واجبا.
[١.] فإن / B ٢٦ / كان المنشأ لكلّ مفهوم واحدا لزم انحصار الحقيقة العينية في واحد هو الواجب وكون ما عداه من معلولاته مجرّد مفهومات واعتبارات لا تحصّل له ؛ وهذا يرجع إلى مذهب الصوفية ويأتي ما فيه ، بل يرجع إلى عدم جعل ومعلول أصلا ؛ لأنّ مفهوم الموجود ينتزع عن كلّ حقيقة عينية بذاتها مع قطع النظر عن تأثير وتأثّر ؛ فيلزم انتفاء الإفاضة والاتّحاد والعلّية والمعلولية.
[٢.] وإن كان متعدّدا لزم مع ما ذكر تعدّد الواجب بالذات.
وأمّا فساد الثاني فلأنّ الوجود على تقدير عرضيته ليس كسائر الأعراض حتّى يرتبط بالماهيّة ويتعلّق بها وتتّصف الماهيّة به ، مثل جعل الجسم أسود حيث إنّه بعد ثبوته يتّصف بالسواد ؛ فإنّها على تقدير أصالتها وثبوتها تكون موجودة ؛ فلا معنى لارتباط الوجود بها واتّصافها به.
ثانيا : والقول بأصالتها مع كون تحقّقها وثبوتها به لا محصّل له ، كما علم ممّا مرّ.
وأيضا : لو كان المجعول بالذات هو الاتّصاف دون الوجود والماهيّة ، فإن كان أحدهما أو كلّ منهما حقيقة عينية لزم تعدّد الواجب ؛ إذ لا يعنى به إلّا الواقع في العين بلا جعل ؛ وإن كان كلاهما من الاعتباريات لزم اعتبارية جميع الموجودات المجعولة لاعتبارية الاتّصاف ضرورة والوجود والماهيّة على هذا التقدير.
فإن قيل : الاتّصاف حقيقة عينية مجعولة بالذات ، والوجود والماهيّة مجعولات