وقد ذكروا لدفع ذلك وجوها كلّها مردودة مزيّفة.
[الأوّل :] ما ذكره الشيخ ومن تبعه وهو أنّ موجوديتها واتّصافها بالوجود ليس إلّا ثبوت نفسها. فثبوت الوجود لها في العين أو الذهن نفس ثبوتها أو وجودها لا ثبوت شيء أو وجوده لها ؛ وبين المعنيين فرق واضح ؛ والذي تجري فيه الفرعية هو ثبوت شيء لشيء لا ثبوت شيء في نفسه ؛ فإنّه لا يتوقّف على ثبوته في نفسه. فمفاد قولنا : «زيد موجود» هو وجود زيد وثبوته لا وجود شيء آخر له ؛ فهو بمنزلة قولنا : «زيد زيد» ؛ فلا معنى لجريان الفرعية فيه.
وما قيل : إنّ كلّ قضية لا بدّ لها من ذات الموضوع ومفهوم المحمول وثبوته للموضوع ـ وهو معنى الرابطة ـ فإنّما هو بحسب تفصيل أجزاء القضية واعتبار الأطراف بحسب المفهوم لا بحسب مصداقها. فصدق الحمل لكلّ محمول غير الوجود يتوقّف على الثلاثة ؛ وللوجود إذا كان محمولا يكفيه الموضوع ونفس المحمول الذي هو وجوده لا وجود شيء آخر له ؛ فلا يحتاج إلى الرابطة.
وفيه : أنّه لو سلّم أنّ ثبوت الوجود لها ثبوت نفسها لا ثبوت شيء لها نقول (١) :
هذا الثبوت معنى مغاير لنفسها ليس عينها ولا جزئها ؛ وليس أيضا حقيقة متأصّلة مغايرة لها فيكون عارضا لها ؛ فيعود الإشكال على الفرعية ؛ ولا تعقل ثبوتها بدوره (٢) الوجود. فالوجود الذي به ثبوتها إمّا عارض لها أو معروض أو مباين عنها يثبت بالانتساب إليه.
فعلى الأوّل : يعود الإشكال للفرعية
وعلى الثاني : يخرج عن الموصوفية والأصلية
وعلى الثالث : يلزم ارتباط المعدوم / A ٢٣ / بالموجود ، وبطلانه من البديهيات العقلية.
__________________
(١). س : يقول.
(٢). كذا في الأساس.