إثبات سابقيته على غيره ونفي المسبوقية عنه ؛ ومن تعرّض للدهر أو الزمان أو السرمد في بيان الأزلية فقد ساوق غيره في الوجود» ومراده أنّ جعل أحد الثلاثة شيئا مغايرا له في الوجود وظرفا له يوجب الفساد المذكور لا أنّ مجرّد الإطلاق بعد الإرجاع إلى الحدّ والمرتبة أيضا يوجبه بالحدّ الذي للقديم ـ أي الواجب بذاته ـ في الوجود هو السرمد ؛ ولا شيء في هذا الحدّ سوى ذاته ولا نسبة وجود ولا عدم ؛ والذي للحادث الدهري المبدع في العدم الواقعي هو الدهر ؛ ولا شيء في هذا الحدّ والمرتبة إلّا المبدعات الحادثة بالحدوث الدهري وأعدامها الواقعية السابقة على وجودها ؛ والحدّ الذي للحوادث اليومية هو الزمان وهو وعاء وجودها وأعدامها السابقة عليها ؛ وكلّ سابق من الحدّ وذي الحدّ وإن وجد مع اللاحق منهما إلّا أنّ الحدّ اللاحق ليس ظرفا ومرتبة له ؛ والواجب وإن كان موجودا مع الدهر والزمان بمعنى أنّ بعد وجودهما أيضا موجود إلّا أنّه يتقدّس عن الانتساب إليهما ؛ وهذا إنّما هو على تقدير تناهي الزمان وكون العالم بأسره من العقول والنفوس والأفلاك والعناصر حادثة بالحدوث الدهرى ؛ أي مبدعة بعد العدم الواقعي.
ولو فرض مع تناهي الزمان كون العالم الجسماني كذلك و (١) كانت المجرّدات من العقول وغيرها حادثة ذاتية ـ أي بمجرّد العدم الذاتي دون الواقعي ـ كان السرمد حدّ وجود الواجب والأعدام الذاتية للمجرّدات ، والدهر حدّ وجودها ووجود اصول الأجسام / B ٢٠٤ / والحركة والزمان وأعدامها الواقعية السابقة عليها.
ولو فرض مع الحدوث الذاتي للمجرّدات عدم تناهي الزمان ـ كما هو مذهب الحكماء ـ كان السرمد حدّ وجود الواجب والعدم الذاتي للمجرّدات والعالم الجسماني ، والدهر حدّ وجودهما ؛ ويمكن جعل حدّ العدم الذاتي للمجرّدات
__________________
(١). س : + ان.