نقل عن أفلاطون ـ كما تقدّم ـ أنّه قال : «رأيت أفلاكا نورية» وعن هرمس ـ كما سبق ـ أنّه قال : «إنّ ذاتا روحانية ألقت (١) إلى المعارف. فقلت : من أنت؟ فقال : أنا طباعك التامّ» ومنافاة ذلك لما تقدّم من كلمات المعلّم الأوّل ممّا لا يخفى ؛ وقد شنعوا / A ١٩٤ / عليهم بأنّه يلزم على القول بالمثل أن تكون في عالم العقول خطوط وسطوح وأفلاك وحركات تلك الأفلاك وأدوارها وأن توجد هناك علم النجوم وعلم اللحون وأصوات مؤتلفة وطبّ وهندسة ومقادير مستقيمة ومنحنية (٢) وأشياء حارّة وباردة وكيفيات منفعلة وفاعلة وكلّيات وجزئيات وصور وموادّ وغير ذلك من الشناعات كما ذكره الفارابي في مقالته ؛ وظاهر أنّ ذلك ينافي كون المثل هي الصور العلمية.
والثاني : ما ذكره الشيخ ؛ وهو أنّ المراد منها الطبائع النوعية في الخارج ـ أي الكلّي الطبيعي للأشخاص ـ وهو الماهيّة لا بشرط شيء بناء على عدم فرقهم ـ بظنّ الشيخ ـ بين الماهيّة لا بشرط شيء وبينها بشرط لا شيء ؛ فإنّ الكلّي الطبيعي الموجود في الخارج بالعرض هو الماهيّة لا بشرط شيء ؛ وما ذكره أفلاطون من وجود الطبيعة المجرّدة القائمة بذاتها هي الطبيعة بشرط لا ؛ فهو بظنّ الشيخ لم يفرق بين الاعتبارين للماهيّة ؛ إذ بناء على عدم التفرقة بين الوحدة النوعية والوحدة الشخصية أو عدم التفرقة بين تجرّد الشيء بحسب ملاحظة العقل الذات في مرتبة لا تدخل فيها العوارض وبين تجرّده في الوجود الخارجي عن العوارض ؛ فحكموا بوجود الماهيّات المجرّدة عن العوارض في الخارج بناء على وجودها بعين وجود أشخاصها مع عوارضها ولواحقها المادّية وجودا متكثّرا في العين متوحّدا في الحدّ والنوع.
وفيه : أنّ جلالة قدر أفلاطون (٣) ومعلّمه سقراط وغيرهما من أساطين الحكمة
__________________
(١). س : الفت.
(٢). س : منخبه.
(٣). س : افلاطن.