أعظم من أن تشتبه عليهم هذه الاعتبارات العقلية. كيف والكلّي الطبيعي على التحقيق ـ كما مرّ ـ غير موجود في الخارج ولا في العقل إلّا بالعرض بمعنى أنّ الموجود بالذات والأصالة هو الوجود الخاصّ ؛ لأنّه أمر متشخّص في ذاته دون الماهيّة ؛ فهي متحقّقة بتبعية تحقّقه؟! والفرق بين الماهيّة المطلقة والماهيّة المجرّدة أنّ الأولى توجد في الخارج بالعرض بخلاف الثانية فإنّها لا توجد في الخارج أصلا ـ أي لا بالذات ولا بالعرض ـ وإنّما توجد في العقل فقط.
الثالث : ما ذكره جماعة ؛ وهو أنّها عبارة عن الأشباح المثالية المقدارية / B ١٩٤ / الموجودة في عالم المثال وهو عالم متوسّط بين عالم المجرّدات وعالم المادّيات.
وفيه : أنّ تلك المثل ـ على ما صرّحوا به ـ نورية مجرّدة موجودة في عالم العقول ؛ وهذه الأشباح المعلّقة والصور المثالية ذوات أوضاع مقدارية منها مستبشرة مثلا لا تتنعّم بها السعداء وهي صور حسنة جميلة بهيّة بيض كأمثال اللؤلؤ المكنون ومنها صور ظلمانية موحشة سود أزرق مكروهة تتعذّب بها الأشقياء وتتألّم النفوس من مشاهدتها. على أنّ القائلين بالمثل الإلهية الأفلاطونية كما قالوا بها وصرّحوا بوجودها قالوا بوجود الأشباح المعلّقة والصور المثالية أيضا ؛ فهم مصرّحون بوجود الأمرين ، فكيف يجوز تأويل أحدهما بالآخر؟!
الرابع : ما ذكره بعضهم وهو أنّ المراد منها نفس هذه الصور المادّية الشخصية من حيث كونها حاضرة عنده تعالى معلومة له بالعلم الحضوري ؛ فإنّها من هذه الحيثية العلمية الانتسابية يكون لها ثبوت على وجه كلّي ؛ لأنّها غير محتجبة بحسب هذه الثبوت بالأغشية المادّية المكانية ولا بالقشورات والملابس التجدّدية الزمانية.
وفيه : أنّه لا ريب في تعدّد هذه الأشخاص وتكثّرها وتكثّر تعيّناتها الحسّية ؛