من الذوات والأوصاف والآثار كما يوجد في عالم المثال يوجد في عالم الأنوار أيضا إلّا أنّ الجميع في العالم السفلي على وجه المادّية وفي العالم المتوسّط المثالي على الوجه المثالي وفي العالم العقلي على الوجه العقلي النوري.
بقي الكلام في أنّ ربّ كلّ نوع مع ساير أفراده المثالية والجسمية كيف يكون داخلة تحت نوع واحد ومعدودة من أفراد حقيقية نوعية واحدة مع ثبوت الاختلاف بالعلّية والمعلولية والتجرّد والمادّية وبالقيام بالذات والقيام بالغير وبالجوهرية والعرضية؟!
والتحقيق : أنّ ربّ كلّ نوع ليس فردا حقيقيا لهذا النوع وليس إطلاق هذا النوع عليه إطلاقا حقيقيا ، بل هو إطلاق مجازي باعتبار المناسبة والمماثلة في النعوت والأوصاف بوجه غير مصحّح للإطلاق الحقيقي. فالذات المجرّدة النورية في بدو الفطرة التي يعبّر عنها بالإنسان العقلي وإن اتّصف بما يتّصف به الإنسان وحصلت لها ما يحصل له من السمع والبصر والشمّ والذوق واللمس بل اليد والرجل والرأس وغير ذلك ولكن كان ذلك على وجه عقلي لا يكون فردا حقيقيا للإنسان ؛ إذ الفرد الحقيقي له ما له أعضاء خاصّة متمايزة منفصلة بعضها عن بعض وكانت له صفات وأفعال مخصوصة على الوجه الخاصّ المعروف المشاهد ؛ وما يطلق عليه الإنسان العقلي ليس كذلك ؛ إذ ليس له أعضاء متمايزة ولا أوصاف معروفة مشاهدة ، بل ما هو إلّا جوهر مجرّد عقلي مخالف للإنسان الحسّي بالحقيقة والذات وبما اشير إليه من العلّية والمعلولية والتجرّد والمادّية وغيرها ؛ فلا معنى لدخولهما تحت نوع واحد ، بل مصحّح الإطلاق هو ما مرّ مرارا ؛ وليس مثل هذا الإطلاق إلّا إطلاقا مجازيا ؛ فلو فرض أنّ بياضا صار قائما بذاته فإنّه كان في البياضية (١) أقوى وأكمل إلّا أنّه / B ١٩٣ / ليس فردا حقيقيا من البياض المتعارف ؛ إذ
__________________
(١). س : الساخيه.