المجرّدة حسّ وهو موجود في الجوهر الأدنى؟!
ثمّ لا ريب في أنّ ما يترتّب على الحسّ العقلي لا يمكن أن يترتّب على هذا الحسّ. نعم لمّا كان كلّ صنم متعلّقا ومتّصلا بربّ نوعه كتعلّق هذه النار الكائنة بتلك النار المبدعة ؛ فيكون حسّه أيضا متعلّقا ومتّصلا بحسّه ؛ فيكون بصر الحيوان السفلي متعلّقا ومتّصلا / A ١٩١ / ببصر الحيوان العقلي وكذا سمعه بسمعه وشمّه بشمّه وذوقه بذوقه ولمسه بلمسه ؛ فكلّ إنسان حصل له التجرّد التامّ واتّصل بالإنسان العقلي تحصل له هذه الحواسّ العقلية الباطنية [و] الامور الغائبة ؛ حيث قال في البصر : «زويت لي الأرض ؛ فرأيت مشارقها ومغاربها» (١) وفي السمع : «أطّت السماء» (٢) وفي الشمّ : «إنّي لأجد نفس الرحمن من جانب القرن» (٣) وفي الذوق : «أبيت عند ربّي يطعمني ويسقيني» (٤) وفي اللمس : «وضع الله على كتفي يده ؛ فأحست بردها بين قدمي» (٥) وكان ما ورد عن سيّدنا أمير المؤمنين عليهالسلام من ختمة القرآن بأسره في آن ركوبه إنّما كان باللسان والنطق العقليين ؛ وما ورد عن نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم من «أنّ هذه النار غسلت سبعين ماء ثمّ أنزلت» إشارة إلى أنّ هذه النار الجسمانية من مراتب تنزّلات النار العقلية. فكما أنّ الإنسان العقلي يفيض بنوره على هذا الإنسان السفلي بوسائط مترتّبة في العوالم العقلية والمثالية كلّها أناسي متفاوتة المراتب والنشئات كذلك بين النار العقلية والنار السفلية تنزّلات مترتّبة ؛ والاغتسال بالماء إشارة إلى تنزّل مترتبها عن كمال حقيقتها النورية وضعف
__________________
(١). بحار الأنوار ، ج ٦ ، ص ٣٣٠ ؛ ج ١٨ ، ص ١٣٦ ؛ المجازات النبوية ، ص ١٦٨ والمناقب (لابن شهرآشوب) ، ص ٩٨.
(٢). بحار الأنوار ، ج ٥٦ ، ص ١٩٢.
(٣). الإيضاح (الفضل بن شاذان) ، ص ١٥ وشرح أصول الكافي (للمولى محمّد صالح المازندراني) ، ج ٤ ، ص ٢١٠.
(٤). بحار الأنوار ، ج ٦ ، ص ٢٠٨ ؛ ج ٦٤ ، ص ٢٥٣ ؛ عوالي اللئالي ، ج ٢ ، ص ٢٢٣ ومع تفاوت ما في الخصال ، ص ٣٠٧ ؛ مستدرك الوسائل ، ج ٣ ، ص ٤٣٦ وج ١٧ ، ص ٥٥٢ ؛ معاني الأخبار ، ص ١٢٨ ؛ المناقب (لابن شهرآشوب) ، ج ١ ، ص ٣.
(٥). الإيضاح (الفضل بن الشاذان) ، ص ١٩ ، ٢٠ ، ٢٦ ، ٢٧ ، ٥٣٢ ودلائل الإمامة ، ص ٩٧.