شيء من الأوصاف المادّية والنعوت / B ١٩٠ / الجسمية كما هو شأن العقول الصّرفة. فالنفس حينئذ كأنّها عقل محض وتحصل لها حينئذ بحسب استعدادها ملكة الاتّصال بعالم العقول والأخذ منها ؛ وقد يحصل لها الترقّي بحيث يتجاوز عنها ويحصل لها القرب الحقيقي بموجد الكلّ ؛ وهو المرتبة الخاتمية المعبّر عنها بمقام (قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى).
وقد ظهر بذلك أنّ النفس الناطقة مع انحطاطها عن افق الإبداعيات وهبوطها إلى أرض المادّيات وابتلائها بعوائق الشهوات الخسيسة وتقيّدها بقيود البدن وسلاسل الطبيعة احتوت على جميع النشئات الوجودية وانطوت فيها كلّ المراتب الكونية.
وبالجملة : هي مع انحطاط درجتها من بين الأنوار القدسية والجواهر المجرّدة النورية وسيعة الميدان سريعة الجولان وفي جبلّتها الاتّصال إلى كلّ العوالم والنشئات ومن شأنها التنقّل في جميع المراتب والدرجات ولها من المرتبة الجمعية والقرب الحقيقي إلى المبدأ ما لا يوجد لغيره.
نه فلك راست مسلّم ، نه ملك (١) را حاصل |
|
آنچه در سرّ سويداى بنى آدم ازوست |
وقد ظهر ممّا ذكر أنّ كلّ ربّ صنم متّصف بخواصّ (٢) صنمه إلّا أنّه على وجه عقلي ؛ فربّ نوع كلّ حيوان يكون حسّاسا إلّا أنّ جنسه يكون عقليا ؛ فنسبة هذا الحسّ إلى الحسّ العقلي كنسبة هذا الحيوان اللحمي إلى الحيوان العقلي ؛ فالحسّ الذي في هذا العالم الأدنى لا يشبه الحسّ الذي في العالم الأعلى ؛ فإنّ الحسّ هناك على نهج المحسوسات التي هناك ؛ وعلى هذا لا يرد القول بأنّ الحيوان إذا كان في العالم الأعلى وجب أن يكون حسّاسا ؛ لأنّ الحسّاس فصله والحسّ ليس إلّا انفعالا من صورة طبيعية جسمانية ؛ فكيف يمكن أن يكون في الجواهر العالية
__________________
(١). س : فلك.
(٢). س : به خواص.