البرازخ أصلا والنفوس الناطقة بأن تشابه الأولى في عدم الافتقار إلى البرازخ ذاتا وفعلا وتشابه الثانية من حيث تعلّقه بها بالرتبة والعلّية والاتّصاف بصفاته وآثاره على وجه عقليّ متقدّس عن القصور والنقص ـ ممكن وهو أشرف من هذا النوع إذا كان مثاليا أو فلكيا أو عنصريا ؛ وقد وجد الأخسّ ؛ فيجب أن يوجد الأشرف قبله ؛ فلكلّ نوع فرد مجرّد نوريّ عقليّ قائم بذاته تصدر عنه آثار هذا النوع ، بل يكون له كلّ ما يوجد له إلّا أنّ جميعها على وجه عقليّ نوريّ ؛ وهو ربّ هذا النوع وحافظه ويفيض على ساير أفراده ما يستعدّ له من القدرة والقوّة والعلوم والابتهاجات وغيرها.
فربّ نوع الإنسان الذي هو أشرف أرباب العالم العنصري هو القيّم بتربية الأفراد الإنسانية وحفظها ومفيض العلوم والأنوار عليها بحسب استعداداتها ؛ وقد يرتقى في بعض أفراده بالتجلية والتحلية بشرائف الصفات والإحاطة بحقائق الأشياء بحيث يحصل له كمال التجرّد والنورانية ؛ فيتمكّن عن خلع جلباب البدن والاتّصال به ؛ فيصير نورا مجرّدا مثله ويكون واسطة بين العقول الصّرفة والنفوس الناطقة المتعلّقة بالأبدان المثالية أو الفلكية أو العنصرية ؛ وقد يحصل لبعض النفوس هذا الاتّصال بعد الموت الطبيعي لا قبله ؛ وعلى التقديرين مع اتّصاله به وصيرورته شبيها به في التجرّد والنورية لا يكون في الشرافة والكمال مثله وداخلا في ربّ الأرباب وإن تمكّن من التأثير والإفاضة على ما دونه ؛ إذ الإنسان العقليّ الذي هو ربّ النوع نور إبداعي / A ١٨٩ / واسطة لإيجاد جميع الأفراد الإنسانية وله التمكّن التامّ في أنحاء التصرّف في جميعها ومحيط بكلّها وهي بأسرها بمنزلة أظلاله ؛ فأنّى ذلك لمن يتّصل به نحو الاتّصال من الأفراد الإنسانية وإن حصل له غاية النورية والتجرّد ويمكّن من بعض التصرّفات والإضافات على ما تحته من الأفراد؟!