العرضية ؛ والوجه في تسميتها بالسماء أو الأرض أو الحيوان أو الإنسان أو النبات أو غير ذلك ما أشرنا إليه من الوجه في إطلاق الثلاثة ؛ أعني علاقة الربوبية ومناسبة العلّية والمعلولية (١) على الصور المثالية ؛ فإنّ كلّ ما في الأفلاك والعنصريات يوجد في عالم المثال أيضا ؛ ويؤيّد ذلك ما اشتهر بين الجماعة من أنّ المعلّم الأوّل خالف معلّميه ـ أفلاطون وسقراط ـ وغيرهما من الأقدمين كآغاذاثيمون وغيرها في إثبات المثل العقلية الإلهية حتّى أنّ المعلّم الثاني لمّا أراد أن يجمع بين الرأيين في مقالته المشهورة أوّل المثل النورية إلى الصور العلمية القائمة بذاته ؛ هذا.
والظاهر : أنّ العقل لا تنقبض عن الحكم بأن توجد بين العقول الصّرفة والنفوس الناطقة ذوات مجرّدة نورية يصدر عنها ما يصدر عن أفراد الإنسان والحيوان والنبات والجماد ولكن تكون هذه الآثار الصادرة عنها كذواتها نورية عقلية ؛ وما يوضح ذلك أنّ الإنسان قد يحصل له الترقّي في مراتب العلم والعمل بحيث يتجاوز عن النفوس ومراتبها ويتّصل بالعقول وعوالمها ؛ ولا ريب في أنّ مثله لا يعدّ من العقول الصّرفة ، بل يعدّ من أفراد الإنسان وكلّ ما يكون للإنسان من الحواسّ والالتذاذات والآثار يكون له أيضا إلّا أنّ كلّها على وجه عقليّ نوريّ ؛ فلا ضير في أن يطلق عليه الإنسان العقلي إطلاقا وإن كان مجازيا ؛ وإذا جاز ذلك في بعض الأنواع في السلسلة العودية الكونية فأيّ مانع من جوازه في جميع الأنواع في السلسلة النزولية الإبداعية؟! بل الحقّ ثبوته / B ١٨٨ / لقاعدة الإمكان الأشرف ؛ إذ وجود فرد مجرّد نوريّ لكلّ نوع من الأنواع الفلكية والعنصرية على النحو المذكور ـ أي بحيث يكون متّصفا بصفات هذا النوع ومصدرا لآثاره على وجه عقليّ نوريّ بحيث يكون متوسّطا بين العقول الصّرفة التي لا التفات لها إلى
__________________
(١). س : + او.